بنو هاشم
لبني هاشم حضور جميل
وممّيز في ملحمة كربلاء
وقد سجّلوا بذلك ذكراً
خالداً، وقد اختلفت
الأقوال والآراء حول عدد
الشخصيّات الهاشميّة في
هذه الملحمة إلّا أنّ
أشهرها يشير إلى كونهم 17
رجلاً1، وفي الحدّ الأقصى
أنّهم 27 شهيداً2. وسوف
نشير في هذا الفصل
بالترتيب إلى وجوه بني
هاشم (باستثناء النساء
والأطفال) والتي كان لها
دور مؤثّر وفعّال في
وقائع ملحمة عاشوراء:
أـ أبناء أمير المؤمنين
عليه السلام
اعتبر البعض أنّ عدد
الشهداء من أولاد عليّ
عليه السلام في كربلاء هو
11شهيداً3.
وباستثناء الإمام الحسين
عليه السلام فهم:
إبراهيم بن عليّ عليه
السلام الشباب
جعفر بن عليّ عليه
السلام الشباب
العبّاس بن عليّ عليه
السلام
ولد العبّاس عليه السلام
في سنة 26 للهجرة، أمّه
فاطمة بنت حزام بن خالد
الكلابيّ،
والمشهورة بأمّ البنين،
والعبّاس هو الابن البكر
لأمّ البنين، وأشهر كنية
له هي "أبو الفضل"4،
ولجمال وجهه وإشراقه يقال
له قمر بني هاشم5.
وقد أمضى أبو الفضل
العبّاس 14 عاماً من عمره
مع أبيه عليه السلام ومن
ثمّ أمضى 24 عاماً مع
أخيه الإمام الحسن عليه
السلام و34 عاماً من عمره
مع أخيه الإمام الحسين
عليه السلام، وعليه فقد
كان سنّه في كربلاء 34
سنة عند شهادته6.
وكان قمر بني هاشم فارساً
شجاعاً قويّ البنية ممتلئ
الجسم، وكان تقيّاً صالحاً
إلى الحدّ الذي عرف
بالعبد الصالح7.
ويصفه الإمام الصادق عليه
السلام قائلاً:
"كان عمّنا العبّاس
نافذ البصيرة، صلب
الإيمان، جاهد مع أبي عبد
الله عليه السلام وأبلى
بلاءً حسناً ومضى شهيداً"8.
وعندما منعوا الماء عن
الإمام الحسين عليه
السلام وأهل بيته وأصحابه
في كربلاء واشتدّ بهم
العطش، دعا الإمام عليه
السلام أخاه العبّاس
فأرسله إلى الشريعة مع
ثلاثين فارساً وعشرين
راجلاً وبعد معركة عظيمة
جاء بقرب الماء إلى
الخيام9. وقد حمل الماء
إليهم مراراً وتكراراً
ولذا لقّب بالسقّاء10.
ورفض قمر بني هاشم وأخوته
الأمان الذي عرضه عليهم
شمر بن ذي الجوشن وأكّدوا11
وقوفهم إلى جانب أبي عبد
الله عليه السلام، وفي
ليلة عاشوراء وبعد أن
خاطب الإمام عليه السلام
كلّ أنصاره من بني هاشم
وغيرهم طالباً منهم
الانصراف، كان العبّاس
أوّل المتكلّمين فقال:
"لمَ نفعل ذلك؟ لنبقى
بعدك!، لا أرانا الله ذلك
أبداً"12.
وكان الإمام عليه السلام
يحبّ أخاه أبا الفضل حبّاً
عظيماً وقد خاطبه يوم
عاشوراء بهذه العبارة
قائلاً له: "بنفسي أنت
يا أخي"13.
وفي يوم عاشوراء دفع سيّد
الشهداء بالراية إلى أخيه
أبي الفضل العبّاس14.
وعندما رأى أبو الفضل
أخاه الإمام عليه السلام
وحيداً في عصر عاشوراء
أقبل نحو أخيه يستأذنه في
النزول إلى الميدان، فقال
له الإمام: "يا أخي
كنت العلامة من عسكري،
ومجمع عددنا، فإذا أنت
غدوت يؤول جمعنا إلى
الشتات، وعمارتنا تنبعث
إلى الخراب"15.
فقال له العبّاس: "قد
ضاق صدري، وسئمت من
الحياة".
فقال له الحسين عليه
السلام: "فاطلب لهؤلاء
الأطفال قليلاً من الماء".
فذهب أبو الفضل إلى
الميدان وفرّق جيش
الأعداء وورد على شريعة
الفرات وملأ القربة وأخذ
غرفة من الماء ولكنّه
تذكّر عطش الحسين عليه
السلام فرمى الماء من يده،
وتوجّه مسرعاً نحو الخيمة،
فسدّوا عليه الطريق فحمل
عليهم بسيفه وهو يرتجز16
ويقول: "إنّي أنا
العبّاس أغدو بالسقا"17.
فضربه حكيم بن الطفيل على
يده اليمنى فقطعها، ومن
ثمّ ضربه زيد بن ورقاء
على يده اليسرى فقطعها،
وهو لم يزل متوجّهاً نحو
الخيام وإذا برجل تميميّ
يضربه بعمودٍ على رأسه
فسقط أبو الفضل من على
فرسه إلى الأرض ونادى
أخاه الحسين عليه السلام:
"أدركني"، فأسرع
الحسين عليه السلام إلى
مصرع العبّاس، وعندما نظر
إلى بدن أخيه وجراحاته
قال: "الآن انكسر ظهري
وقلّت حيلتي"18.
يقول الإمام السجّاد عليه
السلام عن مقام ومنزلة
عمّه العبّاس:
"رحم الله العبّاس،
فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه
بنفسه حتّى قطعت يداه
فأبدله
الله عزَّ وجلَّ بهما
جناحين يطير بهما مع
الملائكة في الجنّة كما
جعل لجعفر بن أبي طالب،
وإنّ للعبّاس عند الله
تبارك وتعالى منزلة يغبطه
بها جميع الشهداء يوم
القيامة"19.
عبد الله بن عليّ عليه
السلام
الشباب
عبيد الله بن عليّ
عليه السلام
عدّه الشيخ المفيد من
جملة شهداء كربلاء
20ووافقه
في ذلك الطبرسيّ21 والقلقشنديّ
22واستند جملة
من المؤرّخين إليه في ذلك23،
وقد ورد ذكره في الزيارة
الرجبيّة24، ولكن هناك
العديد من المؤرّخين
أكّدوا على عدم استشهاده
في كربلاء25.
عتيق بن عليّ عليه
السلام
عدّه بعض المؤرّخين من
جملة شهداء كربلاء26.
عثمان بن عليّ الشباب
عمر بن عليّ عليه
السلام
وأمّه تدعى الصهباء،
واشتهر بعمر الأطرف،
اعتبره البعض من شهداء
كربلاء27، إلّا أنّ الكثير
من المؤرّخين أنكروا ذلك
وأكّدوا على عدم حضور عمر
بن عليّ عليه السلام في
كربلاء28.
عون بن عليّ عليه
السلام
اعتبر بعض المؤرّخين بأنّ
عون من شهداء ملحمة
كربلاء29.
محمّد الأصغر بن عليّ
عليه السلامالشباب
يحيى بن عليّ عليه
السلام
أمّه أسماء بنت عميس30،
وذكر أنّه من شهداء
كربلاء31، إلّا أنّ بعض
المؤرّخين يعتقد بأنّ
يحيى مات
32في حياة أمير
المؤمنين عليه السلام.
ب ـ أبناء الإمام الحسن
عليه السلام
أبو بكر بن الحسن
حضر في كربلاء وقاتل
العدوّ في ركاب أبي عبد
الله عليه السلام، ورماه
عبد الله بن عقبة الغنويّ
بسهمٍ أرداه شهيداً33 وله
من العمر حينئذٍ خمسة
وثلاثون عاماً34.
أحمد بن الحسن عليه
السلامالأطفال
والشباب
الحسن بن الحسن عليه
السلام
الجرحى
عبد الله بن الحسن عليه
السلام
الأطفال والشباب
عمر بن الحسن عليه السلام
الأطفال والشباب
قاسم بن الحسن عليه
السلام
الأطفال والشباب
ج ـ أبناء الإمام
الحسين عليه السلام
عليّ الأصغرالأطفال
والشباب
عليّ الأكبرالشباب
عليّ (الأوسط) زين
العابدين الأسرى
د ـ آل جعفر بن أبي طالب
عبيد الله بن عبد الله بن
جعفر
أمّه تدعى الخوصاء، وقد
استشهد عبيد الله35 في يوم
عاشوراء36.
عون بن عبد الله بن
جعفر37
أمّه السيّدة زينب الكبرى38،
التحق بركب الإمام الحسين
عليه السلام مع أخيه
محمّد في وادي العقيق
حاملاً رسالة من أبيه
أوصلها للإمام عليه
السلام.
