سَلْ
كَرْبَلا
كَمْ مِنْ حَشَىً
لِمُحَمَّدٍ
نُهِبَتْ بِها وَكَمْ
استُجِذَّتْ مِنْ يَدِ
وَلَكَمْ دَمٍ زَاكٍ
أُرِيقَ بِها
وَكَمْ جُثْمانِ قُدْسٍ
بِالسُّيوفِ مُبَدَّدِ
وَبِها عَلَى صَدْرِ
الحُسَيْنِ تَرَقْرَقَتْ
عَبَراتُهُ حُزْناً
لِأَكْرَمِ سَيِّدِ
وَعَلِيُّ قَدْرٍ مِنْ
ذُؤابةِ هاشِمٍ
عَبَقَتْ شَمائِلُهُ
بِطِيبِ المَحْتَدِ
أَفْدِيهِ مِنْ
رَيْحَانَةٍ رَيَّانَةٍ
جَفَّتْ بِحَرِّ ظَماً
وَحَرِّ مُهَنَّدِ
للهِ بَدْرٌ مِنْ مُراقِ
نَجِيعِهِ
مَزَجَ الحُسَامُ
لُجَيْنَهُ بِالعَسْجَدِ
مَاءُ الصِّبا وَدَمُ
الوَريدِ تَجارَيا
فِيهِ وَلاهِبُ قَلْبِهِ
لَمْ يَخْمُدِ
جَمَعَ الصِّفاتِ الغُّرَّ
وَهِيَ تُراثُه
مِنْ كُلِّ غِطْرِيفٍ
وَشَهْمٍ أَصْيَدِ
فِي بَأْسِ حَمْزَةَ فِي
شَجاعَةِ حَيْدَر
بِإِبا الحُسَيْنِ وَفِي
مَهابَةِ أَحْمَدِ
وَتَراهُ فِي خُلُقٍ
وَطِيبِ خَلائِقٍ
وَبَلِيغِ نُطْقٍ
كَالنَّبِيِّ مَحَمَّدِ
وَيَؤُوبُ لَلتَودِيعِ
وَهُوَ مُكَابِدٌ
لِظَمَا الفُؤادِ
وَلِلْحَدِيدِ المُجْهِدِ
يَشْكُو لِخَيْرِ أَبٍ
ظَماهُ وَما اشْتَكَى
ظَمَأَ الحَشَى إلَّا إلى
الظَّامِي الصَّدِي
فانْصَاعَ يُؤثِرُهُ
عَلَيْهِ بِرِيقِهِ
لَوْ كانَ ثَمَّةَ رِيقِهِ
لِمْ يَجمُدِ
شعبي:
يبويه واج قلبي امن العطش
نار
شمس اوحديد تدري والوگت
حار
بكا اوگله يبويه اوداعة
الله
اشو الساني على السانك
تگلّه
لروح الجدي الهادي وگله
شبع ريحانتك من أمتك جور
سگاني جدي ابكاسه
يبويه او هل حضر يَمّي
والزهره او علي الكرار
وياه الحسن عمّي
يبويه او بكوا عد راسي
او تحنُّوا كلهم ابدمي
اوكاسك من تِجي مذخور
يحسين او بذل جهده
أبوذية:
علي الأكبر صمت يحسين
ونصار
شباب ابني وعليه بالقلب
ونصار
بعدك ما ظل لبوك أعوان
وانصار
وبيه اگطَعت يوم الغاضريه
ورد عن الإمام الحجّة
عجّل الله تعالى فرجه
الشريف في زيارة الناحية
عند السلام على عليّ ابن
الحسين عليهما السلام :
"السلام عليك يا
أوّل قتيلٍ من نسل خير
سليل من سلالة إبراهيم
الخليل".
أوّل الشهداء في كربلاء
من شهداء بني هاشم، وأوّل
فداء قدّمه الحسين عليه
السلام في ميدان الشهادة
بعد شهادة أصحابه، ولده
وقرّة عينه وشبيه جدّه
عليّ الأكبر رضوان الله
عليه... وإذا كان النبيّ
إبراهيم عليه السلام قد
ابتلاه الله بأن يقدّم
ابنه للذبح، ثمّ فداه
بكبشٍ عظيم، وقال
الله عزَّ وجلَّ:
﴿إِنَّ
هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء
الْمُبِينُ﴾1،
فما حال الإمام الحسين
عليه السلام وكيف يكون
ابتلاؤه حيث لم يقدّم
نفسه فقط، ولم يرضَ بدمه
الشريف وحده أن يُراقَ
على ميدان القربان الإلهيّ،
حتّى قدّم أصحابه جميعاً
وأولاده وأفلاذ أكباده،
الصغير منهم والكبير.
