وأعظَمُ خَطْبٍ زَلزَلَ
الكوْنَ شَجْوُهُ
وَدَكَّ الرَواسي فَهِيَ
مِنهُ رِمامُ
هُجومُ العِدى بَغْياً
على حُجُبِ أحمَدٍ
ولمْ تُرْعَ فيها لِلنَبيِّ
ذِمامُ
فَبيْنا بَناتُ الوَحي في
الخِدْرِ إذْ بِها
أَحاطَتْ لِسَلْبِ
الطَّاهِراتِ لِئامُ
فَفَرَّتْ منَ الأَعداءِ
حَسْرى مَرُوعَةً
لَها الصَّونُ سِتْرٌ
والعَفافُ لِثامُ
تُجيلُ بِطَرْفٍ لِلحُماةِ
فَلا تَرى
سِوَى جُثَثٍ قَدْ
غالَهُنَّ حِمامُ
وَنادَتْ وَقدْ عَضَّ
المُصابُ فُؤادَها
وَشَبَّ لَها بينَ
الضُّلوعِ ضِرامُ
أَيا سَائِقَ الأَضْعانِ
قِفْ لي هُنَيْئَةً
فَها إِخْوَتِي فَوْقَ
الصَّعيدِ نِيامُ
أُغَسِّلُ أَجْسَاداً
لَهُم بِمَدامِعٍ
أُكَفْكِفُها بِالرَّاحِ
وَهيَ سِجامُ
فَمَرُّوا بِها
وِالهاشِمِيُّونَ
كُلُّهُم
ضَحايا عَلى شَاطِي
الفُراتِ نِيامُ
فَنادَتْهُمُ قُومُوا
عُجالاً فَما العَرى
بِدارٍ وَلا هَذا المُقامُ
مَقامُ
فَماجَتْ على وَجْهِ
الصَّعيدِ جُسُومُهُمْ
وَلَوْ أَذِنَ اللهُ
القِيامَ لَقامُوا
أبوذيّة:
حدا حادي الفلا بركبه
وظعنه
الدهر من عقب رفعتنه
وظعنه
تسلّبنا وتيسّرنا وظعنه
بعد عبّاس حماي الحميّه
شعبي:
يحادي الركب گلّي وين
تردون
على جثة ولينه ما تمرّون
يحادي الركب لا تبخل
علينه
تمر بينه على عزنه وولينه
يمّه تگعد سويعه سكينه
تشمّه وتلثم جروحه
وتشيلون
مر بينه نودّع حسين ساعه
يسر قبلي ويرد روحي وداعه
مهو حسين الكسر قلبي
وراعه
وخلّه القلب طول الدهر
محزون
لمّا مرّوا بالنساء على
أرض المعركة، أرادت زينب
عليها السلام أن ترمي
بنفسها من على ظهر
النّاقة، فناداها السجّاد
عليه السلام: عمّة ارحمي
حالي، ارحمي ضعف بدني إذا
رميت بنفسك من يركّبك
وأنا مقيّد؟ قالت: يا بن
أخي أريد أن أودّع أخي
الحسين عليه السلام ،
فقال لها: عمّة ودّعي
أخاك وأنت على ظهر
النّاقة، فجعلت تنادي:
أودعتك الله السميع
العليم، يا بن أمّ، أخي
لقد جاؤنا بالنّياق
مهزولة لا موطّأة ولا
مرحولة، والله لو خيّروني
بين المقام عندك أو
الرحيل عنك، لاخترت
المقام عندك ولو أنّ
السباع تأكل لحمي..ولكن
هذه نياق الرحيل تجاذبنا
بالمسير..
اشلون أمشي وخلّي حسين
وحده
طريح ويابس من العطش كبده
يا ريت خدي معفّر دون
خدّه
وقلبي دون قلبه كان مطعون
ودعتك الله يا ذبيح الما
شرب ماي
وعنك ينور العين سافرت
بيتاماي
يا مقطع الأوصال لو يحصل
على هواي
ما فارقت جسمك يبو روح
الحنينه
ودعتك الله سفرتي صعبة
وطويلة
يحجاب عزّي ناقتي عجفه
وهزيله
ما بقى منكم واحد يخوتي
اشتكيله
بس العليل وفوق ناقه
مقيدينه
وأمّا الإمام زين
العابدين فروي عنه أنّه
قال:
" إنّه لمّا أصابنا بالطفّ
ما أصابنا، وقتل أبي عليه
السلام، وقتل من كان معه
من ولده وإخوته وساير
أهله، وحملت حرمه ونساؤه
على الأقتاب يراد بنا
الكوفة، فجعلت أنظر إليهم
صرعى، ولم يواروا، فيعظم
ذلك في صدري، ويشتدّ لمّا
أرى منهم قلقي فكادت نفسي
تخرج، وتبيّنت ذلك منّي
عمّتي زينب بنت عليّ
الكبرى، فقالت: مالي أراك
تجود بنفسك يا بقيّة جدّي
وأبي وإخوتي؟ فقلت: وكيف
لا أجزع ولا أهلع، وقد
أرى سيّدي وإخوتي وعمومتي
وولد عمّي وأهلي مصرّعين
بدمائهم مرمّلين بالعراء،
مسلّبين لا يكفّنون ولا
يوارون، ولا يعرج عليهم
أحد، ولا يقربهم بشر،
كأنّهم أهل بيت من الديلم
والخزر.
