القياس، بشكل عامّ،
عمليّة نعطي بواساطتها
رموزًا لأشياء أو منتجات
حسب قواعد محدّدة.
أمّا في عمليّة قياس
نتائج التّعليم والتّعلّم
فيقوم المقوِّم أوّلاً،
بتحديد ماذا يقوّم (وصف
نوعيّ): أداء كفاية،
التمكّن من أهداف خاصّة/
عناصر كفاية، قدرات
عقليّة، مهارات حركيّة،
مواقف أو اتجاهات. ثمّ
يحدّد المعايير
والمبيّنات المرجعيّة
التي سيعود إليها في
القياس ويحضّر اختبارًا
وأدوات كشف (أسئلة) عن
مدى تحقّق الهدف
المقوَّم، ويعطي لكلّ
مبيّن حسب أهميّته،
بالرجوع إلى مؤشّرات
محدّدة، تثقيلاً
مناسبًا . وينفّذ عمليّة
القياس بمقارنة المعلومات
أو المعطيات المحصّلة
الصادرة عن المقوَّم،
ويقيسها بالمقارنة مع
المعطيات المرجعيّة
المنشودة (وصف كميّ).
حتّى هذه المرحلة يكون
المقوِّم قد أنجز عمليّة
قياس نتائج عمليّة
التّعليم والتّعلّم، أو
بعبارة أوضح قاس نتيجة
التّعلّم المحقّق من قبل
المتعلّم. بقي على
المربّي أو الجهة
المقوِّمة إصدار الحكم
القيميّ على المتعلّم
بالرجوع إلى نتائج
القياس. وبهذه الخطوة
يبيّن ما يميّز جوهريًّا
التّقويم من القياس أي
الحكم القيمي .
نستنتج ممّا تقدّم أنّ
القياس يقدّم لعمليّة
التّقويم، ولا معنى له من
دونها في التّعليم
والتّعلّم. وأنّ من شروط
التّقويم أن يكون مسبوقًا
بقياس يرجع إليه.
من إيجابيّات اعتماد
القياس في تقويم نتائج
التّعليم والتّعلّم،
إمكانيّة تسجيل الأداء
والتواصل بشأنه مع
المتعلّم والأهل
والمعلمين وغيرهم. وكونه
يفرض اعتماد لغة محدّدة
40
ونظام مرجعي، فهو يخفّف
من
الذاتيّة في التّقويم ومن
الوقوع في تقويم المقابلة
عندما نقارن أداء
المتعلّم بأداءات زملائه
وليس بالأداء المنشود.
فالقياس أمر إيجابيّ في
التّقويم، وهو في العلوم
التّربويّة والإنسانية
بشكل عامّ نسبيّ دائمًا،
وغير كافٍ من دون الحكم
القيميّ المؤسّس عليه. 1- أشكال التعبير الكمّيّ
عن نتائج التّعليم
والتّعلّم
تُستعمل أشكال متعدّدة
للتعبير الكمّيّ عن نتائج
التّعليم والتّعلّم
(القياس). نذكر منها: أ- السلّم العدديّ أو
الرقميّ: من صفر إلى عشرة
أو عشرين أو إلى أربعين
أو ستين... ويوضع فيه رقم
في المخرج يرمز إلى سقف
الأداء المنشود، أمّا
الرقم الموضوع في الصورة
فيمثّل الأداء الفعليّ..
من حسنات العلامات
الرقمية كونها شائعة
الاستعمال ومفهومة من قبل
جميع الفرقاء وقابلة
لعمليّات حسابيّة
متنوّعة: الجمع، المعدّل
الوسطيّ، العلامة القصوى
والدنيا، توزيع العلامات
وإجراء المقارنات...
ومن سلبياتها أنّها:
- تحثّ المتعلّمين على
العمل للحصول على
العلامات، عوض التركيز
على اكتساب المعارف
والقدرات والمهارات.
- توجّه المعلّمين إلى
الاعتماد الحصريّ على
تنفيذ نشاطات مقيّدة
قابلة للقياس.
- تشجّع على تعلّم
التفاصيل والوقائع على
حساب القدرات العامّة
والمواقف لصعوبة قياسها.
- تؤثّر سلبًا على
العلاقة بين المعلّم
والمتعلّمين، وتعطي عن
المعلّم، بأعين
المتعلّمين، صورة القاضي
المتسلّط.
41
لا تقدّم عن أداء
المتعلّمين سوى معلومات
عامّة من دون الدلالة على
أسباب النجاح بشكل عامّ،
والرسوب بشكل خاصّ.
ب- السلّم اللفظي: أظهر
استعمال السلّم العدديّ
بعض السلبيّات العائدة
أساسًا إلى انحرافات في
الاستعمال، وليس إلى
السلّم العدديّ نفسه. حيث
برزت مشاكل في اتخاذ
القرار القِيميّ، بالنجاح
أو الرسوب،
على المتعلّم، بالرجوع
إلى الأرقام. فإذا حصل
المتعلّم على تسع علامات
ونصف من عشرين هل يعتبر
ناجحًا أم راسبًا؟ وفي
هذا المثال إذا عُدنا إلى
العدد من دون نقاش بعض
الحيثيّات يُعتبر
المتعلّم راسبًا،
مع العلم أنّه وبالرجوع
إلى علم الإحصاء، يوجد
هامش خطأ في احتساب
العلامات يقدّر بحوالي 10
- 15%، وعليه يكون النقص
البسيط في العلامة عن
المعدّل الوسطيّ غير
معبّر ولا يُعتدُّ به.
