مِمَّ الْعَوَالِم
نُكِّسَتْ أَعْلَامُهَا
وَاسْوَدَّ مِنْ
صِبْغِ الْأَسَىْ
أَيَّامُهَا
ألْيَوْمَ بَاقِرُ عِلْمِ
آلِ مُحَمَّدٍ
مِنْهُ شَفَتْ
غِلَّ الْقُلُوْبِ
طَغَامُهَا
وَلَطَالَمَا قَاسَىْ
الْأَذَىْ بِحَيَاتِهِ
لَمَّا تَحَكَّمَ
فِيْ الْكِرَامِ
لِئَامُهَا
كَادُوْهُ مِنْ حَسَدٍ
لِطَمْسِ ضِيَائِهِ
وَعَنْ
الْمَدِيْنَةِ
أَزْعَجَتْهُ سَوَامُهَا
أللهُ أَكْبَرُ كَمْ لَهُ
مِنْ حُرْمَةٍ
فِيْ الشَّامِ
قَدْ هَتَكَ النَّبِيَّ
هِشَامُهَا
أَمْسَىْ بِهَا فِيْ
السِّجْنِ طَوْراً
لَيْتَهَا
سَاخَتْ
وَعُوْجِلَ بِالْبَلَا
أَقْوَامُهَا
وَأُقِيْمَ طَوْراً فِيْ
مَقَامِ الذُّلِّ مَا
بَيْنَ
الْجُفَاةِ وَقَدْ
تَرَفَّعَ هَامُهَا
أَهْدَتْ لَهُ فِيْ
السَّرْجِ سَمّاً قاتِلاً
غَدْراً وَهَلْ
يَخْفَى عَلَيْهِ
مَرَامُهَا؟
بِأَبِيْ وَبِيْ
أَفْدِيْهِ إِذْ بَلَغَ
الْعِدَى
فِيْهِ
الْمُنَى وَبِهِ أَضَرَّ
سِمَامُهَا
فَغَدَا عَلَىْ فُرُشِ
السَّقَامِ يُجَاذِبُ
الْأَنْفَاسَ إِذْ
أَوْهَتْ قِوَاهُ
سِقَامُهَا
وَلَقَدْ شَجَا مَنْ فِيْ
الْعَوَالِمِ فَقْدُهُ
وَمِنْ
الشَّرِيْعَةِ نُكِّسَتْ
أَعْلَامُهَا1
شعبي:
بطّل ونينه وغمض الباقر
العينين
وضجّت عليه أهل
المدينة وزاد الحنين
شالوه القبره وگامت اتنوح
النوايح
وكل البلاد ارتجّت
بكثر الصوايح
وسِّده الصادق ما بقى على
الترب طايح
مثل السبط جده
وأهل بيته الميامين
وسّد الصادق والده الباقر
ابلحده
ابيومه ونصب ماتم
ابداره خلاف فقده
لكن انشدني عن أبو السجاد
جدّه
يمته اندفن
والماتم اعليه انّصَب وين
أبوذيّة:
على الباقر لقيم النوح
ولون
انسم او صار مثل
النيل ولون
يا شيال نعشه تريد ولون
ابعزه انشيله او
لطم لابن الزكيّة
كان الإمام الباقر عليه
السلام يعلم بدنوّ أجله,
فقد رُوي عنه قوله:
"قُتل عليّ عليه السلام
وهو ابن ثمان وخمسين سنة,
وقتل الحسين وهو ابن ثمان
وخمسين سنة, ومات عليّ بن
الحسين وهو ابن ثمان
وخمسين سنة, وأنا اليوم
ابن ثمانٍ وخمسين سنة".
ويُروى عن الإمام الصادق
عليه السلام أنّه قال:
إنّ أبي مرض مرضاً شديداً
حتّى خفنا عليه, فبكى بعض
أهله فنظر إليه وقال:
إنّي لست بميّت في وجهي
هذا, قال عليه السلام:
فبرىء ومكث ما شاء الله
أن يمكث فينا وهو صحيح
ليس به بأس, قال: يا
بنيّ, إنّ اللذين أتياني
في وجهي ذاك وأخبراني
بأنّي لست بميّت, فأتياني
اليوم وأخبراني أنّي ميّت
يوم كذا وكذا..
مرّ على الإمام الباقر
عليه السلام الكثير من
الأحداث المؤلمة, ومن
أعظمها فجيعة ما شاهده
بأمّ عينيه من أحداث
كربلاء, فقد رُوي عنه
قوله: "قُتل جدّي
الحسين عليه السلام ولي
أربع سنين, وإنّي لأذكر
مقتله وما نالنا في ذلك
الوقت".
