يا وَقعَةَ
الطَفِّ كَم
أّوقَدتِ في
كَبِدِي |
وَطِيسَ حُزنٍ
لِيومِ الحَشرِ
مَسْجورَا |
كَأنَّ كُلَّ
مَكانٍ كَربَلاءُ
لَدَى |
عَيني وَكُلَّ
زَمَانٍ يَومُ
عَاشُورَا |
أَفدِي غَريبَ
رَسولِ اللهِ إذْ
شَخَصَتْ |
بِهِ مِنَ
البَيتِ كُتْبٌ
ضُمِّنَتْ زُورَا |
هُوَ الحُسينُ
الأَبيُّ الضَيمِ
مَنْ شَرَعَتْ |
عُلاهُ نَهجَاً
لِصَونِ العِزِّ
مَأثورَا |
لَهفِي لِظَامٍ
على شَاطِي
الفُراتِ قَضَى |
ظَمآنَ يَرنُو
لِعذبِ الماءِ
مَقرورَا |
لا غَروَ إِنْ
كُسِفَت شَمسُ
الضُحَى حَزَناً |
على مَن
اقتَبَسَتْ مِن
نُورِهِ النورَا |
وأَعوَلَتْ في
السَما الأملاكُ
مُزعِجَةً |
ضَوضَاؤُهَا
العَرشَ تَهليلاً
وَتكبيرَا |
يَا لَيتَ
عَيْنَ رَسولِ
اللهِ نَاظِرةٌ |
رأسَ الحُسينِ
عَلى العَسَّالِ
مَشهورَا |
وَجِسمَهُ
نَسَجَتْ هَوْجُ
الرياحِ لَهُ |
ثَوبَاً بِقَانِي
دَمِ الأودَاجِ
مَزرورَا |
لم يَشفِ أَعدَاهُ
مِثلُ القَتلِ
فَابتَدرَتْ |
تُجرِي عَلى
جِسمِهِ الجُردَ المَحاضِيرَا |
إنْ يَبقَ مُلقَىً
بِلا دَفنٍ فِإنَّ
لَه |
قَبراً بِأحشاءِ مَن وَالاهُ
مَحفُورَا |
لم يَكفِهِ قَتلُ
أولادِ فَاطِمَةٍ |
حتّى سَبَا
الفَاطِميَّاتِ
المَقَاصِيرَا |
وعلى رأسهنّ الحوراء زينب
عليها السلام تنادي جدّها
ما فعلوا بأخيها الحسين
عليه السلام
يا جدي گوم شوف
احسين مذبوح |
على الشاطي وعلى
التربان مطروح |
يا جدي ما بگت له
من الطعن روح |
يا جدي گلب أخويه
احسين فطر |
يا جدي ... لنوحن
وگظِّي العمر
بالنوح |
وإعمي اعيوني
واتلف الروح |
يابا إشلون البصر
واحسين مذبوح |
في أيّام الحزن والرزيّة
على مصاب سيّد شباب أهل
الجنّة من كان يرثيه
ويؤبّنه؟!
فقد روى أمير المؤمنين
عليه السلام عن النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم
: لمّا هبط جبرائيل
وأخبره بقتل الحسين عليه
السلام على شاطئ الفرات
بكربلاء, وأعطاه قبضة
تراب منها, وأراه مصرَعه
ومدفَنَه, وما سيجري على
نسائه من السبي بعده...
حتّى صعد النبيّ صلى الله
عليه وآله وسلم منبرَه
مغموماً مهموماً كئيباً
باكياً, وقد أصعد الحسنين
معه وضع يداه على رأسيهما...
وقال( نقلاً عن أمير
المؤمنين عليه السلام ):"اللهم
إنّ محمّداً عبدك ورسولك,
وهذان أطائب عترتي وخيار
أرومتي, وأفضل ذريّتي,
ومن أخلفهما في أمّتي,
وقد أخبرني جبرئيل أنّ
ولدي هذا مخذول مقتول
بالسمّ, والآخر شهيد
مضرّج بالدمّ, اللهم
فبارك له في قتله, واجعله
من سادات الشهداء, اللّهم
ولا تبارك في قاتله
وخاذله, وأصله حرّ نارك,
واحشره في أسفل درك
الجحيم".
قال عليه السلام :
"فضجّ الناس بالبكاء
والعويل",
فقال لهم النبيّ صلى الله
عليه وآله وسلم :
"أيّها الناس, أتبكونه
ولا تنصرونه... اللهم فكن
أنت له وليّاً وناصراً".
