الليلة الاولى

القصيدة:

للهِ أشكو لوعتي وشُجوني
يأبى هلالُكَ أن يلوحَ لناظرِي
شهرٌ به نزلتْ أجَلُّ رزيةٍ
أيُحَزُّ رأسٌ للحسينِ بكربلا
أَتَرُضُّ خيلُ بني أميَّةَ صدرَهُ
أيُشالُ فوقَ السَّمْهَرِيَّةِ رأسُهُ
والشمرُ يَجلدُ بالسياط متونَها
حَرَّمْتَ يا شهرَ المحرَّمِ فرحتي
وسقَيتني منذُ الطفولةِ حُرقَةً

أدميتَ يا شهرَ الحرامِ جُفوني
إلَّا ويُجري بالدموعِ عيوني
لله خطبٌ هدَّ رُكنَ الدينِ
ويظلُّ منجدلاً بلا تكفينِ
ثأراً لحقدٍ في الصدور دفينِ
ونداءُ زينبَ يا أخي ومعيني
فيسيلُ مَدْمَعُها دماً بأنينِ
مُذْ كنتَ شهرَ عزا بني ياسينِ
ستظلُّ تُشْجيني ليومِ الدِّينِ

(لحن لِفَى عاشور):
لِفَى عاشورْ يمولانا                وِإجِينا المْأتَمِ نُحضْرَه


9


گْلُوبِ الشيعة حَزْنَانَه              وْتِوَاسي گَلْبَكِ وْصَبْرَه

آه يا مولاي آه يا مولاي آه يا مولاي آه

يَبُوْ صالح مِثِلْ كل عام
على جَدَّكْ نسيلِ دْموع
ونْواسيكْ يا مَولاي
نِدْرِي عالحبيبِ حْسِين

إجينا لمْأتمِ نْحُضره
نِواسي فاطمَة الزَّهرة
نِرِيْدِ الْكَسْرَكِ انْجِبْرَه
تِجُرْ طولِ الزمنْ حَسْرة

آه يا مهدي آه يا مهدي آه يامهدي آه

عِشّاقَكْ نِجِيْ وَيَّاكْ
تِعَجِّل بالفرجْ نِنْخَاكْ
نِريدَك تاخِذِ الْثَارات
لِلمظلومْ لِلعطشانْ
على جَدَّك نِدِگِّ اصْدُور
گَبُلْ ما ينتهي عاشور
ثارِ الطفْ وْگَطِعْ لِنْحُور
 لَٱولادَه وْگَطِعْ نحرَه

آه يا مهدي آه يا مهدي آه يا مهدي آه


أبو ذية:

الشِّيعة جاهَا الِمْحَرَّم وَهَلْها          وْكِلْ مِنهم جِرى دْمُوعَه وهَلْها
فِجَعْني ما جرى بْزِينَب وَاهِلْها      ضَحايا مْقَطَّعَة فوقِ الوِطيَّة


10


لك العزاء سيدي يا صاحب العصر والزمان. يا فرج الله، ما حالُ قلبِك في هذه الأيّام.. وأنت الذي تندُبُ جدَّك الحسينَ صباحاً ومساءً.. وتبكي عليه بدل الدموع دماً، فكيف يكون حالك سيّدي في أيّامِ محرَّم...

إذا كان الموالون والمحبّون في مشارق الأرض ومغاربها يتألّمون في هذه الأيام، ويتجدّد الحزن والعزاء في قلوبهم.. وينصبون المآتم، ويذرِفون الدّموع على جدّك الإمامِ الحسين، فكيف حالُ قلبِك سيّدي، والثارُ ثارُك، والعزاءُ عزاؤك

سيّدي يا صاحب الزمان...

عظّم الله لكَ الأجرَ بجدِّك المظلومِ والعطشان، الذي بكتْ عليه ملائكةُ السماء والأنبياءُ جميعاً...

نعم، كلُّ الوجودِ بكى على مصابِك سيّدي أبا عبد الله... مِن أوّل الأنبياءِ آدمَ عليه السلام...

