القصيدة
القريض
من شيبة الحمد شبان مشت
مرحاً
لنصرة الحق لا كبراً ولا
نيها
بسّامة الثغر والأبطال
عابسة
تفتر منها الثنايا عن
لئاليها
لو لم يكن همها نيل
الشهادة ما
أبقت على الأرض شخصاً من
أعاديها
ليست تبالي والأسياف
صلصلة
مطبق سعة الغبراء داويها
وللرماح اصطكاك في أسنتها
وللسهام اختلاف في
مراميها
ناهيك بالقاسم بن المجتبى
حسنٍ
مزاول الحرب لم يعبأ
غوانيها
شأن بيض مواضيها تكلمه
عنيد تغازله منها غوانيها
لو كان يحذر بأساً أو
يخاف وغر
ما انصاع يُصلح نعلاً وهو
صاليها
أمامه من أعاديه رمال ثرى
من فوق أسفلها ينهال
عاليها
ما عمم الأزرق الأزدي
هامته
فاحمر بالأبيض الهندي
هاميها
فخر يدعو فلبى السبط
دعوته
فكان ما كان منه
عند داعيها
وافى به حاملاً نحو
المخيم و
الآفاق في وجهه
حمر مجاريها
تخط رجلاه في لوح الثرى
صحفاً
الدمع منطقها
والقلب تاليها
آه على ذلك البدر الأشم
محا
بالخسف غرته
الغراء ماحيها
ضلع حسين عالقاسم محنه
يعمي بمقتلك زادت محنه
شاله حسين وبدمه محنّه
وجابه للخيم يهل
الحميّة
(فائزي ـ بحراني):
قومي يا زينب ساعديني
عالرزية
جاسم وقع من المهر
فوق الوطية
اقعد يَمن ردتك ذخر عن
جور الأيام
ليس اقطعت بيه
ونسيت أمك يجسام
هيهات من غمضت عينك عيني
تنام
والله لعودها
السهر غصباً عليَّ
يوحيدي يا ماردت غيرك
بدنياي
لا تظن غير الموت
يطفي جمرة احشاي
هيهات اطفي سعيرها بدموع
عيناي
لكني جفت دمعتي
كانت جرية
الموضوع
قال تعالى:
﴿يَوْمَ
تَرَى الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى
نُورُهُم بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ﴾1.
اختلفت الفلسفات القديمة
والحضارات السالفة في
أمور كثيرة، ولكن هناك
شبه إجماع على مسألة ظلم
المرأة وإجحافها حقها
وعدم إعطائها أبسط حقوقها
الإنسانية، بل تمادت بعض
تلك الحضارات لتشكك حتى
في إنسانية المرأة فهل هي
إنسان أم أنها مخلوق شبيه
بالإنسان خُلق لخدمة
الإنسان الذي هو الرجل
بزعمهم.
ولم تكن الحضارة العربية
قبل الإسلام بمعزل عن
تلكم الثقافات الماضية
حيث كانت المرأة صاحبة
الحظ الأقل في الحياة
والمجتمع. وذكر القرآن
الكريم بعضاً من تلك
الممارسات الخاطئة بل
الظالمة للمرأة في
المجتمع الجاهلي، مثل
قوله تعالى:
﴿وَإِذَا
الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ﴾2
﴿بِأَيِّ ذَنبٍ
قُتِلَتْ﴾3. في إشارة
إلى عادة بعض القبائل
العربية في قتل بناتها
وهن وليدات أو صغيرات،
وكانت البنت توأد لأسباب
غريبة مثل كونها شيماء (سوداء)
أو كونها زرقاء (أي زرقاء
العينين، حيث كان العرب
يتشائمون من اللون الأرزق)،
أو لأنها كسحاء (أي مقعدة)
أو مخافة العار أو أن
تكون سبية ذات يوم وهكذا
من أسباب لا تنتهي.
وكانت المرأة أو البنت
مصدر قلق وألم حتى إذا
تزوجت وانتقلت من بيتها
إلى بيت زوجها. يقول أحد
الشعراء في ابنته:
فإن زوجتها رجلاً غنياً
فيشتم جدها ويسب
جدي
وإن زوجتها رجلاً فقيراً
فتعيش عنده والهم عندي
سألت الله يأخذها بموت
وإن كانت أعز الناس بعدي
وتحفل قصص العرب وأشعارهم
بالكثير من شواهد التبرم
والانزعاج والتألم لوجود
البنت.
