قِفْ بِالطُفُوفِ وَنُحْ
بِقَلْبٍ مُكْمَدِ
وَاسَأَلْ بِها عَنْ
رَكَبِ آلِ مُحَمَّدِ
لَمْ أَنْسَ زَيْنَبَ إذْ
دَعَتْ سُكَّانَها
هَلْ تَعْلَمُونَ
بِجُثَّةِ الظَّامِي
الصَدِي
بِاللهِ هَلْ شِيلَتْ
جَنازَتُهُ التِي
بَقِيَتْ عَلَى حَرِّ
الثَّرى المُتَوَقِدِ
فَيَخالُ لِي أَنَّ
الجَوابَ أَتَى لَها
تِلْكَ القُبورُ
فَأَعْوِلِي وَتَنَهَّدِي
يا عَائِدُونَ بِرأسِ
سِبْطِ مُحَمَّدٍ
كِيْ تُوْدِعُوهُ
وِجِسْمَهُ فِي مَرْقَدِ
مَهْلاً دَعُوهُ يُسائِلُ
الجَسَدَ الَّذِي
فَصَلَتْهُ آلُ أُمَيَّةٍ
بِمُهَنَّدِ
مَاذا جَرَى بَعْدِي
عَلَيْكَ مِنَ العِدا
لَمَّا بَقِيتَ وَأَنْتَ
غَيْرُ مُوَسَّدِ
وَأنا أُخِذْتُ إلى
دِمَشْقَ مَعَ العِدا
وَضُرِبْتُ فِي سَوْطِ
الطَليقِ المُفْسِدِ
وَكَأَنَّما الجَسَدُ
الشَريفُ يُجِيبُهُ
مِنْ بَعْدِ قَطْعِ
الرَأْسِ قَدْ قَطَعُوا
يَدِي
وَغَدَتْ عَلَى صَدْرِي
تَجُولُ خُيُولُهُم
عَمْداً تَرُوحُ إلى
الطِرادِ وَتَغْتَدِي
وَتُرِكْتُ فَوْقَ
الصَّعِيدِ مُجَرَّداً
طاوٍ وَحَرُّ حَشاشَتِي
لَمْ يَبْرُدِ
يا دافِنِي رَأْسَ
الحُسينِ بِقَبْرِهِ
رِفْقاً بِجِسْمٍ
بِالسُّيوفِ مُبَدَّدِ
وَتَرَيَّثُوا حَتَّى
تُقِيمَ مَناحَةً
مِنْ فَوْقِ حُفْرَتِهِ
بَناتُ مُحَمَّدِ
أبوذيّة:
اشكثر قاسيت من هالدهر
مرّه
ولا ثغري بسّم بالفرح
مرّه
يحادي ظعني اعلى احسين
مرّه
نريد انودعه وننصب عزيّه
شعبي:
يخويه امن السبي جينه
ولفيناك
يخويه وللگبر كلنا گصدناك
يخويه ابنفسي أگعد اوياك
يخويه اتيسرت من عقب
عيناك
يخويه اشلون ولية اعداك
يخويه لا كفن لا دفن
عفناك
يخويه اتحيرت والله
ابيتاماك
يخويه كل مرار الگيته
اهناك
يخويه اگبالي اوضربوا
ثناياك
يخويه وينشتم ممدوح
الأملاك
قالوا: لمّا وصلت السبايا
إلى كربلاء توزّعت النساء
على القبور وأخذت كلّ
واحدة تنوح على قبر
قتيلها، وهنا تخيّل كيف
حال بنات رسول الله ونساء
أهل البيت، كلّ واحدة عند
فقيدها..
زينب تصب دمعات العيون
وتصيح يالباللحد مدفون
اگعد وشوف أحوالنه اشلون
وانظر يتاماك الينوحون
بدموع عبره وقلب محزون
وضرب السياط أثّر بالمتون
الرباب أمّ عبد الله
أقبلت والثكل بادٍ عليها
منادية: سيّدي (يا زين
العابدين) أين قبر ولدي
الرضيع؟ دلّني عليه،
فأقبل بها على قبر أبيه
الإمام الحسين عليه
السلام وعيناه تمطران
دموعاً، وقال: ها هنا
دفنت ولدك وأشار إلى جانب
صدر الحسين عليه السلام
على القبر الشريف..
