القصيدة
القريض
صحبته من خير الرجالِ
عصابةٌ
غرَّ فطاب الصحبُ
والمصحوبُ
آساد ملحمةٍ ضراغم غابةٍ
همُ بنازلةِ الوغى ترحيبُ
أبطالُ حربٍ كم بهم قامت
على
أهل النفاق وقائعٌ وحروبُ
منهم زهيرُ زاخر الأفعالِ
يتـ
ـبعه بريرٌ ومسلمٌ وحبيبُ
وأتى المساء وقد تجهم
وجههُ
واليوم محتشد البلاء عصيبُ
قال اذهبوا وانجوا ونجوّا
أهل بيـ
ـتي إني وحديْ أنا
المطلوبُ
فأبت نفوسهم الأبية عند
ذا
أن يتركوه مع العدا
ويئيبوا
ماذا يقول لنا الورى
ونقوله
لهم ومن عنّا يجيبُ مجيبُ
إنا تركنا شيخنا وإمامنا
بين العدى وحسامُنا مقروبُ
فالعيش بعدك فبحّت
أيّامُهُ
والموت فيك محبّب مرغوبُ
باتوا وبات أمامهم ما
بينهم
ولهم دويُّ حوله ونحيبُ
وبدا الصباح فاقبلت زمرُ
العدى
نحو الحسين لها الضلال
حبيب
فتقدم الأنصار للأقران مسـ
ـرعة وللحرب العوان شبوب
يأبون أن يبقوا وآل
نبيّهم
كلُّ على وجه الصعيد تريبُ
فاستقبلوا ضرب السيوف
بأوجهٍ
غرّاء عن زُهر النجوم
تنوبُ
حتى هووا فوق الصعيد
كأنهم
أقمارُ تمٍّ في الدماء
رُسُوبُ٭
(فائزي): خلصتْ أنصاره
وظلْ أبو السجّاد محتارْ
جيش تجيل ومنعْ مايْ وقلة
أنصارْ
ينادي بقيت وحيد ينصار
الحميّه
وامن الضياغم ظلّت اخيامي
خليّه
ومن كل جانب حايطتني جنود
أميه
والعطش فت الكبد والجوّ
اشتعل نار
قلهم بنومتكم تهنّوا يا
مطاعين
وبلغوا سلامي جديّ وخَيرِ
الوصييّن
وقولوا بقه مفرود ما بين
العدى حسين
حزتوا الشرف والفوز يا
سادة الأحرار
(أبو ذيّه): تناخت والثلث
تنعام منها
تموت وياك كلها فرد منها
اشنقلْ للناس لو هيْ تقول
منها
الاجت وحسين تم بالغاضرية
(أبو ذيّه): وحق أنصار
أبو السجّاد والحر
انعرف بالغاضرية العبد
والحر
رغم الموت رغم العطش
والحر
فدوا أرواحهم لابن
الزكيّة
(تخميس): يا من تفانوا
إلى جنب الفرات ظما
وروّوا البيض في بومه
الكفاحِ دما
ومضوا عطاشا ولكن روّوا
الخذما
ليسقِ عهدكم صوبُ الغَمام
فما
سقاكم النهر عذب المال
ظامينا
الموضوع
قال تعالى:
﴿وَأَوْفُوا
بِالْعَهْدِ إِنَّ
الْعَهْدَ كَانَ
مَسْئُولاً﴾1
يسعى القرآن الكريم دائماً
نحو تربية الإنسان
أخلاقياً، وتنمية كوامن
الخير والصلاح في نفسه،
في حث مستمر وتأكيد دائم
على ضرورة أن يولي
الإنسان إعداد نفسه
وتقويم سلوكه، وتقوية
نقاط الاستقامة في سلوكه
ومواقفه. حتى جعلت
الشريعة المقدسة حسنة
واحدة بمجرد أن ينوي
الإنسان المسلم عمل خير
أو اتخاذ موقف نبيل، فإذا
وفق لذلك العمل الصالح
واتخذ ذلك الموقف النبيل،
تضاعفت لتكون عشر حسنات.
بينما تُبقي الشريعةُ
المقدسة سيئة واحدة فقط
على العمل الطالح.