بعيني نظرت احسين جدي برض
الطفوف
جثة بليا راس
ومبضّع بالسيوف
مذبوح جدي بالعطش وعيوني
اتشوف
وعاينت راسه اقبال
عيني رافعينه
وكان مع ركب السبايا
وأوقفهم يزيد ثلاثة أيّام
على باب الشام حتّى
أدخلوا عليه. يُروى عنه
عليه السلام أنّه قال:
دخلنا على يزيد ونحن
اثنا
عشر غلاماً مغلّلين
بالحديد..
ولم تمض الأيّام حتّى
شاءت الأقدار أن يعود
الإمام الباقر، عليه
السلام ، إلى الشام, وذلك
حينما استدعاه هشام بن
عبد الملك, ومرّة أخرى
أُوقف ثلاثة أيّام قبل أن
يدخله عليه, وبقي هناك
أيّاماً ثمّ أرجعه إلى
المدينة..
وعندما أراد هشام أن
يتخلّص من الإمام كتب إلى
عامله في المدينة أن
يحتال في اغتيال الإمام
بأن يدسّ له سمّاً في
طعام أو شراب, وبالفعل
فقد قام ذلك اللعين بهذا
الأمر, ودسّ للإمام سمّاً
في طعامه أو في شرابه,
وتناوله الإمام وسرى في
بدنه الشريف..
وفي رواية أنّه دُسّ إليه
السمّ في سرج فرس, فركبه
الإمام ونزل عنه
متورّماً..ولم يعش بعدها
الإمام أكثر من ثلاثة
أيّام..
وبقي الإمام طريح الفراش
إلى أن دنت وفاته. عن
إمامنا الصادق عليه
السلام ، أنّه أتى أبا
جعفر عليه السلام ، ليلة
قُبض وهو يناجي, فأومأ
بيده أن تأخّر, فتأخّر
حتّى فرغ من مناجاته, ثمّ
أتاه فقال: يا بنيّ, إنّ
هذه الليلة التي أُقبض
فيها, وهي الليلة التي
قُبض فيها رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم..
واستودع ولده الصادق عليه
السلام مواريث الإمامة
والسلاح, وأوصاه بوصاياه:
منها: تغسيله, وتكفينه
بثلاثة أثواب, منها برده
الذي كان يصلّي فيه
الجمعة, وأشياء في دفنه,
وأمره أن يرشّ قبره
بالماء..
ومنها: أنّه قال لولده:
يا أبا عبد الله, الله
الله في الشيعة, أوصيك
بأصحابي خيراً, فقال أبو
عبد الله عليه السلام:
والله لا تركتهم يحتاجون
إلى أحد..
ومنها: أنّه قال لولده:
يا جعفر أوقف لي من مالي
كذا وكذا لنوادب تندبني
عشر سنين بمنى أيّام
منى..
ونظر إليه الصادق عليه
السلام ، فقال: يا أبتاه
والله ما رأيت منذ اشتكيت
أحسن هيئة منك اليوم, وما
رأيت عليك أثر الموت,
قال: يا بنيّ, أَمَا سمعت
عليّ بن الحسين عليهما
السلام ، ناداني من وراء
الجدران: يا محمّد, تعال
عجِّل..
ولمّا دنا أجل الإمام
الباقر، عليه السلام ,
أدار وجهه في أهل بيته,
وقال: حفظكم الله, سدّدكم
الله, الله خليفتي عليكم
وكفى به خليفة, أشهد أن
لا إله إلّا الله, وأشهد
أنّ محمّداً رسول الله,
ثمّ غمَّض عينيه, وقضى
نحبه مسموماً شهيداً
مظلوماً صابراً محتسباً..
وا إماماه.. وا سيّداه..
وا باقراه..
ثمّ قام الإمام الصادق
عليه السلام بتجهيزه
وتكفينه, ودفنه عند والده
الإمام زين العابدين في
البقيع..
عليه صاحت الوادم فرد
صيحة
الصادق غسله وحطه
بضريحه
بس جثة السبط ظلت طريحة
وبالخيل الصدر منه
تهشم
ولمّا قبض أبو جعفر عليه
السلام أمر أبو عبد الله
عليه السلام بالسراج في
البيت الذي كان يسكنه..
