المجلس الثاني

يَا صَاحِبَ العَصْرِ اسْتَهِلَّ مُحَرَّمَا
فَهِلَالُ شَهْرِ مُحَرَّمٍ شَقَّ السَّمَا
أَتَرَاهُ يَا مَوْلَايَ مُحَمَّرَاً بَدَا
فَمُحَرَّمٌ فِيهِ الهَنَاءُ مُحَرَّمٌ
لَا غَرْوَ إِنْ بَكَتْ الكَوَاكِبُ كُلُّهَا
لِمُصَابِ مِصْبَاحِ الوِلَايَةِ وَالهُدَىْ
فَمُصَابُهُ أَبْكَى الرَّسُوْلَ الأَعْظَمَا
وَكَذَاكَ أَبْكَتْ ذِي المُصِيْبَةُ فَاطِماً
أَفَلَسْتَ تَنْدُبُهُ صَبَاحَاً وَالمَسَا؟
فَمَتَى سَتَخْرُجُ لِلتَّظَلُّمِ رَافِعَاً
فَلَقَدْ تَحَيَّرَتِ العُقُوْلُ تَرَقُّبَاً
فَاظْهَرْ لِتَمْلَأَ أَرْضَنَا عَدْلَاً كَمَا
وَبِمُقْلَتَيْكَ أَهِلَّ دَمْعَكَ وَالدِّمَا
حُزْنَاً عَلَى سِبْطِ الرَّسُوْلِ فَأَظْلَمَا
يَبْكِيْ حُسَيْناً يَسْتَغِيثُ تَظَلُّمَا
وَبِهِ التَّبَاكِيْ لِلشَّعَائِرِ عَظَّمَا
وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ المُنِيْرُ تَعَتَّمَا
وَسَفِيْنَةٍ فِيْهَا الخَلَاصُ تَحَتَّمَا
وَعَلِيّاً المَوْلَى الإِمَامَ الأَكْرَمَا
وَالجِنُّ نَاحَتْ وَالمَلَائِكُ فِي السَّمَا
أَوَلَسْتَ تَبْكِيْهِ مِنَ الدَّمْعِ دَمَا؟
رَايَاتِ ثَأرٍ لِلْحُسَيْنِ وَقَائِمَا؟
وَلَقَدْ تَفَطَّرَتِ القُلُوْبُ تَأَلـُّمَا
مُلِئَتْ فَسَادَاً وَاسْتُبِيحَتْ بِالدِّمَا

17


شعبي:

قلبك هالمسيّه اشلون
ابعينك من شفت عاشــور
عينك من تشوف الماي
ما تذكر اطفال احسين
الكم كم طفل تجري
يلوج امن العطش والحر
وأمه ليه تتفكر
او سهم الموت يبرالـــه
يا بن العسكري حالـه
بيّن بالسمـا اهلالــــه
يا لغايب او جاريه
وشعملوا بنو اميّه
على اخدوده مجاريّه
او كبده امن الظما اتفطر
تشوف اولـيدها يبكـــي

18


أبوذية:

يمـن حكمك جراه الله علملاك
ابگتل احسين ما واصل علملاك
متى تنشر يبو صالح علملاك
او نساه المشت للطاغي هدية

عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لمّا هبط جبرائيل وأخبره بقتل الحسين عليه السلام على شاطئ الفرات بكربلاء, وأعطاه قبضة تراب منها, وأراه مصرَعه ومدفَنَه, وما سيجري على نسائه من السبي بعده... صعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم منبرَه مغموماً مهموماً كئيباً باكياً, وقد أصعد الحسنين معه وضع يديه على رأسيهما... وقال: اللهمّ إنّ محمّداً عبدك ورسولك, وهذان أطائب عترتي وخيار أرومتي, وأفضل ذريّتي, ومن أخلّفهما في أمّتي, وقد أخبرني جبرئيل أنّ ولدي هذا مخذول مقتول بالسمّ, والآخر شهيد مضرّج بالدمّ, اللهمّ فبارك له في قتله, واجعله من سادات الشهداء, اللّهمّ ولا تبارك في قاتله وخاذله, وأصله حرّ نارك, واحشره في أسفل درك الجحيم".

