المجلس الأول

تَالله لَا أَنْسَى ابْنَ فَاطِمَ والعِدَىْ        
فَانْصَاعَ لمَ ْيَعْبَأ بِهِمْ عَنْ عِدَّةٍ
             
عَمَدَتْ لهُ كَفُّ العِنَادِ فَسَدَّدَتْ
                
فَثَوَىْ بِمُسْتَنِّ النِزَالِ مُقَطَّعَ الـ
              
لله مَطْرُوْحٌ حَوَتْ مِنْهُ الثَّرَى
                  
وَمُجَرَّحٌ مَا غَيَّرَتْ مِنْهُ القَنَا
                  
وَثَوَاكِلٌ في النَّوْحِ تُسْعِدُ مِثلَهَا
                 
وَنَوائِحٌ لَمْ تَرَ مِثْلَهُنَّ نَوَائِحَاً
                 
نَادَتْ فَقَطَّعَتِ القُلُوْبَ بِشَجْوِهَا
               
إِنْسَانَ عَيْنِيَ يَا حُسَيْنُ أُخَيَّ
                      
مَا لِيْ دَعَوْتُ فَلَا تُجِيْبُ ولَم تَكُنْ
                  
أَلِمِحْنَةٍ شَغَلَتْكَ عَنِّي أمْ قِلًى؟
                          
تُهْدِي إلَيْهِ بَوَارِقَا وَرُعُوْدَا
كَثُرَتْ عَلَيْهِ وَلا يَخَافُ عَدِيدَا
سَهْمَا عَدَا التَّوْفِيْقَ والتَسْدِيدَا
أَوْصَالِ مَشكُورَ الفِعَالِ حَمِيدَا
نَفْسَ العُلَىْ والسُّؤْدَدَ المَفْقُودَا
حُسْنًا وَلَا أَخْلَقْنَ مِنْهُ جَدِيدَا
أَرَأَيْتَ ذَا ثُكْلٍ يِكُونُ سِعِيدَا
إِذْ لَيْسَ مِثْلُ فَقيْدِهِنَّ فَقِيدَا
لَكِنَّمَا انتَظَمَ البَيَانُ فَرِيدَا
يَا أمَلِيْ وَعِقْدَ جُمَانِيَ المَنْضُودَا
عَوَّدْتَنِي مِنْ قَبْلِ ذَاكَ صُدُوْدَا؟!
حَاشَاكَ إِنَّكَ مَا بَرِحْتَ وَدُوْدَا

31


شعبيّ:

خويه معذور يالنايم بالطفوف
منه امسلّبه والگلب ملهوف
دگعد من منامك وشوف
خويه ودمعي عالوجنات مذروف

شعبيّ:

انه مشيت درب الما مشيته
من جلّت الوالي نخيته
وگتّال اخيّي رافگيته
شتم والدي وانكر وصيته

لم نسمع بمولود ينعقد له مأتم حين ولدته أمّه, بدلاً من حفل السرور والفرح, لكنّ الحسين عليه السلام اختصّ بذلك, حيث ذكر له من أوّل ساعة ولد فيها حديث قتله ومقتله ومصرعه..
فحينما وُلد الحسين عليه السلام جاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى, ثمّ وضعه في حجره وبكى, وقال: "..تقتله الفئة الباغية, لا أنالهم الله شفاعتي...", وقال: "..ليت شعري من يقتلك بعدي؟!"


32


وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل عليه الحسين عليه السلام جذبه إليه ثمّ يقول لأمير المؤمنين عليه السلام أمسكه, فيقع عليه فيقبّله ويبكي, يقول الحسين عليه السلام: يا أبه لِمَ تبكي؟ فيقول: يا بُنّي أقبّل موضع السيوف منك وأبكي..".

وكان ينظر إليه أمير المؤمنين عليه السلام ويقول: "يا عبرة كلّ مؤمن..".
وكان الحسين عليه السلام يقول: "أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلّا استعبر..".

