بِنَفْسِي إِماماً
غُسْلُهُ فَيْضُ نَحْرِهِ
وَفِي أَرْجُلِ الخَيْلِ
العِتاقِ يُقَلَّبُ
بِنَفْسِي رَأساً فَوْقَ
شاهِقَةِ القَنا
تَمُرُّ بِهِ الأَرْياحُ
نَشْراً فَتَعْذُبُ
كَأَنَّ القَنا الخَطَّارَ
أَعْوادُ مِنْبَرٍ
وَرَأسُ حُسَيْنٍ
فَوْقَها قَامَ يَخْطِبُ
فَوَا أَسَفِي تِلْكَ
الحُماةُ عَلى التُرْبِ
وَنِسْوَةُ آلِ الوَحْيِ
تُسْبَى وتُسْلَبُ
وراحَتْ بِعَيْنِ اللهِ
أَسْرى حَواسِراً
تُساقُ وأَسْتارُ
النُّبُوَّةِ تُنْهَبُ
دَعَتْ قَوْمَها
لَكِنَّها لِمْ تَجِدْهُم
عَلى عَهْدِها
فاسْتَرْجَعَتْ وهِي
تَنْدُبُ
أَيا مِنْعَةَ الّلاجِِينَ
والخَطْبُ وَاقِعٌ
وَيا أَنْجُمَ السَّارينَ
وَالّليْلُ غَيْهَبُ
أَلَيْسَتْ حُروفُ العِزِّ
في جَبَهاتِكُم
تُحَرِّرُها أَيْدِي
الجَلالِ فَتُكْتَبُ
فَأَيْنَ حُماةُ الجَارِ
هَاشِمَ كَيْ تَرى
نِساها عَلى عُجْفِ
الأَضَالِعِ تُجْلَبُ
وفِي الأَسْرِ تَرْنُو
حُجَّةَ اللهِ بَيْنَها
عَلِيلاً إلى الشَّاماتِ
فِي الغُلِّ يُسْحَبُ
سَرَتْ
حُسَّراً لَكِنْ تَحْجِبُ
وجْهَها
عنِ العَيْنِ أَنوارُ
الإِلهِ فَتُحْجَبُ
إلى أَنْ أَتَتْ فِي
مَجْلِسِ الرِّجْسِ
أَبْصَرَتْ
ثَنايا حُسَيْنٍ وَهِيَ
بِالعُودِ تُضْرَبُ
أبوذيّة:
هظمنه ما جرى اعلى احّد
وشافه
وبرى بينه العدو جرحه
وشافه
على راس السبط تلعب وشافه
عصا ايزيد ويسب حامي
الحميّه
شعبي:
شوف الزمان اشلون خوّان
من عگب اهلنه او ذيك
الاوطان
نوگف أساره بين عدوان
واحنه حراير سيد الاكوان
واگبالنه ابذاك الديوان
بالخيزرانه نغل سفيان
يضرب ثنايا المات عطشان
وبنصره امكيّف وفرحان
عساني انگتِل وروح ويّاك
ولا شوفني مخضوب بدماك
ولا شوف الرجس يضرب
ثناياك
يريف اليتامى لا عدمناك
"السلام على الشيب الخضيب،
السلام على الخدِّ التريب،
السلام على البدن السليب،
السلام على الثغر المقروع
بالقضيب".
قال الراوي: وأدخل ثقل
الحسين عليه السلام
ونساؤه ومن تخلّف من أهله
على يزيد وهم مقرنون في
الحبال وزين العابدين
عليه السلام مغلول، فلمّا
وقفوا بين يديه وهم على
تلك الحال، قال له عليّ
بن الحسين عليه السلام: "أنشدك
الله يا يزيد ما ظنّك
برسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم لو رآنا على
هذه الحال؟! موثّقين في
الحبال عرايا على أقتاب
الجمال؟!" فلم يبق في
القوم أحد إلّا وبكى،
فأمر يزيد بالحبال فقطعت
وأمر بفكّ الغلّ عن زين
العابدين عليه السلام.
ثمّ وضع رأس الحسين عليه
السلام بين يديه وأجلس
النساء خلفه لئلّا ينظرن
إليه فجعلت فاطمة وسكينة
يتطاولان لينظران إلى
الرأس وجعل يزيد يتطاول
ليستر عنهما الرأس، فلمّا
رأين الرأس صحن فصاح نساء
يزيد وولولت بنات معاوية،
فقالت فاطمة بنت الحسين
عليه السلام: أبنات رسول
الله سبايا يا يزيد؟!
فبكى النّاس وبكى أهل
داره حتّى علت الأصوات..
بس هاي ما كانت على البال
أطب المجلس وبزنودي
الحبال
وراسك بالطشت وتشوفه
العيال
وبيده العود ويوسِّم
المبسم
وأمّا زينب عليها السلام
فإنّها لمّا رأته..نادت
بصوت حزين يقرح القلوب:
يا حسيناه يا حبيب رسول
الله يا ابن مكّة ومنى،
يا ابن فاطمة الزهراء
سيّدة النساء، يا ابن بنت
المصطفى. فأبكت والله كلّ
من كان حاضراً في المجلس
ويزيد ساكت!.