وعندما برز في يوم
عاشوراء نحو الأعداء
ارتجز قائلاً:
إِنْ تُنْكِرُونِي فَأَنا
ابْنُ جَعْفَرٍ
شَهِيدُ صِدْقٍ
فِي الجِنَانِ أَزْهَرْ
يَطِيرُ فِيها بِجَنَاحٍ
أَخْضَرٍ كَفَى بِهَذا
شَرَفاً فِي المَحْشَرْ
وقتل عدداً من الأعداء ثمّ
استشهد على يد عبد الله
قطنة الطائيّ39.
القاسم بن محمّد بن
جعفر
وهو صهر عمّه عبد الله بن
جعفر والسيّدة زينب
الكبرى، رافق الإمام
الحسين
عليه السلام مع زوجته أمّ
كلثوم الصغرى ونزل معه في
كربلاء. وبرز القاسم إلى
الميدان بعد شهادة عون بن
عبد الله بن جعفر وقاتل
قتالاً عظيماً ثمّ استشهد40.
محمّد بن عبد الله بن
جعفر
وأمّه الخوصاء بنت حفصة
بنت ثقيف، التحق مع أخيه
عون بقافلة الإمام الحسين
عليه السلام وبرز إلى
الميدان قبل أخيه عون وهو
يرتجز ويقول:
نَشْكُو إِلى اللهِ مِنَ
العُدْوَانِ
فِعَالَ قَوْمٍ
فِي الرَدَى عُمْيَانِ
قَدْ بَدَّلُوا مَعَالِمَ
القُرْآنِ
وَمُحْكَمَ
التَنْزِيلِ والتِّبْيَانِ
وَأَظْهَرُوا الكُفْرَ
مَعَ الطُّغْيَانِ
فهجم عليه القوم جماعات
من كلّ جانب ثمّ استشهد
على يد عامر بن نهشل
التميميّ41.
هـ ـ آل عقيل
إنّ لآل عقيل منزلة
مرموقة من بين أبطال
عاشوراء، حتّى أنّ الإمام
الحسين عليه السلام
أوصاهم بالصبر والثبات
وبشّرهم بالجنّة قائلاً
لهم: "صبراً آل عقيل
إنّ موعدكم الجنّة"42.
والشهداء
43من آل عقيل
الذين استشهدوا في كربلاء
هم:
أحمد بن محمّد بن عقيل
برز إلى الميدان في
كربلاء يقاتل بحماسة وهو
يرتجز الشعر ثمّ استشهد (رضوان
الله عليه)44.
جعفر بن عقيلالشباب
عبد الرحمن بن عقيل
وهو من أوائل المبارزين
من آل أبي طالب يوم
عاشوراء بعد أن استشهد كلّ
أنصار الإمام الحسين عليه
السلام، وكان له من العمر
حينها 35 عاماً45. وانبرى
إلى ساحة القتال وهو
يرتجز ويقول:
أَبِي عَقيلٌ فَاعْرِفُوا
مَكَانِي
مِنْ هَاشِمٍ
وهَاشِمٌ إِخْوَانِي
كُهُولُ صِدْقٍ سَادَةُ
القُرْآنِ
هَذَا حُسَيْنٌ
شَامِخُ البُنْيَانِ46
وقاتل قتالاً عظيماً فقتل
سبعة عشر فارساً، ثمّ
استشهد على يد عثمان بن
خالد الجهنيّ وبشر بن سوط
الهمدانيّ47.
عبد الله بن عقيل
قاتل في كربلاء قتال
الأبطال ثمّ استشهد على
يد عثمان بن خالد أشيم
الجهنيّ ورجل من همدان48،
وذكر أنّه قتل وهو ابن
ثلاث وثلاثين سنة49.
عبد الله بن مسلم بن
عقيلالشباب
عبيد الله بن عقيل
اعتبره ابن قتيبة من
شهداء كربلاء50.
عليّ بن عقيل
وكان له من العمر ثمانية
وثلاثون سنة51 عندما كان في
كربلاء واستشهد بين يدي
الإمام الحسين عليه
السلام52.
عون بن عقيل
ذكره البعض في جملة شهداء
ملحمة كربلاء53.
محمّد بن أبي سعيد بن
عقيلالشباب
محمّد بن عقيل
وهو صهر الإمام أمير
المؤمنين عليه السلام54.
وذكر بعض المؤرّخين أنّه
حضر في كربلاء واستشهد
على يد لقيط بن ناشر
الجهنيّ55.
محمّد بن مسلم بن عقيلالشباب
مسلم بن عقيلالسفراء
الصحابة
في ثورة سيّد الشهداء
عليه السلام، كان لبعض
صحابة رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم حضور
مميّز، وهؤلاء الصحابة
قسم منهم كان من أنصار
النبيّ ومرافقيه والذين
رووا عنه الأحاديث،
والقسم الآخر منهم أدرك
عصره أو أنّه قام بزيارته
صلى الله عليه وآله وسلم
فقط.
وفي هذا المجال سوف نذكر
ابتداءً الصحابة الذين
اتفق على حضورهم
واستشهادهم في كربلاء.
أنس بن حرث الكاهليّ
وهو من كبار صحابة رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم المشهورين، وقد
التقى مراراً بالنبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم وسمع
كلامه وأقواله وقد عدّ من
رواة الحديث عن النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم،
وهو ممّن روى عنه صلى
الله عليه وآله وسلم قوله:
"إنّ ابني هذا (يعني
الحسين) يقتل بأرضٍ من
أرض العراق ألا فمن شهده
فلينصره"56.
وقد كان أنس مقيماً
بالكوفة، وعندما بلغه
ورود الإمام عليه السلام
إلى أرض العراق توجّه نحو
كربلاء فوصلها ليلاً57،
واستقرّ إلى جانب الحسين
عليه السلام، وفي يوم
عاشوراء طلب الرخصة من
الإمام للنزول إلى
الميدان فأجاز سيّد
الشهداء عليه السلام لهذا
العجوز الشجاع القتال
فبرز إلى ساحة المعركة
وهو يرتجز الشعر، فقاتل
قساة القلوب من الكوفيّين
حتّى استشهد58.
حبيب بن مظاهر الأسديّ
كان من أصحاب النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم
مقيماً في الكوفة، وكان
من أتباع الإمام أمير
المؤمنين عليه السلام
أثناء خلافته، ومن خواصّ
أصحابه، وشارك معه في كلّ
حروبه59.
وكان حبيب من كبار وجهاء
الكوفة وأحد الذين كتبوا
للإمام الحسين عليه
السلام يدعونه إليهم60.
وعندما ورد مسلم بن عقيل
سفير الحسين عليه السلام
إلى الكوفة ونزل في منزل
المختار التفّ حوله
الشيعة61، وكان حبيب أحد
الذين تكلّموا معلناً
وقوفه إلى جانب الحسين
عليه السلام والدفاع عنه.
وقد شارك حبيب مع مسلم بن
عوسجة في أخذ البيعة من
أهل الكوفة للإمام الحسين
عليه السلام، ولكن بعدما
ورد ابن زياد إلى مدينة
الكوفة وتفرّق الناس عن
سفير الإمام عليه السلام
تخفّى هذان الرجلان ومن
ثمّ التحقا بالإمام
الحسين عليه السلام.
ولمّا رأى حبيب قلّة
أنصار الإمام في كربلاء
مقابل الجيش العظيم
للأعداء استجاز الإمام
عليه السلام في الذهاب
إلى بني قومه من بني أسد
لطلب النصرة لأبي عبد
الله، فأجازه الحسين عليه
السلام، فتوجّه نحوهم
وتكلّم معهم، فصمّم البعض
منهم على الالتحاق بهم،
ولكن أخبارهم وصلت عبر
بعض العيون إلى جيش ابن
سعد الذي أرسل فرقة من
جيشه إلى مضارب القوم
ووقع النزاع والخلاف
بينهم، ومَنعوا تلك
العدّة من الالتحاق
بالحسين عليه السلام،
فرجع حبيب وحيداً وتوجّه
نحو خيمة الإمام ليخبره
بما جرى62.
وفي يوم عاشوراء استلم
حبيب قيادة الميسرة في
جيش الإمام، وكان على
الميمنة زهير بن القين63.
وعندما سقط صاحبه القديم
مسلم بن عوسجة على الأرض
توجّه حبيب برفقة الإمام
عليه السلام ووقفا عند
رأسه، فقال له حبيب: "عزّ
عليّ مصرعك يا مسلم، أبشر
بالجنّة".
فقال له مسلم وهو يشير
إلى الإمام عليه السلام:
بشّرك الله... فإنّي
أوصيك بهذا وأشار إلى
الحسين عليه السلام فقاتل
دونه حتّى تموت.
فقال له حبيب: وربّ
الكعبة، لأنعمنّك عيناً64.
ولمّا طلب أبو عبد الله
عليه السلام من القوم
المهلة لأداء صلاة الظهر،
قال له الحصين بن تميم:
إنّها لا تقبل.
