ذِكْرَى
تَرَدَّدُ فِي فَمِ
الْأَزْمَانِ
ذِكْرَى الْبُطُولَةِ
وَهْيَ أَسْمَى
شَعَّتْ عَلَى أَرْضِ
الطُّفُوفِ شُمُوسُهَا
يَا مُنْقِذَ الدِّينِ
الْحَنِيفِ مِنَ الْأَذَى
يَوْمَ الطُّفُوفِ
وَإِنَّهُ لَصَحَائِفٌ
يَوْمٌ بِهِ فُجِعَ
الْحُسَيْنُ بِأَهْلِهِ
كَالْقَاسِمِ الْعَرِيسِ
شِبْلِ الْمُجْتَبَى
أَضْحَى صَرِيعاً
وَالدِّمَاءُ خِضَابُهُ
وَأَتَى الْحُسَيْنُ
وَظَهْرُهُ مُتَحَدِّبٌ
وَأَتَتْهُ رَمْلَةُ
وَالْفُؤَادُ مُفَطَّرٌ |
كَالشَّمْسِ
مُشْرِقَةً عَلَى
الْأَكْوَانِ
فِكْرَةٍ بِالنَّصْرِ
وَالتَّوْحِيدِ
وَالْإِيمَانِ
مِنْ حَدِّ سّيْفٍ صَارِمٍ
وَسِنَانِ
وَمُعِيدَ زَهْرَتِهِ
إِلَى الرَّيَعَانِ
حَمْرَاءُ خَطَّتْ مِنْ
دَمِ الشُّبَّانِ
وَبِصَحْبِهِ صَرْعَى
عَلَى التِّرْبَانِ
ذَاكَ الْمُهَذَّبُ مِنْ
بَنِي عَدْنَانِ
فَأَصَابَ أَهْلَ
الْبَيْتِ بِالْأَحْزَانِ
يَدْعُو بُنَيَّ لَقَدْ
هَدَمْتَ كَيَانِي
تَبْكِي الْعَرِيسَ
وَشمْعَةَ الشُّبَّانِ |
شعبي:
ورملة على الجاسم هوت
تلطم صدرها
وانت طريح وجثتك ما حّد
قبرها
گلها بلسان الحال صبري
وودعيني
وجمعي وسادة من الترايب
وسديني
يبني ضعيفة بحال وذوبني
مصابك
عريس يبني ومن دما نحرك
خضابك |
تنادي عروسك بن سعد يبني
أثرها
مدلل يعيني وبالثرى تبقى
رميّة
شقي ضريح يالوالدة
ولحّديني
بالك اشبيدي والعدى دنّى
المطية
بعدك شباب وما تهنيت
بشبابك
شخصك گبالي لوح منتصب صبح
ومسيّة |
أبوذيّة:
انهدم ذاك البنيته وطاح
يبناي
تبقى وياي ظني بيك يبناي |
يجاسم ليش بيه اقطعت
يبناي
تباريني لمّن تدنه المنيه |
من زيارة للسيّد المرتضى
علم الهدى يخاطب بها
شهداء كربلاء ويذكر
القاسم رضوان الله عليه:
"السلام على القاسم بن
الحسن بن عليّ ورحمة الله
وبركاته، السلام عليك يا
بن حبيب الله، السلام
عليك يا بن ريحانة رسول
الله، السلام عليك من
حبيب لم يقض من الدنيا
وطراً، ولم يشف من أعداء
الله صدراً، حتّى عاجله
الأجل، وفاته الأمل.
فهنيئاً لك يا حبيب حبيب
رسول الله، ما أسعدَ
جدَّك، وأفخَر مجدك،
وأحسنَ منقلبك".
يُروى أنّه في ليلة
العاشر من المحرّم جمع
الإمام الحسين عليه
السلام أصحابه, وكان فيما
قاله لهم: "يا قَوْمِ!
إِنّي في غَدٍ أُقْتَلُ
وَتُقْتَلوُنَ كُلُّكُمْ
مَعي وَلا يَبْقى مِنْكُمْ
واحِدٌ". فقالوا:
الحمد لله الذي أكرمنا
بنصرك وشرّفنا بالقتل معك،
أولا ترضى أن نكون معك في
درجتك يا بن رسول الله؟!
فقال عليه السلام: "جَزاكُمُ
اللهُ خَيْراً". ودعا
لهم بخير، فأصبح وقُتل
وقُتلوا معه أجمعون. فقال
له القاسم بن الحسن عليه
السلام: وأنا فيمن يُقتل؟
فأشفق عليه فقال له: "يا
بُنَيَّ! كَيْفَ الْمَوْتُ
عِنْدَكَ؟" قال: يا
عمّ! أحلى من العسل! فقال
عليه السلام: "إي
وَاللهِ! فِداكَ عَمُّكَ،
إِنَّكَ لأَحَدُ مَنْ
يُقْتَلُ مِنَ الرِّجالِ
مَعي بَعْدَ أَنْ تَبْلُو
بِبَلاء عَظيم...".
ولذلك لمَّا قُتل عليّ
الأكبر رضوان الله عليه
ووصلت النوبة
لأولاد الإمام الحسن عليه
السلام, لم يطق القاسم
صبراً, فجاء إلى عمّه
الحسين عليه السلام
يستأذنه في القتال...
تَصَوَّرْ هذا المشهد كم
هو مؤلم لقلب الحسين عليه
السلام, فالقاسم هو وديعة
أخيه الحسن عليه السلام
عنده, وقد ربّاه وكان
يتيماً, وهو له بمنزلة
الولد العزيز وكان يحبّه
حبّاً شديداً, وهو بهذه
السنّ حيث قالوا إنّه
غلام لم يبلغ الحلم...
