المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم
"إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً"

الإمام الصادق عليه السلام

تلك الحرارة التي جعلت من الفاجعة مدرسة ومن الدماء كلمة تستنهض كل المظلومين والمضطهدين في العالم للخروج من ذل العبودية إلى كنف الحرية لقوله عليه السلام: "لا تكن عبد غيرك وقد خلقك اللَّه حراً" هذه الحرية التي كتبها الإمام الحسين عليه السلام من دم نحره الشريف على قرطاس أرض كربلاء ورسمها بأحرف من نور ليوضح للعالم أن من كان ينشد الحرية والعيش بسعادة. عليه أن يسلك الدرب الذي سلكته والطريق التي شققتها بتضحياتي.

ولما كان الباعث على استمرارية بث روح الثورة في نفوس الأحرار في العالم هو الدأب على ذكر هذه السيرة الخالدة والتضحيات العظيمة كان لأهل البيت عليهم السلام الدور البارز في إقامتها والتشجيع على استمراريتها بالتواصل مع الشعراء والأدباء والخطباء من أجل إبراز هذه الفاجعة الأليمة كما كان إمامنا الصادق عليه السلام يصنع مع الخارجين إلى منى في مواسم الحج هذا بالإضافة إلى الأجر العظيم والثواب الجزيل المترتب على ذكر هذا الخطب الجلل والمصاب الأليم. فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "من قال فينا بيتاً من الشعر بنى اللَّه له بيتاً في الجنة".

والحديث المروي عنه عليه السلام: "ما من أحد قال في جدي الحسين شعراً فبكى أو أبكى إلا أوجب اللَّه له الجنة وغفر له". فاستوحى علماؤنا العظام مدى أهمية هذه المجالس والمثابرة عليها فكان لهم الدور البارز في الاهتمام بإقامة هذه الشعائر والحث على استمراريتها باعتبارها ركناً أساسياً من أركان التوعية في المجتمع وأعطوها قسطاً وافراً من مؤلفاتهم وأولوها بحثاً وتحقيقاً حول أهداف هذه الثورة والدوافع التي أدت إليها والنتائج المترتبة عليها ونظموا في ذلك الدواوين وعقدوا المؤتمرات.

وكانت لهم العناية الكبرى في مد يد العون لخطباء هذا المنبر الحسيني الكربلائي العظيم عبر تأليف مجموعة وافية من الكتب التي تحوي العديد من المجالس المعدَّة ولم يهملوا في كتاباتهم أهمية اسالة الدمع وإثارة العواطف وفوائدهما في الدنيا والاخرة مستوحين ذلك من الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام: "من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب".

والرواية النبوية عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا وصلى اللَّه على الباكين على الحسين رحمة وشفقة".

والرواية الواردة عن أمير المؤمنين عليه السلام: "وأن للموت غمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة أو يعتدل على قلوب أهل الدنيا والبكاء على الحسين ينجي منه إلى اللّه تعالى".

وهي الطريق والوسيلة لتغيير واقع الزمة نحو المستقبل الأوحد كما حصل في إيران الإسلام التي عبَّر مفجر ثورتها المباركة عن سرِّ نجاحها "إن كل ما عندنا هو من مجالس عاشوراء".

لذا كانت قراءة التعزية من أفضل الشعائر الحسينية ومن أعظم القربات لأجل ذلك كانت خطوة معهد سيد الشهداء عليه السلام للتبليغ والمنبر الحسيني بإعداد هذا المتن التدريسي في الأطوار لإعداد الخطباء الحسينين باسم "معين القراء في أطوار مجالس العزاء" وهو يطرق باباً من أبواب الخدمة لخطباء هذا المنبر الحسيني وهو يعتني بكيفية تمكين الخطيب من محاكاة المجتمع بهذه القصائد والروايات، وما هي الطريقة التي ينبغي على الخطيب اتباعها في استنزاف هذه الدمعة وسيلانها وإثارة عواطف الناس وتفاعلها مع هذه المصيبة حتى يكون ممن أوجب اللَّه له الجنة وغفر له، فكان لا بد من القاء الضوء على العديد من الطرق التي تمكن الخطيب من امتلاك قدرة تقديم هذه المجالس بطريقة مشجية حزينة وهو يحوي على ثلاثة وعشرين طوراً من أطوار مجالس العزاء التي استعملها كبار خطباء المنبر الحسيني، وقد قسِّمت هذه الأطوار على قسمين قسم يختص بالشعر القريض وهو الشعر الذي له تقسيمات عروضية بحسب أوزان بحور الشعر.

وقسم اخر يتناول أطوار اللغة الدارجة أو الشعر الشعبي سائلين المولى أن يوفقنا لخدمة هذا المنبر الحسيني العظيم.

معهد سيد الشهداء للتبليغ والمنبر الحسيني