فلم يسكت حبيب على وقاحته
وجرأته فقال له:
"زعمت أن لا تقبل
الصلاة من آل رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
وتقبل منك يا..."
فحمل عليه الحصين وخرج
إليه حبيب فضرب وجه فرسه
بالسيف فشبّ فسقط عنه
الحصين فاستنقذه أصحابه،
وقاتل حبيب قتالاً شديداً65،
فقتل رجلاً من بني تميم
اسمه بديل بن صريم، وحمل
عليه آخر من بني تميم
فطعنه، فذهب ليقوم فضربه
الحصين على رأسه بالسيف
فوقع على الأرض شهيداً66.
وذهب البعض إلى أنّ بديل
بن صريم
67هو من قتل حبيب
بن مظاهر... ولمّا استشهد
حبيب هدّ مقتله الحسين
عليه السلام وتأسّف عليه
لِما له من المكانة
والمنزلة عنده فقال سلام
الله عليه:
"عند الله أحتسب نفسي
وحماة أصحابي "68.
وكان له من العمر عند
شهادته خمسة وسبعون عاماً.
الحرث بن نبهان
كان والده نبهان رجلاً
شجاعاً مقداماً، وكان
عبداً لحمزة بن عبد
المطلب، وقد مات والده
بعد شهادة الحمزة بسنتين
وهذا يعني أنّ الحرث قد
أدرك زمان رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم.
وقد نشأ الحرث وترعرع في
كنف أمير المؤمنين عليه
السلام ومن بعده الإمامين
الحسن والحسين عليهما
السلام .
ورافق ابن نبهان سيّد
الشهداء عليه السلام من
المدينة إلى كربلاء
واستشهد يوم عاشوراء في
الحملة الأولى69.
عبد الرحمن بن عبد ربّ
الأنصاريّ الخزرجيّ
كان عبد الرحمن من صحابة
النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم ومن الأتباع
المخلصين لأمير المؤمنين
عليه السلام.
وعندما ناشد الإمام عليّ
عليه السلام الناس في
الرحبة مَن سمع النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم
يوم غدير خمّ ما قال إلّا
قام، فقام عبد الرحمن مع
عدد من الصحابة فقالوا:
نشهد أنّا سمعنا رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول: "ألا إنّ
الله عزَّ وجلَّ وليّي
وأنا وليّ المؤمنين، ألا
فمن كنت مولاه فعليّ
مولاه، أللهم وال من
والاه، وعاد من عاداه،
وأحبّ من أحبّه، وأبغض من
أبغضه، وأعن من أعانه"70.
وينقل بعض المؤرّخين بأنّ
عليّاً عليه السلام قام
بتربية عبد الرحمن
وتعليمه القرآن71.
ورافق ابن عبد ربّ الإمام
الحسين عليه السلام منذ
مسيره من مكّة إلى العراق،
وقاتل يوم عاشوراء في
الحملة الأولى حتّى
استشهد72.
عبد الله بن يقطر
الحميريّ السفراء
عمّار بن أبي سلامة
الدالانيّ الهمدانيّ
من صحابة رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم،
وصحب أمير المؤمنين عليه
السلام أثناء خلافته وبقي
إلى جنبه وشارك معه في
حروبه الثلاثة (الجمل،
صفّين والنهروان)، ومن ثمّ
استشهد في كربلاء في ركب
الحسين عليه السلام73. وقيل:
إنّه استشهد في أثناء
الحملة الأولى74.
مسلم بن عوسجة الأسديّ
كان من أنصار النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم
وصحابته75.
وذكر أنّه كان رجلاً
شريفاً سرياً عابداً،
وكان فارساً شجاعاً له
ذكر في المغازي والفتوح
الإسلاميّة76. وقد شارك ابن
عوسجة في الكثير منها وقد
حدّث شبث بن ربعيّ عن
شجاعته في فتح أذربايجان
في سنة عشرين من الهجرة77.
ويعتبر مسلم بن عوسجة من
الشخصيّات البارزة في
الكوفة، وقد كان من جملة
الذين كتبوا الرسائل إلى
الإمام عليه السلام،
لكنّه لم ينكث بعهده
ووعده حتّى آخر رمق من
حياته. وقد أخذ البيعة من
أهل الكوفة للإمام الحسين
عليه السلام، ووضع نفسه
في خدمة مسلم بن عقيل،
فعيّنه مسلم في مدّة
إقامته القصيرة على رأس
جماعة من بني مذحج وبني
أسد78، وبعد مقتل مسلم بن
عقيل وهانئ بن عروة توارى
ابن عوسجة مدّة من الزمان،
ومن ثمّ خرج برفقة عائلته
من الكوفة صوب كربلاء،
فوصلها والتحق بركب أبي
عبد الله عليه السلام.
وعندما خاطب الإمام عليه
السلام أصحابه في ليلة
العاشر من محرّم وطلب
منهم قائلاً: "إنّ هذا
الليل قد غشيكم فاتخذوه
جملاً، وليأخذ كلّ رجل
منكم بيد رجلٍ من أهل
بيتي، وتفرّقوا في سوادكم
ومدائنكم، فإنّ القوم
إنّما يطلبوني، ولو قد
أصابوني لهوا عن غيري"،
جدّد الأنصار له العهد
وتكلّم مسلم بن عوسجة بعد
أن تكلّم إخوة الإمام
عليه السلام وأهل بيته،
فقال: "يا بن بنت رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم أنحن نخلّي عنك هكذا
وننصرف، وقد أحاط بك
الأعداء؟ لا والله لا
يراني الله أفعل ذلك أبداً
حتّى أكسر في صدورهم رمحي،
وأضاربهم بسيفي ما ثبت
قائمه بيدي، ووالله لو لم
يكن معي سلاح أقاتلهم به
لقذفتهم بالحجارة أبداً،
ولم أفارقهم أو أموت بين
يديك..."79.
ويذكر ابن شهرآشوب أنّ
مسلم قال هذا الكلام:
"والله لو علمت أنّي أقتل
فيك ثمّ أحيا، ثمّ أحرق
حيّاً، ثمّ أذرى، يفعل
ذلك بي سبعين مرّة ما
فارقتك حتّى ألقى حمامي
دونك، وكيف لا أفعل ذلك
وإنّما هي قتلة واحدة، ثمّ
أنال الكرامة التي لا
انقضاء لها أبداً"80.
وينقل أبو مخنف هذا
المقطع من كلام ابن عوسجة
حيث يقول: "أما والله
لا أفارقك حتّى أكسر في
صدورهم رمحي وأضربهم
بسيفي ما ثبت قائمه في
يدي"81.
وعندما بدأت المعركة في
يوم عاشوراء وبعد الحملة
الأولى حمل على القوم من
طرف ميسرة جيش الإمام
عليه السلام، يضرب بسيفه
ويرتجز قائلاً:
إَنْ تَسْأَلُوا
عَنِّي فَإِنِّي ذُو
لَبَدْ
مِنْ فَرْعِ قَوْمٍ
فِي ذُرَى بِنِي أَسَدْ
فَمَنْ بَغَانَا حَايِدٌ
عَنِ الرَّشَدْ
وَكَافِرٌ بِدِينِ
جَبَّارٍ صَمَدْ82
وقال ابن أعثم الكوفيّ
بأنّ مسلم بن عوسجة قاتل
قتالاً شديداً وجرح
جراحات بليغة83، وحمل عليه
مسلم بن عبد الله الضبابيّ
وعبد الرحمن بن أبي
خشكاره البجليّ
وتشاركا في قتله، ولمّا
سقط على الأرض وبه رمق من
الحياة جاءه الحسين عليه
السلام مع حبيب بن مظاهر
ووقفا على رأسه فقال له
الحسين عليه السلام: "رحمك
الله يا مسلم"84.
وأوصى مسلم في لحظاته
الأخيرة حبيب بالإمام أبي
عبد الله عليه السلام
قائلاً له: "أوصيك
بهذا، فقاتل دونه"85.
واعتبر العلّامة المجلسيّ
بأنّ مسلم بن عوسجة كان
أوّل من قتل في الحملة
الأولى86.
هانئ بن عروة المراديّ
وكان كأبيه عروة بن نمران
من أصحاب النبيّ الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم،
وهو من الشخصيّات
الشيعيّة المشهورة، وقد
شارك هانئ بن عروة مع
أمير المؤمنين عليه
السلام أيّام خلافته في
حروبه الثلاثة. وكان
رضوان الله عليه زعيم
قبيلة بني مراد وتحت
لوائه وإمرته أربعة آلاف
دارع وثمانية آلاف راجلٍ87.
وفي عهد معاوية كان بصحبة
حجر بن عديّ فأراد معاوية
قتله لكن شفع فيه بعضهم،
فلم يقتله.
