عاصر الإمام زين
العابدين عليه السلام
خلال مدّة إمامته عدّة من
الحكّام الأمويّين, وهم
على الترتيب
يزيد بن معاوية.
معاوية بن يزيد.
مروان بن الحكم.
عبد الملك بن مروان.
الوليد بن عبد الملك, وفي
عهده استشهد الإمام عليه
السلام.
وقد وقعت العديد من
الأحداث في عهد هؤلاء
الحكّام, يطول الحديث
بذكرها, إلّا أنّنا نكتفي
بالإشارة لبعضها
فقد مرّ الإمام زين
العابدين عليه السلام بعد
واقعة الطفّ بظروف صعبة
وحرجة, بلغت إلى الحدّ
الذي سمع فيه عليه السلام
يقول: ما بمكّة
والمدينة عشرون رجلاً
يحبّنا
1.
ممّا اضطر الإمام إلى
اللجوء إلى العمل السرّي
حفظاً لخطّ الإمامة
وشيعتهم, وقد كان ذلك
بوصيّة من الإمام الحسين
بن عليّ عليه السلام ،
الذي أوصى إلى أخته زينب
بنت عليّ في الظاهر، وكان
ما يخرج عن عليّ بن
الحسين عليه السلام من
علم ينسب إلى زينب عليها السلا ، ستراً على عليّ
بن الحسين عليه السلام
على حدّ ما جاء في بعض
الروايات
2.
وقعة الحرّة
ولمّا شمل الناس جور يزيد
وعمّاله, وعمّهم ظلمه,
وما ظهر من فسقه: من قتله
ابن بنت رسول الله صلى
الله عليه واله وسلم
وأنصاره, وما أظهر من شرب
الخمور...أخرج أهل
المدينة عامله عليهم وهو
عثمان بن محمّد بن أبي
سفيان ومروان بن الحكم,
وسائر بني أميّة, وذلك
سنة ثلاث وستّين...
وبلغ فعل أهل المدينة
ببني أميّة، وعامل يزيد،
إلى يزيد, فسيّر إليهم
بالجيوش من أهل الشام،
عليهم مسلم بن عقبة
المرّي، الذي أخاف
المدينة ونهبها, وقتل
أهلها, وبايعه أهلها على
أنّهم عبيد ليزيد,
وسمّاها نتنة, وقد سمّاها
رسول الله صلى الله عليه
واله وسلم طَيْبة, وقال:
"مَنْ أخاف المدينة أخاف
الله" فسمّي مسلم هذا
لعنه الله بمجرم ومسرف,
لما كان من فعله..
ولمّا انتهى الجيش من
المدينة إلى الموضع
المعروف بالحرَّة، وعليهم
مسرف، خرج إلى حربه
أهلها، عليهم عبد الله بن
مطيع العدويّ وعبد الله
بن حنظلة الغسيل
الأنصاريّ, وكانت وقعة
عظيمة، قتل فيها خلق كثير
من بني هاشم، وسائر قريش
والأنصار، وغيرهم من سائر
الناس..
وبايع الناس على أنّهم
عبيدٌ ليزيد, ومَنْ أبى
ذلك أمره مُسرف على
السيف, غير عليّ بن
الحسين بن عليّ بن أبي
طالب السجَّاد, وعليّ بن
عبد الله بن العبّاس بن
عبد المطّلب..
الإمام عليه السلام
في محنة الحرّة
ونظر الناس إلى عليّ بن
الحسين السجّاد، وقد لاذ
بالقبر وهو يدعو, فأتي به
إلى مُسرف وهو مغتاظ
عليه, فتبرّأ منه ومن
آبائه, فلمّا رآه وقد
أشرف عليه ارتعد, وقام
له, وأقعده إلى جانبه,
وقال له: سَلني حوائجك,
فلم يسأله في أحد ممن
قُدِّم إلى السيف إلّا
شفَّعه فيه, ثمّ انصرف
عنه، فقيل لعليّ: رأيناك
تحرّك شفتيك, فما الذي
قلت؟ قال: "قلت: أللَّهم
ربَّ السموات السبع وما
أظللن, والأرضين السبع
وما أقللن, ربّ العرش
العظيم, ربّ محمّد وآله
الطاهرين, أعوذ بك من
شرّه, وأدرأ بك في نحره,
أسألك أن تؤتيني خيره,
وتكفيني شرّه".
