هَذِهِ دَارُهُمْ تُهِيجُ
شُجُونِي
كَيْفَ حَبْسُ الدُّموعِ
بَيْنَ الجُفُونِ
جُودِي بِالدَّمْعِ فَوْقَ
خَدِّي جُودِي
هَذِهِ دَارُ صَحْبِنا يا
عُيونِي
وَدَّعُونِي وَأَوْدَعُوا
السَّهْمَ قَلْبِي
لَيْتَنِي ما بَقِيتُ مُذْ
وَدَّعُونِي
أَيُّها الّلائِمُونَ
كُفُّوا وَلَكِنْ
بِمُصابِ ابنِ فَاطِمٍ
ذَكِّرُونِي
تِلْكَ ذِكْرَى بِها
تَهُونُ الرَزايا
وَهيَ مِنْ أُمَّهاتِ
رَيْبِ المَنُونِ
تَرَكَتْ زَيْنَباً
تُنادِي حُسيْناً
يا ابنَ أُمِّي
وَوَالِدِي رَوَّعُونِي
غَيَّرَتْنِي مَصائِبُ
الطَّفِّ حَتَّى
أَنَّ مَنْ يَعْرِفُونِي
لَمْ يَعْرِفُونِي
صِرْتُ أَدْعُو بَيْنَ
العِدَى يا حُماتِي
وَهُم رَاقِدُونَ ما
سَمْعُونِي
لَيْتَهُم شَاهَدوا عَنايَ
وَذُلِّي
وَسِياطَ القُساةِ فَوْقَ
مُتُونِي
كُنْتُ ما
بَيْنَهُم
جَلِيلَةَ قَدْرٍ
لَكِنْ اليَوْمَ
فِي السِّبا
تَرَكُونِي
فإِذا ما نَدَبْتُ
جَدَّاً وَعَمَّاً
وَأَباً فِي
سِياطِهِمْ
ضَرَبُونِي
أبوذيّة:
دمعتي احمرّت
ابعيني ولا جيت
على الهامت بوادي
الطف ولا جيت
تصيح اعتب يبو
الغيرة ولا جيت
تحاميني وترد
اخيول اميّه
شعبي:
يا دارهم وين
الميامين
العباس وينه ووين
الحسين
يا دراهم كنتِ
زهيّه
وكانت قناديلك
مضيّه
راحوا هلي من بين
ايديّه
وظلّيت حرمه
وأجنبيّه
ما كنّي ذيك
الهاشميّه
عمّت عليّه
الغاضريّه
يا دمعتي ظلّي
جريّه
ما حال بنات رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
لمّا دخلن إلى المدينة
وتذكّرنّ ذلك العزّ الذي
خرجن به يوم خروج الحسين
عليه السلام منها..
أمّا أمّ كلثوم فجعلت
تبكي وتقول:
مَدِينَةَ جَدِّنا لا
تَقْبَلِينا
فَبِالحَسَراتِ
وَالأَحْزانِ جِينا
خَرَجْنا مِنْكِ
بِالأَهْلِينَ جَمْعاً
رَجَعْنا لا رِجالَ وَلا
بَنِينا
وَكُنَّا فِي الخُروجِ
بِجَمْعِ شَمْلٍ
رَجَعْنا حَاسِرينَ
مُسَلَّبِينا
وَمَوْلانا الحُسينُ لَنا
أَنِيسٌ
رَجَعْنا وَالحُسينُ بِهِ
دُهِينا
فَنَحْنُ الضَّائِعاتُ
بِلا كَفِيلٍ
وَنَحْنُ النَّائِحاتُ
عَلَى أَخِينا
أَلَا فَأَخْبِرْ رَسُولَ
اللهِ عَنَّا
بَأَنَّا قَدْ فُجِعْنا
فِي أَبِينا
وَإنَّ رِجَالَنا
بِالطَّفِّ صَرْعَى
بِلا رُؤوسٍ وَقَدْ
ذَبَحُوا البَنِينا
وَأَخْبِرْ جَدَّنا
أَنَّا أُسِرْنا
وَبَعْدَ الأَسْرِ يا جَدُّ
سُبِينا
وَرَهْطُكَ يا رَسُولَ
اللهِ أَضْحَوا
عَرايا بِالطُّفُوفِ
مُسَلَّبِينا
وَقَدْ ذَبَحُوا الحُسينَ
وَلَمْ يُراعُوا
جَنابَكَ يا رَسُولَ اللهِ
فِينا
فَلَوْ نَظَرَتْ عُيُونُكَ
لِلأُسارَى
عَلَى أَقْتَابِ الجِمالِ
مُحَمَّلِينا
رَسُولَ اللهِ بَعْدَ
الصَّوْنِ صَارَتْ
عُيُونُ النَّاسِ
نَاظِرَةٌ إِلَيْنا
وَكُنْتَ تَحُوطُنا
حَتَّى تَوَلَّتْ
عُيُونُكَ ثَارَتْ
الأَعْدا عَلَيْنا
ثمّ توجّهت إلى الزهراء
عليها السلام:
أَفاطِمُ لَوْ نَظَرْتِ
إلى السَبايا
بَناتِكِ فِي البِلادِ
مُشَتَّتِينا
أَفاطِمُ لَوْ نَظَرْتِ
إلى الحَيارَى
وَلَوْ أَبْصَرْتِ زَيْنَ
العابِدِينا
فَلَوْ دَامَتْ حَياتُكِ
لَمْ تَزالِي
إلى يَوْمِ القِيامَةِ
تَنْدُبِينا
وبعد أن وصل موكب السبايا
إلى المدينة، دخلت
العلويّات تتقدّمهنّ
العقيلة زينب، حيث توجّهت
إلى قبر جدّها رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
، وأخذت بعضادتي باب
المسجد وصاحت: يا جدّاه
إنّي ناعية إليك أخي
الحسين..
