القصيدة
القريض
تجاوبن بالأرنان
والزفراتِ
نوائحُ عُجمُ
اللفظِ والنطقاتِ
يُخبْرنَّ بالأنفاس عن سرٍّ
أنفسٍ
أسارى هوىً ماضٍ
وآخر آتِ
بكيتُ لرسمِ الدار من
عرفاتِ
واذريتُ دمع العينِ
في الوجناتِ
وحلّ عُرى صبري وهاج
صبابتي
رسومُ ديارٍ أقفرتْ
وَعِراتِ
مدارسُ آيات خلت من تلاوةٍ
ومنزلُ وحيُّ مقفرُ
العرصاتِ
لآل رسولِ الله بالخيفِ
من مِنىً
وبالركن والتعريفِ
والجمراتِ
ديار علي والحسين وجعفرٍ
وحمزة والسّجاد ذي
الثفناتِ
ديار عفاها جور كل منابذٍ
ولم تُعف للأيامِ
والسنواتِ
قفا نسأل الدار التي خفّ
أهلها
متى عهدها بالصوم
والصلواتِ
وأين الأولى شطت بهم غربةُ
النوى
أفانين في الأقطار
مفترقاتِ
قبور بجنب النهر من أرض
كربلا معرسهم فيها بشطّ
فراتِ
توفوا عطاشا بالفرات
فليتني توفيت فيهم قبل
حين وفاتي٭
(نصاري) جينا ننشد كربلا
مضيعينه
بيها زينب قالوا
اميسرينه
يسّروهه ولالهه واحد فزع
بليل حادي ظعونه
شال وقطع
جينا ننشد وين أبو فاضل
وقع
ما تدلونه الشريعة
وينهه
جينا ننشد كربلا اعليها
انعتب
نقول هاي رجال
واتدوّر الغلب
حرمه زينب بيش مطلوبه
بذنب
فوق قتل حسين
وميسرينه
ارد انشدك جاوبيني
بالصحيح
وين وقفت زينب
وقامت تصيح
عدل خويه حسين
والا انت جريح
(تخميس): حق لعيني أن
تسيل وتهملا
دمعاً تفيض به
نواحي كربلا
أفهل من الانصاف مني
والولا
تبتلّ منكم كربلا
بدمٍ ولا
تبتّل مني بالدموعِ
الجارية
الموضوع
من خطبة للإمام الحسين
عليه السلام:
"ألا وإني زاحف بهذه
الأسرة على قلة العدد
وكثرة العدو وخذلان
الناصر، فمن قبلني بقبول
الحق فالله أولى بالحق،
ومن ردّ عليّ أصبر حتى
يحكم الله والله خير
الحاكمين"1.
تعتبر المسألة الأخلاقية
من المسائل بالغة الأهمية
في مفاهيم وقيّم وأحكام
هذا الدين الحنيف. حيث
يدخل العامل الأخلاقي في
كل مرفق من مرافق الحياة
التي يدعو لها الإسلام
ويحث على رعايته
والاهتمام به، سواءً في
القضايا الخاصّة بالإنسان؛
مثل علاقته بنفسه
وبأُسرته من زوجة وأبناء،
أو في الدائرة الاجتماعية
الأوسع مثل علاقته
بأرحامه وجيرانه، أو ضمن
المجتمع الكبير الذي يبني
فيه الإنسان المسلم
علاقاته المختلفة مع
المسلمين وغير المسلمين،
في جوانب الحياة المختلفة؛
اجتماعية، اقتصادية،
علمية.
فإن رعاية الجانب
الأخلاقي في الأمور
الاجتماعية أمرٌ واضح
التأثير كبير الفائدة
عظيم النتائج، وما أحوجنا
أن نعيش تعليمات ديننا
العظيم في حسن التعامل مع
الآخرين وطيب المعاشرة،
حتى أن الإمام زين
العابدين عليه السلام خصصّ
دعاءً كبيراً؛ ضمَّنه
مفاهيم رائعة وقيماً
رفيعة وأفكاراً سامية في
عالم الأخلاق الاجتماعية
عرف بدعاء (مكارم الأخلاق)،
ما أحوجنا أن نعيش بعض
روائعه، مثل قوله عليه
السلام: "اللهم صل على
محمد وآله وسددني لأن
أعارض من غشني بالنصح،
وأجزي من هجرني بالبِّر،
وأُثيبَ من حرمني بالبذل،
وأكافئ من اغتابني إلى
حسن الذكر، وأن أشكر
الحسنة، وأغضي عن السيئة..."2.