كما وتحدث القرآن الكريم
كذلك عن عادة أخرى من
عادات الجاهلية:
﴿وَقَالُواْ مَا فِي
بُطُونِ هَذِهِ
الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ
لِّذُكُورِنَا
وَمُحَرَّمٌ عَلَى
أَزْوَاجِنَا﴾4، أي بناتنا.
فحتى الطعام الذي كان
يقدم للبنت هو أقل شأناً
من طعام الذكور والأبناء.
ولا تحسب أن الأمر انتهى،
مع ذهاب الحضارات القديمة
وغياب الفلسفات السابقة
لأن ما تعانيه المرأة في
ظل الحضارة المعاصرة
والمدنية الحديثة لا يقل
ظلماً عن ذلك الظلم
والإجحاف الذي عانته
المرأة سابقاً.
فقد دأبت المدنية الغربية
المعاصرة على أن تجعل من
المرأة سلعة معروضة للبيع،
ودمية لإثارة غرائز الرجل،
حتى ينظر إليها كأنثى لا
كإنسان فهذه دور الأزياء
وما يعرف بحفلات ملكات
الجمال وعالم الدعايات
التجارية وترويج البضائع
والمنتجات، نجد المرأة
فيها وقد صارت تستغل أبشع
استغلال. ومراجعة ـ لو
عابرة للإحصائيات
الاجتماعية وغيرها التي
تصدرها مراكز الدراسات
الاجتماعية في العالم
الغربي ـ، تضع أيدينا على
مدى ما تتعرض له المرأة
من استغلال وتحرش واعتداء
واختطاف واغتصاب.
لقد كان البعض يقولون أن
الحجاب يخلق عقدة في نفوس
الرجال ولهذا لا بد من
الإسفار عن محاسن المرأة
وترك الحجاب حتى تكون
الأمور والعلاقات عادية
وطبيعية بين الرجل
والمرأة. ولكن الواقع
العملي والنتائج الواقعية
أثبتت
عكس ما يقول هؤلاء حيث
تنتشر الممارسات الغريبة
في المجتمعات الغربية
والأساليب المعقدة التي
تجافي الطبيعة الإنسانية
والفطرة البشرية. إن
الإسلام بتشريعاته السمحة
وأساليبه الأخلاقية
الرفيعة وحثه على
العلاقات النظيفة الطاهرة
بين الرجل والمرأة في
مؤسسة الزواج تخلص الحياة
من العقد والمعاناة التي
يعيشها الإنسان الغربي
المعاصر.
كما أن الحجاب فيما شرعه
القرآن وأمر به الإسلام
ودعا إليه النبي صلى الله
عليه وآله وسلم إنما يراد
منه الحفاظ على كرامة
المرأة وشخصيتها كإنسانة،
تعامل وفق المعايير
الإنسانية، لا أن تجرّد
ثيابها وتبدي مفاتنها
ومحاسنها فتكون فريسة
للعيون الجائعة ونهبة
للنفوس المريضة.
إن الحجاب حصن المرأة
وكرامة لها وتقديس للجانب
الإنساني في شخصيتها. إن
الحجاب الذي أمر به
الإسلام بأوصافه المعروفة:
(أن لا يكون ضيقاً فيصف
ما تحته، ولا شفافاً
فيحكي عن مفاتن المرأة،
ولا بألوان مثيرة)، إنما
يهدف كذلك إلى منع
الإثارة الخاطئة في
المجتمع.
وغريب ما يثيره بعض الناس
من ادعاء كاذب حينما لا
يسمحون لبناتهم أو
أخواتهم بارتداء الحجاب،
لأنهم يتصورون أن لبس
الحجاب سيمنع أو يؤخر
زواجهن، في حين أن الواقع
على عكس ذلك تماماً.
لأن الشاب حينما يفكر
جدياً بالزواج فإنه يبحث
عن المرأة الصالحة
والشابة الملتزمة التي
تكون له لا لغيره، حتى
نجد في بعض البلدان أن
غير المحجبة تعمد إلى
ارتداء الحجاب حتى تخطب
وتتزوج في وقت أسرع كثيراً
من غير المحجبة.
كما أن هناك ادعاء غريب
آخر وشبهة ثانية حول
الحجاب، فيما يقولون أن
الحجاب يعيق تقدم البنت
علمياً وثقافياً، وهذه
أغرب من الشبهة السابقة،
لأن الواقع يشهد أن
الشابات المؤمنات هن في
مقدم الركب العلمي في
الثانويات
والجامعات، حتى أن أعداد
المحجبات يزداد في
الجامعات سنة بعد أخرى.