الصغير يُذبح بين
يديه عطشاناً ويعلم ما
سيجري له، ولكنّه يقدّم
القربان إلى الله ويقول:
"اللهم تقبّل منّا هذا
القربان". والكبير يقتل
مقطّعاً بالسيوف ظامئاً
عطشاناً، ويعلم أنّه
سيجري ما سيجري عليه،
ولكن يتقرّب إلى الله
بهذا القربان. فأيّ بلاء
هذا، وماذا استحق الحسين
به، بل هو البلاء الأعظم
وهو الفداء الأكبر الذي
فدى الله به دينه عن
أنبيائه وأوليائه، ولذا
ليس غريباً أن يسكن دم
الحسين الذي اختلط مع
دماء أهل بيته وأصحابه،
أن يسكن في الخلد وتقشعرّ
له أظلّة العرش ويبكي له
جميع الخلائق، كما في
زيارة الإمام الصادق عليه
السلام.
الحسين عليه السلام قدّم
ولده شهيداً ورَضي به
فداءً قبل أن يستشهد في
كربلاء، وأيّ فداء يقاس
بفداء الحسين بعليّ
الأكبر أشبه النّاس
خَلْقاً وخُلُقاً ومنطِقاً
برسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، بحيث أنّ أهل
المدينة كانوا إذا
اشتاقوا إلى النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم
نظروا إلى
هذا الشاب، وكأنّهم
ينظرون إلى رسول الله
ويسمعونه، وكان يوصف عليه
السلام بأنَّه شاب حسن
الصورة، صبيح المنظر على
وجه لا نظير له، وشجاعته
مشهورة، وكذلك سائر صفات
الكمال من الجلالة
والعظمة والسخاء وحُسن
الأخلاق، وغير ذلك...
صحيح أنّ الحسين عليه
السلام قدّم ولده راضياً
مطمئنّاً، ولكن يحقّ
للحسين أن تكون مصيبته
بشبيه جدّه رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم
مصيبة تهدّ قواه، ويكون
حزنه معها حزناً يشرف فيه
على الهلاك والموت، كما
قال المرحوم الشيخ جعفر
التستريّ قدّس سرّه، يقول
إنّ
الحسين عليه السلام في
مصيبة ولده قد احتضر
وأشرف على الموت ثلاث
مرّات.
المرّة الأولى لمّا برز
عليّ الأكبر واستأذن أباه
فأذن له وألبسه
الدرع
والسلاح وأركبه على
العقاب (من أجياد خيل
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ). فلمّا تجلّى
وجه طلعته من أفق "العقاب"
واستولت يده وقدمه على
العنان والركاب، خرجن
النساء وأحدقن به فأخذت
عمّاته
وأخواته بعنانه وركابه
ومنعنه من العزيمة، فعند
ذلك تغيّر حال الحسين
عليه السلام بحيث أشرف
على الموت، وصاح بنسائه
وعياله: "دعنه فإنّه...مقتول
في سبيل الله". ثمّ أخذ
بيده وأخرجه من بينهن
فنظر إليه نظرة آيسٍ منه
وأرخى عينيه وبكى، وأطرق
برأسه إلى الأرض
لئلّا يراه العدوّ فيشمت
به. يقولون نظر الحسين
إلى ولده قائلاً: "ولدي
عليّ إليَّ إليّ أودّعك
وتودّعني، أشمّك وتشمّني"، فتعانقا حتّى غُشي عليهما.
