الدرس الثالث: أهمِّيَّة تحديد الأهداف التّربويّة

يخدم كلّ عمل تعليميّ وتعلّمي، في الأصل، هدفًا معيّنًا. ويكون هذا الهدف أحياناً غامضاً عند قسم من المعنيّين بالعمليّة التّربويّة (المعلّمين، المتعلّمين، الأهل...). ويعود سبب ذلك إلى كون العمل التّربويّ قد توجّه أكثر نحو كيفيّة التّنفيذ ونحو النّصوص المعرفيّة أكثر منه نحو الأهداف المنشودة. إنّنا نأسف لهذا الواقع التّربويّ لأنّ عدم معرفة المربّي بشكل خاصّ، للهدف المنشود يجعله في وضع من يطلق النّار على هدف لا يراه، فقد يصيبه بالصّدفة، وهو على الأرجح لا يصيبه. وهنا ينطبق عليه الحديث القائل: "العامل على غير بصيرة كالسّالك على غير الطّريق، لا تزيده سرعة المسير إلّا بعدًا".


  15


صحيح، أنّه يمكننا مقاربة عمليّة التّعليم والتّعلّم من باب النّصوص والوسائل، أو من زاوية الأهداف، أو حتّى التّقويم، التي تعيدنا إلى الأهداف موضوع التّقويم. إنّنا نؤيّد مقاربة عمليّة التّعليم والتّعلّم من باب الأهداف، لأنّها المرجع والمعيار والأساس لكلّ مكوّنات العمليّة التّربويّة.

يفرض هذا الخيار تحديد الأهداف التّعلّميّة والتّربوية بجميع مراتبها، وله بدون شكّ فوائد عديدة نذكر منها:
- يشكّل منارة للعمل التّربويّ ويساعد المعلّم والمتعلّم على التّعرّف إلى مواقعهما من الهدف، وإلى تصويب المسارات باتجاهه.
- يفيد في اختيار كامل مكوّنات عمليّة التّعليم والتّعلّم، وإعادة النّظر فيها باعتباره أساسها (الطّرائق والوسائل والنّصوص والتّقويم).

- يُمحور العمل التّربويّ حول ما يجب أن نعلّمه للمتعلّم وما يجب أن ننمّيه لديه من قدرات ومهارات ومواقف.

- يسمح ببرمجة عمليّة التّعليم والتّعلّم ويجعل التّخطيط للعمليّة عملانيًّا وواقعيًّا.
- يسمح بإعلان الأهداف التّعلّمية المنشودة في بداية حصص التّعليم والتّعلّم.

- يساعد المتعلّم على التّفكير المعرفيّ (معرفة ووعي ما يريد وكيفيّة الوصول إليه) والتّحكّم باستراتيجيات تعلّمه وتفكيره (ضبط داخليّ)، كما يساعد المعلّم على تفريد التّعليم والتّحكّم بالعمليّة (ضبط خارجيّ).

- يساهم في زيادة مستوى التّناسق والتّوافق بين جميع مكوّنات عمليّة التّعليم والتّعلّم.

- يشكّل أساس نظام يتطوّر بالتّغذية الرّاجعة بشكل دائم.
- يسهّل الحوار بين الفرقاء المعنيّين بالعمليّة، ونقاش نتائج المتعلّمين، وتحديد موضوعات الدّعم، وعلاج الثّغرات التّعلّميّة.


16



17