بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما جرى في أوليائه والصلاة والسلام
على سيّد رسله وأنبيائه, والصفوة من عترته وأهل
بيته, الذين هم من لحمه ودمه, يفرحه ما يفرحهم,
ويحزنه ما يحزنهم.
يقول تعالى في كتابه الكريم:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾1, ويقول
عزّ من قائل أيضاً:
﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي
الْقُرْبَى﴾2.
لقد أوصى الله تعالى في كتابه العزيز بأهل بيت
النبيّ صلى الله عليه وآله, وذكر فضلهم في آياتٍ
كثيرة, وحثَّ على مودّتهم والإحسان إليهم, وأوجب
على الناس حقّهم وطاعتهم.
ولم يأل النبيّ صلى الله عليه وآله جهداً في
الوصيّة بهم, ودعوة الناس إلى الرجوع إليهم والأخذ
عنهم والتمسّك بهم, فقال صلى الله عليه وآله في
الحديث المتواتر الذي رواه المسلمون جميعاً:
"إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب, وإنّي تارك فيكم
الثقلين: كتاب الله عزَّ وجلَّ وعترتي، كتاب الله
حبل ممدود بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي،
وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى
يردا عليّ الحوض، فانظروا بماذا تخلفوني فيهما"3.
وكان صلى الله عليه وآله يذكر مصائبهم, وما يجري
عليهم من بعده, ويبكي لذلك, ويبكي معه أصحابه
ويقول: "اللهم إنّي أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي
من بعدي"4.
وقد وقع ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله في
أهل بيته, فقُتل من قُتل, وسُبي من سُبي, وأُقصي
من أُقصي, وجرى القضاء لهم بما يُرجى له حُسن
المثوبة.
وكان الأئمّة عليهم السلام من بعده يحثّون محبّيهم
على إقامة مجالس لهم, وإحياء أمرهم, فعن الرضا
عليه السلام: "من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب
منّا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكِّر
بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون،
ومن جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم
تموت القلوب"5.
هذا الكتاب:
وإذا كان من علامات الموالي لهم أن يفرح لفرحهم
ويحزن لحزنهم, فلا بدّ أن يحيي أيّام شهادتهم
وذكرى وفيّاتهم, بإقامة مجالس العزاء التي تعارف
إقامتها في أمثال هذه المناسبات.
ولهذه الغاية فقد قام معهد سيّد الشهداء عليه
السلام للمنبر الحسينيّ بإعداد هذا الكتاب:
"مجالس الأئمّة المعصومين عليهم السلام"
ليكون عوناً ومساعداً للأخوة القرّاء في إحياء هذه
المناسبات الأليمة.
وقد راعينا في هذا الإصدار الأمور التالية:
- اقتصرنا على ذكر مجلس واحد لكلّ إمام من الأئمّة
عليهم السلام.
- لم نقم بذكر محاضرة أو كلمة ضمن المجلس, بل
اكتفينا ببعض الروايات لأجل الربط والتخلّص
للمصيبة فقط.
- أدرجنا بعض الأبيات الدارجة والمفهومة إلى حدٍّ
ما.
وفي الختام نسأله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً
لوجهه, ويرزقنا شفاعة محمّد وآل بيته الطيّبين
الطاهرين, إنّه سميع مجيب.
معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ
|