وقيل لمسلم: رأيناك تسبُّ
هذا الغلام وسَلَفه,
فلمّا أُتيَ به إليك رفعت
منزلته, فقال: ما كان ذلك
لرأي منّي, لقد مُلىء
قلبي منه رعباً!3.
ولمّا أخرج أهل المدينة
عثمّان بن محمّد من
المدينة، كلَّم مروانُ بن
الحكم عبدَ الله بن عمر
أن يغيِّب أهله عنده,
فأبى ابن عمر أن يفعل,
وكلَّم عليّ بن الحسين،
وقال: يا أبا الحسن، إنّ
لي رحماً، وحرمي تكون مع
حرمك, فقال: "أفعل", فبعث
بحرمه إلى عليّ بن
الحسين, فخرج بحرمه وحرم
مروان، حتّى وضعهم ينبع4.
وامرأته هي عائشة بنت
عثمّان بن عفان5.
ثمّ إنّ زوجة مروان خرجت
إلى الطائف، فمرّت بعليّ
بن الحسين، وهو بمال له
إلى جنب المدينة، قد
اعتزلها كراهيّة أن يشهد
شيئاً من أمرهم, فأرسل
زين العابدين عليه السلام
ولده عبد الله معها إلى
الطائف محافظة عليها,
فبقي معها حتّى انتهت
الوقعة, فشكر له مروان
ذلك.وهذا منتهى مكارم
الأخلاق، والمجازاة على
الإساءة بالإحسان؛ ولا
عجب إذا جاء الشيء من
معدنه:
مَلَكْنا فَكانَ العَفْوُ
مِنَّا سَجِيَّةً
فَلمَّا مَلَكْتُمْ سالَ
بِالدَّمِ أَبْطَحُ
وحَسْبُكُمُ هذَا
التَّفاوُتُ بَيْنَنا
وكُلُّ إِناءٍ بالَّذي
فِيهِ يَنْضَحُ6
مع هشام بن عبد الملك
ومن الحوادث الشهيرة
للإمام عليه السلام مع
هشام بن عبد الملك، أنّه
حجّ يوماً فلم يقدر على
استلام الحجر الأسود من
الزحام، فنصب له منبر
وجلس عليه، وأطاف به أهل
الشام, فبينما هو كذلك،
إذ أقبل عليّ بن الحسين،
وعليه إِزار ورداء، من
أحسن الناس وجهاً،
وأطيبهم رائحة، بين عينيه
سجّادة كأنّها ركبة عنز,
فجعل يطوف، فإذا بلغ موضع
الحجر، تنحّى الناس حتّى
يستلمه هيبة له, فقال
شاميّ: من هذا يا أمير
المؤمنين؟ فقال: لا
أعرفه، لئلّا يرغب فيه
أهل الشام، فقال الفرزدق،
وكان حاضراً: لكنّي أنا
أعرفه، فقال الشاميّ: من
هو يا أبا فراس؟ فأنشأ
قصيدة، قال فيها:
يا سائِلي أَيْنَ حَلَّ
الجُودُ والكرَمُ
عنْدِي بَيانٌ إذا
طُلَّابُه قَدِمُوا هذا الَّذي تَعْرِفُ
البَطْحاءُ وَطْأَتَهُ
والبَيْتُ يَعْرِفُهُ
والحِلُّ والحرَمُ هذا ابْنُ خَيْرِ عِبادِ
اللهِ كُلِّهِمُ
هذا التَّقِيُّ
النَّقِيُّ الطَّاهِرُ
العَلمُ هذا الَّذي أَحْمَدُ
