ما إِنْ بَقِيتَ مِنَ
الهَوانِ عَلى الثَّرى
مُلْقىً ثَلاثاً
فِي رُباً وَوِهادِ
لَكِن لِكَي تَقْضِي
عَليكَ صَلاتَها
زُمَرُ المَلائِكِ فَوْقَ
سَبْعِ شِدادِ
لَهْفِي لِرَأْسِكَ وَهوَ
يُرْفَعُ مُشرِقاً
كَالبَدْرِ فَوْقَ
الذَّابِلِ المَيَّادِ
يَتْلُو الكِتابَ وَما
سَمِعْتُ بَواعِظٍ
اتَّخَذَ القَنا بَدَلاً
عَنِ الأَعْوادِ
لَهْفِي عَلى الصَّدْرِ
المُعَظَّمِ يَشْتَكِي
مِنَ بَعْدِ رَشْقِ
النَّبْلِ رَضَّ جِيادِ
وَالَهْفَتاهُ عَلى
خُزَانَةِ عِلْمِكَ
السَجَّادِ وَهوَ يُقادُ
بِالأَصْفادِ
بَادِي الضَّنا يَشْكُو
عَلى عَاري المَطَى
عَضَّ القُّيودِ ونَهْشَةَ
الأَقْتادِ
ما لِي أَراكَ وَدَمْعُ
عَيْنِكَ جَامِدٌ
أَوَ ما سَمِعْتَ
بِمِحْنَةِ السَجّادِ
وَيَصيحُ وَا جَدَّاهُ
أَيْنَ عَشِيرَتِي
وَسُراةُ قَوْمِي أيْنَ
أَهْلُ وِدادِي
مِنْهُمْ خَلَتْ تِلْكَ
الدِّيارُ وَبَعْدَهُم
نَعَبَ الغُرابُ
بِفِرْقَةٍ وَبُعادِ
أبوذيّة:
المرض والقيد للسجاد
باريه
يصد شمر وزجر للظعن باريه
راس الدين من الجسد باريه
ابراس الرمح راس ابن
الزكيّه
شعبي:
گضوا بالطف قتل قومه
وعمامه
اوظلوا عالترب صرعه
ونيامه
بس ظلّت حرم تبكي ويتامه
على اظهور الهزل
ومسلّبيها
الله يساعد السجّاد صبره
مريض ومنحني من القيد
ظهره
يشوف الحرم فوق النوق
يسره
وعن وجوهها تستر بديها
ما تدري يخويه اشلون حالي
اشحال الغريبه بغير والي
براس الرمح راسك اگبالي
كلمن شاف ذل حالي بكا لي
عن مسلم الجصّاص قال:
دعاني ابن زياد لإصلاح
دار الإمارة بالكوفة،
فبينما أنا أجصّص الأبواب
وإذا أنا بالزعقات قد
ارتفعت من جنبات الكوفة،
فأقبلت على خادم كان معنا
فقلت: مالي أرى الكوفة
تضجّ؟ قال: الساعة أتوا
برأس خارجيّ خرج على يزيد،
فقلت: من هذا الخارجيّ؟
فقال: الحسين بن عليّ
عليهما السلام قال: فتركت
الخادم حتّى خرج ولطمت
وجهي حتّى خشيت على عيني
أن يذهب، وغسلت يدي من
الجصّ وخرجت من ظهر القصر
وأتيت إلى الكنّاس فبينما
أنا واقف والنّاس
يتوقّعون وصول السبايا
والرؤوس إذ قد أقبلت نحو
أربعين شقّة تحمل على
أربعين جملاً فيها الحرم
والنساء وأولاد فاطمة
عليها السلام وإذا بعليّ
بن الحسين عليهما السلام
على بعير بغير وطاء،
وأوداجه تشخب دماً، وهو
مع ذلك يبكي ويقول:
يا أُمَّةَ السَوْءِ لا
سَقْياً لِرَبْعِكُمُ
يا أُمَّةً لَمْ تُراعِ
جَدَّنا فِينا
لَوْ أَنَّنا وَرسولُ
اللهِ يَجْمَعُنا
يَوْمَ القِيامَةِ ما
كُنْتُم تَقولُونا
تُسَيِّرونا عَلى
الأَقْتابِ عَارِيَةً
كَأَنَّنا لَمْ نُشَيِّدْ
فِيكمُ دِينا
تُصَفِّقُونَ عَلَيْنا
كَفَّكُم فَرَحاً
وَأَنْتُمُ فِي فِجَاجِ
الأَرْضِ تَسْبُونا
قال: وصار أهل الكوفة
يناولون الأطفال الذين
على المحامل
بعض التمر والخبز والجوز،
فصاحت بهم أمّ كلثوم
وقالت: يا أهل الكوفة إنّ
الصدقة علينا حرام، وصارت
تأخذ ذلك من أيدي الأطفال
وأفواههم وترمي به إلى
الأرض..
