بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول
الرحمة محمّد وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين.
"إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن
تبرد أبداً"1
الرسول الأكرم صلى الله عليه وإله وسلم
تلك الحرارة التي جعلت من الفاجعة مدرسة، ومن
الدّماء كلمة تستنهض كلّ المظلومين والمضطهدين في
العالم للخروج من ذلّ العبوديّة إلى كنف الحريّة،
لقوله عليه السلام :"لا تكن عبد غيرك وقد جعلك
الله حرّاً"2 ،
هذه الحريّة التي كتبها الإمام الحسين عليه السلام
من دم نحره الشريف على قرطاس أرض كربلاء، ورسمها
بأحرف من نور، ليوضّح للعالم أنّ من كان ينشد
الحريّة والعيش بسعادة، عليه أن يسلك الدرب الذي
سلكته والطريق التي شققتها بتضحياتي.
ولمّا كان الباعث على استمراريّة بثّ روح الثورة
في نفوس الأحرار في العالم هو الدأب على ذكر هذه
السيرة الخالدة والتضحيات العظيمة، كان لأهل البيت
عليهم السلام الدور البارز في إقامتها، والتشجيع
على استمراريّتها بالتواصل مع الشعراء والأدباء
والخطباء من أجل إبراز هذه الفاجعة الأليمة كما
كان إمامنا الصادق عليه السلام يصنع مع الخارجين
إلى منى في مواسم الحجّ, هذا بالإضافة إلى الأجر
العظيم والثواب الجزيل المترتّب على ذكر هذا الخطب
الجلل والمصاب الأليم. فقد روي عن الإمام الصادق
عليه السلام أنّه قال:"ما من أحد قال في الحسين
عليه السلام شعراً فبكى وأبكى إلّا أوجب الله له
الجنّة وغفر له"3. ومن
هنا كان لعلمائنا العظام الدور البارز في الاهتمام
بإقامة هذه الشعائر والحثّ على استمراريّتها
باعتبارها ركناً أساسيّاً من أركان التوعية في
المجتمع, وأعطوها قسطاً وافراً من مؤلفاتهم,
وأولوها بحثاً وتحقيقاً حول أهداف هذه الثورة
والدوافع التي أدّت إليها, والنتائج المترتّبة
عليها, ونظموا في ذلك الدواوين وعقدوا المؤتمرات.
وكانت لهم العناية الكبرى في مدّ يد العون لخطباء
هذا المنبر الحسينيّ الكربلائيّ العظيم عبر تأليف
مجموعة وافية من الكتب التي تحوي العديد من
المجالس المعدَّة, ولم يهملوا في كتاباتهم أهميّة
إسالة الدّمع وإثارة العواطف وما لهما من أثر في
الدنيا والآخرة, مستوحين ذلك من الروايات الواردة
عن أهل بيت العصمة عليهم السلام : "من جلس
مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت
القلوب"4.
والرواية النبويّة عنه صلى الله عليه وإله وسلم :
"ألا وصلّى الله على الباكين على الحسين رحمة
وشفقة"5.
ومجالس العزاء هي الطريق والوسيلة لتغيّير واقع
الأمّة نحو المستقبل الأوحد كما حصل في إيران
الإسلام التي عبَّر مفجّر ثورتها المباركة الإمام
الخميني قدس سره عن سرّ نجاحها "إنّ كلّ ما عندنا
هو من مجالس عاشوراء".
لذا كانت قراءة التعزية من أفضل الشعائر الحسيني ة
ومن أعظم القربات, لأجل ذلك كانت خطوة معهد سيّد
الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ بإعداد هذا
المتن التدريسيّ في الأطوار لإعداد الخطباء
الحسينيّ ين باسم "دليل القرّاء إلى أطوار مجالس
العزاء" وهو يطرق باباً من أبواب الخدمة لخطباء
هذا المنبر الحسينيّ, وهو يعتني بكيفيّة تمكين
الخطيب من محاكاة المجتمع بهذه القصائد والروايات،
وما هي الطريقة التي ينبغي على الخطيب اتباعها في
استدرار هذه الدّمعة وسيلانها, وإثارة عواطف الناس
وتفاعلها مع هذه المصيبة حتى يكون ممن أوجب الله
له الجنّة وغفر له، فكان لا بد من إلقاء الضوء على
العديد من الطرق التي تمكّن الخطيب من امتلاك قدرة
تقديم هذه المجالس بطريقة مشجية حزينة.
وفي الختام، لا يفُوتُنا أنْ نَتَقَدَّم بالشُكْر
الجَزيل منْ الخطيب الحسيني فضيلة الشَيْخ حسن
البدوي عَلَى جُهُوده المُبَاركة في تأليف
وإعداد هذا الكتاب سائلين المولى أن يوفّقنا
لخدمة هذا المنبر الحسينيّ العظيم.
معهد سيّد الشهداء عليه السلام
للمنبر الحسيني
من توجيهات الإمام الخمينيّ قدس سره
يجب التذكير بالمصائب والمظالم التي يرتكبها
الظالمون في كلّ عصر ومصر، وإيرادها في القصائد
والشعائر التي ينظمها الشعراء في مدح ورثاء أئمة
الحقّ عليهم السلام بشكل حماسي.
ليهتمّ خطباء المنابر (أيّدهم الله) وليسعوا في
دفع الناس إلى القضايا الإسلامية، وإعطائهم
التوجيهات اللّازمة في الشؤون السياسيّة الإسلامي
ة والاجتماعيّة الإسلامي ة، وليتمسكوا بالمراثي
والخطابة، فنحن أحياء بهذه المراثي.على الخطباء أن يتلوا المراثي كما كانوا يفعلون في
السابق، وليعدّوا الناس للتضحية والفداء.
|