إن المبالغة في تجزئة
العلامات وتصنيف
المتعلّمين بالرجوع إليها
وربط النتائج بتقديمات
ماديّة (جوائز، إعفاء من
الأقساط المدرسيّة...)
وتنمية أجواء التنافس
السلبيّ بين المتعلّمين
وعبرهم بين أهلهم... كلّ
ذلك يعطي الأرجحيّة
لاستعمال السلّم اللفظيّ
الذي يساعد على تجنّب بعض
السلبيّات الرّاجعة إلى
سوء استعمال السلّم
العدديّ.
ويقسّم هذا السلّم في
الغالب إلى خمس فئات:
مُرضٍ جدًّا - مُرضٍ -
وسط - غير مُرضٍ - غير
مُرضٍ أبدًا. أو جيّد
جدًّا- جيّد- وسط- ضعيف-
ضعيف جدًّا.
إنّ اعتماد هذا السلّم
يوسّع مجال الفئة ولا
يحصرها، كما السلّم
العدديّ، بعلامة رقميّة
واحدة، أو بجزء منها.
إنّه يساعد مبدئيًّا على
تقسيم المتعلّمين،
بالرجوع إلى قياس
نتائجهم، إلى فئات،
ويوجّه بالتالي
اهتمام هؤلاء وأهاليهم
إلى الفئة، وليس إلى
متعلّم حلّ أوّلاً بفارق
علامة أو بعضها. ممّا
ينتج تنافسًا لدى
المتعلّم مع نفسه سعيًا
وراء تحصيل فئة أعلى.
42
ج- السلّم الأحرفي:
ويحتوي أيضًا في الغالب
خمس فئات: أ، ب، ج، د،
هـ. وتستعمل أحيانًا
إضافة إلى هذه الفئات
إشارات + و - توضع قبل
الحروف أو بعدها فتصبح
أ+، أ- ... ممّا يزيد عدد
الفئات إلى
خمسَ عشرةَ.
يمتاز سلّم التّقويم
الأحرفيّ بأنّه:
- ليس فيه صفر ولا حدّ
طبيعيّ يمكنه أن يبدأ أو
ينتهي حيثما كان بحسب
خيار المستعمِل.
- يختلف من مادّة إلى
أخرى ومن معلّم إلى آخر.
- يحتوي على فئات غير
متساوية المسافة فيما
بينها: المسافة بين "أ" و
"ب" ليست نفسها بين "د" و
"هـ".
- لا يسمح بمعالجة
النتائج حسابيًّا.وهو
يفترض تحديد كلّ فئة
بوضوح وأن يكون المقوّم
مطّلعاً عليها. كما وأنّه
يسمح باعتماد منطقة فصل،
وليس نقطة قطع تفصل ما
بين النجاح وعدمه.
د- سلّم المواقف: ويناسب
خاصّة في تقويم المواقف
أو الاتجاهات وهو يتضمّن
في الغالب خمس فئات.
مثال عن تقويم مشاركة
المتعلّم في النشاط: نشيط جدًّا
نشيط
نشيط
أحيانًا
نشيط نادرًا
لا
يشارك
وعن الثقة بالنفس: ثقة زائدة
ثقة جيّدة
ثقة
مقبولة
ثقة ناقصة
ثقة
معدومة
هـ - أشكال أخرى: تلجأ
بعض المؤسسات التّربويّة
للتعبير عن مدى تحقّق
الهدف التّعلّميّ إلى
استعمال عبارات: تحقّق،
في طور التحقّق، لم
يتحقّق، للدلالة على مدى
تحقّق الهدف
43
المنشود لدى
المتعلّم.
كما وتُستعمل أيضًا رموز
متّفق على مدلولاتها بين
المعلّمين والمتعلّمين في
التّقويم التكوينيّ مثل:
+ وتعني إجابة كاملة
وصحيحة.
- وتعني إجابة صحيحة
ناقصة.
× وتعني إجابة خطأ.
؟ وتعني إجابة غير واضحة.
! وتعني إجابة مستغربة.
نودّ أن نشير هنا إلى أنه
لا فرق جوهريًّا بين هذه
الأشكال في التعبير عن
النتائج، وإذا كان هناك
من مشكلة فهي راجعة إلى
ما نحمّله لهذه الأشكال
من آثار وما نرتّبه عليها
من قرارات ليس إلاّ.
لقد اعتاد المعلّم على
توجيه النقد أكثر من
التهاني للمتعلّم،
والنصائح أكثر من التشجيع
والعلامات السلبيّة
(تعداد الأخطاء وحذف
علامات عليها من العلامة
الكليّة) أكثر من احتساب
العلامات الإيجابيّة
بالرجوع إلى النجاحات.
إنّ التركيز على النجاحات
وليس فقط على الإخفاقات
وتوضيح المسار المطلوب
حتّى ينجح المتعلّم في
اختبار التّقويم إجراء
يستحقّ التبنّي.
فالتّقويم ليس فقط وضع
علامات رقميّة
(قياس) وإنّما تثمين ونقد
وإعجاب ونصيحة وتوجيه
واقتراح تحسينات...