فعندما رأى أسماءَ الخمسةِ من أهل الكساءِ، وهم: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، لقنّهُ جبرائيلُعليه السلام أن يقول: يا حميدُ بحقّ محمد، ويا عالي بحقّ علي، ويا فاطرُ بحقّ فاطمة، ويا محسنُ بحقّ الحسن، ويا قديمَ الإحسانِ بحقّ الحسين، فلما سمع بذكر الحسينعليه السلام سالت دموعهُ وانخشعَ قلبُه، فقال: يا أخي جبرائيل، في ذِكْرِ الخامسِ ينكسرُ قلبي وتسيلُ عَبْرَتي، فأخذَ جبرائيل في


11


بيان السببِ راثياً الحسينَ عليه السلام، وآدمُ والملائكةُ الحاضرون هناك يسمعونَ ويبكون، فالناعي جبرائيل، والمستمعون آدمُ والملائكة، فقال جبرائيل عليه السلام: يا آدم، وَلَدُكَ هذا يصابُ بمصيبةٍ تصغُرُ عندها المصائب، قال: وما هي؟ قال: "يُقتَل عطشانَ غريباً وحيداً فريداً، ليس له ناصرٌ ولا معين، ولو تراهُ يا آدمُ وهو يقول: واعطشاه، وا قلّة ناصراه، حتى يحولَ العطشُ بينَه وبينَ السماءِ كالدخان، فلم يجبْهُ أحدٌ إلا بالسيوفِ وشَرَرِ الحتوف، فيُذبَحُ ذَبْحُ الشاةِ من قفاه، ويُنهَب رحلُه، وتُشْهَرُ رؤوسُهم في البلدان، ومعهم النِّسوان، كذلكَ سبق في علم الواحدِ المنّان".

وهذا خاتمُ الأنبياءِ الرسولُ الأكرمُ محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم، كما تروي أمُّ سَلَمَة، قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم جالساً ذاتَ يومٍ في بيتي، فقال:
"لا يَدْخُلَنَّ عليَّ أحد"، فانتظرتُ، فدخل الحسين، فسمعتُ نشيجَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبكي، فاطَّلعتُ، فإذا الحسينُ في حِجْرِه، أو إلى جنبه، يمسحُ رأسَه وهو يبكي، فقلت: والله، ما علمتُ به حتّى دَخل.

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"إنّ جبرائيل كان معنا في البيت، فقال: أتحبُّه؟ فقلت: أمّا مِن حُبِّ الدنيا نَعَمْ، فقال: إنّ أمّتكَ ستَقتُلُ هذا بأرضٍ يقال لها كربلاء، فتناول من ترابها، فأراهُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فلمّا أُحيط بالحسينِ حين قُتل قال: ما اسمُ هذه الأرض؟ قالوا: أرضُ كربلاء، قال: صدقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، أرضُ كَرْبٍ وبلاء..


12


أمّا أئمّتُنا عليهم السلام.. فكانت مصيبةُ الإمامِ الحسين دائماً حاضرةً في قلوبهم ووجدانهم...

فنجدُ الإمامَ عليَّ بْنَ الحسينِ عليه السلام يقول: "أيّما مؤمنٍ ذَرَفَتْ عيناهُ لقتل الحسينِ بنِ عليّ عليه السلام حتى تسيلَ على خدِّه، بوَّأهُ اللهُ بها في الجنّة عزاً يسكنُها أحقاباً".

ويقول الإمامُ محمدُ بن عليٍّ الباقرُ عليه السلام:
"رَحِمَ اللهُ عبداً اجتَمع مع آخَرَ فتذاكرا في أمرِنا، فإنّ ثالثَهما مَلَكٌ يَستغفِر لهما".

وبهذه المجالس يوصي الإمام جعفرُ بنُ محمدٍ الصادقُ عليه السلام:
"إنّ تلك المجالس أُحبُّها، فأحيوا أمرَنا، رحم اللهُ مَن أحيا أمرنا".

وكان الإمام موسى بنُ جعفرٍ الكاظمُ عليه السلام
"إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه، حتى يمضي منه عشرةُ أيام، فإذا كان اليومُ العاشر، كان يومَ مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قُتل فيه الحسين".

وعن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال: "مَن تذكّر مصابنا وكبر لما ارتكب منا، كان معنا في درجتنا يومَ القيامة. ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى، لم تبكِ عينُه يومَ تبكي العيون. ومن جلس مجلساً يُحيا فيه أمرُنا، لم يمت قلبه يومَ تموت القلوب".


وعلى مسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام سار العلماء والفقهاء، ثم المؤمنون في إحياء هذه المجالس، وترْكِ السعي في حوائجهم


13


لحضورها وتخليدها، يحدوهم في ذلك طلبُ مرضاة الله تعالى وحبُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولاءُ أهل بيته الطاهرين عليهم السلام.

