لَهَفَ نَفْسِي
لِزَيْنَبٍ وَهيَ ثَكْلَى
يَتَلَظَّى قَلْبُها
دُمُوعاً وَآها
كَمْ رَأَتْ فِي خَرابَةِ
الشَّامِ أَحْزاناً
تَسِيخُ الجِبالُ مِنْ
بَلْوَاها
وَرَأَتْ ما يَمُضُّ مِنْ
أَلَمِ اليُتْمِ
مُصاباً يَعُزُّ عَنْ أَنْ
يُضاهَى
هِيَ بِنْتُ الحُسيْنِ
لَمْ تَعْرِفِ اليُتْمَ
وَلَمْ تَدْرِ كَيْفَ
تَنْعَى أَباها
لَمْ تَزَلْ تَسأَلِ
الأَرامِلَ وَالأيتامَ
عَنْهُ وَلَمْ تَحْصَلْ
مُناها
رَأَتْ الوالِدَ العَطوفَ
بِعَيْنِها
فَهَبَّتْ مَذْعُورَةً
مِنْ رُؤاها
وَاسْتَفاقَتْ مِنْ
غَفْوَةِ الضَّيْمِ
تَبْكِي
تُنادِي فَلا يُجابُ
نِدَاها
فَاسْتَفَزَّ الصُّراخُ
نَوْمَ يَزِيدٍ
وَهُوَ فِي قَصْرِهِ
فأَبْدَى انْتِباها
قالَ ذَا رَأْسُهُ
احمِلُوهُ إِلِيها
فَعَسَى تَسْتَعيضُ عَنْهُ
عَساها
وَانْحَنَتْ فَوْقَهُ
تُقَبِّلُ فَاهُ
وَهوَ مِنْ عَطْفِهِ
يُقَبِّلُ فَاها
وَتُنادِيهِ يا أَبِي أَيُ
سَيْفٍ
جَذَّ مِنْكَ الأَوْداجَ
حتّى بَراها
يا أَبِي مَنْ تَراهُ
خَضَّبَ مِنْكَ
الشَّيْبَ بِالدَّمِ مَنْ
تُرَى أَشْقاها
أبوذيّة:
ما حسّبت أطب يحسين شامات
وشوف ابگتلك العدوان
شامات
من الطشت ريحة مسك شامات
من راسك يبن حامي الحميّه
شعبي:
فزت الطفلة بلا وعيّه
وتريد أبوها حسين هيّه
نادتها زينب يا رقيّه
زيّدتي أحزان العليّه
والله يا عمة اشها
الرزيّه
لمن سمع نسل الدعيّه
نادى اشجره بهاي المسيّه
أسمع بكا وونّه شجيّه
گالوا لعد ابن الزكيّه
طفلة وعليها تنوح هيّه
آمر اللي ما عنده حميّه
يودولها راسه هديّه
من شافته جتها المنيّه
وطاحت الطفلة اعلى
الوطيّه
قالوا: إنّ عائلة الحسين
عليه السلام وأرامل آل
محمّد بعد قتل رجالهنّ
يوم الطفّ، وسبيهنّ من
بلدٍ إلى بلد كانوا يخفون
على صغار الأطفال
واليتامى قتل أوليائهم
وآبائهم، فإن بكى يتيم أو
يتيمة أباه أو أخاه ناغوه
باللّطفّ، وأخبروه أنّه
في سفر- يقصدون سفر
الآخرة- فكانوا بهذا
ونحوه يشغلون اليتامى
والأطفال عن الشعور بألم
اليتم ومرارة المصاب..
حتّى إذا جيء بهم إلى
الشام، أنزلوهم في خربة
إلى جنب قصر يزيد لعنه
الله، وكانت للحسين عليه
السلام طفلة صغيرة يحبّها
وتحبّه، وقيل إنّ اسمها
رقيّة، كانت مع الأسرى في
خربة الشام، وكانت تبكي
ليلاً ونهاراً، وهم
يقولون لها هو في السفر،
فينما هي نائمة ذات ليلة
في الخربة، إذ انتبهت من
نومها مذعورة باكية تقول:
ائتوني بوالدي وقرّة عيني،
أين أبي؟ الآن قد رأيته،
ائتوني بأبي! أريد أبي!
وكلّما أرادوا اسكاتها
ازدادت حزناً وبكاءً،
فعند ذلك تعالى الصراخ من
العيال والأطفال، حتّى
وصلت الصيحة إلى يزيد
فانتبه من نومه فسأل ما
الخبر؟ فأخبروه أنّ طفلة
للحسين عليه السلام رأت
أباها في المنام فانتبهت
تطلبه وتبكي..فقال اللعين:
ارفعوا إليها رأس أبيها
وحطّوه بين يديها تتسلّى
به..