ولهذا لا ينبغي على بيت
مسلم أن يخلو من نسخة
من الصحيفة السجاديّة ذات
المفاهيم التربوية
والأخلاقية الرائعة.
والأخلاق لا تقتصر على
الجانب الاجتماعي في
العلاقات الإنسانية لأن
للجانب الاقتصادي مسيس
حاجة إلى المفاهيم
الأخلاقية الراقية. إن
ابتعاد الإنسان عن قيمهِ
وأخلاقية في ممارساته
الاقتصادية ونشاطاته
المالية يحولّه إلى وحش
بعين واحدة هي المادة حيث
ينسى الروح والأخلاق.
إن مما يميّز الاقتصاد
الإسلامي أنه اقتصاد ذو
جانب أخلاقي ينميّ في
الإنسان المسلم قيم الخير
والأخلاق فيبرمج له
علاقاته وسلوكه الأخلاقي؛
حيث يجيز له معاملات
ويحرّم عليه أخرى ويحثه
على سمو في التعامل
ويدعوه إلى الترفع عن نمط
آخر.
عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم: "لا تزول
قدما امرئ يوم القيامة
حتى يُسأل عن... وعن ماله
مما اكتسبه، وفيم أنفقه"3.
فيسأل الإنسان عن مصادر
ماله كيف اكتسبه، وعن
قنوات صرفه لأمواله في أي
ناحية وأي نشاط وأي سلوك.
ولقد كان لتمسّك التجار
المسلمين بقيم الإسلام في
التعامل الأخلاقي الأثر
الأكبر في دخول أمم واسعة
في دين الله أفواجاً.
فقد كان التجّار المسلمون
وهم ينطلقون من البصرة
ومسقط وحضرموت وغيرها من
موانئ البلاد الإسلامية
نحو الشرق الأقصى نحو ما
يعرف اليوم بجنوب شرق
آسيا؛ مثل أندونيسيا
والفلبين وماليزيا وغيرها،
كانوا يمارسون نشاطهم
التجاري في ضوء تعاليم
الإسلام العظيم وقيمه
الأخلاقية في الصدق وعدم
الغش والنصح واعتدال
الأرباح وعدم الإجحاف
بالمتعامل والسهولة في
التعامل، حتى شغُف بهم
أهل تلك الأصقاع فدخلوا
مسلمين طائعين بفضل
تعاليم الدين الحنيف التي
كان يرعاها التاجر المسلم،
وما أحوجنا وأحوج أسواقنا
وتجارنا إلى رعاية مفاهيم
الدين في تعاملنا
وأسواقنا وتجارتنا.
وتمتد تأثيرات مفاهيم
الأخلاق الإسلامية حتى
إلى النشاط العلمي
للإنسان، لأن العلم بحدّ
ذاته طاقة، لا يمكن أن
توصف بالخير أو الشر، إلاّ
بعد توظيفها؛ فإذا وظفّت
في مجالات خير الإنسان
وسعادته وتربيته كانت
خيراً وكان العلم نافعاً،
وأما إذا استغلت العلم
وطاقاته أيدٍ غير أمينة،
ونفوس غير نظيفة وأفكار
غير مستقيمة، فقد يتحوّل
العلم إلى كارثة حقيقية.
إن أول ما يخترعه الإنسان
الغربي المعاصر من
مكتشفات علية، يستغله في
الحروب والدمار قبل أن
يوظفه في رفع معاناة
الإنسانية، إن ما يعرف
علم الحروب وآلة الحرب
يكفي للقضاء على الجوع
والجهل والمرض وإسعاد
الإنسان وإزاحة الآلام
عنه.
إن الإسلام اعتبر العلم
نعمة يحاسب عليها، وعليه
زكاة كزكاة المال وزكاته
حسن التعامل وحسن التوظيف
وحسن النتائج الخيّرة
التي تتمخض عنه.
إن الإسلام لم ينس قيم
الأخلاق حتى في الحروب مع
أعداء الدين منذ تعليمات
النبي صلى الله عليه وآله
وسلم وأمير المؤمنين عليه
السلام وقادة المسلمين،
للجيوش الإسلامية في
ضرورة مراعاة قيم الإسلام
وأخلاق الدين حتى مع
أعداء الإسلام ومناوئي
الدين! أرأيت إنصافاً
كهذا الإنصاف أم قيماً
أرفع من هذه القيم، أم
سلوكاً أسمى من هذا
السلوك؟ "لا تقطعوا
شجرة، لا تتبعوا مدبراً،
لا تجهزوا على جريح، لا
تهيجوا النساء، لا تقتلوا
امرأة ولا طفلاً ولا شيخاً
ولا مسالماً، لا تستولوا
على ممتلكات المسالمين،
احفظوا الذمار، لا تشربوا
ماءً إلا برضى أهله"!!
