بسم
الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على رسوله خير
البريّة أجمعين محمّد وآل
بيته الطيّبين الطاهرين
المظلومين.
يُعتبر موضوع الشعائر
الدّينيّة عموماً,
والشعائر الحسينيّة
خصوصاً, من المواضيع
المهمَّة ذات الصلة
بالمضمون الفكريّ
والعقائديّ الذي تعكسه
مراسم إحيائها.
فلهذا الموضوع أبعاده
المختلفة, سواء
العقائديّة أو السياسيّة,
أو التاريخيّة أو
الاجتماعيّة, أو الفقهيّة
أو التربويّة, أو غير
ذلك..
ونكاد نجزم بأنّ كلّ
الأديان والمذاهب, بل كلّ
الحركات والتيّارات
الفكريّة عبر التاريخ
وإلى عصرنا الحاضر, كان
لديها أشكال مختلفة من
الطقوس والعبادات أو
العادات, تعبّر من خلالها
عن متبنياتها الفكريّة أو
العقائديّة أو غيرها,
وتحاول إيصالها من خلال
ذلك بأساليب وأشكال
متعدّدة.
وفي الدّين الإسلاميّ
أيضاً تنوّعت الشعائر
الدّينيّة وتعدّدت وفق
هذا المسار الطبيعيّ لأيّ
فكر أو منهج أو عقيدة,
فكان هناك مجموعة من
الشعائر التي تعبّر عن
العقيدة الإسلاميّة من
صلاة جمعة أو جماعة أو
حجّ أو غير ذلك..
وعند أتباع مدرسة أهل
البيت عليهم السلام أيضاً
وجدت مجموعة من الشعائر
المذهبيّة الخاصّة بإحياء
أمر أهل البيت عليهم
السلام, وخصوصاً فيما
يتعلّق بالإمام الحسين
عليه السلام, حيث اقتضت
فرادة الحدث هناك وفظاعته
واستثنائيّته إحياءً
خاصّاً واستثنائيّاً, جاء
استجابة لطلب الأئمّة
عليهم السلام أنفسهم
واقتداءً بهم, فقد روي عن
صادق أهل البيت عليهم
السلام أنّه قال لفضيل
ابن يسار: "..أحيوا
أمرنا يا فضيل، فرحم الله
من أحيا أمرنا"1
فكانت الشعائر الحسينيّة
تعبيراً صادقاً عن الولاء
والمحبّة والمودّة وتجديد
العهد والبراءة من
الظالمين والفاسدين
والمنحرفين, ولوناً من
ألوان حرارة العشق الذي
لا ينضب ولا يبرد, كما
رُوي عن الصادق الأمين
صلى الله عليه وآله وسلم
أنّه قال:
"إنّ لقتل
الحسين عليه السلام حرارة
في قلوب المؤمنين لا تبرد
أبداً"2.
وحيث كان لموضوع الشعائر
الحسينيّة بعض التساؤلات
حول سبب وجودها وأبعاده,
وكيفيّة إحيائها وأشكاله,
قمنا في معهد سيّد
الشهداء عليه السلام
بإعداد هذا الكتاب
كمحاولة للإطلالة على هذا
الموضوع, آملين أن نكون
بذلك قد أسدينا خدمة في
طريق إحياء أمر أهل البيت
عليهم السلام.
عملنا في الكتاب:
وقد استفدنا في إعداد هذا
الكتاب من كتاب:
"الشعائر الحسينيّة, كيف؟
ولماذا؟", وهو
بالفارسيّة, إذ قمنا
بتعريبه واستخرجنا منه
الفصلين الأساسيّين,
وأضفنا إليهما بعض
العناوين والروايات
وحذفنا بعضاً آخر ممّا لا
يتناسب وسياساتنا في
المعهد, وأضفنا إلى
الكتاب تمهيداً حول موضوع
الشعائر, وأشرنا إلى جميع
المصادر والمراجع في
الهامش.
وقد أسميناه: "الشعائر
الحسينيّة, إحياؤها
وأبعادها".
والله تعالى نسأل أن
يتقبّل منّا عملنا هذا
بأحسن القبول, ويرزقنا به
شفاعة النبيّ صلى الله
عليه وآله وسلم وأهل بيته
عليهم السلام, ويجعله
ذخراً لنا ولمحبّي الحسين
عليه السلام, يوم لا ينفع
مال ولا بنون إلّا من أتى
الله بقلب سليم.
معهد سيد الشهداء للمنبر
الحسيني |