تتصدق الوادم علينه
وعطايا الخلق كلها من
ادينه
ما خاب ظنه اليعتنينه
يظل كل سنه يروح ويجينه
قال كلّ ذلك والنّاس
يبكون على ما أصابهم..
وكان النّاس يتفرّجون على
بنات رسول الله، فصاحت
بهم أمّ كلثوم: يا أهل
الكوفة، غضّوا أبصاركم
عنّا أما تستحون من الله
ورسوله أن تنظروا إلى حرم
رسول الله!
اشمال النّاس تتفرج علينه
عمت عينه اليصد بالعين
لينه
يخسه الگال لن غايب ولينه
وراسه اعلى الرمح لينه
ايتفكر
وخطبت أمّ كلثوم بنت عليّ
عليه السلام في ذلك اليوم
من وراء كلّتها، رافعة
صوتها بالبكاء، فقالت: يا
أهل الكوفة سوأة لكم،
مالكم خذلتم حسيناً
وقتلتموه وانتهبتم أمواله
وورثتموه، وسبيتم نساءه
ونكبتموه، فتبّاً لكم
وسحقاً، ويلكم أتدرون أيّ
دواه دهتكم؟
وأيّ وزر على ظهوركم
حملتم؟ وأيّ دماء
سفكتموها؟ وأيّ كريمة
أصبتموها؟ وأيّ صبية
سلبتموها، وأيّ أموال
انتهبتموها؟ قتلتم خير
رجالات بعد النبيّ، ونزعت
الرحمة من قلوبكم ألّا إنّ
حزب الله هم الفائزون،
وحزب الشيطان هم الخاسرون..
فضجّ النّاس بالبكاء،
والحنين والنوح، ووضعن
التراب على رؤوسهنّ،
وخمشن وجوههنّ، وضربن
خدودهنّ، ودعون بالويل
والثبور، وبكى الرجال،
فلم يُرَ باكية وباك أكثر
من ذلك اليوم..
وعن حذلم بن ستير، قال:
قدمت الكوفة في المحرّم
من سنة إحدى وستّين،
مُنصرَف عليّ بن الحسين
عليهما السلام بالنسوة من
كربلاء ومعهم الأجناد
يحيطون بهم، وقد خرج
النّاس للنظر إليهم،
فلمّا أقبل بهم على
الجمال بغير وطاء جعل
نساء الكوفة يبكين،
ويلتدمن1،
فسمعت عليّ بن الحسين
عليه السلام وهو يقول
بصوت ضئيل، وقد نهكته
العلّة، وفي عنقه الجامعة،
ويده مغلولة إلى عنقه: إنّ
هؤلاء النسوة يبكين، فمن
قتلنا؟!
قال الراوي: ثمّ إنّ زين
العابدين عليه السلام
أومأ إلى النّاس أن
اسكتوا فسكتوا، فقام
قائماً فحمد الله وأثنى
عليه وذكر النبيّ وصلّى
عليه، ثمّ قال: أيّها
النّاس، من عرفني فقد
عرفني، ومن
ومن لم يعرفني فأنا عليّ
بن الحسين بن عليّ بن أبي
طالب صلوات الله عليهم،
أنا ابن المذبوح بشطّ
الفرات، من غير ذحل ولا
ترات، أنا ابن من انتهك
حريمه وسلب نعيمه، وانتهب
ماله، وسبي عياله، أنا
ابن من قتل صبراً وكفى
بذلك فخراً.
أيّها النّاس!..بأيّة عين
تنظرون إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله إذ يقول
لكم: " قتلتم عترتي
وانتهكتم حرمتي، فلستم من
أمّتي" ؟ قال: فارتفعت
أصوات النّاس من كلّ
ناحية، ويقول بعضهم لبعض:
هلكتم وما تعلمون؟..
