اكَمْ لِلمُتيَّمِ مِنْ
دُمُوعٍ جَارِيَه
حُزْناً عَلَى تِلْكَ
الطُّلولِ الخَاوِيَه
يا دَارُ غَيَّرَكِ
الزَّمانُ بِصَرْفِه
وَمَحَتْ مَحَاسِنَكِ
الخُطوبُ العَادِيَه
وَأَبَادَ أَهْلَكِ
بِالصُّروفِ فَأَصْبَحُوا
كُلٌّ يَؤُمُّ مِنَ
النَّواحِي نَاحِيَه
مِثْلُ الحُسَيْنِ عَلَى
الصَّعيدِ مُجَرَّدٌ
وَيَزيدُ يَرْفُلُ
بِالبُرودِ الضَّافِيَه
لَمْ أَنْسَهُ ثَاوٍ
عَلَى حَرِّ الثَّرى
وَبَنُو أَبِيهِ
كَالأَضاحِي ثَاوِيَه
فَوْقَ الرِّماحِ
رُؤوسُهُمْ مَشْهُورَةٌ
وَجُسُومُهُمْ تَحْتَ
السَنابِكِ عَارِيَه
قَدْ غُسِّلُوا بِدَمِ
الرِّقابِ وَكُفِّنُوا
مِنْ نَسْجِ هَاتِيكَ
الرِّياحِ السَّافِيَه
وَالقَاسِمُ بنُ
المُجْتَبَى مَا
بَيْنَهُم
وَجَبِينُهُ يَزْهُو
كَشَمْسٍ ضَاحِيَه
لَمْ أَنْسَهُ بَيْنَ
الرِّجالِ وَعُمْرُهُ
يا لِلْبَرِيَّةِ خَمْسَةٌ
وَثَمانِيَه
يُرْدِي الكُمَاةَ
بِسَيْفِهِ فَتَخالُهُم
فَوْقَ الثَّرَى "أَعْجازَ
نَخْلٍ خَاوِيَه"
حَتَّى إذا أَرْدَوْهُ
مُلْقَىً لِلْثَرى
بِدِماءِ وَجْنَتِهِ
المُضيئَةِ قانِيَه
نَادَى أَلَا يا عَمُّ
أدرِكنِي فَقَدْ
وَزَّعْنَ أَعْضائِي
السُّيوفُ الماضِيَه
فَأَتاهُ يُسْرِعُ
بَالخُطَى وَدُمُوعُهُ
لِلأَرْضِ مِنْ عَيْنَيْهِ
تُهْمَى جَارِيَه
شعبي:
يعمي من ضرب هامتك نصين
يبعد اهلي اصواب اليوجعك
وين
يعمي اشلون أشيلك
للصواوين
وانته من الضرب جسمك مخذم
شاله او للمخيم بيه سدّر
وحط جاسم يويلي الصف
الأكبر
گعد ما بينهم والدّمع
فجّر
تشب ناره او عليه اتراكم
الهم
يم جاسم غدت للحرم حنّه
لمن شافته ابدمّه تحنّه
أمه اتصيح يا جاسم امهنّه
ابهلزّفه يبعد الخال
والعم
أبوذيّة:
أنا ردتك ما ردت دنيا ولا
مال
تحضرني لو وقع حملي ولا
مال
يبني يا جاسم خابت اظنوني
ولا ما ل
وبوقت الضيق يبني اگطعت
بيّه
ورد عن الإمام الحجّة
عجّل الله تعالى فرجه
الشريف في زيارة الناحية
عند ذكر القاسم ابن الحسن
المجتبى: "السلام على
القاسم ابن الحسن المضروب
على هامته، المسلوب لامته،
الذي نادى عمّه الحسين
فجلّى عليه كالصقر فرآه
يفحص بيديه ورجليه، فقال: يعزّ والله على عمّك
أن تدعوه فلا يُجيبك أو
يجيبك فلا يعينك أو يعينك
فلا يغني عنك، بعداً لقومٍ
قتلوك ومن خصمهم يوم
القيامة جدّك و أبوك، هذا
والله يومٌ كثر واتره وقلّ
ناصره".
القاسم رضوان الله عليه
على صغر سنِّه بحيث
عُبِّر عنه أنَّه لم يبلغ
الحُلُم (كان عمره حوالي
12 أو 13 سنة)، كان
متهيّئاً لنصرة عمّه
الحسين ومتدرّباً على
القتال كالفرسان والشجعان،
وليس عجيباً أمره إذ
أنَّه ابن الحسن وجدّه
أمير المؤمنين وتربّى في
حجر الحسين فغدا كاملاً
في أخلاقه وإيمانه وثباته،
وقدوة للعارفين والسالكين
إلى الله في عشقه للشهادة،
يسأله الحسين عليه السلام
عندما أراد القاسم أن
يعرف هل هو في جملة من
يرزقوا الشهادة- كما بشّر
بها الإمام الحسين أصحابه
ليلة عاشوراء-، فقال له
الحسين: ولدي قاسم كيف
تجد طعم الموت؟
قال: يا عمّاه، والله
الموت بين يديك عندي أحلى
من العسل، فبشَّره الحسين
بالشهادة وأنّه في جملة
من يكون لهم هذا الفوز
وهذه السعادة معه من
الشهداء....