وعندما ورد مسلم بن عقيل
إلى الكوفة ورأى خذلان
أهلها أوى إلى منزل هانئ،
ووصل الخبر إلى ابن زياد
عبر أحد العيون، فافتُضح
أمر مسلم، واعتقل هانئ بن
عروة، فعذّبه عذاباً
شديداً حتّى يسلّمه مسلم،
لكنّه لم يرضخ لهذا الذلّ
والعار وقال في جوابهم:
"والله عليّ في ذلك من
أعظم العارّ أن يكون مسلم
في جواري وضيفي وهو رسول
ابن بنت رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم وأنا
حيٌّ صحيح الساعدين كثير
الأعوان، والله لو لم أكن
إلّا وحدي ليس لي ناصرٌ
لما سلّمته إليه أبداً
حتّى أموت"88.
وقلق بنو مذحج على أوضاع
هانئ فحاصروا قصر ابن
زياد، فخرج إليهم شريح
القاضي ودعاهم إلى الهدوء
مخبراً إيّاهم سلامة هانئ
بن عروة، وأنّه لم يقتل
وحينئذٍ خدع القوم ورجعوا
وانصرفوا عنه، وبقي هانئ
محبوساً حتّى اعتقل مسلم،
فقتلهما ابن زياد في يوم
واحد في الثامن من ذي
الحجّة سنة 60 للهجرة89
وكان عمر هانئ حين شهادته
يربو على التسعين سنة90.
وقيل إنّ هانئ لمّا أخرج
من حبسه أخذ إلى السوق في
ناحية للقصّابين وهو
يستصرخ قبيلته: وا مذحجاه،
فلم يجبه أحد منهم، وأمر
عبيد الله بن زياد بضرب
عنقه، فضربه غلام له اسمه
رشيد بالسيف على عنقه
فقتله وقطع رأسه وصلب
جسده، وأرسل برأسه مع رأس
مسلم بن عقيل إلى يزيد بن
معاوية91.
ولمّا بلغ الحسين عليه
السلام خبر استشهاد مسلم
وهانئ استعبر وبكى بكاءً
شديداً
92وهو يكرّر قوله
تعالى:
﴿إِنَّا
لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ
رَاجِعونَ﴾،
ويقول: "رحمة الله
عليهما"93.
إشارة وتذكير
ومضافاً إلى هؤلاء التسعة
الذين ذكرناهم من صحابة
النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم فقد ذكرت بعض
الشخصيّات الأخرى في جملة
الصحابة الذين حضروامع
الإمام عليه السلام، إلّا
أنّه لمّا كانت هذه
النسبة لا تستند إلى
المتون الموثّقة ولا
اعتبار لها في التاريخ
فإنّ إثباتها مشكلٌ وسوف
نكتفي فيما يلي بذكر
أسمائهم فقط:
جنادة بن الحرث
السلمانيّ الأزديّ94.
جندب بن حجير الخولانيّ95.
جوين بن مالك96.
زاهر بن عمرو مولى
عمرو بن الحمق الخزاعيّ97.
زياد بن عريب الهمدانيّ98.
سعد بن الحرث99.
شبيب بن عبد الله100.
عمرو بن ضبيعة الضبعيّ101.
كنانة بن عتيق التغلبيّ102.
مسلم بن كثير الأزديّ103.
يزيد بن مغفل الجعفيّ104.
الشباب
شهدت كربلاء حضوراً
مميّزاً لعنصر الشباب وقد
تميّز هذا الحضور بضروب
الحماسة الخالدة والمثيرة،
ورغم قطعيّة وجود الشباب
من آل هاشم والتي أكّدها
المؤرّخون بضبط أعمارهم
إلّا أنّ هذا لا يعني عدم
وجود هذا العنصر من بين
سائر أصحاب الإمام الحسين
عليه السلام.
إذ أنّ القرائن والشواهد
الموجودة تشير إلى أنّ
الكثير من أصحاب الإمام
عليه السلام من غير
الهاشميّين كان فتيّاً
وهذا ما تشير إليه بعض
بطون المتون التاريخيّة.
وسوف
نشير في هذا الفصل إلى
أولئك الذين أكّدت كتب
التاريخ القديمة على
كونهم شباباً105، وهؤلاء هم:
إبراهيم بن عليّ عليه
السلام
اعتبره بعض المؤرّخين من
جملة شهداء كربلاء106، ويقول
البيهقيّ: بأنّ إبراهيم
كان له من العمر عشرون
سنة عند شهادته107.
جعفر بن عقيل
شارك جعفر108 وهو في سنّ
الثالثة والعشرين
109في
كربلاء فقاتل إلى جانب
إخوته، وعندما برز إلى
الميدان هجم على الأعداء
وهو يردّد هذه الأبيات من
الشعر:
أَنَا الغُلَام ُالأَبْطَحِيُّ
الطَالِبِي
مِنْ مَعْشَرٍ فِي
هَاشِمٍ وَغَالِبٍ
فَنَحْنُ حَقّاً سَادَةُ
الذَّوَائِبِ
فِينَا حُسَيْنٌ
أَطْيَبُ الأَطَائِبِ
فقتل خمسة عشر فارساً110،
ومن ثمّ استشهد
111(رضوان
الله عليه)، وقيل: إنّ
قاتله هو بشر بن حوط
112أو
عروة بن عبد الله الخثعميّ113.
جعفر بن عليّ عليه
السلام
أمّه أمّ البنين، وعند
ولادته سمّاه الإمام عليّ
عليه السلام "جعفر"114 تيمّناً باسم أخيه جعفر
الطيّار.
كان عمره في كربلاء 19
سنة115 وقال البعض 12 سنة116.
وعندما برز إلى الميدان
كان يرتجز ويقول:
إَنِّي أَنَا جَعْفَرُ
ذُو المَعَالِي
ابْنُ عَلِيِّ
الخَيْرِ ذُو النَّوَالِ
حَسْبِي بِعَمِّي شَرَفاً
وَخَالِي
أَحْمِي حُسَيْناً
ذِي النَّدَى
المِفْضَال117
وقُتل جعفر على يدي قاتل
أخيه هانئ بن ثبيت
الحضرميّ118 أو خوّلي بن
يزيد الأصبحيّ119.
سيف بن الحارث بن سريع
الجابريّ
جاء سيف مع مالك الجابريّ-
وكان سيف ومالك الجابريان
ابني عمّ وأخوين لأمّ-
ومعهما شبيب مولاهما إلى
الإمام الحسين عليه
السلام.
ولمّا رأى هذان الغلامان
في يوم عاشوراء وحدة
الإمام عليه السلام
ومظلوميّته جاءا إليه
وهما يبكيان فقال لهما
الحسين عليه السلام: "أي
بني أخويَّ ما يبكيكما؟
فوالله إنّي لأرجو أن
تكونا بعد ساعةٍ قريري
العين".
فقالا:"جعلنا الله
فداك، لا والله ما على
أنفسنا نبكي، ولكن نبكي
عليك، نراك قد أحيط بك
ولا نقدر على أن نمنعك
بأكثر من أنفسنا".
فقال الإمام الحسين عليه
السلام: "جزاكما الله
يا بني أخويّ عن وجدكما
من ذلك ومواساتكما إيّاي
أحسن جزاء المتّقين".
وبعد استشهاد حنظلة
استعدّا للقتال وتوجّها
نحو القوم وهما يسلّمان
على الإمام أبي عبد الله
عليه السلام فأجابهما:
"وعليكما السلام ورحمة
الله وبركاته".
وجعل الأخوان الجابريّان
يقاتلان معاً حتّى
استشهدا120، وقد ورد اسمهما
في زيارة الناحية
والزيارة الرجبيّة121.
عبد الله بن عليّ عليه
السلام
أمّه أمّ البنين، ولد بعد
ثماني سنوات من مولد أخيه
العبّاس عليه السلام،
وكان له من العمر ستّ
سنوات عند استشهاد أبيه
الإمام عليّ عليه السلام.
وعندما حضر كربلاء كان في
الخامسة والعشرين من عمره122.
وكان عبد الله من جملة
الذين صحبوا العبّاس عليه
السلام في جلب الماء
للخيام123.
قال الشيخ المفيد: فلمّا
رأى العبّاس بن عليّ رحمة
الله عليه كثرة القتلى في
أهله، قال لإخوته من أمّه-
وهم عبد الله وجعفر
وعثمان-:"يا بني أمّي
تقدّموا حتّى أراكم قد
نصحتم لله ولرسوله صلى
الله عليه وآله وسلم "،
فتقدّم عبد الله أوّلاً
مستجيباً لنداء أخيه
العبّاس في نصرة الإمام
عليه السلام فبرز إلى
الميدان124 وهو يرتجز ويقول:
أَنَا ابْنُ ذِي
النَّجْدَةِ وَالأَفْضَالِ
ذَاكَ عَلِيُّ
الخَيْرِ ذُو الفِعَالِ
سَيْفُ رَسُولِ اللهِ ذُو
النِّكالِ
فِي كُلِّ يَوْمٍ
(قومٍ) ظَاهِرُ
الأَهْوَالِ125
وحمل عليه هانئ بن ثبيت (شبيب)
الحضرميّ فقتله126.