لقد أودع الله تعالى قيم
الخير والاستقامة والصلاح
في النفس البشرية، ثم
أنزل تعالى الكتب وأرسل
الأنبياء والرسل، لإعانة
الإنسان على الخير والهدى
منطلقاً من فطرته السليمة
ومستضيئاً بنور السماء
وتوجيهات الأنبياء عليهم
السلام.
وإن على المهتمين بتربية
المجتمع وقيّمه وأنماط
سلوكه من علماء
وأكاديميين ومختصيّن، أو
المؤثرين في هذه التربية
من سياسيين وإعلاميين
وحتى الفنانين، عليهم
جميعاً مسؤولية كبيرة، في
رفد الإنسان المتلّقي
بنمط سلوك ونهج خلق
وأسلوب تعامل، يجعله
إنساناً مسؤولاً تجاه
نفسه وأسرته ومجتمعه، وأن
ينأوا عن أي توجيه أو
دراسة أو برنامج يحطّم
قيم المجتمع ويهشم أركان
السلوك القويم، مما يحيل
الإنسان المعاصر إلى
إنسان أناني جشع انفرادي
في طموحاته وأهدافه.
لقد أجريت دراسات علمية
كثيرة على جيل من الشبان
المنشدين إلى أجهزة
الكومبيوتر أو برنامج
الانترنت، فوصفوا
بالانعزالية حتى عن أسرهم
وأهلهم، حتى بدت حالات
التصحّر والتقاطع في داخل
الأسرة الواحدة.
لقد جاءت الأديان
السماوية بقيم ترفع من
شأن الإنسان وتقوي فيه
عوامل حب الغير والإحساس
بمسؤولية تجاه أهله
ومجتمعه. وإن علينا أن
نسعى دائماً لكي تتواصل
عملية البناء الأخلاقي
الهادف وتستمر أساليب
التغيير الإيماني الرصين،
مع الأخذ بالتطوّر العلمي
والتقني ومسايرة ركب
الانجازات العلمية، لأن
تحذيرنا من ظاهرة سلبية
تصاحب بعض مظاهر التقدم
العلمي لا يعني إلغاءنا
لهذا التقدم، ولكن تعني
متابعة النتائج السلبية ـ
إن وجدت ـ وعملنا الدؤوب
في رعاية قيم الأمة لا
سيما شبانها بناة
المستقبل ووهج الحياة.
وإن من أرقى أنماط السلوك
الأخلاقي خلق الوفاء، فما
أروع وما أجمل وما أحرى
بالإنسان أن يكون وفياً،
وفيّاً لفطرته وفيّاً
لدينه، وفيّاً لأهله
وأسرته،
وفيّاً لأرحامه وجيرانه،
وفيّاً لأصدقائه ومعارفه،
ثم وفيّاً لأمته ومبادئها
وقيمها.
إن الوفاء بالعهود موقف
مسؤول، ولهذا أمرت به
الآية الكريمة:
﴿وَأَوْفُوا
بِالْعَهْدِ إِنَّ
الْعَهْدَ كَانَ
مَسْئُولاً﴾.
وحينما يذكر القرآن
الكريم بعضاً من صفات
المؤمنين الأساسية يجعل
منها:
﴿وَالْمُوفُونَ
بِعَهْدِهِمْ إِذَا
عَاهَدُوا﴾2.
خاصة من يعاهد الله على
القيام بمهمة أو اتخاذ
موقف أو حسن تعامل قال
تعالى:
﴿وَمَنْ
أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ
عَلَيْهُ اللهَ
فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً
عَظِيماً﴾3.
ويؤكد هذا المنهج القرآني
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ثم أهل بيته
عليه السلام بعده. فيقول
صلى الله عليه وآله وسلم:
"أقربكم غداً مني في
الموقف... وأوفاكم
بالعهد"4.
وعن علي عليه السلام:
"بحسن الوفاء يعرف
الأبرار، أفضل الأمانة
الوفاء بالعهد، أفضل
الصدق الوفاء بالعهد"5.
ولا يحول اختلاف ـ أي
اختلاف كان ـ دون أن تفي
للمقابل بالعهد؛ وإن كان
الاختلاف في المذهب أو
الطائفة أو الدين أو
المعتقد أو القومية، لأن
الوفاء بالعهد هي صنعة
أنت مؤهل لها أيها المؤمن،
حتى لو تصورّت أن الآخر
قد لا يستحقها، لأنك بذلك
تخاطب فطرته وحسن ما
أودعه الله في قلب
الإنسان أي إنسان.