فزّت تنادي وصوتها
يبيد
صم الصخر ويذوب الحديد
أريدن أبوي الضيغم الجيد
والتمن عليها المفاديد
كلما يسمعنها البكا ايزيد
وصلت الصيحة المجلس ايزيد
نشدهم اشصاير حادث جديد
أسمع بواكي يزلزل الميد
گالوله خدامه والعبيد
طفلة حسين ابوها تريد
جابوا وشافتهم من ابعيد
صاحت هلا براسك يالعميد
يهلال عزنه ابليلة العيد
ليش اگطعت بينه يصنديد
فأتوا بالرأس مغطّى
بمنديل ووضعوه بين يديها،
فقالت: يا هذا إني طلبت
أبي ولم أطلب الطعام،
فقالوا: إن هنا أبوك،
فرفعت المنديل ورأت رأساً،
فقالت: ما هذا الرأس
قالوا: رأس أبيك، فرفعت
الرأس وضمّته إلى صدرها،
وهي تقول: يا أبتاه من ذا
الذي خضّبك بدمائك؟! يا
أبتاه من ذا الذي قطع
وريدك؟! يا
أبتاه من ذا الذي أيتمني
على صغر سنّي؟!
يا والدي والله هظيمه
أصير من صغري يتيمه
والنوح من بعدك لگيمه
أتاري الأبو يا ناس خيمه
يفيي على ابناته وحريمه
يا أبتاه من لليتيمة حتّى
تكبر؟! يا أبتاه من
للنساء الحاسرات؟! يا
أبتاه من للأرامل
المسبيّات؟! يا أبتاه من
للعيون الباكيات؟! يا
أبتاه من للضائعات
الغريبات؟! يا أبتاه من
بعدك وا خيبتاه! يا أبتاه
من بعدك وا غربتاه! يا
أبتاه ليتني لك الفداء،
يا أبتاه ليتني قبل هذا
اليوم عمياء، يا أبتاه
ليتني وسّدت التراب ولا
أرى شيبتك مخضوبة بالدماء!!
يبويه من گطع راسك
ويا هو السلّب اثيابك
يبويه غطى كل مصاب
امصاب الماجره امصابك
عسى ابعيد البلى امخضّب
وبفيض الدما اخضابك
گبل ما شوفك ابهالحال
يريت انعمت عيناي
ولم تزل تُعوِل وتنوح
وتبكي على أبيها، حتّى
وضعت فمها على فم الشهيد
المظلوم وبكت حتّى غشي
عليها، (قال الإمام زين
العابدين عليه السلام:
عمّه زينب ارفعي هذه
اليتيمة من على رأس والدي
فإنّها قد فارقت الحياة)..
عمّه يزينب گومي ليها
شيليها عن راس وليها
ماتت الطفلة من بكيها
واختي انكسر قلبي عليها
فحرّكوها فإذا هي قد
فارقت روحها
الدنيا..فارتفعت أصوات
أهل البيت بالبكاء وتجدّد
الحزن والعزاء ومن سمع من
أهل الشام بكاءهم بكى فلم
ير في ذلك اليوم إلّا باك
وباكية.
وعن بعضهم: وأحضر لها
مغسلة تغسلها، فلمّا
جرّدتها من ثيابها قالت:
لا أغسلها، فقالت لها
زينب عليه السلام: ولم لا
تغسليها؟ قالت: أخشى أن
يكون فيها مرض، فإنّي أرى
أضلاعها زرقاً، قالت:
والله ليس فيها مرض، ولكن
هذا من ضرب سياط أهل
الكوفة..
يضربونه ونصفق بدينه
ويشتمون حامينه وولينه
اتمنينه ابو فاضل يجينه
يشاهد اخلافه اشصار بينه
قالت سكينة: فلمّا كان
اليوم الرابع من
مقامنا-أي في الشام- رأيت
في المنام رؤيا.. رأيت
امرأةً راكبة في هودج
ويدها موضوعة على رأسها
فسألت عنها فقيل لي:
فاطمة بنت محمّد صلى الله
عليه وآله وسلم وسلم أمّ
أبيك، فقلت: والله
لأنطلقنّ إليها ولأخبرنها
ما صُنع بنا، فسعيت
مبادرة نحوها حتّى لحقت
بها فوقفت بين يديها أبكي
وأقول: يا أمّاه جحدوا
والله حقّنا، يا أمّاه
بدّدوا والله شملنا، يا
أمّاه استباحوا والله
حريمنا، يا أمّاه قتلوا
والله الحسين عليه السلام
أبانا، فقالت لي: كفِّي
صوتك يا سكينة فقد قطّعت
نياط قلبي، هذا قميص أبيك
الحسين عليه السلام لا
يفارقني حتّى ألقى الله
به..
وين اليواسيني ابدمعته
على ابني الذي حزوا رگبته
أويلاه يبني الما حضرته
ولا غسلت جسمه ودفنته
ولذلك جاء في بعض
الروايات أنّه: إذا كان
يوم القيامة تجيء فاطمة
وبيدها اليمنى الحسن
وبيدها اليسرى الحسين
عليهما السلام، وعلى
كتفها الأيمن قميص الحسن
ملطّخ بالسمّ وعلى الأيسر
قميص الحسين عليهما
السلام ملطّخ بالدّم،
فتنادي وتقول: ربّ احكم
بيني وبين قاتلي ولدي.
فيأمر الله الزبانية
فيقول لهم: خذوه فغلّوه،
فسيعلم الذين ظلموا أيّ
منقلب ينقلبون..
لا بُدَّ أنْ تَرِدَ
القِيامَةَ فَاطِمٌ
وَقَمِيصُها بِدَمِ
الحُسينِ مُلَطَّخُ
وَيْلٌ لِمَنْ شُفَعاؤُهُ
خُصَماؤُهُ
وَالصُّورُ فِي حَرِّ
الخَلائِقِ يُنْفَخُ
|