ثم لنسأل هل أن المرأة
إذا لبست ثوباً قصيراً
وتبرجت صارت أكثر قدرة
على فهم المعادلات
الرياضية استيعاب المسائل
العلمية؟ فما علاقة العلم
بالسفور؟ وقبل سنوات
استقبلت ملكة بريطانيا
شابة مؤمنة من أب عراقي
وأم لبنانية كانت الأولى
على جميع ثانويات
بريطانيا والشابة بحجابها
الإسلامي اللافت.
وبالمناسبة فإن إحصائيات
دوائر التربية في
بريطانيا أثبتت أن خريجي
الثانويات غير المختلطة
هم أرفع درجات وأعلى
معدلات وأكثر نسبة في
النجاح من خريجي
الثانويات المختلطة!!
ويردّ بوضوح أكثر على من
يدعي أن المرأة إذا
التزمت بحجابها، كان ذلك
مدعاة لتقيد حركتها وعدم
مساهمتها في حقول التجارة
أو العمل في المرافق
الحياتية المختلفة
والدوائر والوزارات
المختلفة.
فإن المرأة المحجبة،
موجودة بحضور واضح في
الدوائر والشركات
التجارية والمؤسسات
المالية. ولقد كان القرآن
الكريم قد سبق كل
الفلسفات التي تدعي
الدفاع عن حقوق المرأة
حينما جعل للمرأة شخصية
مالية كاملة، فلها أن
تبيع وتشتري وتهب، وإلى
ما ذلك من الممارسات
التجارية والمالية، قال
تعالى:
﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ
مِّمَّا اكْتَسَبُواْ
وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ
مِّمَّا اكْتَسَبْنَ﴾5.
نعم هناك بعض الشركات
تحاول الترويج لمنتجاتها،
كما قلنا سابقاً ـ عبر
وضع بعض النساء وبحالات
فاضحة بمثابة كمائن
للزبائن مثل بيع السيارات
الفاخرة ذات الأثمان
الباهظة حيث تقف إلى كل
سيارة امرأة أتقنت فن جذب
الزبون ثم إخجاله
بمسارعتها إلى عقد صفقة
بيع تلك السيارة حتى لا
يستطيع التهرب من بيع
محقق.
كما أن من الغريب ادعاء
بعض الكتاب أو المؤلفين
وربما غيرهم، أن المرأة
حينما تخلع الحجاب وتبرز
مفاتنها فإنما هي تقوم
بعملية عرض شخصيتها في
المجتمع لأن الحجاب يشكل
عائقاً دون معرفة المجتمع
بهذه الشخصية وما تضمه من
قدرات وكفاءات. فالحجاب
بزعمهم عائق يحول دون
اكتشاف شخصية المرأة.
وهذا ادعاء غريب ومريب،
فمتى كان خلع بعض الثياب
تعبيراً عن شخصية الإنسان؟
إن شخصية الإنسان
وكفاءاته إنما تظهر عبر
سلوكه وأخلاقه وعبر علمه
وتفوقه في مجالات العطاء
الإنساني النافع والهادف.
ولماذا يكون خلع الثياب
وسيلة لاكتشاف شخصية
المرأة فقط دون الرجل
فلماذا لا يقول هؤلاء
المدعون أن على الرجل أن
يكشف جسده لتعرف شخصيته،
أم أنها الأساليب
الشيطانية في الإيغال
باستغلال المرأة ومحاولة
تغييب جانبها الإنساني.
وامتدت المسألة حتى إلى
الرياضة، فلنا أن نسأل
لماذا تكون ملابس الرجال
في بعض أنواع الرياضة
كألعاب الجمناستيك وغيرها
طويلة فيما تكون ملابس
النساء الرياضيات قصيرة
في نفس الحقل الرياضي؟!.
إن تشريع الحجاب تشريع
متفق عليه في كل الأديان
السماوية لأنه منسجم مع
الطبيعة الإنسانية،
والفطرة التي أودعها الله
في النفوس. وليس في هذا
التشريع إجحاف بالمرأة أو
إهانة لها، لأن الله
تعالى المشرع هو خالق
المرأة وخالق الرجل على
حد سواء، فلماذا يحابي
جانباً على حساب آخر.
ولهذا جاءت الآيات
القرآنية تخاطب الرجل
والمرأة وأنهما أساسا
الإنسانية.
﴿يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ
وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾6.
وكذلك في كونهما مسلمين
أو مؤمنين:
﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِمَاتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾7.