يبني بجاه أبوك بجاه جدّك
يبني تفك باب لحدك
أريد احط خدي اعلى خدك
أخاف تنام الليل وحدك
رملة عند ولدها القاسم:
يبني أرد افكّ گبر النمت
بيه
أو بيك ارد اكلفه او بيك
أوصيه
يا گبر جاسم عينك اعليه
بتراب لحدك لا تغطيه
ما يحمل ابني خاف تاذيه
أمّ كلثوم عند أبي الفضل
العبّاس عليه السلام:
اشلون الثرى تضم جسمك يا
عباس
وانت طودها الشامخ اعلى
النّاس
نور العين والتاج العلى
الراس
تاليها بقبر من غير تكفين
سكنة عند قبر أبيها
الحسين عليه السلام:
هوت سكنه على قبر حسين
تشكي
يا يابه الما كنت ترضى من
ابكي
علمني شگول للناس شحكي
لو گالوا يا سكنه الدللك
وين
لم يجد السجّاد عليه
السلام بُدّاً من الرحيل
من كربلاء إلى المدينة
بعد أن أقام ثلاثة أيّام،
لأنّه رأى عمّاته ونساءه
وصبيته نائحات الليل
والنهار يقمْن من قبر
ويجلسن عند آخر..
فأمر عليّ بن الحسين عليه
السلام بشدّ الرحال
فشدّوها، فصاحت سكينة
بالنساء لتوديع قبر أبيها،
فدرن حول القبر فحضنت
سكينة قبر أبيها وبكت
بكاءً شديداً وحنّت وأنّت
وأنشأت تقول:
ألَا يا كَرْبَلا
نُودِعُكِ جِسْماً
بِلا كَفَنٍ وَلا غُسْلٍ
دَفِينا
ألَا يا كَرْبَلا
نُودِعُكِ رُوحاً
لِأَحْمَدَ وَالوَصِيِّ
مَعَ الأَمِينا
للنسوان من صاحت اسكينه
گومن خلّي انودعه ولينه
تدري بالظعن ناوي المدينه
ويظل والدي بالطف رهينه
يوادي كربلا صاحت حزينه
عنك جسم ابوي امودعينه
ابلا تغسيل برضك دافنينه
وابذاري التراب امخضبينه
عفنه الولي غصبن علينه
وقيل لعليّ بن الحسين
عليهما السلام: دع النساء
تتزوّد من أهلها، فقال:
يا قوم إنّكم لا ترون ما
أرى، إنّي أخشى على عمّتي
زينب أن تموت، إنّها تقوم
من قبر وتجلس عند قبر..
يحسين لو بيدي الأمر كان
إبنيت اعلى گبرك بيت
الأحزان
فگدك تظن خويه عَلَيّ هان
إلك تشتعل بالقلب نيران
يتالي هلي بيك الدهر خان
يا هظمتي او فرحت العدوان
والتفت الإمام زين
العابدين عليه السلام إلى
عمّته زينب عليها السلام
وقال: عمّه زينب قومي
لنركب ونمضي، قالت: إلى
أين يا بن أخي؟ قال: إلى
المدينة، قالت: ومن ذا
بقي لي في المدينة؟!
بعد شلنه يعمه
بالمدينه
وهاي قبور أهلنا يا ولينه
يعمه فراقهم يصعب علينه
غابوا وما بقى منهم بقيّه
يعمّه بالمدينه بعد شلنه
بقت ظلمه وخليّه ديار
اهلنه
نريد بكربلا انگيمه حزنّه
وعلى اگبور الأهل ننصب
عزيّه
(أخي أبا عبد الله، ستبقى
في ذاكرتي، وفي قلبي، لا
تنطفي
نيران
حزني عليك).
ثمّ انفصلوا من كربلاء
طالبين المدينة، قال بشير
بن حذلم فلمّا قربنا منها
نزل عليّ بن الحسين
عليهما السلام فحطّ رحله،
وضرب فسطاطه وأنزل نساءه
وقال: يا بشير! رحم الله
أباك لقد كان شاعراً فهل
تقدر على شيء منه؟ قلت:
بلى يا ابن رسول الله
إنّي لشاعر، قال: فادخل
المدينة وانع أبا عبد
الله، قال بشير: فركبت
فرسي وركضت حتّى دخلت
المدينة فلمّا بلغت مسجد
النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم رفعت صوتي
بالبكاء وأنشأت أقول:
يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا
مُقامَ لَكُمْ بِها
قُتِلَ الحُسَيِنُ
فَأَدْمُعِي مِدْرَارُ
الجِسْمُ مِنْهُ
بِكَرْبَلاءَ مُضَرَّجٌ
وَالرَأْسُ مِنْهُ عَلَى
القَناةِ يُدارُ
قال: ثمّ قلت: هذا عليّ
بن الحسين مع عمّاته
وأخواته قد حلّوا بساحتكم
