الدرس الرابع: صياغة الأهداف التّربويّة

تُصاغ الأهداف في جُمل فعليّة تتضمّن القدرة مطبّقة على محتوى معرفيّ أو موضوع معيّن. مثال: "يؤدّي مناسك الحج". فالقدرة المعبّر عنها هنا في الهدف التّعلّمي هي الأداء والموضوع هو الحجّ.

ويكون في الجملة، المُعبِّرة عن الهدف التّعلّمي، الفاعل المتعلّم - الذي يُطلب منه بعد عمليّة تعليم وتعلّم إراديّة منظّمة - اكتساب القدرة، موضوع التّعلّم. إنّ التّعبير عن الهدف بعبارة تدريس أو تعليم مناسك الحجّ يدلّ أكثر على عمل المعلّم. وكذلك الأمر فإنّ قول مناسك الحجّ للتعبير عن الهدف يشير إلى عنوان النّشاط التّعليمي والتّعلّميّ أو الموضوع - ولهذا وتوخيًّا للدّقّة في التّعبير، وبالتّالي في العمل - نختار التّعبير عن الأهداف بعبارات تعلّميّة دقيقة ومباشرة.

أمثلة:

- يرمي (المتعلّم) الجمرات.(1)
- يستذكر التّلبية.(2)
- يدعو الله تعالى بخشوع.(3)
- يكتب انطباعاته ومشاعره وهو يتأمّل الكعبة.(4)


 18


تتعامل هذه الأهداف التّعلّميّة مع شخصيّة الإنسان ذات الأبعاد المتعدّدة والمتداخلة (العقليّ والحسّيّ والحركيّ والعاطفيّ والاجتماعيّ والرّوحيّ). يمكن للهدف الواحد أن يتعامل مع غير بُعد واحد، ولكنّ الصّياغة تُظهر غلبةً، أو تركّيزاً على بُعدٍ محدّد، مع عدم نفي وجود الأبعاد الأخرى وراءه. ففي المثال الأوّل المتقدّم يظهر البعد الحسّيّ والحركيّ من خلال أداء حركات معيّنة. وفي المثال الثّاني يَبينُ البعد العقليّ من خلال استرجاع التّلبية من الذّاكرة وتردادها. وفي المثال الثّالث يظهر البعد العاطفيّ (الوجدانيّ) من خلال التّوجه القلبيّ والخشوع في الدّعاء والتّقرّب من الله سبحانه وتعالى.

ولا يخفى، في جميع هذه الأهداف، وجود البعد الرّوحي في أداء العبادات المذكورة. أما في المثال الرّابع فتتداخل جميعُ أبعادِ ومكوّنات شخصيّة الإنسان، حيث يتعامل الهدف مع البعد الحسّي والحركيّ من خلال الكتابة واستعمال العضلات الصّغيرة، ومع البعد العاطفيّ من خلال تحريك المشاعر والأحاسيس والكشف عنها، ومع البعد العقليّ من خلال استذكار التّعابير المناسبة وقواعد اللغة، ومع البعد الرّوحيّ قبل وخلال تنفيذ الهدف.


 19


إنّنا نلفت النّظر هنا إلى كون تقسيم أبعاد شخصيّة الإنسان هو تقييم نظريّ، اعتمدناه لتسهيل التّعامل مع الموضوع وفهم المكوّنات الأساسيّة في الأهداف التّعلّميّة والتّربويّة، من أجل التّنويع في صياغتها، وبالتّالي الاهتمام بتربية جميع أبعاد شخصيّة الإنسان، وبشكل متوازن، خاصّة وأنّنا نميل أكثر، في العمل اليوميّ الفعليّ، إلى الاهتمام بالجانب العقلي على حساب الجوانب الأخرى.

لقد عبّرنا عن الأهداف بجملٍ مختصرة مفيدة، ولكنّنا نشير إلى إمكانيّة إضافة عناصر أخرى إلى صياغة الأهداف غير الفعل (القدرة أو المهارة أو الموقف) والموضوع أو المحتوى المعرفيّ. مثال: "يُطلبُ من المشترك في دورة الأنصار أن يؤدّي الصّلاة اليوميّة الواجبة بدون خطأ".

وبذلك نكون قد أضفنا، في هذا المثال، تحديد جمهور المتعلّمين المعنيّين بالهدف ومواصفات التّقويم المعتمدةِ في الحكم على مدى اكتسابه بحيث لا يُسمح بالخطأ.

وفي المثال الآتي: "يُطلب من المشترك في نهاية الدّرس الثّقافي أن يُحدّد اتجاه القِبلة مستعملاً البوصلة، في محاولة واحدة".


 20




الهدف التعليمي الخاصّ

وهنا تظهر إضافات أخرى إلى صياغة الهدف حيث يظهر فيه:
1- الجمهور المعنيّ (المشارك في الدّرس الثّقافيّ).
2- الفعل القدرة المنشودة (تحديد اتجاه القِبلة).
3- الموضوع (القِبلة).
4- معطيات مساعدة (البوصلة).
5- خصائص التّقويم (محاولة واحدة).

إنّ زيادة عناصرَ إضافيّةٍ إلى نصّ الهدفِ، تعطيه المزيد من الدّقّةِ والوضوح وتكسبه صفة الهدف الإجرائيّ أو العملانيّ. يرجع للمعلّم تقدير كمّ العناصر المضافة إلى نصّ الهدف من أجل رفع أيّ التّباس في صياغته قد تشوّش، بالتّالي، عمليّة التّعليم والتّعلّم أو أحد عناصرها كاختيار المحتويات المعرفيّة المناسبة، أو عدم تحضير الوسائل المساعدة، أو عدم الدّقّة في تقويم المكتسبات التّعلّميّة (قدرات ومهارات ومواقف).


 21


نختم هذه الفقرة بعرض مواصفات الهدف التّربويّ أو التّعلّميّ لبّ نشاطات التّعليم والتّعلّم، ومحور عمليّة التّفاعل بين المعلّم والمتعلّم والمعرفة:
1- يعبّر عن عزم أو قصد.
2- ينتجُ من تعلّمٍ يُعبَّر عنه بفعل فاعله المتعلّم مطبَّقًا على محتوى معرفيّ أو سياق محدّد، ويكون فيه المعلّم وسيطًا بين المتعلّم والمعرفة.
3- يصف تغيّرًا لدى المتعلّم يشتمل إمّا على اكتساب قدرة جديدة، وإمّا تنمية قدرة موجودة أصلاً أو مكتسبة جزئيًّا أو على طريق الاكتساب.
4- يجب أن يكون هذا التّغيير محدّد الماهيّة ومتوقعًا وإراديًّا ومستحبًّا.


 22