(فأخذت تسكّنه وتسلّيه)
فقالت: لا يجزعنّك ما
ترى، فوالله إنّ ذلك لعهد
من رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم
إلى جدّك وأبيك وعمّك،
ولقد أخذ الله ميثاق أناس
من هذه الأمّة لا تعرفهم
فراعنة هذه الأرض، وهم
معروفون في أهل السماوات
أنّهم يجمعون هذه الأعضاء
المتفرّقة فيوارونها،
وهذه الجسوم المضرّجة
وينصبون لهذا الطفّ علماً
لقبر أبيك سيّد الشهداء
عليه السلام لا يدرس أثره،
ولا يعفو رسمه، على كرور
اللّيالي والأيّام،
وليجتهدنّ أئمّة الكفر
وأشياع الضلالة في محوه
وتطميسه فلا يزداد أثره
إلّا ظهورا وأمره إلّا
علوّاً..".
حيّرني الدهر بحسين
وعليَّ ثقل همّه
لا أگدر أعوفنّه
ولا أگدر أظل يمّه
شلون امشي وخلي حسين
جسمه موسّد الغبره
بحر الشمس عاري
ودمه يسيل من نحره
يا هو يغسله خلافي
ويا هو ينزله بقبره
ويا هو يوسده بلحده
ويشيل سهم البكبده
وأمّا أمّ كلثوم فلمّا
نظرت إلى أخيها الحسين
عليه السلام ، وقعت على
الأرض وحضنت جسده، وهي
تقول ببكاء وعويل: يا
رسول الله انظر إلى جسد
ولدك ملقىً على الأرض
بغير غسل، وكفنه الرمل
السافي عليه، وغسله دمه
الجاري من وريديه، وهؤلاء
أهل بيته يساقون أسارى في
سبي الذلّ، ليس لهم محامٍ
يمانع عنهم، ورؤوس أولاده
مع رأسه الشريف على
الرماح كالأقمار..
يحادي الظعن بالله الظعن
وانه
ما تسمع ولينه كثر وانه
يظل عاري على التربان
وانه
أروح ابيسر للطاغي هديّه
وهكذا وقعن النسوة على
مصارع قتلاهنّ ينحن
ويبكين ويندبن وأطلن
المقام والنياحة على جسوم
القتلى، فأتاهن زجر بن
قيس وصاح بهن، فلم يقمن،
فأخذ يضربهنّ بالسوط،
واجتمع عليهن النّاس حتّى
أركبوهنّ على الجمال قهراً..
وسيّروا النسوة إلى
الكوفة سبايا على أقتاب
المطايا، وهم على تلك
الحالة التي ينكسر لها
القلب ويدمى لها الحشا..
لكن زينب عليها السلام
تنظر بعينها وتودّع
كربلاء، تترك أحبّتها على
الثرى، أجساداً بلا رؤوس،
وتفارق معهم جسد أخيها
الحسين عليه السلام..
أنا لو ينشرى الموت
اشتريته
أنا مشيت درب الما مشيته
وذبّاح اخيي رافقيته
شتم والدي وانكر وصيته
خرجت من كربلاء وقلبها
نصفان، نصف بقي مع جسده
الملقى بالعراء، ونصف مع
رأسه الذي سبقها إلى
الكوفة، ولم تَرَ وجه
أخيها منذ ليلتين..
خرج الركب من كربلاء
وأدخلوه إلى الكوفة، زينب
عليها السلام تنظر، وإذا
بضجّة قد ارتفعت، فإذا هم
أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس
الحسين عليه السلام وهو
رأس زهريّ قمريّ أشبه
الخلق برسول الله صلى
الله عليه وآله، ووجهه
دارة قمر طالع والرمح
تلعب بها يميناً وشمالاً،
فالتفتت زينب فرأت رأس
أخيها فضربت جبينها
بمقدّم المحمل، حتّى
رأينا الدم يخرج من تحت
قناعها، وأومأت إليه
بحرقة وجعلت تقول:
يا هِلالاً لَمّا
اسْتَتَمَّ كَمالا
غَالَهُ خَسْفُهُ
فَأَبْدَى غُروبا
مَا تَوَهَّمْتُ يا
شَقِيقَ فُؤادِي
كانَ هَذا مُقَدَّراً
مَكتُوبا
|