ثمّ قال صلى الله عليه
وآله وسلم :
"يا قوم, إنّي مخلّف
فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي (إلى أن يقول) ألا
وإنّي لا أسئلكم في ذلك
إلّا ما أمرني ربّي أن
أسألكم عن المودّة في
القربى, واحذروا أن
تلقوني على الحوض غداً,
وقد آذيتم عترتي, وقتلتم
أهل بيتي وظلمتموني"
.
بل كان النبيّ صلى الله
عليه وآله وسلم في أكثر
من مورد يظهر مظلوميّة
ولده الحسين عليه السلام
أمام الناس... أو أصحابه,
أو أهل بيته, أو أمّه
السيّدة الزهراء عليها
السلام , فقد روى الإمام
الصادق عليه السلام عن
جدّه الحسين عليه السلام
أنّه قال: "كان الحسين
عليه السلام مع أمّه
تحمله، فأخذه رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
, فقال: لعن الله قاتليك،
ولعن الله سالبيك، ولعن
الله المتوازرين عليك،
وحكم الله بيني وبين من
أعان عليك. فقالت فاطمة
عليها السلام : يا أبتِ...
أيَّ شيء تقول؟!
قال صلى الله عليه وآله
وسلم : يا بنتاه، ذكرت ما
يصيبه بعدي وبعدكِ من
الأذى والظلم والغدر
والبغي، وهو – يومئذٍ –
في عصبة كأنّهم نجوم
السماء يتهاوون إلى القتل،
وكأنّي أنظر إلى معسكرهم،
وإلى موضع رحالهم وتربتهم.
فقالت: يا أبتِ... وأين
هذا الموضع الذي تصف؟
قال صلى الله عليه وآله
وسلم : موضع يقال له
كربلاء, وهي ذات كرب
وبلاء علينا وعلى الأمّة،
يخرج عليهم شرار أمّتي،
ولو أنّ أحدهم يشفع له من
في السموات والأرضين ما
شفعوا فيهم، وهم
المخلّدون في النّار.
قالت: يا أبتِ، فيُقتل؟
قال صلى الله عليه وآله
وسلم :
نعم يا بنتاه، ما قُتل
قبله أحد, كان تبكيه
السماوات والأرض،
والملائكة، والوحوش،
والحيتان في البحار،
والجبال..".
وكانت الزهراء عليها
السلام تبكي عندما تسمع
مثل هذا الكلام من أبيها
صلى الله عليه وآله وسلم
بل كانت لا تملك عبرتها
حينما ترى ولدها الحسين
عليه السلام دموعه جارية.
كانت عليها السلام ترجو
أن تحضر ولدها يوم
عاشوراء لتفتجع به، تبكيه،
تندبه..
صحيح, ما كانت بجسدها
حاضرة لكنّ روحها تطوف
ساحة كربلاء، تحضر مصرعه،
وتحضر مجالسه، تسمع وتبكي
فيها... وهذا لسان حالها
يقول:
نوحي على الأولاد
يا زهرا الحزينة |
في كربلا واحد
وواحد بالمدينة |
وتفرگوا عنك وصار
الشمل تبديد |
واحد من جعيده
گضى وّاحد من
يزيد |
واحد دفن عندك
وّاحد عنك إبعيد |
گبر الحسن عندك
وقبر حسين وينه |
يقولون في السنة التي قتل
فيها الحسين عليه السلام
وجدوا صخرة في جوف النجف
مكتوب عليها بخطّ أحمر
قانٍ كأنّ الزهراء عليها
السلام خطّته بدمها:
أنَا دُرٌ مِنَ
السَمَاءِ
نَثَرُونِي |
يَومَ تَزوِيجِ
وَالِدِ
السِبطَينِ |
كُنتَ أَصفَى مِنَ
اللُجَينِ
بَيَاضَاً |
صَبَغَتنِي
دِمَاءُ نَحْرِ
الحُسينِِ |
حتّى إذا سألها سائل على
من هذا البكاء والنحيب؟
تقول عليها السلام : على
أبي عبد الله عليه السلام
.
يا للي تناشدني
عليمن تهمل العين |
كل البكا والنوح
والحسره على حسين |
حبه بگلبي وتظهره
بصبها دموعي |
مجبور في حبّه
ولا شوفه بطوعي |
يا ليت گبل ظلوعك
رضّت ضلوعي |
ومن گبل خدك
عفّرت مني الخدين |
أَفَاطِمُ لَو
خِلتِ الحُسينَ
مُجَدَّلاً |
وَقَد مَاتَ
عَطشَانَاً بِشَطِّ
فُرَاتِ |
إذاً لَلَطَمتِ
الخَدَّ فَاطِمُ
عِندَهُ |
وَأجرَيتِ دَمعَ
العَينِ في
الوَجَنَاتِ |
|