ونزلوا بفنائكم، وأنا
رسوله إليكم أعرّفكم
مكانه، فما بقيت في
المدينة مخدّرة ولا
محجّبة إلّا برزن من
خدورهنّ مكشوفة شعورهنّ
مخمّشة وجوههنّ، ضاربات
خدودهنّ، يدعون بالويل
والثبور، فلم أرَ باكياً
أكثر من ذلك اليوم ولا
يوماً أمرّ على المسلمين
منه، وسمعت جارية تنوح
على الحسين فتقول:
نَعَى سيِّدي نَاعٍ نَعاهُ
فَأَوْجَع
وَأَمْرَضَنِي نَاعٍ
نَعاهُ فَأَفْجَعا
فَعَيْنَيَّ جُودا
بِالدُّموعِ وَاسْكُبا
وَجُودا بِدَمْعٍ بَعْدَ
دَمْعِكُما مَعا
عَلَى مَنْ دَهَى عَرْشَ
الجَلِيلِ فَزَعْزَعا
فَأَصْبَحَ هَذا المَجْدُ
وَالدِّينُ أَجْدَعا
ثمّ قالت: أيّها الناعي
جدّدت حزننا بأبي عبد
الله وخدشت منّا قروحاً
لمّا تندمل، فمن أنت رحمك
الله؟ فقلت: أنا بشير بن
حذلم وجّهني مولاي عليّ
بن الحسين عليهما الصلاة
والسلام وهو نازل في موضع
كذا وكذا مع عيال أبي عبد
الله ونسائه، قال:
فتركوني مكاني وبادروا
فضربت فرسي حتّى رجعت
إليهم فوجدت النّاس قد
أخذوا الطرق والمواضع
فنزلت عن فرسي وتخطّيت
رقاب النّاس حتّى قربت من
باب الفسطاط وكان عليّ بن
الحسين عليهما السلام
داخلاً ومعه خرقة يمسح
بها دموعه، وخلفه خادم
معه كرسيّ فوضعه له وجلس
عليه، وهو لا يتمالك من
العبرة وارتفعت أصوات
النّاس بالبكاء، وحنين
الجواري والنساء، والنّاس
من كلّ ناحية يعزّونه
فضجّت تلك البقعة ضجّة
شديدة، فأومأ بيده أن:
اسكتوا، فسكنت فورتهم
فقال عليه السلام: "الحمد
لله ربّ العالمين، الرحمن
الرحيم، مالك يوم الدين،
بارئ الخلائق أجمعين الذي
بعد فارتفع في السماوات
العلى، وقرب فشهد النجوى،
نحمده على عظائم الأمور،
وفجائع الدهور، وألم
الفجائع، ومضاضة اللواذع،
وجليل الرزء وعظيم
المصائب الفاضعة، الكاظّة
الفادحة الجائحة، أيّها
النّاس إنّ الله وله
الحمد ابتلانا بمصائب
جليلة، وثلمة في الإسلام
عظيمة، قتل أبو عبد الله
وعترته، وسبي نساؤه
وصبيته، وداروا برأسه في
البلدان من فوق عامل
السنان، وهذه الرزيّة
التي لا مثلها رزيّة،
أيّها النّاس! فأيّ
رجالات منكم يسرّون بعد
قتله؟ أم أيّة عين منكم
تحبس دمعها وتضنّ عن
انهمالها، فلقد بكت السبع
الشداد لقتله، وبكت
البحار بأمواجها
والسماوات بأركانها،
والأرض بأرجائها،
والأشجار بأغصانها،
والحيتان ولجج البحار
والملائكة المقرّبون،
وأهل السماوات أجمعون؟،
أيّها النّاس! أيّ قلب لا
ينصدع لقتله، أم أيّ فؤاد
لا يحنّ إليه، أم أيّ سمع
يسمع هذه الثلمة التي
ثلمت في الإسلام؟، أيّها
النّاس أصبحنا مطرودين
مشردين مذودين شاسعين عن
الأمصار كأنّا أولاد ترك
وكابل، من غير جرم
اجترمناه، ولا مكروه
ارتكبناه، ولا ثلمة في
الإسلام ثلمناها، ما
سمعنا بهذا في آبائنا
الأولين، إن هذا إلّا
اختلاق، والله لو أنّ
النَّبيَّ تقدّم إليهم في
قتالنا كما تقدّم إليهم
في الوصاءة بنا لما
ازدادوا على ما فعلوا بنا،
فإنّا لله وإنّا إليه
راجعون، من
مصيبة ما أعظمها،
وأوجعها وأفجعها، وأكظّها،
وأفظّها، وأمرّها،
وأفدحها؟ فعند الله نحتسب
فيما أصابنا وما بلغ بنا
إنّه عزيز ذو انتقام".
يا مُصاباً زَلْزَلَ
السَّبْعَ العُلَى
وَلَهُ الكَوْنُ بَحُزْنٍ
أَعْوَلا
وَنَجيعُ الدَّمْعِ نَادى
قائِلاً
كَرْبَلا لا زِلْتِ
كَرْباً وَبَلا
مَا لَقِي عِنْدَكِ آلُ
المُصْطَفَى
|