ولهذا نجد أن القرآن
الكريم حينما أرّخ لنا
مواقف المسلمين بعد أن
نقض المشركون عهدهم مع
حلفاء المسلمين من قبيلة
خزاعة، ثم نزلت سورة
براءة التي تلاها أمير
المؤمنين عليه السلام على
المشركين، حيث أعلن فيها
التبرؤ من
العلاقات مع المشركين جاء
الاستثناء لأهل العهد من
أولئك المشركين، فجاء
قوله تعالى:
﴿إِلاَ
الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ
ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ
شَيْئاً وَلَمْ
يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ
أَحَداً فَأَتِمُّوا
إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ
إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ
اللهَ يُحِبُّ
الْمُتَّقِينَ﴾6.
نعم فما دام أولئك
المشركون لم يعملوا شيئاً
يخالف عهدهم فلا بد من
الالتزام بذلك العهد، لأن
هذا الالتزام تمثيل
التقوى والخلق النبيل ثم
ما أجمل ما ختمت به الآية
الكريمة (إن الله يحب
المتقين). فالمتقون ليس
من يكثرون في العبادات ثم
ينسون دينهم وعبادتهم في
مواقفهم وسلوكهم.
وتأكيداً لهذه المدرسة
القرآنية، نجد قول الإمام
الصادق عليه السلام: "ثلاثة
لا عذر لأحد فيها؛ أداء
الأمانة إلى البر والفاجر،
والوفاء للبرّ والفاجر،
وبرّ الوالدين بريّن كانا
أو فاجرين"7.
فتأملوا قيم الإسلام
ولنسعى جميعاً نحو
إنزالها إلى الواقع.
إن الثقافة الغربية ـ
خاصة في السياسة ـ تقول
أنه ليس هناك مبادئ دائمة
بل هناك مصالح دائمة. أما
الإسلام .... لا ينسى
مبادئه حتى مع من اعتبروا
أنفسهم أعداءه.
ويذكر التاريخ العربي قبل
الإسلام عن النعمان ملك
الحيرة في دولة المناذرة،
أنه كان عنده يوم سعد
ويوم نحس. وكان قد انفرد
ذات يوم عن جماعته حتى
كاد أن يهلك فأنقذه رجل
أعرابي، فعرفه النعمان
بنفسه ووعده خيراً إن
جاءه ذات يوم. ومرّت
الأيام وإذا بذلك
الأعرابي المسكين يسوقه
حظه العاثر إلى أن يأتي
النعمان في يوم بؤسه،
فلما رآه النعمان عرفه
وتذكر إحسان الإعرابي
إليه، ولكنه قال له أنه
لا بد له من قتله لأنه
يوم بؤسه، فتفاجأ
الأعرابي الذي كان يتأمل
من هذا الملك الكثير، ثم
قال له: أمهلني سبعة أيام
لأودّع أهلي ثم أعود إليك،
فقال له النعمان: ومن
يكفلك فتصفح الأعرابي
وجوه الحاضرين فلم يجد
أحداً يكفله، وإذا بوزير
الملك تأخذه أخلاقه إلى
أن يتكفّل ذلك الأعرابي،
فهددّه الملك أنه إذا لم
يعد الإعرابي فسوف يُقتل.
ومرّت الأيام السبه ثقيلة،
فلما جاء اليوم الأخير
كان الجميع ينظرون هل من
قادم؟ وانتصف النهار وجاء
العصر ولم يأت أحد، فقال
الملك لوزيره: لا بد من
قتلك، فقال: حتى تغيب
الشمس، وإذا بهم يرون
شبحاً من بعيد وانظروا
وإذا به ذلك الإعرابي ـ
فتعجب الجميع من وفاته
وهو يعلم أنه قادم إلى
الموت، وكان أكثرهم تعجباً
النعمان نفسه، ثم سأله ما
الذي دعاك إلى أن تعود؟
فقال له: إنه ديني ـ أو
كان على دين عيسى عليه
السلام ـ فقرر النعمان
إكرامه وإلغاء يومي السعد
والنحس.
نعم إن الوفاء خلق وموقف
دعت له كل ديانات السماء.
وإذا أحس الإنسان بأنه قد
فقد الأخلاق في مجتمعه،
وأن من حوله لا يراعون
القيم الخلقية في تعاملهم
معه، عاش حزيناً كئيباً
محبطاً.