يجدي گوم شوف احسين
مذبوح
على الشاطي وعلى التربان
مطروح
يجدي من الطعن ما بگت بيه
روح
يجدي من العطش قلبه تفطّر
يجدي مات محّد وگف دونه
ولا نغّار غمضله اعيونه
يعالج بالشمس منخطف لونه
ولا واحد ابحلگه ماي گطّر
وصاحت سكينة: يا جدّاه
إليك المشتكى ممّا جرى
علينا فوالله ما رأيت
أقسى من يزيد ولا رأيت
كافراً ولا مشركاً شرّاً
منه ولا أجفى وأغلظ، فلقد
كان يقرع ثغر أبي بمخصرته
وهو يقول: كيف رأيت الضرب
يا حسين!
يجدي اعزيزكم منحور نحره
اولعبت خيل عدوانه اعلى
صدره
يجدي وهشّمت العدوان
ظهره
ولا مفصل ابجسمه موش
مكسور
وأقبل عليّ بن الحسين
عليهما السلام إلى قبر
جدّه ومرّغ خدّيه وبكى
وأنشد يقول:
أُناجِيكَ يا جَدَّاهُ يا
خَيْرَ مُرْسَلٍ
حَبِيبُكَ مَقْتُولٌ
وَنَسْلُكَ ضَائِعُ
أُناجِيكَ مَحْزوناً
عَلَيْكَ مُؤَجَّلاً
أَسِيراً وَمالِي حَامِياً
وَمُدافِعُ
سُبِينا كَما تُسْبَى
الإِماءُ وَمَسَّنا
مِنَ الضُّرِّ ما لا
تَحْتَمْلُهُ الأَضائِعُ
أَيا جَدُّ يا جَدَّاهُ
بَعْدَكَ أَظْهَرَتْ
أُمَيَّةُ فِينا مُكْرَهاً
وَالشَّنائِعُ
فضجّ النّاس بالبكاء
والنحيب وهم يندبون
ويصرخون: وا محمّداه وا
عليّاه وا حسناه وا
حسيناه..
لكن ما هي حالة رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
عند هذا النعي؟! لعلّ إلى
هذا يشير حجّة آل محمّد
صلى الله عليه وآله وسلم
في زيارة الناحية
المقدّسة:
"فقام ناعيك عند قبر جدّك
الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم، فنعاك إليه
بالدمع الهطول، قائلاً:
يا رسول الله قتل سبطك
وفتاك، واستبيح أهلك
وحماك، وسبيت بعدك ذراريك،
ووقع المحذور بعترتك
وذويك. فانزعج الرسول
وبكى قلبه المهول، وعزّاه
بك الملائكة والأنبياء،
وفجعت بك أمّك الزهراء،
واختلفت جنود الملائكة
المقرّبين، تعزّي أباك
أمير المؤمنين، وأقيمت لك
المآتم في أعلى عليّين،
ولطمت عليك الحور العين،
وبكت السماء وسكانها،
والجنان
وخزّانها، والهضاب
وأقطارها، والبحار
وحيتانها، ومكّة وبنيانها،
والجنان وولدانها، والبيت
والمقام، والمشعر الحرام،
والحلّ والإحرام..".
