يا مَنْ إِذا عُدَّتْ
فَضَائِلُ غَيْرِهِ
رَجَحَتْ فَضائِلُهُ
وَكانَ الأَفْضَلا
إِنْ يَحْسُدوكَ عَلى
عُلاكَ فَإنَّما
مُتَسَافِلُ الدَّرَجاتِ
يِحْسُدُ مَنْ عَلا
وَبِلَيْلَةٍ نَحْوَ
المَدائِنِ قاصِداً
فِيها لِسَلْمانٍ أَتَيْتَ
مُغَسِّلا
يا لَيتَ في الأحْيَاءِ
شَخْصَكَ حَاضِرٌ
وَحُسينُ مَطْروحٌ
بِعَرْصَةِ كَرْبَلا
عُرْيانَ يَكْسُوهُ
الصَّعيدُ مَلابِساً
أَفْدِيهِ مَسْلوبَ
اللِباسِ مُسَرْبَلا
مُتَوَسِّداً حَرَّ
الصَّعيدِ مُعَفَّراً
بِدِمائِهِ تَرِبَ
الجَبينِ مُرَمَّلا
ظَمآنَ مَجروحَ الجَوارِحِ
لَمْ يِجِدْ
مَاءً سِوَى دَمِهِ
المُبَدَّدِ بِالفَلا
وَلِصَدْرِهِ تَطَأُ
الخُيولُ وَطالَما
بِسَرِيرِهِ جِبْريلُ كانَ
مُوَكَّلا
وَلِثَغْرِهِ تَعْلُو
السِّياطُ وَطالَما
شَغَفاً لَهُ كانَ النّبيُّ
مُقَبِّلا
وَبَنُوهُ في أَسْرِ
الطُّغاةِ صَوارِخٌ
وَلْهَاءُ مُعوِلَةٌ
تُجاوِبُ مُعْوِلا
وَنِساؤهُ مِنْ حَوْلِهِ
يَنْدُبْنَهُ
بِأَبِي النِّساءُ
النَّادِباتُ الثُّكَّلا
أبوذيّة:
راح الدلل اسكينه وداره
انهدم بيته السعه ابقتله
وداره
ابطرف رمحه رفع راسه
وداره
ابراس الرمح راس ابن
الزكيّه
شعبي:
راسك يخويه وين ما روح
اگبالي ابراس السمهري
يلوح
اشما بيّه من اصوابات
وجروح
كلهن ابقلبي ودمهن يفوح
وجسمك العفته اهناك مطروح
فوق الثرى ولا نايحة تنوح
عقب الخدر ذاك او دلالي
ظليت حرمه ابغير والي
وابگه ابأسر يحسين تالي
وراسك يشيلونه اگبالي
لمّا
قتل الحسين عليه السلام
واحتزّوا رأسه الشريف
أرسل عمر بن سعد رأس
الحسين عليه السلام إلى
الكوفة مع خولّى بن يزيد
الأصبحيّ، فوصل ليلاً
ووجد القصر مغلقاً، فأخذ
الرأس معه إلى داره،
ووضعه في صحن الدار
وأخفاه عن زوجته النوّار
لما كان يعهد منها
موالاتها ومحبّتها لأهل
البيت عليهم السلام .
فقالت له زوجته: أين كنت؟
فقال لها: اسكتي جئتك
بغنى الدهر، قالت: وما
ذاك؟ قال: هذا رأس الحسين
معنا في الدار! قالت:
ويحك النّاس يأتون بالذهب
والفضّة وأنت تأتيني برأس
الحسين، والله لا تجمع
رأسي ورأسك وسادة أبداً..
ثمّ قامت وخرجت إلى صحن
الدار، فرأت نوراً يصعد
من الرأس، وسمعت أصوات
نساءٍ يندبن الحسين عليه
السلام بأشجى ندبة، وصوتاً
من بينها يقول:
بني حسين قتلوك ومن شرب
الماء منعوك وما عرفوا من
أمّك ومن أبوك!!
أنا حاضرة يحسين يبني
يا من ريت ذبّاحك ذبحني
اسعدني على ابني يلتحبني
أنا الوالدة والقلب لهفان
أودوّر
عزا ابني وين ما كان
جسمه طريح ولا له اكفان
اويلي على ابني المات
عطشان
ولعبت عليه الخيل ميدان
أنا الوالدة المذبوح
ابنها
وطول الدهر ما قل حزنها
مصيبة ويشيب الطفل منها
سبعين جثة بدور كنّها
بالمعركة محّد دفنها
وين اليواسيني بدمعته
على ابني الذي حزوا ركبته
وظلّت ثلاث تيام جثته
اويلاه يبني الما حضرته
ولا غسلت جسمه ودفنته
وين اليواسيني يشيعه
على حسين وولاده ورضيعته
وابن والده عينه الطليعه
على العلقمي كفوفه قطيعه
مطروح نايم عالشريعه
وعند الصباح غدا بالرأس
إلى قصر الإمارة ووضع
الرأس بين يدي ابن زياد
وهو يقول:
امْلَأْ رِكابِي فِضَّةً
أَوْ ذَهَبا
إِنِّي قَتَلْتُ السِّيدَ
المُحَجَّبا
قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ
أُمّاً وَأَبا
فساء ذلك ابن زياد وقال
له: إذا علمت أنّه كذلك
فلمَ قتلته؟ والله لا نلت
منّي شيئاً، وطرده.