ولذلك بعد أن قتل أصحاب
الحسين عليهم السلام يوم
عاشوراء وبرز للقتال
أبطال بني هاشم الذي
ارتضعوا من ثدي الفتوّة
ولبان الشجاعة، وقتل عليّ
الأكبر وجملة من شباب بني
هاشم، وسمع القاسم نداء
عمّه الحسين واغربتاه،
واقلّة ناصراه، أما من
معين يعيننا؟! أما من
ناصر ينصرنا؟! أما من ذابٍّ
يذبّ عنّا؟! خرج القاسم
إلى عمّه الحسين قائلاً:
لبّيك سيّدي يا عمّ يا
أبا عبد الله، فلمّا نظر
إليه الحسين عليه السلام
وكان أشبه بأبيه الحسن
عليه السلام اعتنقه وجعلا
يبكيان حتّى غشي عليهما (ولعلّ
هذا الوداع لم يحصل إلّا
مع القاسم)..فلمّا أفاقا
طلب
القاسم المبارزة فأتى
الحسين عليه السلام فقال:
يا عمّاه لا طاقة لي على
البقاء وأرى بني عمومتي
وأخوتي مجزّرين، وأراك
وحيداً فريداً، فقال له
الحسين عليه السلام: يا
ابن أخي أنت الوديعة من
أخي، أنت العلامة... فلم
يزل القاسم يقبّل قدمي
عمّه ويديه، فقال له
الحسين: بني
قاسم أراك تمشي إلى الموت
برجليك، قال وكيف لا يكون
ذلك وأنت بقيت بين
الأعداء وحيداً فريداً لا
تجد ناصراً ومعيناً روحي
لروحك الفداء ونفسي لنفسك
الوقاء، عندها قال له
الحسين: بني قاسم إليّ
إليّ، فدنا منه القاسم،
فجاء به الحسين إلى
الخيمة وأتى بصندوق
الإمام
الحسن المسموم الذي فيه
ودائعه وملابسه ولامة
حربه، فأخرج الحسين ملابس
الحسن وعمامته وسيفه
وقلّد القاسم
السيف، وشقّ أزياقه، وقطع
العمامة نصفين وأدلاها
على وجهه، ثمّ ألبسه
ثيابه على صورة الكفن، ثمّ
قال ولدي قاسم أبرز (ولكن
قبل ذلك ودّع أمّك
وأخواتك) وما
أصعبها من ساعة، رحم الله
الشاعر يصوّر هذا المشهد:
لزمت ركابه سكينة
وعمته بحلقه تشمه
ومن الخيم مدهوشة
طلعت تنادي أمه
يبني يا جاسم هالوقت
حالك لعمك ضمه
لها اليوم أنا ذاخرتك
مالك تخيب ظنوني
(قالها) أوصيك يمه وصيه
تسمعين لفظ اجوبي
شبان لو شفتيهم
بالله ذِكري شبابي
محروم من شمّ الهو
من دون كل صحابي
عطشان أنا يا والده
حين الشرب ذكريني
ثمّ انحدر القاسم نحو
الميدان ودموعه جارية على
خدّيه، وهو يقاتل قتال
الرجال الأبطال الشجعان،
فأنكره بعضهم وصاروا
يتساءلون من هذا الفتى
الذي يقاتل قتال الأبطال،
فأنشأ يقول:
إِنْ تُنْكِرُونِي فَأَنا
نَجْلُ الحَسَنْ
سِبْطِ النَّبِيِّ
المُجْتَبَى والمُؤْتَمَنْ
هَذا حُسَيْنٌ كَالأَسِيرِ
المُرْتَهَنْ
بَيْنَ أُناسٍ لا سُقُوا
صَوْبَ المُزُنْ
يقول حميد ابن مسلم: خرج
علينا القاسم ووجهه كفلقة
قمر طالع، بيده السيف
يضرب به قُدماً قُدماً،
وعليه قميص وازار وفي
رجليه نعلان، فبينما هو
يقاتل إذ انقطع شسع نعله
ولا أنسى أنَّها اليسرى،
فوقف ليشدّها (وكأنَّه لا
يحسب حساباً للجيش من
حوله من شجاعته العظيمة..)