وحتى في جانب المسؤولية
تجاه الدين والمجتمع فهما
مسؤولان على حد سواء
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء
بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ﴾8.
فكما على الرجل أن يأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر
فكذلك يقع الأمر على
المرأة المؤمنة.
ولقد بادرت المرأة
للإيمان بالإسلام والدفاع
عنه لأنها وجدت فيه دين
الله الحق الذي يرعى حقها
ويدافع عنها وعن
إنسانيتها وكيانها.
فمع المسلمين الأوائل
الذين بادروا لبيعة النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
في بيعة العقبة، كان معهم
المرأة مبايعة ومستعدة
للدفاع عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم
والمهاجرين معه إذا وصلوا
المدينة المنورة.
وقبل ذلك كانت المرأة
المسلمة قد نالت نصيبها
من التعذيب والأذى في
ساحات قريش وهجيرها حتى
كانت المرأة هي أول من
فتح باب الشهادة في
الإسلام حيث كانت الشهيدة
الأولى سمية أم عمار بن
ياسر رضي الله عنها.
كما أن المرأة المسلمة
هاجرت مع المسلمين
المهاجرين سواء إلى
الحبشة، في الهجرة الأولى
كانت بقيادة جعفر بن أبي
طالب عليه السلام. أو في
الهجرة الثانية إلى
المدنية المنورة.
كما أن المرأة المسلمة
كانت مع أخيها المسلم
تسعى لبناء المجتمع
الإسلامي الأول وإنزال
معادلات للحياة والواقع
وجاءت آيات كريمة وأحاديث
شريفة كثيرة في الإشادة
بمؤمنات فضيلات مجاهدات
سطرن أروع المواقف
الرسالية الإيمانية.
حتى كان لبعض نساء
المسلمين أدواراً مهمة في
بعض غزوات رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم، مثل
أم عمارة المازنية التي
وقفت تدافع عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
يوم أحد حينما فرّ غالبية
المسلمين، وبقيت هذه
المرأة مع بضعة مجاهدين
مخلصين يدافعون عن رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم وكان بيدها سيفان،
حتى أصيبت بجراحات بالغة.
كما وسطر التاريخ موقف
نساء مسلمات نزلن لقتل
بعض اليهود الذين أرادوا
السوء بأوضاع المسلمين
يوم الأحزاب وخيبر. كما
وكانت النساء تسقي
المجاهدين وتداوي الجرحى
في غزوات النبي صلى الله
عليه وآله وسلم. وفي
غزوات أمير المؤمنين عليه
السلام كان للمرأة دور
مهم وبارز في حث
المجاهدين وشحذ همهم حتى
لاقى بعضهن العنت
والمعاناة والترويع
والتخويف بعد استشهاد
الإمام علي عليه السلام.
أما إذا جئنا إلى أحداث
نهضة الإمام الحسين عليه
السلام فإن للمرأة فيها
أدواراً بارزة جداً. بل
إن هذه النهضة الخالدة ما
كان لها أن تحظى بكل هذا
الامتداد والعطاء والخلود
لولا الحضور النسائي
الفاعل فيها وفي أحداثها،
وفي مستويات متنوعة.
فهناك من كانت تحث على
الالتحاق بالركب الحسيني
الخالد، كما كان دور دلهم
بنت عمرو مع زوجها زهير
بن القين.
وهناك من كانت تأوي
وتحامي كما صنعت طوعة
فيما أجارت مسلم بن عقيل
عليه السلام بالكوفة.
وهناك من دعت قومها إلى
النهوض للثأر للحسين عليه
السلام والشهداء، كما كان
من امرأة من آل بكر بن
وائل.
وأما دور المرأة في
الجانب الإعلامي للنهضة
الحسينية وكشف الحقائق
وبيان الأبعاد فهي مسألة
كبيرة تحتاج إلى موضوع
كامل خاصة في دراسة
خطب بنات رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم
أثناء رحلة السبي في
بدايتها بكربلاء أو
مرحلتها الأولى بالكوفة
أو في الطريق إلى الشام
أو مرحلتها الثانية
بالشام بل وحتى في العودة
إلى المدينة.
وكم من امرأة وامرأة يوم
عاشوراء حثت ولدها على
بذل نفسه والتضحية بدمه
دفاعاً عن دين الله ودين
رسوله ومن تلكم النساء
استمدت أمهات الشهداء
وزوجاتهم وأخواتهم
وبناتهم حث أبطال
المقاومة حينما راحوا
يسطرون أورع سجل في سفر
الثبات والإخلاص والتضحية.