وهكذا كان النبي صلى الله
عليه وآله وسلم في تعامله
مع أعدائه، حيث نادى يوم
فتح مكة: اذهبوا فأنتم
الطلقاء!
وهكذا كان سلوك أمير
المؤمنين عليه السلام في
معاركه ومنها في صفين حيث
منعه معاوية من ماء
الفرات ولما استعاد علي
عليه السلام وجيشه
السيطرة عليه قال بعضهم
نمنعهم من الماء كما
منعونا، فقال لهم علي
عليه السلام: لا ولكن
خذوا من الماء كفايتكم
وانصرفوا فقد نصركم الله
عليهم ببغيّهم...
وهكذا كانت أيضاً
أخلاقيات الحسين عليه
السلام في نهضته الخالدة.
إن الجانب الأخلاقي جانب
مشرق ورائع من جوانب
النهضة الحسينية. وإذا
حاولنا أن نتلمس بعض
مصاديق هذا الجانب فيمكن
أن نلاحظ ما يلي:
1ـ عدم استغلال الحسين
عليه السلام موقعه الديني
المميز، فهو سبط النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
وابن علي وفاطمة عليهم
السلام ومن نزلت فيه ما
نزل من آيات القرآن
الكريم وجاء فيه ما جاء
من أحاديث جده المصطفى
صلى الله عليه وآله وسلم
ومع ذلك فإن الحسين عليه
السلام لم يجبر أحداً على
اللحوق به، ولم يصدر فتوى
أو حكماً شرعياً يكفّر
فيه من لم يلتحق به، بل
كان يدعو إلى نصرته ضمن
مفاهيم الدين وحجة الحق
ودليل القرآن والسنة. فمن
قبلني بقبول الحق فالله
أولى بالحق ومن ردّ علي
أصبر حتى يحكم الله وهو
خير الحاكمين".
2ـ عدم تضييعه لحق أحد،
واهتمامه بحقوق الآخرين،
فقد سيطر عليه السلام
حينما خرج من مكة على
قافلة من الأموال
والهدايا بعث بها والي
الأمويين باليمن إلى يزيد
بالشام، إذ أراد الحسين
عليه السلام أن يسقط
الشرعية وأن يمنع وصول
هذه الأموال التي سوف
توظّف لشراء الذمم،
والتنكيل بالصالحين
المخلصين، والمزيد من
الإفساد في المجتمع.
لكنه عليه السلام مع ذلك
لم ينس الذين كانوا مع
تلك القافلة ممن كان
جمالهم قد استؤجرت إلى
الشام، فأعطى أصحابها
أجورهم، وخيرهم بين
الرجوع إلى اليمن أو
مرافقته، ويذكر بعض أرباب
المقاتل أن شخصاً واحداً
من هؤلاء أدركته الرحمة
وبقي مع الحسين حتى كان
من الشهداء بين يديه.
3ـ حرصه على هداية
الآخرين، والسعي المستمر
لتوضيح الحقائق وكشف
الأمور وبيان الوقائع،
ليهلك من هلك عن بينّة،
ويحيى من حيّ عن بينّة.
ومن هنا كانت خطاباته
عليه السلام يوم عاشوراء،
ثم أذنه عليه السلام لمن
أراد أن يخطب من أصحابه،
مثل زهير بن القين وبرير
بن خضير. والحسين عليه
السلام لم يكن ينتظر من
أولئك شيئاً إلاّ الرغبة
في انقاذهم من ضلالهم.
فكان ينادي "انسبوني
من أنا ثم ارجعوا إلى
أنفسكم وعاتبوها وانظروا
هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك
حرمتي؟"4.
4ـ كارهيته عليه السلام
أن يبدأ القوم بقتال. حيث
حرص عليه السلام على
مفاهيم الإسلام وقيمه في
الحروب، وحتى حينما تمادى
الشمر في صبيحة يوم
عاشوراء بكلامه للحسين
عليه السلام: "تعجلّت
بالنار قبل يوم القيامة"
فأراد أحد أصحاب الحسين
وهو برير رضي الله عنه أن
يرميه بسهم، منعه الحسين
من ذلك وقال: "إني
أكره أن أبدأهم بقتال"5،
بل كان الذين يخرجون
للخطابة يتراجعون إلى
ورائهم إذا رموا بالسهام
إتباعاً لتعليمات الإمام
الحسين عليه السلام قبل
نشوب المعركة.