وكان له من العمر خمسة
وعشرون عاماً127، ولم يكن له
ولدٌ من بعده128، وورد ذكره
أيضاً في زيارة الناحية
والزيارة الرجبيّة129.
عبد الله بن مسلم بن عقيل
أمّه رقيّة بنت عليّ عليه
السلام، برز130 إلى الميدان
بعد عليّ الأكبر وهو
يرتجز قائلاً:
اليَوْمَ أَلْقَى
مُسْلِماً وَهُوَ أَبِي
وَعُصْبَةٌ
بَادُوا عَلَى دِينِ
النَّبِي131
لَيْسُوا كَقَوْمٍ
عُرِفُوا بِالكَذِبِ
لَكِنْ خِيارٌ
وَكِرامُ النَّسَبِ
مِنْ هِشَامِ السَّاداتِ
أَهْلِ الحَسَبِ
ثمّ حمل عبد الله فقاتل
القوم وهجم عليه عمرو بن
صبيح الصيداويّ132 وصوّب
عليه سهماً نحو جبهته
فأصابه السهم وهو واضع
يده على جبينه، فأثبته في
راحته وجبهته، ورماه عمرو
بسهمٍ آخر في قلبه، فوقع
عبد الله على الأرض
وحاصره الكوفيّون ثمّ
استشهد133 (رضوان الله عليه)
وكان له من العمر حين
شهادته ستّة وعشرون عاماً134.
عثمان بن عليّ عليه
السلام
وهو ابن أمّ البنين، ولد
بعد أخيه عبد الله بسنتين،
وكان في الرابعة من عمره
عندما استشهد أمير
المؤمنين عليه السلام.
وكان له من العمر ثلاثة
وعشرين سنة135 عندما كان في
ملحمة عاشوراء، ولمّا برز
إلى القتال كان يرتجز
قائلاً:
إِنِّي أَنَا عُثْمَانُ
ذُو المَفَاخِرِ
شَيْخِي عَلِيٌّ
ذُو الفِعالِ الطَّاهِرِ
فرماه خولّي بن يزيد بسهم
أوقعه من على فرسه إلى
الأرض، وشدّ عليه رجلٌ من
بني دارم فاحتزّ رأسه136.
عليّ بن الحسين عليه
السلام (عليّ الأكبر)
ولد عليّ الأكبر في سنة
33 للهجرة137، أمّه ليلى بنت
أبي مرّة بن عروة الثقفيّ،
وكنيته "أبو الحسن"138.
وهو أكبر من أخيه الإمام
عليّ عليه السلام (السجّاد)139 ولهذا لقّب بالأكبر140. وكان
بهيّ المنظر حسن الطلعة
ومن أحسن الناس سيرة141،
وعندما كان في كربلاء كان
له من العمر سبعة وعشرون
عاما142 أو ثمانية وعشرون
عاماً143 وقال بعضهم: بأنّ
عمره كان سبعة عشر عاماً
144أو ثمانية عشر عاماً145.
وكان عليّ الأكبر أوّل
الهاشميّين الذين تقدّموا
إلى ساحة القتال146.
ولمّا رأى عليّ الأكبر
شهادة كلّ أنصار أبيه،
تقدّم نحو أبيه يستجيزه
في النزول إلى الميدان،
فأجازه الإمام عليه
السلام ثمّ نظر إليه نظرة
آيس منه وأرخى عليه
السلام عينه وبكى ثمّ قال:
"أللهم اشهد، فقد برز
إليهم غلام أشبه الناس
خلقاً وخلقاً ومنطقاً
برسولك صلى الله عليه
وآله وسلم، وكنّا إذا
اشتقنا إلى نبيّك نظرنا
إليه"147.
ثمّ صاح قائلاً: "يا
ابن سعد قطع الله رحمك
كما قطعت رحمي ولم تحفظ
قرابتي من رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم "148.
وتقدّم عليّ الأكبر نحو
جيش الأعداء وهو يردّد
هذا الشعر قائلاً:
أَنَا عَلِيُّ بْنُ
الحُسَيْنِ بْنِ عَلِي
نَحْنُ وَرَبِّ
البَيْتِ أَوْلِى
بِالنَّبِي
تِاللهِ لا يِحْكُمُ
فِينَا ابْنُ الدَّعِي
149
فقاتل قتالاً شديداً وقتل
جمعاً كثيراً من أعدائه،
ثمّ رجع إلى أبيه وقال:
"يا أبت العطش قد
قتلني، وثقل الحديد قد
أجهدني، فهل إلى شربة من
الماء سبيل".
فبكى الحسين عليه السلام
وقال:
"وا غوثاه، يا بني
قاتل قليلاً فما أسرع ما
تلقى جدّك محمّد صلى الله
عليه وآله وسلم فيسقيك
بكأسه الأوفى شربة لا
تظمأ بعدها أبداً"150.
فرجع عليّ الأكبر إلى
ميدان النزال، وقاتل أعظم
القتال فرماه منقذ بن
مرّة العبديّ بسهمٍ فصرعه151،
ونقل بعضهم بأنّه طعنه
بالرمح152، وفي تلك الحال
اعتنق فرسه فاحتمله الفرس
إلى عسكر الأعداء،
فأحاطوا به من كلّ جانب
وقطّعوه بسيوفهم إرباً
إرباً153.
ولمّا وقع عليّ الأكبر من
على ظهر فرسه إلى الأرض
نادى أباه الحسين عليه
السلام قائلاً برفيع صوته:
"يا أبتاه عليك منّي
السلام، هذا جدّي يقرئك
السلام ويقول لك: "عجّل
القدوم علينا"".
وبعدما أنهى كلامه شهق
شهقة فمات154 (رضوان الله
عليه)، وجاء الإمام
الحسين عليه السلام حتّى
وقف عند رأسه ووضع خدّه
على خدّه وقال:
"قتل الله قوماً قتلوك،
ما أجرأهم على الله وعلى
انتهاك حرمة الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم، على
الدنيا بعدك العفا"155.
عليّ (الأوسط) زين
العابدينالأسرى
ولد الإمام زين العابدين
عليه السلام في سنة
ثمانية وثلاثين للهجرة
وكان له من العمر في
ملحمة كربلاء ثلاثة
وعشرون سنة156.
مالك بن عبد الله بن
سريع الجابريّ
جاء مالك مع ابن عمّه
وأخيه لأمّه سيف بن
الحارث إلى محضر الإمام
الحسين عليه السلام
واستجازه في يوم عاشوراء
في طلب القتال فأذن له
وبعد قتالٍ شديد استشهد
157(رضوان
الله عليه). وقد ورد اسم
مالك في زيارتي الناحية
والرجبيّة158.
محمّد الأصغر بن عليّ
عليه السلام
أمّ محمّد الأصغر (أو عبد
الله) تدعى ليلى بنت
مسعود الثقفيّة159، وكنيته
"أبو
بكر"وبهذا الاسم اشتهر، ولذا
اعتبر بعض المؤرّخين بأنّ
محمّد الأصغر هو نفس "أبو
بكر بن عليّ"160، وعليه فلا
يمكن التفكيك بينهما161.
وبرز أبو بكر في يوم
عاشوراء إلى ميدان القتال
وهو يرتجز الشعر، واستشهد
وكان له من العمر خمسة
وعشرون سنة162، قتله رجل من
قبيلة همدان163.
محمّد بن أبي سعيد بن
عقيل
برز محمّد إلى الميدان
بعد استشهاد الإمام
الحسين عليه السلام، يقول
حميد بن مسلم: "لمّا
صرع الحسين عليه السلام
خرج غلام مذعوراً يلتفت
يميناً وشمالاً، فشدّ
عليه فارس فضربه، فسألت
عن الغلام، فقيل محمّد بن
أبي سعيد، وعن الفارس
فقيل لقيط بن أياس الجهنيّ"164.
وقال هشام الكلبيّ: حدّث
هانئ بن ثبيت الحضرميّ،
قال: "كنت ممّن شهد
قتل الحسين عليه السلام
فوالله إنّي لواقف... إذ
خرج غلامٌ من آل الحسين
وهو ممسك بعود من تلك
الأبنية عليه إزارٌ وقميص،
وهو مذعور، يتلفّت يميناً
وشمالاً... إذ أقبل رجلٌ
يركض حتّى إذا دنا منه
مال عن فرسه ثمّ اقتصد
الغلام فقطّعه بالسيف"،
قال هشام الكلبيّ: "هانئ
بن ثبيت
الحضرميّ هو صاحب
الغلام (أي قاتله) وكنّى
عن نفسه استحياءً أو خوفاً"165.
وقال آخرون بأنّ قاتله هو
لقيط بن ياسر الجهنيّ
وابن زهير الأزديّ166. وذكر
ابن فندق البيهقيّ بأنّ
محمّد بن أبي سعيد كان له
من العمر عند شهادته سبعة
وعشرون عاماً167.
محمّد بن مسلم بن عقيل
بعد استشهاد عبد الله بن
مسلم حمل بنو أبي طالب
وفيهم محمّد بن مسلم حملةً
واحدة على الأعداء، فصاح
بهم الحسين عليه السلام:
"صبراً على الموت يا
بني عمومتي".
