لَمْ أَنْسَ
زَيْنَبَ بَعْدَ
الخِدْرِ
حَاسِرَةً
مَسْجُوْرَةَ
القَلْبِ إلَّا
أَنَّ
أَعْيُنَهَا
تَدْعُوْ
أَبَاهَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ
أَلَا
وَغَابَ عَنَّا
المُحَامِيْ
وَالكَفِيْلُ
فَمَنْ
إنْ عَسْعَسَ
اللَّيْلُ وَارَىْ
بَذْلَ
أَوْجُهِنَا
قُمْ يَا عَلِيُّ
فَمَا هَذَا
القُعُودُ وَمَا
فَانْهَضْ
لَعَلَّكَ مِنْ
أَسْرٍ أَضَرَّ
بِنَا
وَتَارَةً
تَنْثَنِيْ
تَدْعُوْ
عَشِيْرَتَهَا
قُومُوا غِضَاباً
عَنِ الأَجْدَاثِ
وَانْتَدِبُوا
هَذَا حُسَيْنٌ
بِلَا غُسْلٍ
وَلَا كَفَنٍ
|
تُبْدِي
النِّيَاحَةَ
أَلحَاناً
فَأَلحَانَا
كَالمُعْصِرَاتِ
تَصُبُّ الدَّمَعَ
عُقْيَانَا
يَا وَالِدِي
حَكَمَتْ فِيْنَا
رَعَايَانَا
يَحْمِيْ
حِمَانَا وَمَنْ
يَأوِيْ
يَتَامَانَا؟
وَإنْ تَنَفَّسَ
وَجْهُ الصُّبْحِ
أبْدَانَا
عَهْدِيْ تَغُضُّ
عَلَى الأقْذَاءِ
أجْفَانَا
تَفُكُّنَا أَوْ
تَوَلَّىْ دَفْنَ
قَتْلَانَا
مِنْ شَيْبَةِ
الحَمْدِ
أَشْيَاخاً
وَشُبَّانَا
وَاسْتَنْقِذُوا
مِنْ يَدِ
البَلوَىْ
بَقَايَانَا
عَارٍ تَجُوْلُ
عَلَيْهِ الخَيْلُ
مَيْدَانَا |
شعبي:
لمّن حدى الحادي
لن زينب اتنادي
لاوين بينه اتريد
خاف الطريق ابعيد
واحنه حرم واطفال
نمشي اعلى هذا
الحال
مروا على العباس
اشلون الصبر يا
ناس
مروا على الجاسم |
بودايع الهادي
ابهونك يحادينه
گاطع افجوج البيد
والتعب يئذينه
ما ضلّت النه
ارجال
مو هيّن اعلينه
جثّه بليّا راس
نمشي وتخلّونه
وعلى الثرى نايم |
نادوا بني هاشم
مروا على الأكبر
نادوا بني حيدر
مروا على العطشان
نادوا بني عدنان
مروا على ابن
امّي
نادوا بني عمي |
خلهم يزفونه
وعلى الثرى معفّر
خلهم يشيلونه
وعلى الثرى عريان
خلهم يكفنونه
وعلى الثرى مرمي
خلهم يدفنونه |
أبوذيّة:
يا حادي العيس
بالله عليك ونهن
هذي الجثث گلي
الروس ونهن |
لمّن يقضن خوات
حسين ونهن
لابن زياد ودّوها
هديّه |
لم يكتف القوم بقتل
الإمام الحسين عليه
السلام وأهل بيته وأصحابه,
بل أمر ابن سعد لعنه الله
بالرؤوس فقطعت إلّا رأس
الحرّ فقد قالوا بأنّ
عشيرته منعت من قطع رأسه
وأخذوه فدفنوه بعيداً.
واقتسمت القبائل الرؤوس
الطاهرة لتتقرّب بها إلى
عبيد الله بن زياد لعنه
الله, وسيّرها ابن سعد مع
الشمر وقيس بن الأشعث
وعمرو بن الحجّاج إلى
الكوفة, وأمّا رأس
الحسين عليه السلام
فسرّحه مع خولّى بن يزيد
الأصبحيّ..
وأقام ابن سعد مع الجيش
إلى الزوال من اليوم
الحادي عشر, فجمع قتلاه
وصلّى عليهم, ودفنهم,
وترك سيّد شباب أهل
الجنّة وريحانة الرسول
الأكرم ومن معه من أهل
بيته وصحبه, بلا غسل ولا
كفن ولا دفن, تسفي عليهم
الصبا, ويزورهم وحش الفلا..