وها همُ الشيعة والموالون في مشارق الأرض ومغاربها، يهبّون في كلّ محرّمٍ ويجتمعون لإحياء هذه الأيّام المباركة، حزناً على سيّدهم الإمامِ الحسينِ عليه السلام، وامتثالاً لأمر أئمتنا عليهم السلام، ومواساةً لهم ولصاحبة العزاء في هذه الأيّام مولاتِنا الزهراء عليها السلام.... بكت على مصاب ولدها الإمامِ الحسينِ عندما أخبرها الرسولُ الأكرمُ صلى الله عليه وآله وسلم بما سيجري على مولانا الحسين....


كأنّي بمولاتنا الزهراء روحي فداها... في آخر أيّامها، وهي ممدَّدة على الفراش... ولكن مع هذا لا تنسى مصائبَ أولادها...

كأنّي بها توصي مولاتَنا زينب عليه السلام.... وتحكي لها المصائبَ القادمة:

هِيَّ نارِيْن يا زينب
أمَّا الثانية تْنَادِين
إِهِـيْ طَـشْتِينْ يا زينب
ﭼِـبْـدِ الْـحسنْ بٱوّلها
يَـزِيـنَـب ثـانيِ الْطَشْتِينْ
رُقَيّه ٱعلَه الطَشِتْ بِتْمُوتْ

الأُولى شِفِتْها بْعيني
لكِنْ وِينِكِ وْوِيني
عَليها الباريِ يْعِينِجْ
ويْداريه عن عِينِجْ
بِتْشِيليَنه بِيْدِينج
وتْنِظرين مَنْظَرها

بُنَيَّة زينب، أنا عندي وصيّة إذا رأيتِ أخاكِ الحسين وحيداً في


14


كربلاءَ، لا ناصرَ لهُ ولا مُعين قبِّليهِ في نحرِهِ، وشُمِّيهِ في صدرِهِ

(على طور سامحيني)

يالحِبِيبَة.. يالحبيبة
اُقتربي يُمّه واسمعَي مِنِّي الوِصيَّة
يالحبيبة… يالحبيبة
أظِنْ هاي الليلةْ تِلفيني المِنيّة

بعدي تلفِيكُم نِوايبْ هالدِنيَّة
يِنطِبِر راسِ الوِليْ بسيفِ المِنيّة

ورا المظلومْ..الحَسنْ مَسمُوم
تْشوفي چَبْده يِقذِفَهِ اگبالِچْ يا يُمَّه
وتنظُرِي احْسين.. يِبْچِيِ ادْمُوم
وراسَ اخوهْ بلهفَة لَحضَانَه يُضُمَّه

يا نِجِيبَة… يا نجيبة
وتُبْـﮕَـى دمعاتِچْ على اخوانِچْ جِريَّة
يالحبيبة… يالحبيبة
اقْتُربي يُمّه واسْمَعِي مِنِّي الوِصيَّة


15


بَعِدْ كَمْ عام… تِشوفيِ حْسِين
ظَامي للخِيمة يجي يودَّع عِيالَهْ
تْحيطَه ظِلّام… ماإلَهْ امْعِين
ابْلهَب نارِ المعركةْ تركُضْ اطْفَالَه
مثِل ماشفتي دِمَهْ المِحسن عالٱعْتَابْ
تِشوفي اخوانچِ دْماهُم يِصْبَحِ ٱخضَاب
والمُصيبةْ… يا غِرِيبَة
تبْقِي بين اعْدَاچْ مَگيودَه وْحِنيَّة
يالحبيبه… يالحبيبه
اقْتُربي يُمّه واسْمعي مِنّي الوصِيَّة

               ***

مِنْ أَثرْ هاي… سطرَةِ العِين
تنِسبينِ ٱنْتي وتِضرُبِچْ آل ٱمَيّة
وتِنْظُري راسْ..ٱخُوچِ الحسِين
عالرُمِح والجسَدْ مرمي ٱعلى الوِطيّة
بسْ گَبُل ماتِسْحَگِ الخِيلِ ٱعلى صَدْرهْ
قَبِّلي مِنَّه الصدُرْ وْشِمِّيلي نَحْرَه
والعِجِيبه… ٱنْتي سِليبَه
يِضِربُوچ بْسُوط وتْروحي سِبيَّه
يالحبيبه..يالحبيبه
اقتُربي يُمّه واسمَعي مِنِّي الوِصيّة


16


لذلك يومَ عاشوراءَ.. عندما ودَّع الإمامُ الحسينُ زينبَ والنساءَ الوداعَ الأخيرَ...