واستشهد في هذه الحملة
محمّد بن مسلم وله من
العمر سبعة وعشرون عاماً168،
قتله أبو مرهم الأزديّ
ولقيط بن أياس الجهنيّ169.
الأطفال والفتيان
إنّ حضور الأطفال
والفتيان (ما دون 16 سنة)
في كربلاء واستشهاد العدد
الأكبر منهم يعدّ من
المشاهد النادرة التي قلّ
نظيرها في التاريخ، ومن
شواهد مظلوميّة الملحمة
الحسينيّة وسوف نشير في
هذا الفصل إلى بعض من
اشتهر ذكره فقط:
أحمد بن الحسن عليه
السلام
وهو ابن الإمام الحسن
المجتبى عليه السلام،
وأمّه أمّ بشر بنت أبي
مسعود الأنصاريّ حضر
كربلاء وكان له من العمر
ستّ عشرة سنة، برز إلى
الميدان عصر عاشوراء
فأُثخن بالجراح ثمّ
استشهد170 (رضوان الله عليه).
الحسن بن الحسن عليه
السلامالجرحى
رقيّة بنت الحسين عليه
السلامالنساء
والبنات
سكينة بنت الحسين عليه
السلامالنساء
والبنات
عبد الله بن الحسن عليه
السلام
أمّه بنت الشليل بن عبد
الله البجليّ171، وكان عبد
الله بن الحسن في يوم
عاشوراء غلاماً له من
العمر إحدى عشرة سنة172.
حبسه الحسين عليه السلام
عند أخته السيّدة زينب
الكبرى، لكن عبد الله
لمّا رأى وحدة عمّه
الحسين عليه السلام وقد
حاصره الأعداء توجّه نحوه
لنصرته وفي تلك الحال
أهوى بحر بن كعب إلى
الحسين عليه السلام
بالسيف ليضربه، فقال له
عبد الله يا ابن الخبيثة
أتقتل عمّي؟ فضربه بحر بن
كعب بالسيف فأراد الغلام
اتقاء الضربة بيده فقطعها
حتّى الجلدة فإذا يده
معلّقة.
فنادى عبد الله:"يا
أمّاه، فأخذه الحسين عليه
السلام فضمّه إلى صدره
وقال: "يا ابن أخي اصبر
على ما نزل بك، واحتسب في
ذلك الخير، فإنّ الله
يلحقك بآبائك الصالحين،
برسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وعليّ بن أبي
طالب وحمزة وجعفر والحسن
بن عليّ صلّى الله عليهم
أجمعين"173.
ثمّ فاضت روح عبد الله
على صدر الإمام سلام الله
عليه.
عبد الله بن الحسين
عليه السلام
قيل: إنّ عبد الله بن
الحسين
174ولد في كربلاء175،
وأمّه الرباب176، وذكر أنّ
الإمام الحسين عليه
السلام توجّه نحو الخيمة
وطلب ابنه الرضيع ليراه
ويودّعه وعندما جيء بابنه
عبد الله
177أجلسه في حجره،
فرماه رجل من بني أسد
فذبحه، فقال الإمام عليه
السلام:
"ربّ إن تكن حبست عنّا
النصر من السماء، فاجعل
ذلك لما هو خير، وانتقم
لنا من هؤلاء القوم
الظالمين"178.
وقال ابن الصبّاغ المالكيّ:
إنّ سهماً أصاب عبد الله
بن الحسين فذبحه179، وورد
اسم عبد الله أيضاً في
زيارة الناحية:
"السلام على عبد الله
بن الحسين الطفل الرضيع
المرميّ الصريع المتشحّط
دماً... المذبوح بالسهم
في حجر أبيه لعن الله
راميه"180 وقاتل عبد
الله الرضيع هو حرملة بن
كاهل الأسديّ181.
عليّ الأصغر
ذكر الطبرسيّ أنّ أمّه
ليلى بنت أبي مرّة182، وقال
ابن أعثم الكوفيّ: إنّ
للحسين عليه السلام ابن
آخر يقال له: عليّ، في
الرضاع وكان يتلظّى من
العطش فأخذه بين يديه
ووقف بين الصفّين وهو
ينادي بأعلى صوته:
"يا قوم إن زعمتم أنّي
مذنب فإنّ هذا الطفل لا
ذنب له فاسقوه جرعة من
الماء".
ولمّا سمع جيش يزيد نداء
الإمام الحسين عليه
السلام رماه أحدهم بسهم
فوقع السهم في عنق الطفل
الرضيع فاخترقه وأصاب يد
الإمام عليه السلام فقام
الإمام الحسين عليه
السلام بإخراج السهم وفي
تلك الحال استشهد الطفل
على يديه183.
وذكر ابن الطقطقيّ أيضاً
أن عليّ الأصغر استشهد
بالسهم184.
عمر بن الحسن عليه
السلام
ذكر أنّ عمر (أو عمرو)185 من
شهداء كربلاء الصغار186،
وقال البعض: إنّ عمر بن
الحسن لم يقتل لصغر سنّه
بل كان من جملة الأسرى187.
عمرو بن جنادة
الأنصاريّ
وكان عمرو (أو عمر)188 ابن
إحدى عشرة سنة189 فقط. التحق
مع أبيه جنادة بن كعب بن
الحرث ومع أمّه بركب سيّد
الشهداء عليه السلام في
مكّة، وفي يوم عاشوراء
وبعد استشهاد أبيه جاء
نحو الإمام الحسين عليه
السلام يستجيزه في طلب
القتال إلّا أنّ سيّد
الشهداء عليه السلام لم
يأذن له في ذلك وقال:
"إنّ هذا غلامٌ قتل
أبوه في المعركة ولعلّ
أمّه تكره ذلك" فقال
له عمرو بعد أن سمع كلامه:
"إنّ أمّي هي التي أمرتني"،
فأذن له الإمام عليه
السلام، فخرج عمرو إلى
الميدان فرحاً مسروراً
وهو يرتجز190 أبياتاً حسنة
من الشعر، فما لبث أن قتل.
ويذكر المؤرّخون أنّ
القوم قطعوا رأس عمرو
ورمي به نحو خيمة الإمام
عليه السلام فأخذته أمّه
وبعد أن مسحت التراب
والدم عنه رمته نحو
الأعداء191.
فاطمة بنت الحسين عليه
السلام
النساء
والبنات
قاسم بن الحسن عليه
السلام
أمّه رملة192 وقد جاء إلى
كربلاء193 مع عمّه وهو لم
يصل إلى سنّ البلوغ194.
ويستبان شجاعة القاسم من
خلال قوله الرائع: "لا
يقتل عمّي وأنا أحمل
السيف"195.
ولمّا رأى وحدة عمّه
استأذنه في القتال فلم
يأذن له لصغره، إلّا أنّ
القاسم ظلّ يكرّر طلبه
فاعتنقه الحسين عليه
السلام وجعلا يبكيان معاً
فلم يزل القاسم يقبّل
يديه ورجليه ويسأله الإذن
حتّى أذن له فخرج ودموعه
على خدّيه196. وهو يرتجز
قائلاً:
إَنْ تُنْكِرُونِي
فَأَنَا فَرْعُ الحَسَنْ
سِبْطُ النَّبِيِّ
المُصْطَفَى
وَالمُؤْتَمَنْ
هَذَا حُسَيْنٌ
كَالأَسِيرِ المُرْتَهَنْ
بِيْنَ أُنَاسٍ لا
سُقُوا صَوْبَ
المُزُنْ197
ورغم صغر سنّ القاسم إلّا
أنّه قتل عدداً من
الأعداء198، يقول حميد بن
مسلم: "فإنّا لكذلك،
إذ خرج علينا غلامٌ كأنّ
وجهه شقّة قمر في يده سيف
وعليه قميص وإزار ونعلان
قد انقطع شسع إحداهما"199.
وشدّ عليه عمرو بن سعيد
بن نفيل الأزديّ200 وضرب
رأسه بالسيف ففلقه فوقع
القاسم لوجهه على الأرض
وقال: يا عمّاه فجلّى
الحسين عليه السلام كما
يجلّي الصقر، ثمّ شدّ
شدّة ليثٍ أُغضب، فضرب
عمرو بن سعد بالسيف...
ولمّا انجلت الغبرة كان
الحسين عليه السلام واقفاً
فوق رأس القاسم وهو يفحص
التراب بقدميه والحسين
عليه السلام يقول:
"بعداً لقوم قتلوك،
ومن خصمهم يوم القيامة
فيك جدّك"، ثمّ قال: "عزَّ
والله على عمّك أن تدعوه
فلا يجيبك، أو يجيبك فلا
ينفعك، صوت والله كثر
واتروه وقل ناصروه"
ويتابع حميد بن مسلم قوله:
"ثمّ حمله على صدره
فكأنّي أنظر إلى رجلي
الغلام تخطّان الأرض فجاء
به حتّى ألقاه مع ابنه
عليّ بن الحسين عليه
السلام والقتلى من أهل
بيته"201.