فَإِنْ يُمْسِ
فَوْقَ التُّرْبِ
عُرْيانَ لَمْ
تُقِمْ
فَأَيُّ حَشاً
لَمْ يُمْسِ
قَبْراً
لِجِسْمِهِ
|
لَهُ مَأتَماً
تَبْكِيْهِ فِيْهِ
مَحَارِمُهْ
وَفِي أَيِّ
قَلْبٍ ما
أُقِيمَتْ
مَآتِمُهْ؟ |
وبعد الزوال ارتحل إلى
الكوفة ومعه نساء الحسين
وصبيته وجواريه وعيالات
الأصحاب وكنّ عشرين امرأة,
وسيّروهنّ
على أقتاب الجمال بغير
وطاء, كما يساق السبي,
وهنّ ودائع خير الأنبياء,
ومعهنّ السجّاد عليّ بن
الحسين عليهما السلام وهو
على بعير ضالع بغير وطاء,
وقد أنهكته العلّة والمرض,
والجامعة التي في عنقه,
ومعه ولده الباقر عليه
السلام وهو صغير..
قال الراوي: لما كان
اليوم الحادي عشر من
المحرّم أمر ابن سعد بأن
تحمل النساء على الأقتاب
بلا وطاء, فقدّمت النياق
إلى حرم رسول الله وقد
أحاط القوم بهنّ, وقيل
لهنّ: تعالين واركبن فقد
أمر ابن سعد بالرحيل,
فلمّا نظرت زينب عليها
السلام إلى ذلك قالت:
سوّد الله وجهك يا بن سعد
في الدنيا والآخرة, أتأمر
هؤلاء القوم أن يركِّبونا
ونحن ودائع رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم؟!,
فقل لهم يتباعدون عنّا
يُركّب بعضنا بعضاً, فقال:
تنحّوا عنهنّ.
فتقدّمت زينب ومعها أمّ
كلثوم وجعلت تنادي كلّ
واحدة من النساء باسمها
وتركّبها على المحمل حتّى
لم يبق أحد سوى زينب
عليها السلام فنظرت يميناً
وشمالاً فلم تر أحداً سوى
زين العابدين عليه السلام
وهو مريض فأتت إليه وقالت:
قم يا بن أخي واركب
الناقة, فقال: يا عمّتاه
اركبي أنت ودعيني أنا
وهؤلاء القوم..(لكن) عمّه
أنت من يركّبك؟
عندها تذكّرت ذلك العزّ
الشامخ والدلال المانع,
وجّهت
وجهها إلى جهة العلقميّ
وصاحت: نور عيني عبّاس,
عزيزي عبّاس, أنت الذي
أخرجتني من منزلي
وأركبتني في محملي, قم
الآن وركّب أختك.
يا عباس منته
اللي جبتني
وطول الدرب ما
فارگتني
رحت عني يخويه
وضيّعتني
انهض يخويه وشوف
متني |
وبيدك يا عزّي
ركّبتني
ليش هالساعة
عفتني
بعدك بني ميّه
ولتني
ترى سياط زجر
الورمتني |
ثمّ بعد حملهم على
الأقتاب العارية, مرّوا
بهم على مصارع القتلى,
أمّا النسوة فلمّا نظرن
إليهم مقطّعي الأوصال, قد
طعنتهم سمر الرماح, ونهلت
من دمائهم بيض الصفاح,
وطحنتهم الخيل بسنابكها,
صحن وَلْوَلْنَ ولطمن
الخدود..
أمّا زينب عليها السلام
فجعلت تحدّ النظر إلى جسم
أخيــها الحسين عليه
السلام, ولمّا رأته بتلك
الحالة جثّةً بلا راس,
ملقى على الثرى, جعلت
تندبه وترثيه, قال الراوي:
فوالله لا أنسى زينب ابنة
عليّ وهي تندب الحسين
عليه السلام, وتنادي بصوتٍ
حزين وقلبٍ كئيب: وا
محمّداه, صلّى عليك مليك
السماء, هذا حسين بالعراء,
مرمّل بالدماء, مقطّع
الأعضاء, محزوز الراس من
القفا, مسلوب العمامة
والرداء, يا محمّداه,
وبناتك سبايا! وذريّتك
مقتّلة تسفي عليهم ريح
الصبا, بأبي من عسكره يوم
الاثنين نهبٌ, بأبي من
فسطاطه مقطّع العُرى,
بأبي من لا هو غائب
فيرتجى, ولا هو مريض
فيُداوى, بأبي المهموم
حتّى قضى, بأبي العطشان
حتّى مضى, بأبي من شيبته
تقطر بالدماء..
