المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي منّ علينا بالأئمة الهداة، وجعلهم في حلك الظلمات سفينة النجاة، وجعل في السفينة مصباح الهدى، ومناراً على طول المدى، والصلاة والسلام على النبيّ وآله الميامين الطاهرين.

لقد شاء الله سبحانه أن يرى الحسين عليه السلام شهيداً، فكانت النهضة الحسينيّة وكلّ ما جرى في عاشوراء ضمن التخطيط الإلهيّ، وفي القضاء المحتوم المرسوم للبشريّة، وأنّ الدين المحمديّ الخاتم، والبشريّة جمعاء، لا بدّ لها من حسين، ولا بدّ لها من كربلاء، ولذلك نجد لهذه النهضة الحسينيّة أبعاداً لا تصل لكنهها العقول، وأهدافاً ما زالت تتحقّق عبر الأزمان والدهور.

لقد خَبُر الإمام المعصوم الدنيا، وعلم الهدف الذي ترنو إليه المسيرة الإلهيّة، وفطن مجريات الأمور التي تسير من حوله، وما ستؤول إليه الأمور من بعده، فكان قراره عاشوراء، وطريقه كربلاء، فكان أفضل قرارٍ وطريق.

ومن بين الأبعاد المرسومة في كربلاء بعدان أساسيّان هما العاطفة والفكر، فهما ككفّتي الميزان، لا بدّ من اعتدالهما، فلو طغت إحداهما على الأخرى اختلّت المعادلة، لذلك نجد بعض قرّاء العزاء يسعى جاهداً لاستدرار الدمعة، ليجعلها هدفاً أسمى ويبرّر له أيّ وسيلة، فلا يحقّق النتيجة المبتغاة، وبعض آخر يشرع بالتحليل والتنظير تاركاً الجانب العاطفيّ، كذلك لا يحصد الهدف المرجوّ، والصحيح هو الاعتدال، والجمع بين الأمرين، لأنّ الحسين عليه السلام الذي كان يهدف لإصلاح الأمّة، كلّ الأمّة على امتداد التاريخ، كان يرسم في كثيرٍ من خطواته وحركاته صوراً مفجعةً مدمية، ومواقف محزنةً مبكية، فكان في هدفه مبكٍ، وفي إبكائه هادف.

والوقوف في موقف الوسط، واختيار الطريق السليم من أشقّ وأصعب المهام الملقاة على عاتق القرّاء والخطباء الحسينيّين، لذلك نأمل منهم حسن اختيار الموضوع، والدقّة في النقل، وتجنّب المسائل الخلافيّة والشبهات، كلّ ذلك بعد إخلاص النيّة والتقرّب من الله ومن العترة الطاهرة، وعلى الله التوفيق.

وجرياً على عادة معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ من تقديم المجالس العاشورائيّة في كلّ عام، عمدنا إلى إعداد مجالس العزاء الحسينيّة لهذا العام وقد تميّز هذا الإصدار بالأمور التالية:
ـ إعداد المجالس بأسلوبٍ جديد، مقتصرين فيه على القصيدة والنعي، دون ذكر الموعظة أو المحاضرة، اعتماداً منّا على خبرة القرّاء الكرام في انتقاء الموضوع المناسب للمجلس.

ـ اختيار الأبيات الشعبيّة ـ العراقيّة ـ المألوفة والمسموعة عند أغلب الناس، وذات العبارات الواضحة.

ـ ذكرنا في مجالس الأصحاب مصرع عظيمين من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام دون التعرّض للباقين وذلك تجنبّاً للوقوع في التكرار حيث تمّ ذكرها في الكتب السابقة الصادرة عن معهد سيّد الشهداء عليه السلام.

ختاماً يرحّب المعهد بكلّ ملاحظة أو إشارة أو نصيحة بنّاءة تقدّم على هذا الطريق، ونسأل الله تعالى أن يتقبّل عملنا ويحشرنا مع الحسين عليه السلام وأصحاب الحسين عليه السلام، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم إنّه قريب مجيب.


جمعية العارف الإسلامية الثقافية