ثمّ جعلت امرأة من بني
هاشم كانت في دار يزيد
تندب الحسين عليه السلام
وتنادي: يا حبيباه يا
سيّد أهل بيتاه يا ابن
محمّداه يا ربيع الأرامل
واليتامى يا قتيل أولاد
الأدعياء فأبكت كلّ من
سمعها..
ثمّ دعا يزيد بقضيب
خيزران فجعل ينكت به
ثنايا الحسين عليه السلام
، فأقبل عليه أبو برزة
الأسلميّ وقال: ويحك يا
يزيد أتنكت بقضيبك ثغر
الحسين ابن فاطمة عليها
السلام أشهد لقد رأيت
النبيّ يرشف ثناياه
وثنايا أخيه، ويقول:
أنتما سيّدا شباب أهل
الجنّة فقتل الله قاتلكما..
يحسين راسك حين شفته
تلعب عصا ايزيد اعلى شفته
ذاك الوگت وجهي لطمته
وصديت له بحرگه وندهته
يا سلوة الهادي ومهجته
شلّت يمينك يلضربته
فغضب يزيد فأمر بإخراجه
فأخرج سحباً..وجعل يزيد
يتمثّل بأبيات ابن
الزبعرى:
لَيْتَ أَشْياخِي بِبَدْرٍ
شَهِدُوا
جَزَعَ الخَزْرَجِ مِنْ
وَقْعَ الأَسَل
لَأَهَلُّوا
وَاسْتَهَلُّوا فَرَحاً
ثُمَّ قَالُوا يا يَزيدُ
لا تَشَل
قَدْ قَتَلْنا القَرْمَ
مِنْ سَادَاتِهِم
وَعَدَلْنَاهُ بِبَدْرٍ
فاعْتَدَل
لَعِبَتْ هَاشِمُ
بِالمُلْكِ فَلا
خَبَرٌ جَاء وَلا وَحْيٌ
نَزَل
لَسْتُ مِنْ خِنْدَفٍ إِنْ
لَمْ أَنْتَقِمْ
مِنْ بَنِي أَحْمَدَ ما
كانَ فَعَل
وكان إلى جانبه مروان ابن
الحكم لعنه الله فأخذ
يقول فرحاً بقتل سيّد
شباب أهل الجنّة وهو
يلتفت إلى الرأس الشريف:
يا حَبَّذا بُرْدُكَ فِي
اليَدَيْنِ
وَلَوْنُكَ الأَحْمَرُ
فِي الخَدَّيْنِ
أَخَذْتُ ثارِي وَقَضَيْتُ
دَيْنِي
شَفَيْتُ قَلْبِي مِنْ
دَمِ الحُسَيْنِ
فقامت زينب بنت عليّ بن
أبي طالب عليهما السلام
في مجلس يزيد وقالت:
الحمد لله ربّ العالمين،
وصلّى الله على رسوله
محمّد وآله
أجمعين، صدق الله كذلك
يقول:
﴿ثُمَّ
كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ
أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن
كَذَّبُوا بِآيَاتِ
اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا
يَسْتَهْزِؤُون﴾.
أظننت يا يزيد حيث أخذت
علينا أقطار الأرض وآفاق
السماء، فأصبحنا نساق كما
تساق الأسارى، أنّ بنا
على الله هواناً، وبك
عليه كرامة، وأنّ ذلك
لعظم خطرك عنده، فشمخت
بأنفك، ونظرت في عطفك،
جذلان مسروراً، حين رأيت
الدنيا لك مستوسقة،
والأمور متّسقة، وحين صفا
لك ملكنا وسلطاننا، مهلاً
مهلاً، أنسيت قول الله
تعالى:
﴿وَلاَ
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُواْ أَنَّمَا
نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ
لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا
نُمْلِي لَهُمْ
لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا
وَلَهْمُ عَذَابٌ
مُّهِينٌ﴾.
أمن العدل يا ابن الطلقاء،
تخديرك حرائرك وإماءك،
وسوقك بنات رسول الله
سبايا، قد هتكت ستورهن،
وأبديت وجوههن، تحدو بهنّ
الأعداء من بلدٍ إلى بلدٍ،
ويستشرفهن أهل المناهل
والمناقل، ويتصفح وجوههن
القريب والبعيد، والدني
والشريف، ليس معهن من
رجالهن وليّ، ولا من
حماتهن حميّ، وكيف يرتجى
مراقبة من لفظ فوه أكباد
الأزكياء، ونبت لحمه
بدماء الشهداء، وكيف
يستبطئ في بغضنا أهل
البيت من نظر إلينا
بالشنف والشنآن، والإحن
والأضغان، ثمّ تقول غير
متأثّم ولا مستعظم:
لَأَهَلُّوا
وَاسْتَهَلُّوا فَرَحاً
ثُمَّ قَالُوا يا يَزِيدُ
لا تَشَل
منتحياً على ثنايا أبي
عبد الله سيّد شباب أهل
الجنّة تنكتها بمخصرتك،
وكيف لا تقول ذلك؟ وقد
نكأت القرحة، واستأصلت
الشأفة، بإراقتك دماء
ذريّة محمّد صلى الله
عليه وآله وسلم ، ونجوم
الأرض من آل عبد المطلب،
وتهتف بأشياخك زعمت أنّك
تناديهم، فلتردنّ وشيكاً
موردهم، ولتودّن أنّك
شللت وبكمت، ولم يكن قلت
ما قلت، وفعلت ما فعلت.
