يخطب بها إمام الجماعة
بعد صلاة العيد، وهي على
ما رواها الصدوق في كتاب
من لا يحضره الفقيه، عن
أمير المؤمنين عليه
السلام كما يلي:
الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ،
وجَعَلَ الظُّلُمَاتِ
والنُّورَ، ثُمَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا
بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ،
لَا نُشْرِكُ بِاللهِ
شَيْئاً ولَا نَتَّخِذُ
مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً،
والْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ ومَا فِي
الْأَرْضِ، ولَهُ
الْحَمْدُ فِي الدُّنْيَا
والْآخِرَةِ وهُو
الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ،
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي
الْأَرْضِ ومَا يَخْرُجُ
مِنْهَا، ومَا يَنْزِلُ
مِنَ السَّمَاءِ ومَا
يَعْرُجُ فِيهَا وهُو
الرَّحِيمُ الْغَفُورُ،
كَذَلِكَ اللهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُو إِلَيْهِ
الْمَصِيرُ، والْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ
السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ
عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا
بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ
بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ
رَحِيمٌ.
اللهُمَّ ارْحَمْنَا
بِرَحْمَتِكَ،
واعْمُمْنَا
بِمَغْفِرَتِكَ، إِنَّكَ
أَنْتَ الْعَلِيُّ
الْكَبِيرُ، والْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي لَا
مَقْنُوطٌ مِنْ رَحْمَتِهِ،
ولَا مَخْلُوٌّ مِنْ
نِعْمَتِهِ، ولَا مُؤْيَسٌ
مِنْ رَوْحِهِ، ولَا
مُسْتَنْكِفٌ عَنْ
عِبَادَتِهِ، الَّذِي
بِكَلِمَتِهِ قَامَتِ
السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ،
واسْتَقَرَّتِ الْأَرْضُ
الْمِهَادُ، وثَبَتَتِ
الْجِبَالُ الرَّوَاسِي،
وجَرَتِ الرِّيَاحُ
اللَّوَاقِحُ، وسَارَ فِي
جَو السَّمَاءِ السَّحَابُ،
وقَامَتْ عَلَى
حُدُودِهَا
الْبِحَارُ، وهُو إِلَهٌ
لَهَا وقَاهِرٌ، يَذِلُّ
لَهُ الْمُتَعَزِّزُونَ،
ويَتَضَاءَلُ لَهُ
الْمُتَكَبِّرُونَ،
ويَدِينُ لَهُ طَوْعاً
وكَرْهاً الْعَالَمُونَ،
نَحْمَدُهُ كَمَا حَمِدَ
نَفْسَهُ، وكَمَا هُو
أَهْلُهُ، ونَسْتَعِينُهُ
ونَسْتَغْفِرُهُ
ونَسْتَهْدِيهِ، ونَشْهَدُ
أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ وَحْدَهُ لَا
شَرِيكَ لَهُ، يَعْلَمُ
مَا تُخْفِي النُّفُوسُ
ومَا تُجِنُّ الْبِحَارُ،
ومَا تَوَارَى مِنْهُ
ظُلْمَةٌ، ولَا تَغِيبُ
عَنْهُ غَائِبَةٌ، ومَا
تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ
مِنْ شَجَرَةٍ، ولَا
حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتٍ
إِلَّا يَعْلَمُهَا، لَا
إِلَهَ إِلَّا هُو، ولَا
رَطْبٍ ولَا يَابِسٍ
إِلَّا فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ، ويَعْلَمُ مَا
يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ،
وأَيَّ مَجْرًى يَجْرُونَ
وإِلَى أَيِّ مُنْقَلَبٍ
يَنْقَلِبُونَ،
ونَسْتَهْدِي اللهَ
بِالْهُدَى، ونَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ
ونَبِيُّهُ ورَسُولُهُ
إِلَى خَلْقِهِ،
وأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ،
وأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ
رِسَالَاتِ رَبِّهِ،
وجَاهَدَ فِي اللهِ
الْحَائِدِينَ عَنْهُ،
الْعَادِلِينَ بِهِ،
وعَبَدَ اللهَ حَتَّى
أَتَاهُ الْيَقِينُ صلى
الله عليه وآله.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ
بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي
لَا تَبْرَحُ مِنْهُ
نِعْمَةٌ، ولَا تَنْفَدُ
مِنْهُ رَحْمَةٌ، ولَا
يَسْتَغْنِي الْعِبَادُ
عَنْهُ، ولَا يَجْزِي
أَنْعُمَهُ الْأَعْمَالُ،
الَّذِي رَغَّبَ فِي
التَّقْوَى، وزَهَّدَ فِي
الدُّنْيَا، وحَذَّرَ
الْمَعَاصِيَ، وتَعَزَّزَ
بِالْبَقَاءِ، وذَلَّلَ
خَلْقَهُ بِالْمَوْتِ
والْفَنَاءِ، والْمَوْتُ
غَايَةُ الْمَخْلُوقِينَ،
وسَبِيلُ الْعَالَمِينَ،