ذهب الوفاءُ فلا وفاءَ
ولا حياءَ ولا
مروّة
إلاّ التواصل باللسانِ
من النفوس بلا
أُخوّة
ثم إن للوفاء أبعاداً،
فقد يكون وفاءً لشخص ما
لعلاقة شخصية معه، أو
وفاءً لأسرة بحكم العلاقة
الأسريّة، أو لرفقة عمل
أو دراسة أو غير ذلك
وكلها أمور محمودة في
نفسها.
وقد يكون وفاء الإنسان
على أساس مبدأ وقيم ودين،
أي يتجاوز البعد
الشخصي إلى الأبعاد
والمفاهيم العليا
والمبادئ السامية، فهذا
هو أروع أبعاد الوفاء،
وفي قمته يأتي الوفاء لخط
السماء، ومن يمثّل ذلك
الخط، حيث ينظر إليه لا
بعنوانه الشخصي بل ببعده
الرسالي.
ولنقف في مجلسنا هذا ـ
ونحن في ليلة الأنصار ـ
على ثلاثة مواقف.
الموقف الأول كان في يوم
أحد حيث استشهد الكثير من
المسلمين فأخذ النبي صلى
الله عليه وآله وسلم
يتفقّد أصحابه بعد انتهاء
المعركة، وما مصيرهم. حتى
قال: من ينظر إلى ما فعل
سعد بن الربيع أفي
الأحياء هو أم الأموات؟
فقال رجل من الأنصار: أنا
أنظرُ لك يا رسول الله.
فذهب يبحث عنه فوجده بين
القتلى وبه رمق من الحياة،
فقال له: إن رسول الله
أمرني أن أنظر له في
الأحياء أنت أم في
الأموات، فقال: أنا في
الأموات، فأبلغ رسول الله
عني السلام وقل له: إن
سعد بن الربيع يقول لك:
جزاك الله خيرَ ما جزى
نبيّاً عن أمته، وأبلغ
عني قومك السلام وقل لهم:
إن سعد بن الربيع يقول
لكم: إنه لا عذر لكم عند
الله إن خلُص إلى نبيّكم
سوءٌ وفيكم عين تطرف! ثم
تنفّس فمات. فرجع
الأنصاري إلى النبي صلى
الله عليه وآله وسلم
وأخبره بحاله، فقال صلى
الله عليه وآله وسلم:
رحم اللهُ سعداً نصرنا
حيّاً وأوصى بنا ميّتاً8.
وكان الموقف الثاني مع
أمير المؤمنين عليه
السلام يوم صفّين. إذ
صُرع أحد أصحابه واسمه
عبد الله بن بدُيل، فمرّ
به الأسودُ الخزاعي وهو
بآخر رمق، فقال له: عزّ
عليّ والله مصرعك، ثم
توجّع له، ونزل إليه وقال:
رحمك الله يا عبد الله إذ
كنتَ لمن الذاكرين الله
كثيراً، أوصني رحمك الله.
فقال: أوصيك بتقوى الله،
وأن تناصح أمير المؤمنين
وتقاتل معه حتى يظهر الحق
أو تلحق بالله، وأبلغ
أمير المؤمنين عني السلام
وقل له: قاتل على المعركة
حتى تجعلها
خلف ظهرك، فإنه من أصبح
والمعركة خلف ظهره كان
الغالب، ثم لم يلبث أن
مات. فأقبل الأسود إلى
علي عليه السلام فأخبره،
فقال: رحمه الله جاهد
معنا عدوّنا في الحياة
ونصح لنا في الوفاة9.
أما الموقف الثالث للوفاء
ـ وإني أظن أن النفوس
والأرواح والقلوب قد
تهيأت للانتقال إلى
كربلاء ـ فقد كان في
كربلاء، وقد كان من مسلم
بن عوسجة الأسدي حينما
صرع يوم عاشوراء وبه رمق،
فمشى إلى مصرعه الإمام
الحسين عليه السلام ومعه
حبيب بن مظاهر الأسدي،
حيث تلا الحسين عليه
السلام قوله تعالى:
﴿فَمِنْهُمْ
مَنْ قَضَى نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ وَمَا
بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾10
ثم قال له: رحمك الله يا
مسلم. وجاء دور حبيب
ليقول له: عزّ عليّ
مصرعُك يا مسلم، أبشر
بالجنة، فقال مسلم: بشرّك
الله بخير يا أخي يا حبيب،
ثم أردف حبيب قائلاً:
لولا أعلم أني في الأثر
لأحببتُ أن توصيني بجميع
ما يهمّك، فقال مسلم:
أوصيك بهذا، وأشار إلى
الحسين عليه السلام، أن
تُقتل دونه؟ فقال له حبيب:
لأُنعمنّك عينا يا أخي يا
مسلم، ثم فاضت روحه
بينهما!
