بِنَفْسِيْ أَبِيَّ
الضَّيْمِ فَرْداً
تَزَاحَمَتْ
إِلَى أَنْ هَوَى
رُوحِي فِدَاهُ
عَلَى الثَّرَى
وَلَمَّا أَتَى
فِسْطَاطَهُ
المُهْرُ نَاعِياً
وَجِئْنَ لَهُ
بَيْنَ العِدَى
يَنْتَدِبْنَهُ
عَزِيْزٌ عَلَى
الكَرَّارِ أَنْ
يَنْظُرَ ابْنَهُ
وَعِتْرَتُهُ
بِالطَّفِّ
صَرْعَى
تَزُورُهُمْ
أَيُهْدَى إلى
الشَّامَاتِ رَأسُ
ابْنِ فَاطِمٍ
وَتُسْبَى
كَرِيْمَاتُ
النَّبِيِّ
حَوَاسِراً
يَلُوحُ لَهَا
رَأسُ الحُسَيْنِ
عَلَى القَنَا
وَشَيْبَتُهُ
مَخْضُوْبَةٌ
بِدِمَائِهِ |
جُمُوْعُ
أَعادِيْهِ
عَلَيْهِ
تُكَافِحُهْ
لُقَى مُثْخَنَاتٌ
بِالجِرَاحِ
جَوَارِحُهْ
لَهُ
اسْتَقْبَلَتْهُ
بِالعَوِيْلِ
صَوَائِحُهْ
بِدَمْعٍ جَرَى
مِنْ ذَائِبِ
القَلْبِ
سَافِحُهْ
ذَبِيْحاً
وَشِمْرُ ابْنُ
الضِّبَابِيِّ
ذَابِحُهْ
وُحُوْشُ الفَلَا
حَتَّى
احْتَوَتْهُمْ
ضَرَائِحُهْ
وَيَقْرَعُهُ
بِالخَيْزُرَانَةِ
كَاشِحُهْ؟
تُغَادِي الجَوَى
مِنَ ثُكْلِهَا
وَتُرَاوِحُهْ؟
فَتَبْكِيْ
وَيَنْهَاهَا عَنِ
الصَّبْرِ
لَائِحُهْ
يُلَاعِبُهَا غَادِي النَّسِيْمِ وَرَائِحُهْ |
شعبي:
يهل الحميّه وين
غبتون
لوقف على درب
لضعون
يهل المدينة ليش
ما تجون
واقبور للموتى
تحفرون |
في كربلا عنا
نزلتون
وسايل اليرحون
ويجون
واكفان ويّاكم
تجيبون
والجسم أبو سكنه
تدفنون |
أبوذيّة:
عليك أنعى يبو
السجاد وحدي
بگيت امحيّره
يحسين وحدي |
وتوصّيني ابظعن
الحرم وحدي
عگب عينك يخويه
انگطع بيّه |
يروى أنّ هنداً زوجة يزيد
كانت قبل أن يتزوّجها
يزيد خادمة في بيت أمير
المؤمنين عليه السلام في
المدينة, ولمّا قُتل
الحسين عليه السلام وأتوا
بنسائه وبناته وأخواته
إلى الشام لم يكن لها علم
بقتله عليه السلام, فدخلت
امرأة على هند وقالت: يا
هند الساعة أقبلوا بسبايا
ولم أعلم من أين هم,
فلعلّك تمضين إليهم
وتتفرّجين عليهم, فقامت
هند, ولبست أفخر ثيابها
وأمرت خادمة لها أن تحمل
الكرسيّ, فلمّا رأتها
الطاهرة زينب التفتت إلى
أختها أمّ كلثوم وقالت
لها: أخيّه أتعرفين هذه
الجارية؟ قالت: لا والله,
قالت: هذه هند بنت عبد
الله خادمتنا, فسكتت أمّ
كلثوم ونكست رأسها..
فقالت هند: أراك قد طأطأت
رأسك؟ فسكتت زينب ولم تردّ
عليها جوابا. ثمّ قالت
لها: أخيّه من أيّ البلاد
أنتم؟ فقالت لها زينب: من
بلاد المدينة, فلمّا سمعت
هند ذكر المدينة نزلت من
الكرسيّ وقالت: على
ساكنها أفضل السلام, ثمّ
التفتت إليها زينب وقالت:
أراكِ نزلت من الكرسيّ؟
قالت هند: إجلالاً لمن
سكن في أرض المدينة, ثمّ
قالت لها: أخيّه أريد أن
أسألك عن بيت في أرض
المدينة, فقالت لها
الطاهرة زينب عليها
السلام: اسألي ما بدا لكِ,
قالت: أسألكِ عن دار عليّ
بن أبي طالب عليه السلام,
قالت
لها زينب: وأنّى لك معرفة
بدار عليّ؟ فبكت وقالت:
إنّي كنت خادمة عندهم,
قالت لها زينب: وعن أيّما
تسألين؟ قالت: أسألك عن
الحسين عليه السلام
وأخوته وأولاده وعن بقيّة
أولاد عليّ, وأسألك عن
سيّدتي زينب وعن أختها أمّ
كلثوم, وعن بقيّة مخدّرات
فاطمة الزهراء.
