أيها الأعزاء
صديق الإنسان هو الشخص
الذي يمكنه الاعتماد عليه
واللجوء إليه في الشدائد،
كما أنه الصادق الذي يقدم
له النصيحة والمشورة
عندما يحتاجها والذي لا
يغشه ولا يخونه ولا يخذله.
والإنسان بطبعه كائنٌ
اجتماعي،أي انه لا يمكنه
أن يعيش وحيداً بعيداً عن
أبناء جنسه، فالعائلة هي
الإطار الاجتماعي الأول
الذي يحتضن الإنسان
وعندما ينطلق إلى ساحة
الحياة ف المدرسة والشارع
والنادي تبرز الصداقة
كإطار اجتماعي جديد إلى
جانب العائلة في عملية
احتضان الإنسان ورعايته.
ولكن الصداقة كما أن لها
فوائد وبركات كثيرة تحمل
مجموعة من المخاطر
والمفاسد وذلك بحسب نوعية
الأشخاص الذين نصادقهم
ونرتبط بهم فهناك نوعين
من الأصدقاء والأصحاب:
أصدقاء السوء وأصدقاء
الخير.
والمقصود بصديق السوء أو
رفيق السوء هو الإنسان
الذي نصادقه دون أن نراعي
في صداقتنا معه الشروط
التي يجب توفرها في
الصديق وأهمها:
1. الإيمان والارتباط
بالله تعالى.
2. الأخلاق الحسنة
والسمعة الجيدة بين الناس.
3. أن يكون موثوقاً يعتمد
عليه لا يغش ولا يخذل.
4. الصدق وعدم وجود
المصلحة والمنفعة المادية
من رواء مصادقته لنا.
5. أن يكون مستعداً وبشكل
دائماً لتقديم النصيحة
الصادقة والمخلصة لنا في
كل مشاريعنا ومخططاتنا
وخطواتنا، سواء كانت
نصيحته موافقة لرأينا أم
مخالفة له.
6. الاستعداد للتضحية في
سبيل صداقته لنا بما يقدر
عليه.
والصديق الذي نختاره
علينا أن نقوم بحقوقه وان
نؤديها له وأهمها: الحب
والاحترام والمعونة
والإخلاص وترك الأذية له
وزيارته والنصيحة له وغير
ذلك من حقوق الصديق على
صديقه.
يبقى أن ننتبه إلى أمر
مهم وهو أن أهم رابطة
تجمعنا بالآخرين هي رابطة
العلاقة بالله تعالى
فكلما كانت علاقة صديقنا
بالله أكبر كلما كانت
محبتنا له وتقديرنا
لصداقته وحرصنا عليها
أكثر.
ومن الأمثلة الرائعة التي
تجسد الصداقة والصحبة
الحقيقية العلاقة التي
كانت تربط الإمام الحسين
عليه السلام بأصحابه
رضوان الله عليهم.
كان هؤلاء جميعاً من
أصحاب التاريخ العرق في
الإيمان والتقوى والشجاعة
والصدق والسمعة الطيبة
بين الناس وكان بعضهم ممن
صاحب النبي الأعظم صلى
الله عليه وآله وشارك في
غزوات ومعارك الإسلام
الأولى وكانوا أهل التهجد
والصلاة وتلاوة القرآن
والمشهورين بالزهد والورع
والأخلاق الفاضلة
والحميدة. وقد جسدوا في
كربلاء أبرز أمثلة الوفاء
والصدق نحو إمامهم الحسين
عليه السلام.
فقد جمعهم ليلة العاشر من
المحرم وأذن لهم بفراقه
وتركه للمصير المحتوم
الذي سيلاقيه فانتفضوا
جميعاً كالأسود يبايعونه
على الموت دفاعاً عنه وعن
حرم رسول الله صلى الله
عليه وآله.
جمعهم في سواد ليلة
العاشر من المحرم وخطب
فيهم قائلاً:
"ان هؤلاء القوم لا
يريدون غيري ولو ظفروا بي
لشغلوا عن طلب غيري وان
هذا الليل قد غشيكم
فاتخذوه جملاً وليأخذ كل
واحدٍ منكم بيد واحد من
أهل بيتي وتفرقوا في سواد
هذا الليل".
وكم كانت الصدمة كبيرة
بالنسب لهم فكيف لهم
للحظة أن
يفكروا بترك امامهم وحيداً
غريباً لا ناصر له ولا
معين ووقف كل واحدٍ منهم
يعبر عما يهيج في داخله
من مشاعر الصدق والوفاء:
"لو أني أعلم أني اقتل
ثم أحرق ثم أذرى في
الهواء يفعل بي ذلك ألف
مرة ما فارقتك وأسأل عنك
الركبان وأخذلك معك قلة
الأعوان".
نعم لقد كانوا أنصار
الصدق الحقيقيين بالنسبة
لإمامهم وسيدهم فلم
يخذلوه في وقت الشدة
والحاجة، ونحن أيها
الإخوة علينا أن نبحث
دائما عن الصديق الصالح
والمؤمن الصدوق الوفي
الذي لا يخذلنا ولا
يتركنا في أوقات الشدائد
والذي يقدم لنا النصيحة
الصادقة والمخلصة الت ي
تنفعنا في آخرنا ودنيانا
على حدٍ سواء. |