لذلك تقدّم إليه الحسين
عليه السلام واعتنقه وهو
يودّعه, وجعل يبكي
والقاسم يبكي...
ثمّ جاء لتوديع النساء
والأطفال... ساعد الله
قلب أمّه رملة وقلب عمّته
زينب وبقيّة النساء وهنّ
ينظرن إليه:
لزمت اركابه سكنه
ومن الخيم مخضوبه
يبني يجاسم هالوقت
الهاليوم أنا ذاخرتك |
وعمته ابحلگه تشمه
طلعت تنادي أمه
حالك لعمك ضمّه
بالك تخيب ظنوني |
ثمّ برز إلى الميدان وهو
يقول:
إِنْ تُنْكِرُونِي
فَأَنَا نَجْلُ الْحَسَنْ
هَذَا حُسَيْنٌ
كَالْأَسِيرِ
الْمُرْتَهَنْ
|
سِبْطُ النَّبِيِّ
الْمُصْطَفَى
وَالْمُؤْتَمَنْ
بَيْنَ أُنَاسٍ لَا
سُقُوا صَوْبَ الْمُزُنْ |
فقاتل على صغره مقاتلة
الشجعان...
يقول حميد بن مسلم خرج
علينا غلام كأنَّ وجهه
شِقَّةُ قمر, وفي يده سيف
وعليه قميص وإزَار وفي
رجليه نعلان انقطع شِسْع
أحدهما, ما أنسى أنّها
كانت اليسرى, فقال لي
عمرو بن سعد بن نفيل
الأزديّ: والله لأشدَّنَّ
عليه, فقلت: سبحان الله,
وما تريد بذلك؟! والله لو
ضربني ما بسطت إليه يدي,
دعه يكفيكه هؤلاء الذين
تراهم قد احتوشوه, فقال:
والله لأشدَّنَّ عليه...
عظَّم الله أجوركم,
وبينما القاسم مشغول
بإصلاح نعله, إذ شدَّ
عليه اللعين فما ولَّى
حتّى ضرب رأسه بالسيف
ففلقه, ووقع الغلام على
الأرض لوجهه ونادى: يا
عمّاه...
وصل صوته إلى عمّه الحسين
فأتاه مسرعاً, فجلَّى كما
يُجَلِّي الصقرُ ثمَّ شدَّ
شدَّةَ ليث أُغضب فضرب
قاتله على يده فقطعها,
فصاح صيحة سمعها أهل
العسكر ثمّ تنحّى عنه
الحسين عليه السلام, وحمل
أهل الكوفة ليستنقذوه
فوطئته الخيل بأرجلها
فمات لعنه الله...
ولمّا انجلت الغبرة فإذا
بالحسين عليه السلام قائم
على رأس الغلام, والقاسم
بأيّ حالة؟ نعم, كان يفحص
برجليه من شدّة الضربة,
والحسين عليه السلام يقول:
"بُعداً لقوم قتلوك, ومَنْ
خصمهُم يوم القيمة فيك
جدُّك وأبوك", ثمّ
قال عليه السلام: "عزَّ
والله على عمّك أن تدعوَه
فلا يجيبُك, أو يجيبك فلا
يعينك, أو يعينك فلا
يُغني عنك, بُعداً لقوم
قتلوك, صوت والله كثر
واتره وقلَّ ناصره".
بكى ونادى يجاسم اشبيدي |
يريت السيف قبلك حز وريدي |
هان الكم تخلوني وحيدي
وعلى اخيامي يعمي الخيل
تفتر ثمّ حمله ووضع صدره
على صدره وكأنّي انظر إلى
رجلي الغلام تَخُطَّانِ
الأرض, ولعلّ ذلك من عِظم
المصاب على قلب الحسين
عليه السلام, وإلّا
فالقاسم لم يكن طويلاً
إلى هذا الحدّ.
فجاء به حتّى ألقاه مع
ابنه عليّ الأكبر والقتلى
من أهل بيته...
ثمّ قال: "اللهمَّ
أحصِهم عدداً واقتلهم
بدداً ولا تغادر منهم
أحداً". وصاح الحسين
عليه السلام في تلك الحال:
"صبراً يا بني عمومتي,
صبراً يا أهل بيتي,
فوالله لا رأيتم هواناً
بعد هذا اليوم أبداً".
جابه ومدده ما بين اخوته
بس ما سمعن النسوان صوته |
وبكى عدهم يويلي وهم موته
إجت رملة وتصيح الله أكبر |
ساعد الله قلب أمّه رملة
كيف رأته بتلك الحالة:
تگله يبني يجاسم أنا جيت
أشمك
يبني قضيت العمر يوليدي
بهمك
جاسم من المهر وقع فوق
الوطيه
ليش اگطعت بيه ونسيت امك
يجسام
والله لعوّدها السهر غصبن
عليه
لا تظن غير الموت يطفي
جمرة احشاي
لكن جفت دمعتي الكانت
جريّه |
وبدمعي أحس جروح جسمك
قومي يزينب ساعديني
عالرزية
إگعد يمن ردتك ذخر من جور
الايام
هيهات من غمضت عينك عيني
تنام
يوحيدي يلما ردت غيرك
بدنياي
همي تطفي سعيرها بدموع
عيناي
|
بُنَيْ تَقْضِي عَلَى
شَاطِي الْفُرَاتِ ظَمَا
وَالْمَاءُ أَشْرَبُهُ
صَفْواً بِلَا كَدَرِ
|