نعم فكم من امرأة في
كربلاء حثت الزوج والابن
على بذل النفس والجود بها،
فإن أم عبد الله بن عمير
الكلبي (أبو وهب) وزوجته
اشتركتا معاً في حثه على
بذل دمه دون الحسين عليه
السلام.
وأم عمرو بن جنادة
الأنصاري جاءت بابنها
الاشب الصغير تمسكه من
كتفيه لتقدمه بنفسها إلى
سيد الشهداء عليهم السلام.
وكذلك كان دور رملة زوجة
الإمام الحسن عليه السلام
حيث قدمت ولدين لها يوم
الطف، الأول محمد بن
الحسن، ثم أخاه القاسم بن
الحسن، الذي عمل بوصية
أمه وحثها، حيث جاء إلى
عمه الحسين عليه السلام
طالباً منه أن يأذن له
بالبروز للدفاع عن قيم
السماء ومفاهيم القرآن
وسنة النبي صلى الله عليه
وآله وسلم.
فانكب القاسم على قدمي
عمه الحسين عليه السلام
متوسلاً به أن يأذن له،
فقال له الحسين عليه
السلام: ابق مع النساء
حيث لن يبقى لهن ناصر ولا
معين، فقال له: لا بد لي
أن التحق بك وبأبي
وأعمامي وأبناء أعمامي.
فلما رأى الحسين عليه
السلام إصراره أذن له
بالنزول إلى المعركة،
فاجتمعت النسوة حوله عمته
زينب وأمه رملة وبنات عمه.
(نعي): سدت أركابه
سكينة
وعمته بنخده تشمه
ومن الخيم مذهوله
راحت تنادي
أمه
يبني يقاسم يولدي
حيلك لعمك ضمه
لهاليوم أن ذاخرتك
بالك تخيب ظنوني
فاتجه إلى المعركة وهو
يرتجز ويقول:
إن تنكروني فأنا نجل
الحسن
سبط النبي المجتبى
والمؤتمن
هذا حسين كالأسير المرتهن
بين أناس لا سقوا
صوب المزن
وما يزال يقاتلهم قتال
الأبطال لا يعبأ بجمعهم
ولا يبالي بكثرتهم،
وبينما كان يصلح شسع نعله
حيث كانت العرب تأنف أن
تحتفي بالميدان، قال منقذ
بن مرة العبدي: عليَّ
آثام العرب إن لم أثكل به
عمه، فشد عليه فضربه على
هامته بسيفه فسقط لوجهه.
ونادى القاسم: أغثني يا
عم.
فجاء الحسين عليه السلام
وقتل قاتله وثارت غبرة
شديدة فلما انجلت وإذا
بالحسين واقف على جسد ابن
أخيه ودموعه على خديه وهو
يناديه: يعز والله على
عمك أن تدعوه فلا يجيبك
أو يجيبك فلا يعينك أو
يعينك فلا يغني عنك
شيئاً9.
(نصارى): يكله وناداه
يا قاسم اشبيدي
ريت السيف قبلك حز
وريدي
هانلكم تخلوني أوحيدي
وعلى الخيم يعمى
الخيل تفتر
يعمي اسقالت من الصبر
روحك
يبويه ما تراويني
جروحك
لون أبقى يعمى كنت أنوحك
بقلب مثل الغضا
وبدمع محمر
ثم جاء به إلى خيمة
الشهداء عليهم السلام:
جابه ومدده ما بين
أخوته
قعد عدهم يوليلي
وهم موته
بس ما سمعن النسوان صوته
أجت أمه تنادي
الله أكبر
خرج الحسين عليه السلام
من المخيم ليترك هذا
الشاب الشهيد للنساء يقمن
المناحة عليه لا سيما أمه
رملة:
(نعي): ردتك ذخر لايام
شيبي
يَوِسَف انقطع منك
نصيبي
يمحروم من شم العذيبي
بعدك تره يكثر
نحيبي
(تخميس): يا ابن الزكي
السبط قد أوحشتني
وإلى الكآبة
والبكاء أسلمتني
بين العدا في كربلا
ضيعتني
أحزنتني
أبكيتني أثكلتني
(أبو ذية): يريم الصار
صدري الك ما راح
لعد بالي الدهر
بعدك ما راح
يقاسم ابيك تعب أرباي ما
راح
شلت راسي بجهاد
الغاضرية
بني في لوعة خلفت والدة
ترعى نجوم السما
بالليل بالسهر
|