إلى الله المشتكى وإلى
محمّد المصطفى وإلى عليّ
المرتضى وإلى فاطمة
الزهراء وإلى حمزة سيّد
الشهداء..واحزناه,
واكرباه عليك يا أبا عبد
الله, اليوم مات جدّي
رسول الله....يابه يجدّي!!
تعالوا لابنكم
غسلوه
وجيبوا قطن للجرح
نشفوه
وبهداي وسط القبر
خلّوه |
والكفن ويّاكم
دجيبوه
وعلى اكتافكم
لحسين شيلوه |
قال الراوي: فأبكت والله
كلّ عدوّ وصديق..
ثمّ وقفت على جسده الشريف
بخشوعٍ وتأمّل وبسطت
يديها
تحت الجثمان المقدّس
ورفعته نحو السماء وقالت:
إلهي تقبّل منّا هذا
القربان!
وأمّا سكينة فقد توجّهت
إلى أبيها الحسين عليه
السلام, ولمّا رأته بتلك
الحالة مكبوباً على وجهه,
قد قطع الشمر رأسه, وداست
الخيل صدره وظهره, صاحت:
وا أبتاه! وا حسيناه!.
رمت بنفسها على جسده
تقبّله وهي تنادي: أبه من
الذي قطع الرأس الشريف؟!
أبه من الذي خضّب الشيب
العفيف؟! أبه من الذي
أيتمني؟!
يا بوي من قطع
راسك
يا بوي غطّى كل
مصاب
قبل ما شوفك
بهالحال
نعمت عيناي ولا
شوفك
واصحابك واهل
بيتك
عساها تعثّرت
هالخيل |
ويا هو السلب
ثيابك
مصاب لما جرى
مصابك
يا ريت انعمت
عيناي
ذبيح ويجري دم
نحرك
ضحايا مطرّحة
بصفّك
ولا داست على
صدرك |
تقول سكينة وبينما هي على
صدر الحسين عليه السلام
وإذا بها تسمع صوتاً من
نحره الشريف: بنيّه سكينة
اقرأي شيعتي عنّي السلام,
وقولي لهم إنّ أبي قتل
عطشانَ فاذكروه, ومات
غريباً فاندبوه:
شِيْعَتِيْ
مَهْمَا
شَرِبْتُمْ عَذْبَ
مَاءٍ
فَاذْكُرُوْنِيْ
فأَنَا السِّبْطُ
الَّذِيْ مِنْ
غَيْرِ جُرْمٍ
قَتَلُونِيْ
لَيْتَكُمْ فِيْ
يَوْمِ عَاشُورَا
جَمِيْعاً
تَنْظُرُونِيْ
فَسَقَوْهُ سَهْمَ
بَغْيٍ عِوَضَ
المَاءِ
الْمَعِيْنِ |
أَوْ سَمِعْتُمْ
بِشَهيْدٍ أَوْ
غَرِيْبٍ
فَانْدِبُونِيْ
وَبِجُرْدِ
الخَيْلِ بَعْدَ
القَتْلِ عَمْداً
سَحَقُونِيْ
كَيْفَ
أَسْتَسْقِيْ
لِطِفْلِيْ
فَأَبَوْا أَنْ
يَرْحَمُونِيْ |
بينما سكينة عند جسد
أبيها الحسين عليه السلام,
أقبل الأعداء لينحّوها عن
جسد الحسين عليه السلام
لكنّها أبت, عظّم الله
لكم الأجر!! فجرّوها
ونحّوها بالسياط!! بويه..
ردت انصب مناحه
عليك
وليش اعيوني من
تدمع
برضاك لو رغمن
عليك |
ليش العدا منعوني
بكعب الرمح
ضربوني
يجرني الشمر من
بين ايديك |
وانا اصرخ وادير
العين ليك
وَأَهْوَتْ عَلَىْ
جِسْمِ
الْحُسَيْنِ
فَضَمَّهَا
فَمَا
تَرَكَتْهَا
تَسْتَجِيْرُ
سِيَاطُهُمْ |
معذور يلحزوا
وريديك
إِلَىْ صَدْرِهِ
مَا بَيْنَ
يُمْنَاهُ
واليُسْرَىْ
بِجِسْمِ
أَبِيْهَا
حِيْنَمَا
انْتُزِعَتْ
قَسْرَىْ |
|