ويلي من تلاگوا عند
الوداع
امشابك طول لمن هووا
للگاع
يگله والدمع بالعين دفاگ
ابعبره امكسّره وبقلب
خفاگ
يبويه اوداعة الله هذا
الفراق
يبويه اشبيدي هذا المقدر
فلمّا أفاق الحسين عليه
السلام رفع رأسه مشيراً
بسبّابته إلى السماء (أو
رفع شيبته المباركة إلى
السماء)، وقال: "اللهمّ
اشهد على هؤلاء القوم فقد
برز إليهم غلام أشبه
النّاس خَلقاً وخُلُقاً
ومنطِقاً
برسولك محمّد صلى الله
عليه وآله وسلم، وكنّا
إذا اشتقنا إلى نبيّك
نظرنا إلى هذا
الغلام، اللهم امنعهم
بركات الأرض، وفرِّقهم
تفريقاً، ومزِّقهم تمزيقاً،
واجعلهم طرائق قِدداً ولا
ترضي الولاة عنهم أبداً،
فإنَّهم دعونا لينصرونا،
ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا...". وبينما الحسين يودّع ولده
بالدّعاء، فهم عليّ أنّها
الرخصة له بالبراز، فحمل
على القوم كالأسد الغضبان
يقلب الميمنة على الميسرة
والميسرة على الميمنة (فجندل
الأبطال وهزم الفرسان)
وتعجّبوا من صولته
وشجاعته وفروسته، وكيف لا
يكون كذلك وهو ابن الحسين
وجدّه أمير المؤمنين،
حتّى أنَّ البعض صاح
بأصحابه ويحكم هذا عليّ
ابن أبي طالب خرج من قبره
يقاتلكم، فجعل
عليّ الأكبر يعرّف عن
نفسه قائلاً:
أنَا عَلِيُّ ابنُ
الحُسَينِ بنِ عَلَي
نَحْنُ وَبَيْتِ اللهِ
أَوْلَى بِالنَّبِي
وَاللهِ لا يَحْكُمُ
فِينا ابنُ الدَّعِي
أَطْعَنُكُمْ بِالرُّمْحِ
حَتَّى يَنْثَنِي
أَضْرِبُكُمْ بِالسَّيْفِ
حَتَّى يَلْتَوِي
ضَرْبَ غُلامٍ هَاشِمِيٍّ
عَلَوِي
فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ
الأعداء من كثرة من قتل
منهم:
فَتىً جُمِعَتْ فِيهِ
شَمائِلُ أَحْمَدٍ
وَبَأْسُ عَلِيٍّ
المُرتَضَى وَثَبَاتُهُ
فَواللهِ لا أَنْساهُ
يَوْمَ الوَغَى وَقَدْ
حَكَتْ حَمَلاتُ
المُرْتَضى حَمَلاتُهُ
يَكِرُّ عَلَيْهِمْ
كَرَّةَ الَّليثِ
وَالظَّما
بِأَحْشائِهِ قَدْ
أُضْرِمَتْ جَذَواتُهُ
ثمّ رجع إلى أبيه الحسين
عليه السلام وقد أصابته
جراحات كثيرة والدّم يجري
من حلق درعه، وقد أخذ
العطش منه مأخذاً بليغاً،
شاكياً إلى أبيه ظمأه،
وما أصعبها من ساعة،
عندها – كما يقول
العلّامة التستريّ- كانت
المرّة الثانية التي أشرف
فيها الحسين على الموت في
مصيبته
بولده عليّ الأكبر.
ساعد الله قلب الحسين
حينما استقبل ولده راجعاً
من الميدان مع ما به من
الجراحات والظمأ ولم يقدر
أن يقدّم له ما يبلّ
غليله، نعم أقبل عليّ
الأكبر إلى أبيه قائلاً:
يا أبه العطش قد قتلني
وثقل الحديد قد أجهدني،
فهل إلى شربة ماءٍ من
سبيل اتقوّى بها على
الأعداء؟
يبويه شربة أميّه الكبدي
اتگوى ورد للميدان وحدي
يبويه انفطر كبدي وحق
جدّي
العطش والشمس والميدان
والحر
يگله سهله يبويه طلبتك
هاي
لكن يعقلي او ماي عيناي
امنين اجيبن شربة الماي
والعطش مثلك يبّس احشاي
ضمّه الحسين إلى صدره
وبكى وقال: "يعزّ على
محمّد وعليّ وعلى أبيك أن
تدعوهم فلا يجيبوك،
وتستغيث بهم فلا يغيثوك.
يقول الراوي: فمدّ الحسين
لسانه ليمصّ منه ولده عليّ،
فبكى عليّ الأكبر وقال:
أبه لسانك أيبس من لساني.