وأمّا الرباب عزيزة
الحسين عليه السلام ،
التي يقول فيها وفي ابنته
سكينة:
لَعَمْرِكَ إِنَّنِي
لَأُحِبُّ دَاراً
تَكُونُ بِها سُكَيْنَةُ
وَالرَبابُ
أُحِبُّهُما وَأَبْذُلُ
جُلَّ مَالِي
وَلَيْسَ لِعاتِبٍ
عِنْدِي عِتابُ
فلمّا رجعت إلى المدينة
أقامت فيها لا تهدأ ليلاً
ولا نهاراً من البكاء على
الحسين ولم تستظلّ تحت
سقف حتّى ماتت بعد قتله
كمداً سنة 62 ه.
كانت إذا بزغت الشمس تأتي
بابنتها سكينة وتجلس معها
تحت الشمس وكانت الحوراء
زينب عليها السلام تأتي
إليها وتقول لها: رباب
قومي عن حرارة الشمس،
فتقول لها: سيّدتي زينب
لا تلوميني إنّي نظرت إلى
بدن العزيز أبي عبد الله
تصهره الشمس على رمضاء
كربلاء...
يزينب لا تلوميني على
النوح
شفت جسم الولي بالشمس
مطروح
واعلى الگاع دم اتصبّ
الجروح
وصدره ابخيل اميّه
امهشمينه
وكانت تجلس معها ابنتها
سكينة فتخاطبها: بنيّة
سكينة أين أبوك الحسين؟
فيعلو منها البكاء ثمّ
تقول:
وَا حُسَيْناً فَلا
نَسِيتُ حُسَيْناً
تَرَكُوهُ عَارٍ عَلَى
الرَمْضاءِ
وَا حُسَيْناً فَلا
نَسِيتُ حُسَيْناً
خَضَّبُوا شَيْبَهُ
بِفَيْضِ الدِّماءِ
وبكت على الحسين عليه
السلام حتّى جفّت دموعها،
فصنعوا لها السويق
لاستدرار الدمع..
وخطبها رجل من بعض
الأشراف، فأبت وقالت: ما
كنت لأتّخذ حِماً بعد
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم.
ولم يسمع واعية مثل واعية
بني هاشم في دورهم على
الحسين بن عليّ عليهما
السلام، وخرجت أمّ لقمان
بنت عقيل بن أبي طالب حين
سمعت بنعي الحسين عليه
السلام ومعها أخواتها أمّ
هاني وأسماء ورملة وزينب
بنت عقيل بن أبي طالب
تبكي قتلاها بالطفّ، حتّى
انتهت إلى قبر النبي صلى
الله عليه وآله وسلم
فلاذت به وشهقت عنده، ثمّ
التفتت إلى المهاجرين
والأنصار وهي تقول:
مَاذا تَقُولُونَ إِنْ
قَالَ النَّبِيُّ لَكُم
مَاذا فَعَلْتُمْ
وَأَنْتُمْ آخِرُ الأُمَمِ
بِعِتْرَتِي وَبِأَهْلِي
بَعْدَ مُفْتَقَدِي
مِنْهُم أُسارَى
وَمِنْهُم ضُرِّجُوا
بِدَمِ
مَا كانَ هَذا جَزَايَ
إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ
أَنْ تَخْلِفُونِي بِسُوءٍ
فِي ذَوِي رَحِمِ
وسمع أهل المدينة في جوف
الليل منادياً ينادي
يسمعون صوته، ولا يرون
شخصه:
أَيُّها القَاتِلُونَ
ظُلْماً حُسَيْناً
أَبْشِرُوا بِالعَذَابِ
وَالتَنْكِيلِ
كُلُّ أَهْلِ السَّماءِ
يَدْعُو عَلَيْكُم
مِنْ نَبِيٍّ وَمَلِكٍ
وَقَبِيلِ
لَقَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى
لِسانِ ابنِ دَاوُدَ
وَمُوسَى وَعِيسَى صَاحِبِ
الإِنْجِيلِ
وزينب عليها السلام لا
تجفّ لها عبرة ولا تفتر
من البكاء والنحيب،
وكلّما نظرت إلى عليّ بن
الحسين عليهما السلام
تجدّد حزنها وزاد وجدها..
كلما تشوفه عمّته يكثر
حزنها
واتگوم تبكي وتنتحب ويهل
دمعها
تذكر مصايب كربلا والمشت
عنهاذيك العشيرة الگضت
بين سيوف اميّه
يا غَائِباً عَنْ أَهْلِهِ
أَتَعُودُ أَمْ
تَبْقَى إلى يَوْمِ
المَعادِ مُغَيَّبا
يا لَيْتَ غَائِبَنا
يَعودُ لِأَهْلِهِ
فَنقُولُ أَهْلاً
بِالحَبِيبِ وَمَرْحَبا
لَوْ كَانَ مَجْرُوحاً
لَعُولِجَ جُرْحُهُ
كَيْفَ العِلاجُ وَنُورُ
بَهْجَتِهِ خَبا
|