وعندما دخل الحسين عليه السلام يوماً على أخيه الحسن عليه السلام، ونظر إليه بكى، فقال له: "ما يبكيك يا أبا عبد الله؟" قال: "أبكي لما يُصنع بك", فقال له الحسن عليه السلام: "إنّ الذي يؤتى إليّ سمٌ يدسّ إليّ فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدّعون أنّهم من أمّة جدّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك..".

وكان الإمام الصادق عليه السلام لا يُذكر عنده الحسين عليه السلام ويُرى في ذلك اليوم مبتسماً..
وإذا دخل عليه بعض الشعراء يرثون عنده الحسين عليه السلام,


33


يجلس كما تجلسون ويبكي عليه..

وفي إحدى المرّات استأذن عليه السيّد الحميريّ
رحمه الله, فأذن له, وأقعد حرمه خلف الستر, واستنشده شعراً في الحسين عليه السلام, فأنشده السيّد هذه الأبيات التي تشير إلى مصيبة من مصائب الإمام الحسين عليه السلام, فقال:

أُمْرُرْ عَلَىْ جَدَثِ الحُسَيْنِ
يَا أَعْظُمَاً لَا زِلْتِ مِنْ
مَا لَذَّ عَيْشٌ بَعْدَ رَضِّكِ
وُقُلْ لِأَعْظُمِهِ الزَّكِيَّةْ
وَطْفَاءَ سَاكِبَةً رَوِيَّةْ
بِالجِيَادِ الأَعْوَجِيَّةْ

قال: فرأيت دموع جعفر بن محمّد تنحدر على خدّيه, وارتفع الصراخ من داره, حتّى أمره الإمام بالإمساك فأمسك..
سيّدي يا أبا عبد الله, يا جعفر بن محمّد, لم تتمالك أن تسمع مصيبةً واحدةَ من مصائب جدّك الحسين عليه السلام, مصيبةً لم ترها عيناك لكن سمعتها أذناك..

لكن ما حال عمّتك زينب أمّ المصائب, حينما سمعت نداء عمر بن سعد: ألا من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل صدره وظهره..., يا خيل الله اركبي ودوسي صدر الحسين..
ما حالها لمّا نظرت عيناها إلى جسد الحسين عليه السلام جثّةً بلا رأس.. ملقىً على رمضاء كربلاء, عندما ابتدر عشرة فُرسان


34


وداسوا بحوافر خيولهم صدر الحسين وظهره, حتّى طحنوا عظامه؟!.

واحسيناه! واسيّداه..!

نادى ابن سعد يا خيلنا وين
يرض صدره ويرض للظهر زين
ركبت له من الفرسان عشره
أنا أرد انشد الخيّاله المقبلين
بعده يون لو بطَّل حسين
من يركب يرض ضلوع الحسين
ويرض الباقي من عظامه ويسدر
ولعبت خيلهم ويلي على صدره
لعبت على بن امي ميادين

ما حالها عندما نظرت إلى رأسه عند يزيد, وقد وضعه في طشت أمامه, وأخذ بيده قضيباً وجعل ينكت به ثنايا أبي عبد الله؟!
نعم لم تتمالك نفسها.. أهوت إلى جيبها فشقّته, ثمّ نادت بصوت حزين يقرع القلوب: يا حسيناه.. يا حبيب رسول الله, يا بن مكّة ومنى, يا بن فاطمة الزهراء..


35


يحسين راسك حين شفته
أنا ذاك الوكت وجهي لطمته
شلّت يمينك يلضربته
تلعب عصا يزيد اعلى شفته
صديتله بحركه اوندهته

 

يَا لَيْتَ عَيْنَ المُصْطَفَى نَظَرَتْ إِلَى
مَا بَينَ نَائِحَةٍ وَصَارِخَةٍ غَدَتْ
أُمِّ المَصَائِبِ حَوْلَهَا أَيتَامُهَا
تَرْثِي كَمَا يِرْثِي الفِرَاخَ حِمَامُهَا

يا الله


36