المُخْتَارُ والدُهُ
صَلَّى عَليهِ إِلهي ما
جرَى القَلَمُ لَوْ يَعْلَمُ الرُّكْنُ
مَنْ قَدْ جاءَ
يَلْثِمُهُ
لخَرَّ يَلْثِمُ مِنْهُ
ما وَطَى القَدَمُ هذا عَلِيٌّ رَسُولُ
اللهِ والِدُهُ
أَمْسَتْ بِنُورِ هُداهُ
تَهْتَدِي الأُمَمُ
هذا الَّذِي عَمُّهُ
الطَّيَّارُ جَعْفَرُ
والـ
مقتولُ حَمْزَةُ لَيْثٌ
حُبُّهُ قسَمُ هذا ابنُ سَيِّدَةِ
النِّسْوانِ فاطِمَةٍ
وابنُ الوَصِيِّ الَّذي
في سَيْفِهِ نِقَمُ إذا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ
قال قائِلُها
إلى مَكارِمِ هذا
يَنْتَهِي الكَرمُ يَكادُ يُمْسِكُهُ
عِرْفانَ راحَتِهِ
رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما
جاءَ يَسْتَلِمُ ولَيْسَ قَوْلُكَ مَنْ
هذا بِضَائِرِهِ
العُرْبُ تَعْرِفُ مَنْ
أَنْكَرْتَ وَالعجَمُ يُنْمَى إلى ذُرْوَةِ
العِزِّ الّتَي قَصُرَتْ
عَنْ نَيْلِها عَرَبُ
الإِسْلامِ والعَجَمُ يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى
مِنْ مهَابَتِهِ
فما يُكَلَّمُ إلّا حِينَ
يَبْتَسِمُ يَنْجَابُ نُورُ الدُّجَى
عَنْ نُورِ غُرَّتِهِ
كالشَّمْسِ يَنْجابُ عَنْ
إِشْراقِها الظُّلَمُ بِكَفِّهِ خَيْزَرَانٌ
ريحُهُ عَبِقٌ
مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِينِهِ شَمَمُ ما قال لا قَطُّ إلّا في
تَشَهُّدِهِ
لَوْلا التَّشَهُّدُ
كانتْ لاؤُهُ نَعَمُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ رَسُولِ
اللهِ نَبْعَتُهُ
طابَتْ عَناصِرُهُ
والخِيمُ والشِّيَمُ حَمَّالُ أَثْقالِ
أَقْوامٍ إذا قُدِحُوا
حُلْوُ الشَّمائِلِ
تَحْلُو عِنْدَهُ نَعَمُ
إنْ قال، قال بما يَهْوَى
جَمِيعُهُمُ
وإنْ تَكَلَّمَ يَوْماً
زانَهُ الكَلِمُ هذا ابْنُ فاطِمَةٍ إِنْ
كُنْتَ جاهِلَهُ
بِجَدِّهِ أَنبياءُ اللهِ
قَدْ خُتِمُوا أللهُ فَضَّلَهُ قِدْماً
وشَرَّفَهُ
جَرى بِذاكَ لَهُ في
لَوْحِهِ القَلَمُ مَنْ جَدُّهُ دانَ فَضْلُ
الأَنبياءِ لَهُ
وفَضْلُ أُمَّتِهِ دانَتْ
لَهُ الأُمَمُ عَمَّ البَرِيَّةَ
بالإحسانِ وانْقشَعَتْ
عَنْها العِمَايةُ
والإِمْلاقُ والظُّلَمُ
كِلْتا يَدَيْهِ غِياثٌ
عَمَّ نَفْعُهما
تُسْتَوْكَفان ولا