5ـ حرص الإمام الحسين
عليه السلام على الوفاء
بالعهد وله كان ذلك في
أشد الظروف قساوة،
وأكثرها إيلاماً ومحنة.
فقد التقى الحسين عليه
السلام في طريقه إلى
كربلاء برجل اسمه الضحّاك
بن عبد الله المشرقي
فدعاه إلى نصرته، فاستجاب
هذا الرجل ولكنه علّق
استجابته على شرط وهو أن
ينصر الحسين ما دام له
ناصر فإذا نفد أنصاره ولم
يكن هناك فائدة من نصرته
انسحب من ذلك! فوافقه
الإمام
الحسين عليه السلام على
شرطه هذا.
وهو شرط غريب إذ كيف يمكن
لإنسان حظي بشرف الدفاع
عن الحسين عليه السلام
وعن أهل بيت النبوة، أن
يتركهم في ساعة هم أحوج
فيها إلى أي ناصر كان أو
معين؟ ولكنها النفوس
وحظوظها وتوفيقها!
ولما كان يوم عاشوراء
واحتدم القتال حتى استشهد
من أنصار الحسين من
استشهد، جاء هذا الرجل
ليذكّر الحسين بشرطه وأنه
يريد أن ينسحب من المعركة،
فقال له عليه السلام: نعم
انج بنفسك إن استطعت!
ولكن كيف يكون لك ذلك؛
وكان هذا الرجل قد خبأ
فرساً له تحت خيمة
انتظاراً لساعة الهرب هذه.
ومع غرابة هذا الموقف
واستهجانه، فإن الحسين
عليه السلام بقي محافظاً
على الوفاء بما قطعه على
نفسه رغم الظرف القاسي
والزمن العصيب.
6ـ ثم انظر إلى أخلاق
الإمام الحسين عليه
السلام التي هي أخلاق
القرآن الكريم وأخلاق
النبي العظيم صلى الله
عليه وآله وسلم، أخلاق
الإسلام وقيم السماء،
انظر إلى الإمام الحسين
عليه السلام كيف كان
سلوكه مع الذين خرجوا
لحربه؟ فقد ذكر بعض أرباب
المقاتل أن دمعة من عين
الحسين عليه السلام ندّت
يوم عاشوراء، فلما سُئل
عن ذلك قال: أبكي على
هؤلاء القوم لأنهم
سيدخلون النار بقتالهم لي،
وهم من أمة جدي صلى الله
عليه وآله وسلم!
ثم موقف آخر للحسين عليه
السلام مع أول كتيبة من
الجيش الأموي خرجت لحربه
وكانت بقيادة الحرّ بن
يزيد الرياحي، وكان
الحسين وركبه في طريقهم
إلى كربلاء، فصرخ أحد
أصحابه: لقد وصلنا الفرات
يا بن رسول الله! فها هو
خط أسود يلوح بالأفق، أي
هي بساتين النخيل النابتة
على ضفاف نهر الفرات التي
تتراءى للبعيد بلون أسود
من شدة خضرتها.
ولكن الواقع أن ذلك
السواد كان جيشاً قادماً،
ألف رجل كاد العطش أن
يقتلهم، وهم ينادون:
الماء الماء، العطش العطش
يا بن رسول الله!!
فما كان من الحسين عليه
السلام سبط رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم الذي
بعثه الله رحمة للعالمين،
إلاّ أن قال لأصحابه:
اسقوهم الماء ورشّفوا
الخيل ترشيفاً، فسقى ألف
رجل وألف دابة لهم، وكان
آخر من جاء ذلك الجيش رجل
اسمه علي بن الطعان
المحاربي فلما رأه الحسين
عليه السلام رقّ له وقال:
انخ الراوية (أي الجمل)
فلم يعرف ما يقول الحسين،
فقال: انخ الجمل، فلما
أناخه أعطاه الحسين سقاء
الماء، ولكن شدة عطشه
جعلت الماء يتساقط من
جوانب فوهة السقاء فقال
له الحسين: يا ابن أخي
اخنث السقاء (أي ضيّق
الفوهة) فلم يفهم مراد
الحسين، فجاءه الحسين
وسقاه الماء بيده!