محمّد بن عليّ (الإمام
الباقر عليه السلام )
ولد الإمام محمّد الباقر
عليه السلام سنة 57
للهجرة في المدينة
المنوّرة202 وأمّه فاطمة بنت
الإمام الحسن المجتبى203،
وكان عمره في واقعة
كربلاء ثلاث سنوات وبضعة
أشهر204.
وقادوا الإمام عليه
السلام في جملة الأسرى
إلى الكوفة والشام، ويذكر
لنا سلام الله عليه
كيفيّة التعاطي مع أهل
بيت النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم في الشام فيقول
لنا: "قدم بنا على
يزيد بن معاوية لعنه الله
بعدما قتل الحسين عليه
السلام ونحن اثنا عشر
غلاماً ليس منّا أحدٌ
إلّا مجموعة يداه إلى
عنقه وفينا عليّ بن
الحسين205. وطرف الحبل موصول
بالنساء المقيّدات206، ولمّا
دخلنا على مجلس يزيد كان
رأس أبي عبد الله المقطوع
في طشت بين يديه207، وتفوح
منه رائحة زكيّة ملأت
المكان"208. ويقول
المسعوديّ: بأنّ يزيد
لمّا همّ بقتل الإمام
السجّاد عليه السلام بعد
أن استشار أهل مجلسه
وبطانته، تكلّم الإمام
الباقر عليه السلام قائلاً:
"يا يزيد، لقد أشار
عليك هؤلاء بخلاف ما أشار
جلساء فرعون عليه، حيث
شاورهم في موسى وهارون
فإنّهم قالوا له أرجه
وأخاه، وقد أشار عليك
هؤلاء بقتلنا، ولهذا سبب"،
فقال يزيد:"وما السبب"،
فقال عليه السلام:
"إنّ أولئك كانوا الرشدة
وهؤلاء لغير رشدك، ولا
يقتل الأنبياء وأولادهم
إلّا أولاد الأدعياء"،
فأمسك يزيد مطرقاً209.
النساء والبنات
إنّ الحضور المميّز
والبارز للنساء والبنات
في ملحمة كربلاء، وما
قبلها وفي تلك الأيّام
بوجه خاصّ التي أعقبت
واقعة عاشوراء يعطى صورة
خالدة عن الدور الفعّال
للمرأة ولا سيّما الدور
الواضح والجميل في ترسيم
أسباب قيام الإمام الحسين
عليه السلام وفضح شخصيّة
يزيد وكشف القناع عن قبح
أفعال العدوّ.
وسنشير في هذا الفصل إلى
بعض الشخصيّات البارزة
والمؤثّرة من أولئك
النسوة في هذه الملحمة:
أمّ عمرو بن جنادة
التحقت هذه المرأة مضافاً
إلى زوجها جنادة بن كعب
وابنها عمرو في مكّة بركب
الإمام الحسين عليه
السلام، وعندما استشهد
زوجها في كربلاء أرسلت
ولدها عمرو إلى خيمة
الإمام عليه السلام
ليستجيزه في النزول إلى
ساحة القتال فأبى الحسين
عليه السلام ابتداءً من
إجازته ولكن عمرو عندما
أخبره عن رضا أمّه بذلك
أذن له، وبعد استشهاد
عمرو قطع العدوّ رأسه ثمّ
رموا به نحو خيمة الإمام
عليه السلام، ويروي
المؤرّخون بأنّ أمّ عمرو
رجعت بعد ذلك إلى الخيمة
فأخذت عمودها وحملت على
القوم210 وهي تردّد أبياتاً
من الشعر وتقول:
أَنَا عَجُوزٌ فِي
النِّساءِ ضَعِيفَهْ
بَالِيَةٌ
خَالِيَةٌ نَحِيفَهْ
أَضْرِبُكُمْ بِضَرْبَةٍ
عَنِيفَهْ
دُونَ بَنِي
فَاطِمَةَ الشَّرِيفَهْ
فضربت رجلين فقتلتهما ثمّ
إنّ الإمام الحسين عليه
السلام أمر بصرفها
وأرجعها إلى الخيمة211.
أمّ كلثوم
اسمها زينب الصغرى
وكنيتها أمّ كلثوم، وهي
ابنة فاطمة الزهراء وأمير
المؤمنين عليهما السلام212 .
تزوّجت من كثير بن
العبّاس بن عبد المطلب213،
وكانت
أمّ كلثوم
214في المدينة
المنوّرة بصحبة أخيها
الحسين عليه السلام وجاءت
معه إلى كربلاء215.
ويروي ابن أعثم كلام
الحسين عليه السلام مع
أختيه زينب وأمّ كلثوم216
وتوصيتهما بالصبر217.
بعد واقعة عاشوراء كان
لأمّ كلثوم دور هامّ في
كشف زيف الأعداء في
الكوفة والشام، وكلامها
في الكوفة يؤكّد هذه
الحقيقة218.
أمّ كلثوم الصغرى
وهي ابنة السيّدة زينب
الكبرى، تزوّجت من القاسم
بن محمّد بن جعفر (ابن عمّ
أبيها)، وكانت حاضرة في
ركب الحسين عليه السلام
برفقة زوجها الذي استشهد
في هذه المعركةk.
أمّ وهب
وهي زوجة عبد الله بن
عمير الكلبيّ وقد جاءت
بصحبته إلى كربلاء ولمّا
برز عبد الله إلى الميدان
أصيب في يده اليسرى،
فأخذت أمّ وهب عمود خيمة
ثمّ أقبلت نحو زوجها وهي
تقول له:
"فداك أبي وأمّي قاتل
دون الطيّبين ذريّة محمّد
صلى الله عليه وآله وسلم
".
فأقبل زوجها عبد الله
يردّها نحو النساء لكنّها
رفضت وقالت له: "إنّي
لن أدعك دون أن أموت معك".
فتوجّه نحوها الحسين عليه
السلام فدعا لها وطلب
منها الرجوع نحو النساء،
لأنّه ليس
على النساء قتال، فانصاعت
أمّ وهب لقوله ورجعت إلى
الخيمة.
ولمّا قتل زوجها خرجت
نحوه وجلست عند رأسه تمسح
عنه التراب وهي تقول له: هنيئاً لك الجنّة.
وأسأل الله أن يلحقني بك.
فقال الشمر لغلامه رستم:
اضرب رأسها بالعمود،
فضرب رأسها فشدخه فماتت
مكانها220.
أمّ وهب الثانية
ويذكر الشيخ الصدوق امرأة
أخرى تدعى أمّ وهب وهي
امرأة نصرانيّة جاءت مع
ولدها وهب نحو الإمام
الحسين عليه السلام
فأعلنت إسلامها، ولمّا
استشهد ولدها في يوم
عاشوراء قطع رأسه ورمي به
نحو خيم أنصار الحسين
عليه السلام، ومن ثمّ
أخذت سيفاً وتوجّهت به
نحو الميدان فناداها
الإمام عليه السلام قائلاً
لها: "يا أمّ وهب
اجلسي، فقد وضع الله
الجهاد عن النساء، إنّك
وابنك مع جدّي محمّد صلى
الله عليه وآله وسلم في
الجنّة"221.
ابنة الشليل البجليّة
وهي زوجة الإمام الحسن
المجتبى عليه السلام وأمّ
عبد الله بن الحسن عليه
السلام وقد عاينت مصرع
ابنها الغلام في يوم
عاشوراء222.
دلهم بنت عمرو
وهي زوجة زهير بن القين،
الذي دعاه الإمام لصحبته
فأجاب أنّه ليس راغباً
بمرافقة الإمام عليه
السلام، فقالت له زوجته
دلهم:
"سبحان الله، يبعث
إليك ابن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم، ثمّ
لا تأتيه سبحان الله لو
أتيته فسمعت من كلامه ثمّ
انصرفت"، ولمّا سمع
زهير كلام زوجته انقلب
وتغيّر وأتى نحو الإمام
الحسين عليه السلام وما
لبث أن جاء مستبشراً قد
أشرق وجهه فأمر بفسطاطه
وثقله ورحله فحوّل223 إلى
الإمام الحسين عليه
السلام، ثمّ أمر زوجته أن
تلحق بأهلها وسلّمها إلى
بعض بني عمّها ليوصلها
إليهم. فقالت دلهم لزوجها
زهير: "خار الله لك،
أسألك أن تذكرني في يوم
القيامة عند جدّ الحسين
عليه السلام "224.
الرباب بنت امرئ القيس
وهي ابنة امرئ القيس،
الذي أسلم في عهد الخليفة
الثاني بعد أن كان
نصرانيّاً، وفي ذلك الحين
اقترن الإمام الحسين عليه
السلام بالرباب، وهي أمّ
عبد الله225 وسكينة. وفيها
يقول الحسين عليه السلام:
"لَعَمْرُكَ إِنَّنِي
لَأُحِبُّ دَاراً
تَحِلُّ بِهَا
سُكَيْنَةُ وَالرَّبَابُ
أُحِبُّهُمَا وَأَبْذُلُ
بَعْدُ مَالِي
وَلَيْسَ
لِلائِمِي فِيها عِتَابُ"226
وشهدت الرباب في كربلاء
مصرع ولدها عبد الله227،
ويقول ابن عساكر: بأنّها
أقامت على قبر الحسين
عليه السلام حولاً228.