أيّها الموالي: لقد كان
وجه الباقر يتلألأ نوراً
وبهاءً ليلة وفاته, وهكذا
كان حال الحسين عليه
السلام ، ولكن كان مع ذلك
مضمّخاً بدمائه. قال هلال
بن نافع: وقفت على الحسين
عليه السلام وإنّه ليجود
بنفسه، فوالله ما رأيت
قتيلاً مضمّخاً بدمائه
أحسن منه وجهاً، ولا أنور
منه، ولقد شغلني نور
وجهه، وجمال هيئته عن
الفكرة في قتله.
وَمُجَرَّحٍ مَا
غَيَّرَتْ مِنْهُ
الْقَنَا
حُسْناً وَلَا
غَيَّرْنَ مِنْهُ
جَدِيْدَا
قَدْ كَانَ بَدْراً
فَاغْتَدَى شَمْسَ
الضُّحَى
مُذْ أَلْبَسَتْهُ
يَدُ الدِّمَاءِ
لُبُوْدَا
أيّها الموالي: لقد قام
الصادق عليه السلام ،
بتغسيل أبيه وتكفينه
ودفنه، ورشَّ على قبره
الماء، كما أوصاه بذلك,
لكن جدّه الحسين عليه
السلام بقي بلا غسل
ولاكفن, ولا ندري هل رشّ
الإمام زين العابدين على
قبره الماء، أو لا؟
بالله ارد انشدك ماي
شربته يدفان
بخيت قلبه لو دفنت
احسين عطشان
بالله يدفان ارد انشدك رد
عليّه
عطشان اخوي لو شرب
قطرة اميَّه
وحين الدفنته ريت بخيت
المنيّه
خاطر ترد روحه
تراه مات عطشان
أيّها الموالي: لقد أوصى
الباقر ولده الصادق
عليهما السلام ، بشيعته
وأصحابه, وكذلك سمعت
سكينة صوتاً من أبيها
الحسين عليه السلام يحمل
رسالة إلى شيعته. يقول
الشيخ الكفعميّ إنّ
سكينة، لمّا قُتل الحسين
عليه السلام ، اعتنقته
فأُغمي عليها فسمعته
يقول:
شِيْعَتِيْ، مَا إِنْ
شَرِبْتُمْ
رَيَّ عَذْبٍ
فَاذْكُرُوْنِيْ
أَوْ سَمِعْتُمْ
بِغَرِيْبٍ
أَوْ
شَهِيْدٍ فَانْدُبُوْنِيْ
فقامت مرعوبة قد قرِحت
مآقيها وهي تلطم على
خدّيها..
يبويه من قطع راسك
ويا هو السلّب
اثيابك
يبويه غطّى كل امصاب
امصاب الما جرى
امصابك
قبل ما شوفك ابالحال
يريت انعمت عيناي
انعمت عيناي ولا شوفك
ذبيح ويجري دم
نحرك
واصحابك واهل بيتك
ضحايا مطرّحة
بصفّك
عساها تعثرت عالخيل
ولا داست على صدرك
أيّها الموالي: لقد بقي
الباقر عليه السلام ،
مريضاً في فراشه ثلاثة
أيّام, لكن لم يبق كجدِّه
الحسين عليه السلام..
محزوز الراس من القفا,
ملقىً في الثرى, ثلاثة
أيّام بالعراء, تسفي عليه
الرياح, وتغسله الجراح..
لَمْ يَبْقَ ثَاوٍ
بِالْعَرَاءِ كَجَدِّهِ
دَامٍ
تُغْسِّلُهُ دِمَاءُ
وَرِيْدِ
قَدْ بُدِّدَتْ
أَوْصَالُهُ يَا
لَلْهُدَى
بِشَبَا
الصِّفَاحِ أَيَّمَا
تَبْدِيْدِ
وأخيراً أيّها الموالي:
لقد أسرج الصادق عليه
السلام ، لأبيه بعد
وفاته, لكن الحسين عليه
السلام لم يُشعل له تلك
الليلة سراج, وإنّما
أضرموا النّار في خيام
نسائه وعياله وأطفاله..
أللهُ أَيُّ مُصِيْبَةٍ
جَلَّتْ فَلَا
يُلْقَىْ لَهَا
فِيْ الْكَوْنِ بَعْضُ
نَظَائِرِ
ذَهَبَتْ بِرُكْنِ
الدِّيْنِ مِصْبَاحِ
الْهُدَىْ
غَوْثِ
الْمُؤَمَّلِ
وَالْإِمَامِ الْبَاقِرِ
* * *
|