ومَعْقُودٌ بِنَوَاصِي
الْبَاقِينَ، لَا
يُعْجِزُهُ إِبَاقُ
الْهَارِبِينَ، وعِنْدَ
حُلُولِهِ يَأْسِرُ أَهْلَ
الْهَوَى، يَهْدِمُ كُلَّ
لَذَّةٍ، ويُزِيلُ كُلَّ
نِعْمَةٍ، ويَقْطَعُ كُلَّ
بَهْجَةٍ، والدُّنْيَا
دَارٌ كَتَبَ اللهُ لَهَا
الْفَنَاءَ، ولِأَهْلِهَا
مِنْهَا الْجَلَاءَ،
فَأَكْثَرُهُمْ يَنْوِي
بَقَاءَهَا، ويُعَظِّمُ
بِنَاءَهَا، وهِيَ
حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وقَدْ
عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ،
والْتَبَسَتْ بِقَلْبِ
النَّاظِرِ، ويَضَنُّ ذُو
الثَّرْوَةِ الضَّعِيفَ،
ويَجْتَوِيهَا الْخَائِفُ
الْوَجِلُ، فَارْتَحِلُوا
مِنْهَا يَرْحَمُكُمُ
اللهُ، بِأَحْسَنِ مَا
بِحَضْرَتِكُمْ، ولَا
تَطْلُبُوا مِنْهَا
أَكْثَرَ مِنَ الْقَلِيلِ،
ولَا تَسْأَلُوا مِنْهَا
فَوْقَ الْكَفَافِ،
وارْضَوْا مِنْهَا
بِالْيَسِيرِ، ولَا
تَمُدُّنَّ أَعْيُنَكُمْ
مِنْهَا إِلَى مَا مُتِّعَ
الْمُتْرَفُونَ بِهِ،
واسْتَهِينُوا بِهَا ولَا
تُوَطِّنُوهَا وأَضِرُّوا
بِأَنْفُسِكُمْ فِيهَا،
وإِيَّاكُمْ والتَّنَعُّمَ
والتَّلَهِّيَ
والْفَاكِهَاتِ، فَإِنَّ
فِي ذَلِكَ غَفْلَةً
واغْتِرَاراً.
أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا
قَدْ تَنَكَّرَتْ
وأَدْبَرَتْ، واحْلَوْلَتْ
وآذَنَتْ بِوَدَاعٍ،
أَلَا وإِنَّ الْآخِرَةَ
قَدْ رَحَلَتْ
فَأَقْبَلَتْ وأَشْرَفَتْ،
وآذَنَتْ بِاطِّلَاعٍ،
أَلَا وإِنَّ الْمِضْمَارَ
الْيَوْمَ، والسِّبَاقَ
غَداً، أَلَا وإِنَّ
السُّبْقَةَ الْجَنَّةُ،
والْغَايَةَ النَّارُ،
أَلَا فَلَا تَائِبٌ مِنْ
خَطِيئَتِهِ قَبْلَ يَوْمِ
مَنِيَّتِهِ، أَلَا
عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ
يَوْمِ بُؤْسِهِ وفَقْرِهِ،
جَعَلَنَا اللهُ
وإِيَّاكُمْ مِمَّنْ
يَخَافُهُ ويَرْجُو
ثَوَابَهُ، أَلَا وإِنَّ
هَذَا الْيَوْمَ يَوْمٌ
جَعَلَهُ اللهُ لَكُمْ
عِيداً، وجَعَلَكُمْ لَهُ
أَهلْاً، فَاذْكُرُوا
اللهَ يَذْكُرْكُمْ،
وادْعُوهُ يَسْتَجِبْ
لَكُمْ، وأَدُّوا
فِطْرَتَكُمْ فَإِنَّهَا
سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ،
وفَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ مِنْ
رَبِّكُمْ،
فَلْيُؤَدِّهَا كُلُّ
امْرِئٍ مِنْكُمْ عَنْهُ
وعَنْ عِيَالِهِ كُلِّهِمْ،
ذَكَرِهِمْ وأُنْثَاهُمْ،
صَغِيرِهِمْ وكَبِيرِهِمْ،
وحُرِّهِمْ ومَمْلُوكِهِمْ،
عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ
مِنْهُمْ صَاعاً مِنْ بُرٍّ
أَو صَاعاً مِنْ تَمْرٍ
أَو صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ،
وأَطِيعُوا اللهَ فِيمَا
فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ
وأَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ
إِقَامِ الصَّلَاةِ
وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ
وحِجِّ الْبَيْتِ وصَوْمِ
شَهْرِ رَمَضَانَ
والْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ
والنَّهْيِ عَنِ
الْمُنْكَرِ والْإِحْسَانِ
إِلَى نِسَائِكُمْ ومَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ،
وأَطِيعُوا اللهَ فِيمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ، مِنْ
قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ،
وإِتْيَانِ الْفَاحِشَةِ،
وشُرْبِ الْخَمْرِ،
وبَخْسِ الْمِكْيَالِ،
ونَقْصِ الْمِيزَانِ،
وشَهَادَةِ الزُّورِ،
والْفِرَارِ مِنَ
الزَّحْفِ، عَصَمَنَا
اللهُ وإِيَّاكُمْ
بِالتَّقْوَى، وجَعَلَ
الْآخِرَةَ خَيْراً لَنَا
ولَكُمْ مِنَ الْأُولَى،
إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ
وأَبْلَغَ مَوْعِظَةِ
الْمُتَّقِينَ كِتَابُ
اللهِ الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ، أَعُوذُ
بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
* قُلْ هُواللهُ أَحَدٌ *
اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ
يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ *
ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً
أَحَدٌ﴾.
|