عجباً لهذا الخلق هلاّ
أقبلوا
كلُّ إليك بروحه لك فادي
لكنهم ما وازنوك نفاسة
أنّى يقاس الذّر بالأطواد
ومع كل هذا التعامل
الأخلاقي الرفيع فقد منع
الحر وجيشه هذا ركب
الحسين عليه السلام من
دخول الكوفة أو الرجوع
إلى المدينة حتى وصلوا
إلى كربلاء، إلى أرض
الشهادة والخلود إلى الطف
كان الحسين قد سمع
باسمهما من جدّه وأبيه
وأخيه عليهم السلام.
لله كم قطعوا هنالك
مهمهماً
تكبد القلوبُ له من
الأعياء
حتى أتوا أرض الطفوف
بكربلا
أرض الكروب وأرض كلّ بلاءِ
ويلاه إذ وقف الجواد
ولم ير
فغدا يقول لصحبه الخلصاء
يا قوم ما اسم الأرض
قالوا نينوى
قال أوضحوا عنها بغير
خفاء
قالوا تسمى كربلا فتنفّس
الصُعدا
وقال هنا حلول بلائي
حطّوا الرحال فذا محط
رحالنا
وهنا تكون مصارع
الشهداء
حطّوا الرحال فذا مناخُ
ركابنا
وبهذه والله سبيُ نساء
فقال الحسين عليه السلام:
هي أرض كرب وبلا، ثم
دمعت عيناه، وقال: بهذا
حدّثني جدي رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم6.
(بحراني): انجان هاذي
كربلا بشروا بلايه
نزلوا تره لاحت علامات
المناية
لازم بجانب هالنهر نقضي
ضمايه
طير المنيّة اسمع على
راسي نعيبه
كم شاب ما يهنه بشبابه
يظلّ معفور
اجسادته تبقه رميّة مالهم
قبور
هذه مصارعنه ووعدنا يوم
عاشور
قولوا لزينب تستعد إلها
لمصيبة
تالله لا أنسى وإن نسي
الورى
بالطف وقفة مهره المتسرّعِ
أجواده هل قيدتك يدُ
الردى
حتى وقفت به وقوف تمنّعِ
هلا تنكبّت الطريق وحدت
عن
ذاك المضيق إلى الفضاء
الأوسعِ
نزل وبكربلا خيامه نصبها
ولعد الموت راياته نصبها
عليه امقدّر من الله
نصبها
مصارعهم بهل التربة
الزكية
ثم إن الحسين عليه السلام
جمع أخوته وأبناء عمومه
وأهل بيته ونظر إليهم
وبكى وقال: "اللهم
إنّا أهل عترة نبيك محمد،
قد أخرجنا وطُردنا
وأزعجنا عن حرم جدّنا
وتعدت بنو أمية علينا،
اللهم فخذ لنا بحقنا
وانصرنا على القوم
الظالمين" ثم أقبل
عليه السلام على أصحابه
وقال:
"الناس عبيد الدنيا
والدين لعق على ألسنتهم
يحوطونه ما درت معائشهم
فإذا محصّوا بالبلاء قل
الديانون"7.
هذا وزينب تسمع مقالة
أخيها الحسين وقد نزلت
بأرض لا ماء فيها ولا
وطاء ولكن كانت راية
أخيها أبي الفضل العباس
تطمئن قلبها وتسكن لوعتها
وتخفف وجدها.
هذا يوم نزلت فيه زينب
وأخوات زينب بكربلاء، في
عزة ومنعة معها أخوتها
وعشيرتها وأهل بيتها.
لكن في أي حال خرجت بها
زينب عن كربلاء يوم
الحادي عشر من المحرم
الأخوة على الأرض جثثاً
بلا رؤوس، الخيام محترقة،
الأطفال يتامى
مرّوعين، النساء ثكالى
مدهوشات حائرات.
فأخذت تنادي أخاها حتى
أبكت كل عدو وصديق.
يا حسيناه يابن مكة ومنى،
يا محمداه هذا حسين
بالعراء مرمل بالدماء
مقطع الأعضاء، وبناتك
سبايا، وإلى الله المشتكى
وإلى محمد المصطفى وإلى
علي المرتضى.
(نعي نصاري): كنت يوم
الذي ما شوف ملقاك
تظل روحي حزينة لمن ألقاك
مدري شلون هذا اليوم
فرقاك
تظّل بكربلا واحنا مرحلين
همّت لتقضي من توديعه
وطراً
وقد أبى سوط شمر أن
تودّعه
فغاب عنها ولكن رأسه معها
وفارقته ولكن قلبها معه
أحمى الضائعات بعدك ضعنا
بيد نائبات حرى بوادي
|