وكان عمر بن سعد بن نفيل
الأزديّ إلى جانبه، فقال:
والله لأشدّنّ على الغلام،
ولأثكلنَّ به أمّه، قلت:
يا هذا يكفيك ما به وقد
احتوشوه من كلّ جانب
ومكان، قال: والله لأفعلن،
فشدّ على الغلام فما ولّى
حتّى ضرب الغلام بالسيف
على رأسه، ففلق هامته فخرّ
إلى الأرض صريعاً
ينادي: عليك منّي السلام
يا عمّاه أدركني.. فجاءه
الحسين كالصقر المنقضّ
على فريسته، فرّق الأعداء
عن مصرع ابن أخيه (رحم
الله المنادي واقاسماه وا
مظلوماه) وجده يفحص بيديه
ورجليه، نادى: بني قاسم
عزّ والله على عمّك أن
تدعوه فلا يجيبك، أو
يجيبك فلا
يعينك، أو يعينك فلا
يُغني عنك، بُعداً لقومٍ
قتلوك، ومن خصمهم يوم
القيامة جدّك وأبوك، هذا
يومٌ والله كثر واتره وقلّ
ناصره.
بكا اوناداه يا جاسم
اشبيدي
يريت السيف قبلك حزّ
وريدي
هان الكم تخلوني اوحيدي
او على اخيمي يعمي القوم
تفتر
ثمّ أنّ الحسين عليه
السلام وضع صدره على صدر
القاسم، وحمله إلى
المخيّم -ساعد الله قلبك
أبا عبد الله- (تقول
الرواية: احتمله ورجلاه
تخطّان في الأرض)، لم
يُطق الحسين أن يحمل
القاسم مستوياً لأنَّ
المصائب التي مرَّت عليه
خاصّة مصيبة القاسم أحنت
ظهره.
ضلع احسين على القاسم
محنه
يعمي ابموتتك زادت محنة
شاله احسين وبدمه محنه
آه اشلون حال أمّه الزكية
جاء بالقاسم إلى الخيمة
التي فيها عليّ الأكبر،
وضعه إلى جنبه، فجعل ينظر
تارةً إلى وجه الأكبر
وإلى وجه القاسم تارةً
أخرى، وهو يكفكف دموعه
بكمّه، وتمدّد بينهما
وأخذ يقبّلهما وينادي (واولداه
واعليّاه، واقاسماه وابن
أخاه).
شاله لخيمته ويسكِب دمع
عينه
وقعد ما بين شِبله الأكبر
وبينه
نِده وصاح يا رمله وسكينه
تعالن للعزيز واشوفن
اشحاله
وقيل إنّ الحسين ندب
القاسم بهذه الأبيات:
غَرِيبُونَ عَنْ
أَوْطانِهِمْ وَدِيارِهِمْ
تَنوحُ عَلَيْهِمْ فِي
البَرارِي وُحُوشُها
وَكَيْفَ لا تَبْكِي
العُيونُ لِمَعْشَرٍ
سُيوفُ الأَعادِي فِي
البَرارِي تَنُوشُها
بُدورٌ تَوارَى نُورُها
فَتَغَيَّرتْ
مَحَاسِنُها تُرْبُ
الفَلَاةِ نُعُوشُها
شباب اوبدور وابدمهم
تحنُّوا
وابلذَّت الدنيا ما
تهنُّوا
عله موت الشرف والعز
تعنُّوا
ولا ذلّوا لعند اسيوف
اميّه
صار الحسين ينظر إلى ولده
عليّ الأكبر وقتلى حوله
من أهل بيته، ورفع طرفه
إلى السماء وقال:
اللهم أحصهم عدداً، ولا
تغادر منهم أحداً، ولا
تغفر لهم أبداً، صبراً يا
بني عمومتي، صبراً يا أهل
بيتي، لا رأيتم هواناً
بعد هذا اليوم أبداً.
يا شبان بالله لا تونّون
او بونينكم قلبي تكطعون
تصدعون قلبي المن تحنون
شبان مثل الورد يزهون
وسفه على الغبرة ينامون
ساعد الله أمّه رمله لمّا
نظرت إلى ولدها الوحيد
مشقوق الهامة مخضّباً
بدمه ألقت نفسها عليه
منادية: واولداه،
واقاسماه:
(نصّاري)
امبارك ما بين سبعين ألف
جابوك
عن الحنه ابدما الراس
حنوك
ابدال الشمع بالنِّشاب
زفُّوك
املبَّس فوق راسك نبل
تنثر
ربيتك يا عيني وعيني
بعينك
واتنطّر لعرسك واحسب
سنينك
تاليها يا جاسم اسمع
أنينك
واشوفك داير ابشخصك
خيالها
جابوك يبني اولا عرفتك من
الجروح
يا شمعة البيت اوزهرته
اوفرحة الروح
عگب الفرح يا حيف تالي
العمر بالنوح
أگضّيه يبني لا عسن ظليت
بعدك
يا لبيدي افرشلك كنت يبني
وأغطِّيك
نايم عله التربان هِسّه
اولا نفس بيك
لو يرضه منّي الموت والله
ابروحي أفديك
ليالي اسهرت برباتك وعدلك
وحَسِّب للعرس يبني وعدلك
أتاري النوب تاليها وعدلك
تعوف العرس وآنه ابقى
ابعزيه
مُرَمَّلاً مُذْ رَأَتْهُ
رَمْلَةٌ صَرَخَتْ
أَيَا مُهْجَتِي
وَسُرورِي يا ضِيا
بَصَرِي
|