(أي وا سيّداه، وا حسيناه،
وا عليّاه وا
مظلوماه). ويقولون دفع
الحسين خاتمه إلى ولده
عليّ الأكبر وقال: خذ هذا
الخاتم في فيك وارجع إلى
قتال عدوّك فإنّي أرجو أن
لا تمسي حتّى يسقيك جدّك
بكأسه الأوفى شربةً لا
تظمأ بعدها أبداً..."،
فرجع عليّ الأكبر إلى
القتال وحمل على القوم
بكلّ شجاعة وصلابة مع ما
فيه
من الجراحات والعطش وهو
يقول:
الحَرْبُ قَدْ بانَتْ
لَها حَقَائِقُ
وَظَهَرَتْ مِنْ بَعْدِها
مَصادِقُ
وَاللهِ رَبِّ العَرْشِ
لا نُفارِقُ
جَمْعَكُمْ أَوْ تُغْمَدَ
البَوَارِقُ
فبعد أن أكثر فيهم القتل
(يا مؤمنون) -عظّم الله
لكم الأجر- شدّ عليه مرّة
ابن منقذ التميميّ (لع)
فطعنه برمحه (وضربه لعين
على مفرق رأسه) فانقلب
على قربوس سرج فرسه
واعتنق الفرس، وقد نزلت
الدماء على وجه الفرس،
فبدل أن يأخذه إلى معسكر
الحسين، حمله إلى
معسكر الأعداء، فاحتوشوه
وقطّعوه بأسيافهم إرباً
إرباً -رحم الله من نادى
وا عليّاه وا أكبراه وا
شهيداه- نادى وقد بلغت
روحه التراقي: "أبتاه
عليك منّي السلام، هذا
جدّي رسول الله قد سقاني
بكأسه الأوفى شربة لا
أظمأ بعدها أبداً، وهو
يقول لك العجل
العجل فإنّ لك كأساً
مذخوراً". - ساعد الله
قلب الحسين عليه السلام -
تقول سكينة: لمّا سمِع
أبي صوت عليّ، أخذ تارة
يقوم وأخرى يجلس وهو يقول:
وا ولداه، وجعل يتنفّس
الصعداء، وارتفع صوت
النّساء بالبكاء والنحيب
فسكّتهنّ الحسين قائلاً:
إنّ البكاء أمامكنّ، ثمّ
انحدر إلى مصرع ولده ومعه
شباب من بني هاشم، حمل
على القوم حتّى فرّقهم عن
مصرع ولده. وقف عليه، رآه
مقطّعاً بالسيوف إرباً
إرباً، جلس عنده، أخذ
رأسه وضعه في حجره وجعل
يمسح الدم والتراب عن
وجهه (لعلّ من أفجع الصور
هذا المشهد، الحسين عند
ولده عليّ، وهذه هي
الحالة الثالثة التي
كان فيها الحسين كحالة
المحتضر عند مصرع الأكبر)
يقول المؤرّخون: لمّا وصل
الحسين إلى ولده عليّ،
نزل عنده تمدّد إلى جنبه،
ألصق صدره على صدره،
وخدّه على خدّه، ثمّ قال:
"بني، قتل الله قوماً
قتلوك، ما أجرأهم على
الرّحمن، وعلى انتهاك
حرمة الرسول"، ثمّ هملت
عيناه بالدموع ونادى:
ولدي عليّ، على الدنيا
بعدك العفا، أمّا أنت يا
بني فقد استرحت من همّ
الدنيا وغمِّها، وبقي
أبوك لهمّها وكربها.
گعد يمَّه اوبكا او ناداه
يبني
عفتوني وحيد اورحتوا عني
يبويه امصابكم والله
گتلني
او ضرباتك شفت بيها
المنيه
يبويه اشلون گلي داروا
اعليك
اظن من الضرب ما ظل نفس
بيك
وحاكيني يروحي ماني
أحاكيك
وحك جدّك امصاب البيك
بيّه
(آه) بُنَيَّ
اقْتَطَعْتُكَ مِنْ
مُهْجَتِي
عَلامَ قَطَعْتَ جَميلَ
الوِصالِ
تُقَطَّعُ بِالسُّيوفِ
وَأَنْتَ قَلْبِي
فَهَلْ أَبْقَوا
لِقَلْبِي فِيكَ بَاقِ
|