اللهمّ خذ بحقّنا، وانتقم
من ظالمنا، وأحلل غضبك
بمن سفك دماءنا، وقتل
حماتنا.
فوالله ما فريت إلّا جلدك،
ولا حززت إلّا لحمك،
ولتردنّ على رسول الله
بما تحمّلت من سفك دماء
ذرّيّته، وانتهكت من
حرمته في عترته ولحمته،
حيث يجمع الله شملهم،
ويلمّ شعثهم، ويأخذ
بحقّهم:﴿وَلاَ
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ
أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ﴾،
حسبك بالله حاكماً،
وبمحمّد خصيماً، وبجبرئيل
ظهيراً، وسيعلم من سوّى
لك، ومكّنك من رقاب
المسلمين:
﴿بِئْسَ
لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾،
وأيّكم شرّ مكاناً وأضعف
جنداً.
ولئن جرّت عليّ الدواهي
مخاطبتك، إنّي لأستصغر
قدرك،
وأستعظم تقريعك، وأستكبر
توبيخك، لكن العيون عبرى،
والصدور حرّى، ألا فالعجب
كلّ العجب، لقتل حزب الله
النجباء بحزب الشيطان
الطلقاء، فهذه الأيدي
تنطف من دمائنا، والأفواه
تتحلّب من لحومنا، وتلك
الجثث الطواهر الزواكي
تنتابها العواسل، وتعفوها
أمّهات الفراعل، ولئن
اتخذتنا مغنماً لتجدنا
وشيكاً مغرماً، حين لا
تجد إلّا ما قدّمت يداك:
﴿وَمَا
رَبُّكَ بِظَلَّامٍ
لِّلْعَبِيدِ﴾،
فإلى الله المشتكى، وعليه
المعوّل.
فكد كيدك، واسعَ سعيك،
وناصب جهدك، فوالله لا
تمحو ذكرنا، ولا تميت
وحينا، ولا تدرك أمدنا،
ولا ترحض عنك عارها، وهل
رأيك إلّا فند، وأيّامك
إلّا عدد، وجمعك إلّا بدد،
يوم ينادي المنادي:
﴿أَلاَ
لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ﴾.
فالحمد لله الذي ختم
لأوّلنا بالسعادة،
ولآخرنا بالشهادة والرحمة،
ونسأل الله أن يكمل لهم
الثواب، ويوجب لهم المزيد،
ويحسن علينا الخلافة،
إنّه رحيم ودود، وحسبنا
الله ونعم الوكيل.
زينب تطب ديوان من گال
ويّه الغرب عدوان وانذال
هيّه وجمع نسوان واطفال
وامربطه الاطفال بحبال
واعظم مصيبه التشده البال
لا ستر عدهن لا من اظلال
ذاك الخدر عنهن مشه او
شال
شملهن تشتت والحمل مال
ونظر رجل شاميّ إلى فاطمة
بنت الحسين عليهما السلام
فقال ليزيد: يا أمير
المؤمنين هَبْ لي هذه
الجارية تكون خادمة عندي!
فارتعدت فرائص فاطمة من
كلامه وتعلّقت بعمّتها
زينب عليها السلام وقالت:
يا عمّتاه أُوتمت
وأُستخدم؟!
يخويه تحيّرت والله
بيتاماك
يحسين ما لي حيل فرگاك
والمثل هذا الوگت ردنا
يا ريف اليتامى لا عدمناك
فقالت زينب عليها السلام
للشاميّ: كذبت والله
ولؤمت، والله ما ذلك لك
ولا له، فغضب يزيد وقال:
كذبت والله إنّ ذلك لي
ولو شئت أن أفعل لفعلت،
قالت: كلّا والله ما جعل
الله لك ذلك إلّا أن تخرج
من ملّتنا، وتدين بدينٍ
غير ديننا، فاستطار يزيد
غضباً وقال: إيّاي
تستقبلين بهذا الكلام؟
إنّما خرج من الدين أبوك
وأخوك، قالت زينب عليها
السلام: بدين الله ودين
أبي ودين أخي اهتديت أنت
وأبوك وجدّك إن كنت مسلماً،
قال: كذبت
فقال له يزيد: أعزب وهب
الله لك حتفاً قاضياً..
لا والِدٌ لِي وَلا عَمٌّ
أَلوذُ بِهِ
وَلا أَخٌ لِي بَقَى
أَرْجُوهُ ذُو رَحِمِ
أَخِي ذَبِيحٌ وَرَحْلِي
قَدْ أُبِيحَ وَبِي
ضَاقَ الفَسِيحُ
وَأَطْفَالِي بِغَيْرِ
حَمِي
|