وفي بعض المقاتل: أمر ابن
زياد برأس الحسين عليه
السلام فطيف به في سكك
الكوفة كلّها وقبائلها،
قال زيد بن أرقم: مُرَّ
عليّ برأس الحسين عليه
السلام وهو على رمح وأنا
في غرفة لي، فلمّا حاذاني
سمعته يقرأ:
﴿أَمْ
حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ
الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ
كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا
عَجَبًاs﴾،
فوقف والله شعري وناديت:
رأسك والله يا ابن رسول
الله وأمرك أعجب وأعجب!!
فلمّا فرغ القوم من
التطواف به في الكوفة
ردّوه إلى القصر..
رأسُ ابنِ بِنْتِ
مُحَمَّدٍ وَوَصِيِّهِ
لِلناظِرينَ على قَناةٍ
يُرْفَعُ
وَالمُسلِمونَ بِمَنْظَرٍ
وَبِمَسْمَعٍ
لا مُنْكِرٌ مِنهُم وَلا
مُتَفَجِّعُ
كُحِلَتْ بِمَنظَرِكَ
العُيونُ عِمايَةً
وَأَصَمَّ رِزؤكَ كُلَّ
أُذُنٍ تَسْمَعُ
مَا رَوْضَةٌ إلَّا
تَمَنَّتْ أَنَّها
لَكَ حُفْرَةٌ وَلِخَطِّ
قَبْرِكَ مَضْجَعُ
أَيْقَظْتَ أَجْفاناً
وَكُنتَ لَها كَرىً
وَأَنَمْتَ عَيْناً لَمْ
تَكُنْ بِكَ تَهْجَعُ
قال السيّد في اللهوف: ثمّ
إنّ ابن زياد جلس في
القصر للنّاس، وأذن إذناً
عامّاً وجيء برأس الحسين
عليه السلام فوضع بين
يديه وأدخل نساء الحسين
وصبيانه إليه، فجلست زينب
بنت عليّ عليه السلام
متنكّرة فسأل عنها فقيل:
هذه زينب بنت عليّ، فأقبل
عليها فقالت: الحمد لله
الذي فضحكم وأكذب
أحدوثتكم، فقالت: إنّما
يفتضح الفاسق ويكذب
الفاجر، وهو غيرنا، فقال
ابن زياد: كيف رأيت صنع
الله بأخيك وأهل بيتك؟
فقالت: ما رأيت إلّا
جميلاً، هؤلاء قوم كتب
الله عليهم القتل فبرزوا
إلى مضاجعهم وسيجمع الله
بينك وبينهم فتحاجّ
وتخاصم، فانظر لمن الفلج
يومئذٍ ثكلتك أمّك يا ابن
مرجانة. قال: فغضب وكأنّه
همّ بها، فقال له عمرو بن
حريث: إنّها امرأة
والمرأة لا تؤاخذ بشيء من
منطقها، فقال لها ابن
زياد: لقد شفى الله (قلبي)
من طاغيتك الحسين والعصاة
المردة من أهل بيتك،
فقالت: لعمري لقد قتلت
كهلي، وقطعت فرعي،
واجتثثت أصلي، فإن كان
هذا شفاؤك فقد اشتفيت،
فقال ابن زياد: هذه
سجّاعة! ولعمري لقد كان
أبوك سجاعاً شاعراً،
فقالت: يا ابن زياد ما
للمرأة والسجاعة؟ وإنّ لي
عن السجاعة لشغلاً وإنّي
لأعجب ممّن يشتفي بقتل
أئمّته، ويعلم أنّهم
منتقمون منه في آخرته.
وقالت له أمّ كلثوم: يا
ابن زياد إن كان قرّت
عينك بقتل الحسين عليه
السلام فقد كان عين رسول
الله تقرّ برؤيته، وكان
يقبّله ويمصّ شفتيه،
ويحمله هو وأخوه على ظهره،
فاستعدّ غداً للجواب.
ولكن الذي أحرق قلب زينب
عليها السلام في ذلك
المكان هو هذا المشهد
الأليم، حينما وضع اللعين
رأس الحسين عليه السلام
بين يديه ينظر إليه
ويتبسّم وبيده قضيب يضرب
به ثنايا أبي عبد الله!!
يا ريت روحي تروح ويّاك
ولا شوفك مخضوب بدماك
ولا شوف النذل يضرب
ثناياك
يريف اليتامى لا عدمناك
كان إلى جانبه زيد بن
أرقم صاحب رسول الله صلى
الله عليه وآله وهو شيخ
كبير فلمّا رآه يضرب
بالقضيب ثناياه قال: ارفع
قضيبك عن هاتين الشفتين
فوالله الذي لا إله إلّا
هو لقد رأيت شفتي رسول
الله صلى الله عليه وآله
عليهما مالا أحصيه
يقبّلهما!! ثمّ انتحب
باكياً..
فقال له ابن زياد: أبكى
الله عينيك أتبكي لفتح
الله؟ والله
لولا أنّك شيخ كبير قد
خرقت وذهب عقلك، لضربت
عنقك، فنهض زيد بن أرقم
من بين يديه وصار إلى
منزله..
تبّاً لِقَلْبٍ لا
يُقَطَّعُ بَعْدَهُ
أَسَفاً بِسَيْفِ الحُزْنِ
أَيَّ تَقَطُّعِ
|