وإذا بمناديةٍ من خلفه: أخي حُسين، قِفْ لي هُنَيهةً، فالتفتَ الحُسين عليه السلام إلى خلفِهِ، وإذا بها أختُه زينبُ عليها السلام. قال لها:
"أُخيَّة، ما تريدين؟!" قالت: أخي، انزِلْ مِنْ على ظهرِ جوادِك، فنزلَ الحسينُ عليه السلام. جاءتْ إليه، قالت: أخي اكشِفْ لي عن صدرِكَ وعنْ نحرِك، فكشفَ لها الحسينُ. ضَمَّتْهُ إلى صدرِها، قَبَّلتْهُ في نحرِهِ، شمَّتهُ في صدرِهِ، ثمُّ حَوَّلتْ وجهَهَا ناحيةَ المدينة، وصاحتْ: أُمّاهُ، لقد أدَّيتُ الأمانة. قال الحسينُ عليه السلام: "أُخيّه، وما الأمانة؟!".

قالت: اِعلمْ يا أخي، لمّا دَنَت الوفاةُ من أمّنا فاطمة، دَعتْني إليها، ضمَّتْني إلى صدرِها، قبَّلتني في نحري، شمَّتني في صدري، وقالت: بنيَّة زينب، إذا رأيتِ أخاكِ الحسينَ وحيداً فريداً في كربلاء، قبِّليه في نحرهِ، فإنَّه موضعُ السيوف، شمُّيه في صدرِهِ، فإنَّه موضعُ حوافرِ الخيُول...

(لحن الفراق)
شَمِتَّه بْنحرَه     صاحتْ سلامَ الله يِزِكَّية
شَمِتَّه بْنحرَه     يُمَّه أدِّيتِ ٱلك الوِصيَّة
شَمِتَّه بْنحرَه     بأمانَ الله والْدَمْعة جِريَّه


17


ودِيعِتِكْ يُمَّه     خَذِتْها وقَبَّلتِ الصَدُر
ودِيعِتِكْ يُمَّه     خَذِتْها وشمّيت النَحَر
ودِيعِتِكْ يُمَّه     عَلِيها لَبْكِي هالعُمُر

آه آه وا حُسيناه
هذا الوداعُ كانت مولاتُنا زينبُ تضُمُّ أخاها الحسين إلى صدرِها... وتنظرُ إلى وجهه وهو سالمٌ مُعافى... ولكنْ هناك وداعٌ آخرُ صعبٌ على قلب زينب...

لمَّا نظَرتْ إلى مَولانا الحسين مطروحاً على رمال كربلاء... مُرمَّلاً بالدِّما.... انحنتْ عليه.. وضعَتْ يدَيها تحتَ ظهرِهِ ورفعتْهُ إليها، وصارتْ تمسحُ الدمَ والترابَ عن وجهِهِ.... وتقول: أَأَنتَ أخي الحسين؟!!.... أأنت ٱبنُ والدي؟!! أخي كلِّمني بحقِ جدِّنا رسولِ اللهِ، بحقّ أبينا أميرِ المؤمنين، بحقِّ أمِّنا الزهراء.....

خُويا يا خُويا لا تَخلِّيني          شوفِتَكْ خُويا تْعوِّدَتْ عِيني
تِرضَى يا خُويا يِستِمِرْ يُتْمِي     فاقِدَةْ بُويا وفاقدة أُمي
تِرضى أتْضَيَّيع ولا أحد يَمِّي    تترِكِ الحَورا والدَّمِع يِهْمِل
ارجعِ لبِيتَك تِكفي (تِدَاريني)     شُوفِتَك خُويا تعوِّدت عيني
كِنْتِ إذا أنوي زيارةِ الزَهرا     بُويا ياخِذْني وْيمسحِ العَبْرة
ظِلِّيِ وْطُولي إنْتَ اللي تِسِتْره    خايفْ عْلَّيه حتى مِنْ نَظْرة
ومن بَعِد فقدَكْ مِنْهو يحميني     شوفِتَكْ خويا تعوَّدتْ عيني
كانَوِ يْسَمُّوني أُمِ الخِدِرْ زينب    وْتَالي بالمجلِسْ أنضِربْ وٱنْسَبْ


18


عَجْفَة مَهزولة تِرضَى أتْركَّبْ       وكِلْ هَلي يِرْوحُونْ وٱني أتْعذَّب
كِلْ هَلي يِرْوحُونْ ولا حَدِّ يْجيني    شوفِتَكْ خُويا تعوِّدَتْ عيني

هذِهِ زينبُ وبالأمسِ كانتْ           بفِنَا دارِها تُحَطُّ الرِّحالُ


19