فبكت زينب بكاءً شديداً
وقالت لهند: أمّا إن سألت
عن دار عليّ عليه السلام,
فقد خلّفناها تنعى أهلها,
وأمّا إن سألتِ عن الحسين
عليه السلام فهذا رأسه
بين يدي يزيد, وأمّا إن
سألت عن العبّاس وعن
بقيّة أولاد عليّ, فقد
خلّفناهم جثثاً بلا رؤوس,
وإن سألت عن زين العابدين
عليه السلام فها هو عليل
نحيل, لا يطيق النهوض من
كثرة المرض والأسقام,
وهذه أمّ كلثوم, وهذه
بقيّة مخدّرات فاطمة
الزهراء, وإن سألت عن
زينب فأنا زينب بنت عليّ..
أنا زينب اليحكون
عنّي
مصايب احسين
الدوهنني |
سليت المصايب ما
سلنّي
نزلن على اعيوني
وعمنّي |
وخرجت هند حتّى شقّت
الستر وهي حاسرة فوثبت
إلى
يزيد
وهو في مجلس عامّ، فقالت:
يا يزيد أرأس ابن فاطمة
بنت رسول الله مصلوب على
فناء بابي؟ فوثب إليها
يزيد فغطّاها، وقال: نعم
فأعولي عليه يا هند وابكي
على ابن بنت رسول الله
وصريخة قريش, عجّل عليه
ابن زياد لعنه الله فقتله،
قتله الله..
وذكر أبو مخنف وغيره أنّ
يزيد لعنه الله أمر بأنّ
يصلب الرأس على باب داره،
وأمر بأهل بيت الحسين
عليه السلام أن يدخلوا
داره, فلمّا دخلت النسوة
دار يزيد، لم يبق من آل
معاوية ولا أبي سفيان أحد
إلّا استقبلهنّ بالبكاء
والصّراخ والنّياحة على
الحسين عليه السلام
وألقين ما عليهن من
الثّياب والحليّ وأقمن
المأتم عليه ثلاثة أيّام..
ونقل عن هند زوجة يزيد
قالت: كنت أخذت مضجعي
فرأيت باباً من السماء
وقد فتحت، والملائكة
ينزلون كتائب إلى رأس
الحسين وهم يقولون:
السلام عليك يا أبا عبد
الله، السلام عليك يا بن
رسول الله، فبينما أنا
كذلك إذ نظرت إلى سحابة
قد نزلت من السماء، وفيها
رجال كثيرون، وفيهم رجل
درّي الّلون، قمريّ الوجه،
فأقبل يسعى حتّى انكبّ
على ثنايا الحسين
يقبّلهما وهو يقول: يا
ولدي قتلوك، أتراهم ما
عرفوك، ومن شرب الماء
منعوك، يا ولدي أنا جدّك
رسول الله، وهذا
أبوك عليّ المرتضى، وهذا
أخوك الحسن، وهذا عمّك
جعفر وهذا عقيل، وهذان
حمزة والعبّاس، ثمّ جعل
يعدّد أهل بيته واحداً
بعد واحدٍ، قالت هند:
فانتبهت من نومي فزعة
مرعوبة، وإذا بنورٍ قد
انتشر على رأس الحسين،
فجعلت أطلب يزيد، وهو قد
دخل إلى بيت مظلم، وقد
دار وجهه إلى الحائط وهو
يقول: ما لي وللحسين؟ وقد
وقعت عليه الهمومات،
فقصصت عليه المنام وهو
منكّس الرأس..
يحسين راسك وين
أودّيه
لو ناخذه الجدّك
نودّيه |
أحطّه بقلبي لو
أخليه
نحكي مصايبنا
ونشكيه |
وَأَعْظَمُ مَا
يُشْجِي
النُّفُوْسَ
حَرَائِرٌ
فَمِنْ مُوْثَقٍ
يَشْكُو
التَّشَدُّدَ مِنْ
يَدٍ
كَأَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ قَالَ
لِقَوْمِهِ
|
تُضَامُ
وَحَامِيْهَا
الوَحِيْدُ
مُقَيَّدُ
وَمُوْثَقَةٍ
تَبْكِيْ
فَتَلْطِمُهَا
اليَدُ
خُذُوا وِتْرَكُمْ
مِنْ عِتْرَتِي
وَتَشَدَّدُوا |
|