أوصى ابنُ عوسجةٍ
حبيباً قال
قاتل دونه حتى
الحمام تذوق.
نصروهُ أحياءً وعند
مماتهم
يوصي بنصرته
الشفيق شفيقاً
(نصاري): حبيب تريد من
عندي وصيّه
اشبيدي حالت
اعليَّ المنيّه
أوصيّك ابغريب الغاضرية
هذا حسين عنّه لا
تكصرون
(نعي): وصلت يبن ظاهر
منيتي
ما وصيّك
بعيالي وبيتي
ولا تحفظ أولادي وثنيتي
إن كان نيتك مثل
نيتي
اريدنك تجاهد سويتي
بالحسين وعياله
وصيتي
وكان أصحاب الحسين عليه
السلام قد ضربوا أروع
أمثلة الوفاء لله ولرسوله
ولأمير المؤمنين لفاطمة
وللحسن والحسين عليهم
السلام، وفاء للإسلام
والقرآن، حتى قال فيهم
سيدهم الحسين عليه السلام:
ولا أعلم أصحابي أبرّ ولا
أوفى من أصحابي، ولما سقط
سعيد بن عبد الله الحنفي
وكان قد وقف درعاً دون
الحسين عليه السلام ومن
كان يصلّي معه، حيث كان
يتلقى السهام والرماح
والحجارة بوجهه وصدره،
حتى سقط إلى الأرض،
فالتفت إلى الحسين عليه
السلام قائلاً: أوفيّتُ
يا ابن رسول الله؟ قال:
نعم وأنت أمامي في
الجنة، ثم قال له: سعيد
أبلغ جدي رسول الله عني
السلام وقل له: إن حسيناً
في الأثر، وتكرر نفس
الموقف مع عمر بن قرظة
الأنصاري رضي الله عنه.
هذا والحسين عليه السلام
يودعهم واحداً بعد آخر،
حتى بقي وحيداً فريداً
ينظر يميناً وشمالاً،
فيرى أصحابه مجزرّين حوله
كالأضاحي هذا من صافح
التراب جبينه، وهذا من
سقطت يساره ويمينه، فأخذ
يناديهم بأسمائهم، يا
حبيب، يا زهير، يا برير،
يا عابس... ما لي أدعوكم
فلا تجيبون واستنصركم فلا
تنتصرون.
(نعي): وقف ما بينهم
والدمع سكّاب
ينادي هاي تاليكم
يالأحباب
يصير اعتب وأنا أدري
ما من أعتاب
وعند الموت كل شي
موش ميسور
(نصاري): تعنّه احسين
وصّل للمعاره
لقاهه امطرحه دمه
يتجاره
جذب حسره وتوسّف على
انصاره
غده
يعتب عليه بدمع من دم
غده يعتب عليهم بقلب
مهموم
يطيب
الكم يفرسان الوغى النوم
تخلوني وحيدا بين هالقوم
وجيش اعداي للغارة تؤّلم
فساعد الله قلب زينب
عليها السلام وهي ترى
أخاها الحسين عليه السلام
ينادي أصحابه ويستغيث حيث
لا مُجيب ولا مغيث؛ فوجهت
وجهها إلى النجف تنادي
أباها:
(نعي): يخويه تنادي
ولا لك امعين
وقومك على الغيره
مطاعين
أنا منين اجيب المرتضى
منين
عن كربلا بويه غبت وين
تدري بأميّه تطلب بدين
يطلبون ثار ابدّر وحنين
هجموا فرد هجمة على حسين
قم يا علي فما هذا القعود
وما
ظني تغضّ على الأقذاء
أجفانا
وانهض لعلك من همّ المّ
بنا
تفكنا وتولّى دفن قتلانا
|