ثمّ جعلوا يطلبون من
الإمام أن يكونوا سلماً
لمن سالمه وحرباً لمن
حاربه، فرفض الإمام ذلك،
وقال: هيهات هيهات.. فإنّ
الجرح لمّا يندمل، قتل
أبي صلوات الله عليه
بالأمس وأهل بيته معه،
ولم ينسنِ ثكل رسول الله
وثكل أبي وبني أبي، ووجده
بين لهاتي2،
ومرارته بين حناجري وحلقي،
وغصصه يجري في فراش صدري
ومسألتي أن لا تكونوا لنا
ولا علينا..ثمّ قال:
لا غَرْوَ إِنْ قُتِلَ
الحُسينُ فَشَيْخُهُ
قَدْ كانَ خَيْراً مِنْ
حُسينٍ وَأَكْرَما
فلا تَفْرَحُوا يا أَهْلَ
كُوفَانَ بِالَّذي
أصاب حُسيناً كانَ ذلكَ
أَعْظَم
قَتيلٌ بِشَطِّ
النَّهْرِ رُوحي فِداؤُهُ
جَزاءُ الَّذي أَرْداهُ
نَارُ جَهَنَّما
قال الراوي: ورأيت زينب
بنت عليّ عليهما السلام
ولم أرَ خفرة قطّ أنطق
منها، كأنّها تفرغ عن
لسان أمير المؤمنين عليه
السلام. قال: وقد أومأت
إلى النّاس أن اسكتوا،
فارتدّت الأنفاس، وسكنت
الأصوات، فقالت:"الحمد
لله، والصلاة على أبي
رسول الله صلى الله عليه
وآله. أمّا بعد: يا أهل
الكوفة، ويا أهل الختل
والخذل، فلا رقأت العبرة
ولا هدأت الرنّة، فإنّما
مثلكم كمثل التي نقضت
غزلها من بعد قوة أنكاثا...
إلى أن قالت: أتبكون! إيّ
والله فابكوا كثيراً
واضحكوا قليلاً، ولقد
فزتم بعارها وشنارها، ولن
تغسلوا دنسها عنكم
أبداً..ويلكم! أتدرون أيّ
كبد لمحمّد فريتم، وأيّ
دم له سفكتم، وأيّ كريمة
له أصبتم، لقد جئتم شيئا
إدّا تكاد السماوات
يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض
وتخرّ الجبال هدّاً".
إلى أن انتهت من خطبتها
وسكتت، قال الراوي: فرأيت
النّاس حيارى، قد ردّوا
أيديهم في أفواههم، ورأيت
شيخاً قد بكى حتّى اخضلّت
لحيته، ويده مرفوعة إلى
السماء، وهو يقول: بأبي
وأمّي كهولهم خير الكهول،
وشبابهم خير شباب، ونسلهم
نسل كريم، وفضلهم فضل
عظيم، ثمّ أنشد شعراً:
كُهُولُهُم خَيْرُ
الكُهُولِ وَنَسْلُهُم
إِذا عُدَّ نَسْلٌ لا
يَبورُ وَلا يَخْزَى
فقال عليّ بن الحسين
عليهما السلام : يا عمّة
اسكتي ففي الباقي من
الماضي اعتبار، وأنت بحمد
الله عالمة غير معلّمة،
فهمة غير مفهّمة، إنّ
البكاء والحنين لا يردّان
من قد أباده الدهر، فسكتت،
ثمّ نزل عليه السلام وضرب
فسطاطه وأنزل نساءه ودخل
الفسطاط..
كنت ما ينسمع يا ناس صوتي
عقيله امخدّره ومرفوع
صيتي
عالي المجد بين النّاس
بيتي
تاليها بأسر ما بين غدّر
لا تَبْزَغِي يا شَمْسُ
مِنْ أُفُقٍ حَياً
مِنْ زَيْنَبٍ فَلَقَدْ
أَطَلْتِ أَنِينَها
ذُوبِي فَقَدْ أَذَبْتِ
فُؤادَ مَنْ كَا
نَتْ تُظَلِّلُها الأُسودُ
عَرِينَها
|