قال عليه السلام: "فضجّ الناس بالبكاء والعويل", فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أيّها الناس, أتبكونه ولا تنصرونه...؟! اللهمّ فكن أنت له وليّاً وناصراً".


19


ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا قوم, إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي( إلى أن يقول) ألا وإنّي لا أسألكم في ذلك إلّا ما أمرني ربّي أن أسألكم عن المودّة في القربى, واحذروا أن تلقوني على الحوض غداً, وقد آذيتم عترتي, وقتلتم أهل بيتي وظلمتموني".

بل كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر من مورد يظهر مظلوميّة ولده الحسين عليه السلام أمام الناس... أو أصحابه, أو أهل بيته, أو أمّه السيّدة الزهراء عليه السلام, فقد روى الإمام الصادق عليه السلام عن جدّه الحسين عليه السلام أنّه قال: "كان الحسين عليه السلام مع أمّه تحمله، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فقال: لعن الله قاتليك، ولعن الله سالبيك، ولعن الله المتوازرين عليك، وحكم الله بيني وبين من أعان عليك. فقالت فاطمة عليه السلام: يا أبتِ... أيَّ شيء تقول؟!

قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا بنتاه، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدكِ من الأذى والظلم والغدر والبغي، وهو – يومئذٍ – في عصبة كأنّهم نجوم السماء يتهاوون إلى القتل، وكأنّي أنظر إلى معسكرهم، وإلى موضع رحالهم وتربتهم.

فقالت: يا أبتِ... وأين هذا الموضع الذي تصف؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم: موضع يقال له كربلاء, وهي ذات كرب وبلاء علينا وعلى الأمّة، يخرج عليهم شرار أمّتي، ولو أنّ أحدهم يشفع له من


20


في السموات والأرضين ما شفعوا فيهم، وهم المخلّدون في النّار.

قالت: يا أبتِ، فيُقتل؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم: نعم يا بنتاه، ما قُتل قبله أحد, كان تبكيه السماوات والأرض، والملائكة، والوحوش، والحيتان في البحار، والجبال..".

وكانت الزهراء عليها السلام تبكي عندما تسمع مثل هذا الكلام من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم بل كانت لا تملك عبرتها حينما ترى ولدها الحسين عليه السلام دموعه جارية.
كانت عليها السلام ترجو أن تحضر ولدها يوم عاشوراء لتفتجع به، تبكيه، تندبه..

صحيح, ما كانت بجسدها حاضرة لكنّ روحها تطوف ساحة كربلاء، تحضر مصرعه، وتحضر مجالسه، تسمع وتبكي فيها... وهذا لسان حالها يقول:

نوحي على الأولاد يا زهرا الحزينة
وتفركوا عنك وصار الشمل تبديد
واحد دفن عندك وّاحد عنك إبعيد
في كربلا واحد وواحد بالمدينة
واحد من جعيده كضى وّاحد من يزيد
گبر الحسن عندك وقبر حسين وينه

21


يقولون في السنة التي قتل فيها الحسين عليه السلام وجدوا صخرة في جوف النجف مكتوب عليها بخطّ أحمر قانٍ كأنّ الزهراء عليها السلام خطّته بدمها:

أنَا دُرٌّ مِنَ السَّمَا نَثَرُوْنِيْ
كُنْتَ أَصْفَى مِنَ اللُّجَيْنِ بَيَاضَاً
يَوْمَ تَزْوِيْجِ وَالِدِ السِّبْطَيْنِ
صَبَغَتْنِيْ دِمَاءُ نَحْرِ الحُسَيْنِ

حتّى إذا سألها سائل على من هذا البكاء والنحيب؟

تقول عليه السلام: على أبي عبد الله عليه السلام.

يا للي تناشدني عليمن تهمل العين
حبه بگلبي وتظهره بصبها دموعي
يا ليت گبل ظلوعك نرضّت ضلوعي
أَفَاطِمُ قُومِي يا ابنَةَ الخَيْرِ وانْدُبِي
كل البكا والنوح والحسره على حسين
مجبور في حبّه ولا شوفه بطوعي
ومن گبل خدك تعفّرت مني الخدين
نُجُومَ سَماوَاتٍ بِأرْضِ فَلَاةِ

22