الحمد لله الذي منّ علينا بالأئمّة الهداة، وجعلهم
في حلك الظلام سفينة النجاة، وجعل في السفينة
مصباح الهدى، ومناراً على طول المدى، والصلاة
والسلام على النبيّ المصطفى وآله الميامين
النجباء.
وبعد...
قال تعالى في كتابه الكريم:
﴿
وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن
تَقْوَى الْقُلُوبِ
﴾1.
إنّ تعظيم شعائر الله بإحياء أمر أهل البيت عليهم
السلام يزيد من ارتباط الموالين والمحبّين للنّبيّ
وأهل بيته عليهم السلاماللذين يمثّلون الخطّ
الإلهيّ الربّانيّ للهداية الإلهيّة.
وقد أكّد النّبيّ وأهل بيته عليهم السلامعلى إحياء
أمر سيّد الشهداء عليه السلام خصوصاً الذي تشكّل
نهضته فاصلاً أساسيّاً في حياة الأمّة وامتداداً
لخطّ النّبوّة حيث قال فيه جدّه الأعظم صلى الله
عليه وآله وسلّم: "حسين منّي وأنا من حسين".
وفي هذا السياق ورد العديد من الروايات التي تحثّ
على إقامة المجالس وإنشاد الشعر والبكاء والزيارة
وغيرها من أنواع الارتباط بالإمام الحسين عليه
السلام، الأمر الذي لم يرد في حقّ بقيّة المعصومين
عليهم السلام.
من ذلك ما جاء عن صادق العترة أبي عبد الله الصادق
عليه السلام- في حديث له - أنّه قال: "وما من عين
أحبّ إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه،
وما من باك يبكيه إلّا وقد وصل فاطمة عليها السلام
وأسعدها عليه، ووصل رسول الله وأدّى حقّنا، وما من
عبد يحشر إلّا وعيناه باكية إلّا الباكين على جدّي
الحسين عليه السلام، فإنّه يحشر وعينه قريرة،
والبشارة تلقاه، والسرور بين على وجهه، والخلق في
الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حدّاث الحسين
عليه السلام تحت العرش وفي ظلّ العرش لا يخافون
سوء الحساب، يقال لهم: ادخلوا الجنّة فيأبون
ويختارون مجلسه وحديثه"2.
وعنه عليه السلام في حديث آخر: "الحمد لله الذي
جعل في النّاس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا،
وجعل عدوّنا من يطعن عليهم من قرابتنا وغيرهم
يهدرونهم ويقبّحون ما يصنعون"3.
ومن هنا كان ما يقوم به الخطباء والقرّاء من رثاء
وإحياء وإبكاء يندرج في هذا الأجر العظيم والثواب
الجزيل الذي تعرّضت له هذه الروايات.
ولا شكّ أنّ عمدة المجالس التي يقيمها القرّاء
وخدمة المنبر الحسينيّ، إنّما هو على المادة
العزائيّة التي يتكوّن منها نصّ المجلس، ومن هنا
أحببنا في معهد سيّد الشهداء عليه السلام أن يكون
لنا نصيب المشاركة مع إخواننا القرّاء في تقديم
هذا الكتاب ليكون عوناً لهم في مجالسهم التي
يقرأونها في الليالي العشر الأولى من المحرّم.
وقد تميّز هذا الإصدار بـ:
• إعداد المجالس الحسينيّة مقتصرين فيها على
القصيدة والنعي، مع عدم وجود للموعظة أو المحاضرة،
اعتماداً منّا على خبرة القرّاء الكرام في انتقاء
الموضوع المناسب للمجلس.
• اختيار الأبيات الشعبيّة- العراقيّة- المألوفة
والمسموعة، ذات العبارات الواضحة عموماً.
• اختيار قصائد جديدة غير مستهلكة في الغالب،
لتضاف إلى جعبة القرّاء الأعزاء.
• أضفنا بعض المراثي التي اعتاد بعض القراء
تلاوتها أثناء أو بعد مجلس العزاء.
ختاماً، يرحّب المعهد بكلّ ملاحظة أو إشارة أو
نصيحة بنّاءة تقدّم على هذا الطريق، ونسأل الله
تعالى أن يتقبّل عملنا ويحشرنا مع الحسين عليه
السلام وأصحابه، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه
الكريم، إنّه قريب مجيب.
معهد سيّد الشهداء عليه السلام
للمنبر الحسينيّ |