يَعْرُوهُما عَدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَةِ لا
تُخْشَى بَوادِرُهُ
يَزِينُهُ خِصْلَتانِ
الحِلْمُ والكَرَمُ لا يُخْلِفُ الوَعْدَ
مَيْمُوناً نَقِيبَتُهُ
رَحْبُ الفِناءِ أَرْيَبٌ
حِينَ يَعْتَرِمُ مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ
دِينٌ وبُغْضُهُمُ
كُفْرٌ وقُرْبُهمُ
مَنْجًى ومُعْتَصَمُ يُسْتَدْفَعُ السُّوءُ
والبَلْوَى بِحُبِّهِمُ
ويُسْتَزادُ به الإحسانُ
والنِّعِمُ مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ
اللهِ ذِكْرُهُمُ
في كُلِّ فَرْضٍ
ومَخْتُومٌ بهِ الكَلِمُ
إِنْ عُدَّ أَهْلُ
التُّقَى كانُوا
أَئِمَّتَهُمْ
أَوْ قِيلَ: مَنْ خَيْرُ
أَهْلِ الأَرْضِ؟ قِيلَ:
هُمُ لا يَسْتَطِيعُ جَوادٌ
بُعْدَ غايَتِهِمْ
ولا يُدانِيهِمْ قَوْمٌ
وإِنْ كَرُمُوا هُمُ الغُيوثُ إذا ما
أَزْمَةٌ أَزمتْ
والأُسْدُ أُسْدُ الشَّرَى والبَأْسُ
مُحْتَدِمُ يَأْبى لَهُمْ أَنْ
يَحِلَّ الذَّمُّ
ساحَتَهُمْ
خِيمٌ كَرِيمٌ وأَيْدٍ
بالنَّدَى هُضُمُ لا يَقْبِضُ العُسْرُ
بَسْطاً مِنْ أَكُفِّهِمُ
سِيَّانِ ذلِكَ إِنْ
أَثْرَوْا وَإِنْ
عَدِمُو مَنْ يَعْرِفِ اللهَ
يَعْرِفْ أَوَّلِيَّةَ ذا
لِأَوَّلِيَّةِ هذا أَوْ
لَهُ نِعَمُ إِنَّ القبائلَ لَيْسَتْ
في رِقابِهِمُ
فالدِّينُ مِنْ بَيْتِ
هذا نَالَهُ الأُمَمُ بُيوتُهُمْ في قُرَيْشٍ
يُسْتَضاءُ بها
في النَّائِباتِ وعِنْدَ
الحِلْمِ إِنْ حَلِمُوا
فَجدُّهُ مِنْ قُريْشٍ في
أَزِمَّتِها
مُحَمَّدٌ وعَلِيٌّ
بَعْدَهُ عَلَمُ بَدْرٌ له شاهِدٌ
والشِّعْبُ مِنْ أُحُدٍ
والخَنْدقانِ ويَوْمُ
الفَتْحِ قَدْ عَلِمُوا
وخَيْبَرٌ وحُنَيْنٌ
يَشْهدانِ لَهُ
وفي قُرَيْضَةَ يَوْمٌ
صَيْلَمٌ قَتَمُ مَواطِنٌ قَدْ عَلَتْ في
كُلِّ نائِبَةٍ
علَى الصَّحابَةِ لَمْ
أَكْتُمْ كما كَتَمُوا
فغضب هشام ومنع جائزته،
وقال: ألا قلت فينا
مثلها، قال: هات جدّاً
كجدّه، وأباً كأبيه،
وأمّاً كأمّه، حتّى أقول
فيكم مثلها، فحبسه بعسفان
بين مكّة والمدينة. فبلغ
ذلك عليّ بن الحسين، فبعث
إليه باثني عشر ألف درهم،
وقال: "اعذرنا يا أبا
فراس، فلو كان عندنا أكثر
من هذا لوصلناك به".
فردّها، وقال: يا ابن
رسول الله، ما قلت هذا
الذي قلت إلّا غضباً لله
ولرسوله وما كنت لأرزأ
عليه شيئاً، فردّها إليه،
وقال: "بحقّي عليك لمّا
قبلتها، فقد رأى الله
مكانك وعلم نيّتك"،
فقبلها، فجعل الفرزدق
يهجو هشاماً وهو في
الحبس، فكان ممّا هجاه به
قوله:
أَتَحْبِسُني بَيْنَ
المدينَةِ والَّتي
إليها قلوبُ الناسِ
يَهْوِي مُنِيبُها تُقَلِّبُ رأْسًا لَمْ
يكُنْ رأْسَ سَيِّدٍ
وعَيْناً له حَوْلاءَ
بادٍ عيُوبُها
فأخبر هشام بذلك، فأطلقه؛
وفي رواية.. أنّه أخرجه
إلى البصرة7
مع عبد الملك بن
مروان
روي أنّ الحجّاج بن يوسف
كتب إلى عبد الملك بن
مروان: إن أردت أن يثبت
ملكك فاقتل عليّ بن
الحسين عليه السلام. فكتب
عبد الملك إليه: أمّا
بعد, فجنّبني دماء بني
هاشم واحقنها, فإنّي رأيت
آل أبي سفيان لمّا أولعوا
فيها لم يلبثوا أن أزال
الله الملك عنهم"، وبعث
بالكتاب إليه سرّاً, فكتب
عليّ بن الحسين عليه
السلام إلى عبد الملك، من
الساعة التي أنفذ فيها
الكتاب إلى الحجّاج:"وقفت
على ما كتبت في حقن دماء
بني هاشم، وقد شكر الله
لك ذلك، وثبّت ملكك، وزاد
في عمرك"، وبعث به مع
غلام له، بتاريخ الساعة
التي أنفذ فيها عبد الملك
كتابه إلى الحجّاج بذلك،
فلمّا قدم الغلام وأوصل
الكتاب إليه، نظر عبد
الملك في تاريخ الكتاب
فوجده موافقاً لتاريخ
كتابه، فلم يشكّ في صدق
زين العابدين عليه السلام
، ففرح بذلك وبعث إليه
بوقر دنانير، وسأله أن
يبسط إليه بجميع حوائجه،
وحوائج أهل بيته ومواليه،
وكان في كتابه عليه
السلام : "إنّ رسول الله
صلى الله عليه واله وسلم
، أتاني في النوم فعرّفني
ما كتبت به إلى الحجّاج،
وما شكر الله لك من ذلك"8.
وكان لعبد الملك بن مروان
عين بالمدينة، يكتب إليه
بأخبار ما يحدث فيها،
وإنّ عليّ بن الحسين عليه
السلام أعتق جارية ثمّ
تزوجها، فكتب العين إلى
عبد الملك, فكتب عبد
الملك إلى عليّ بن الحسين
عليه السلام : أمّا بعد،
فقد بلغني تزويجك مولاتك،
وقد علمت أنّه كان في أكفّائك من قريش من
تُمجَّد به في الصهر،
وتستنجبه في الولد، فلا
لنفسك نظرت، ولا على ولدك
أبقيت, والسلام.
فكتب إليه عليّ بن
الحسين: "أمّا بعد, فقد
بلغني كتابك تعنّفني
بتزويجي مولاتي، وتزعم
أنّه كان في نساء قريش من
أتمجّد به في الصهر، وأستنجبه في الولد, وأنّه
ليس فوق رسول الله صلى
الله عليه واله وسلم
مرتقاً في مجد ولا مستزاد
في كرم, وإنّما كانت ملك
يميني خرجت متى أراد الله
عزّ وجلّ منّي بأمر ألتمس
به ثوابه، ثمّ ارتجعتها
على سنّته, ومن كان
زكيّاً في دين الله فليس
يخلّ به شيء من أمره، وقد
رفع الله بالإسلام
الخسيسة، وتمّم به
النقيصة، وأذهب اللؤم،
فلا لؤم على امرِئٍ
مسلمٍ، إنّما اللؤم لؤم
الجاهلية, والسلام".
فلمّا قرأ الكتاب رمى به
إلى ابنه سليمان، فقرأه،
فقال: يا أمير المؤمنين
لشدّ ما فخر عليك عليّ بن
الحسين!! فقال: يا بنيّ,
لا تقل ذلك, فإنّها ألسن
بني هاشم التي تفلق
الصخر، وتغرف من بحر، إنّ
عليّ بن الحسين عليه
السلام يا بنيّ، يرتفع من
حيث يتّضع الناس
9.
|