وهذا القول مستبعد، وقيل:
إنّها أقامت العزاء على
زوجها سنة كاملة.
وكانت الرباب من جملة
قافلة الأسرى التي أخذت
إلى دمشق229 بعد واقعة
عاشوراء، وقيل: إنّها
عاشت بعد واقعة كربلاء
سنة واحدة230.
رقيّة بنت الحسين عليه
السلام
قيل: إنها الابنة الرابعة
للإمام الحسين عليه
السلام231، وذكر أنّ عمرها
كان ثلاث
سنوات232 أو أربع233. وبعد
واقعة كربلاء أخذت مع
الأسارى إلى الكوفة
والشام، وينقل المؤرّخون
بأنّهم حبسوا الأسارى في
محبس لا يقيهم الحرّ ولا
البرد حتّى تقشّرت جلودهم
وجرى الدم من أبدانهم234.
ولمّا كانت رقيّة في
الشام رأت أباها يوماً في
منامها وعندما استيقظت
طلبت أباها فبكت النساء
والأطفال فما كان من يزيد
اللعين إلّا أن أمر بوضع
الرأس المبارك للإمام
عليه السلام أمام تلك
الطفلة، ولمّا رأت رقيّة
رأس أبيها انفجعت وماتت
في خرابة الشام235.
ومزارها
موجود في مدينة دمشق
يرتاده ويزوره محبّو أهل
البيت عليهم السلام.
رقيّة بنت عليّ عليه
السلام
وأمّها الصهباء، أمّ حبيب
بنت عباد بن ربيعة236،
تزوّجت رقيّة من ابن
عمّها مسلم بن عقيل237
فأنجبت منه عبد الله وعليّ238،
كانت حاضرة في كربلاء،
وشهدت مصرع ولدها عبد
الله بن مسلم239.
رملة
وهي زوجة الإمام الحسن
المجتبى عليه السلام، وأمّ
أبي بكر بن الحسن والقاسم
بن الحسن، وكانت رملة
حاضرة في كربلاء240.
زينب بنت عليّ عليه
السلام
ولدت السيّدة زينب في
السنة الخامسة للهجرة في
المدينة المنوّرة ومن بعد
خمس
سنوات تقريباً فقدت جدّها
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وفي نفس السنة
وبعد 75 أو 95 يوماً
استشهدت أمّها الزهراء
عليها السلام وكانت تمتاز
بالكثير من الخصائص
الراقية والمميّزة وكما
يقول الإمام السجّاد عليه
السلام عنها وعن علمها:
"وأنت بحمد الله عالمة
غير معلّمة وفهمة غير
مفهّمة"241.
والسيّدة زينب عالمة
ومحدِّثة وقد روت عن
أمّها الزهراء وعن أسماء
بنت عميس242.
واقترنت السيّدة زينب
بابن عمّها عبد الله بن
جعفر وخلّفت وراءها خمسة
أولاد هم: عليّ، عون،
عبّاس، محمّد، وأمّ كلثوم243.
وقد رافقت السيّدة زينب
أخاها الإمام الحسين عليه
السلام منذ انطلاقة حركته
من المدينة، والتحق بهم
ولدها عون في منزل وادي
العقيق ومن ثمّ استشهد في
كربلاء244.
وبعد الملحمة
العاشورائيّة واستشهاد
الإمام الحسين عليه
السلام تولّت السيّدة
زينب قيادة القافلة، وفي
الواقع فإنّه قد عهد
إليها قيادة القافلة
بالنيابة من قبل أخيها
الإمام أبي عبد الله
والإمام السجّاد عليهما
السلام .
وأدّت السيّدة زينب بشكل
رائع خطاب العزّة
والانتصار للنهضة
الحسينيّة خلال فترة
الأسر، إذ إنّها عندما
أحضرت إلى مجلس ابن زياد
في الكوفة جلست في ناحية
من القصر وغضب ابن مرجانة
لعدم الاكتراث به فقال:
من هذه التي انحازت ناحية
ومعها نساؤها؟ وعندما
أجيب على سؤاله بأنّ هذه
زينب بنت فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم أقبل ابن زياد نحوها
منتشياً مغروراً قائلاً
لها: الحمد لله الذي
فضحكم وقتلكم وأكذب
أحدوثتكم.
فقالت زينب عليها السلام
في ردّها على جرأة ابن
زياد وتصلّفه: "الحمد
لله الذي أكرمنا بنبيّه
محمّد صلى الله عليه وآله
وسلم وطهّرنا من الرجس
تطهيراً، وإنّما يفتضح
الفاسق ويكذب الفاجر وهو
غيرنا والحمد لله"245.
وأمّا كلامها في الشام
وفي مجلس يزيد فقد كان
بليغاً وثوريّاً، فقد
وقفت أمامه تخاطبه قائلة:
"فوالله (يا يزيد) ما
فريت إلّا جلدك وما حززت
إلّا لحمك، ولتردنّ على
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم بما تحمّلت من
سفك ذريّته، وانتهكت من
حرمته في عترته ولحمته..."246.
ولقد كان لوقع كلامها أن
حوّل مجلس فرح القوم إلى
النوح والبكاء247. وكان هذا
أوّل مجلس عزاء أقيم على
الإمام الحسين عليه
السلام لثلاثة أيّام
متوالية في قلب مركز
خلافة مصّاصي الدماء
الأمويّين248 وفي قلب مدينة
دمشق، واستمرّت مجالس
العزاء والحزن طيلة مدّة
إقامة أهل البيت عليهم
السلام في الشام249. وعندما
رجع ركب السبايا إلى
المدينة المنوّرة واصلت
السيّدة زينب الكبرى
دورها تحدّث الناس
وتستنهضهم طلب الثأر بدم
الإمام الحسين عليه
السلام250.
إلى أن رأى الجهاز الحاكم
ضرراً على أهدافه بوجودها
في المدينة فقام بإبعادها
عنها251.
وتوفّيت عليها السلام في
النصف من رجب سنة 62 أو
63 للهجرة252.
سكينة بنت الحسين
وأمّها تدعى الرباب، وذكر
المؤرّخون أن اسم سكينة
هو آمنة أو أمينة أو
أميمة وأمّا سكينة فهو
لقب لقّبها به أبوها أو
أمّها253.
واعتبرت السيّدة سكينة
بأنّها أفضل وأعقل وأحسن
نساء عصرها سيرة254 وعلى
حدّ قول أبيها الحسين
عليه السلام فإنّها كانت
غارقة في ذات الله255.
تزوّجت سكينة من ابن
عمّها عبد الله بن الحسن256،
وكان الإمام أبو عبد الله
عليه السلام يحبّها حبّاً
شديداً وعند الوداع ضمّها
إلى أحضانه ومسح بيديه
المباركتين دموعها
الجارية على خدّيها قائلاً
لها:
"سَيَطُولُ بَعْدِي
يَا سُكَيْنَةُ
فَاعْلَمِي
مِنْكَ البُّكَاءُ
إِذَا الحِمَامُ دَهَانِي
لا تُحْرِقِي قَلْبِي
بِدَمْعِكِ حَسْرَةً
مَا دَامَ مِنِّي
الرُّوحُ فِي جُثْمَانِي
فَإِذا قُتِلْتُ فَأَنْتِ
أَوْلِى بِالَّذِي
تِبْكِينَهُ يِا
خِيرَةَ النِّسْوَانِ"257
وبعد واقعة كربلاء أخذت
سكينة فيمن أخذ من
السبايا إلى الكوفة
والشام، ومن ثمّ انتقلت
إلى المدينة لتمضي بقيّة
أيّامها فيها وكانت
وفاتها في سنة 117 هجرية258.
طوعة
وكانت أمّ ولد للأشعث بن
قيس وبعد عتقها تزوجت من
أسيد الحضرميّ
259ولها ولدٌ
منه.
وعندما غدر أهل الكوفة
بمسلم بن عقيل ووجد نفسه
وحيداً ركب فرسه يجول
غريباً في أزقّة الكوفة
حتّى وقف على باب امرأة
عجوز يقال لها طوعة كانت
تنتظر مجيء ولدها.
فطلب منها مسلم شربة من
الماء فجاءت له بإبريق
فشرب منه، ولمّا علمت أنّ
ذلك الغريب هو مسلم بن
عقيل سفير الحسين عليه
السلام آوته في دارها،
ولمّا قدم ابنها قالت له
أمّه: إنّ مسلم بن عقيل
جاء إلينا واستجار بنا
وها هو في بيتنا، وأنا
أخدمه
وما طمعي إلّا في ثواب
الله ولكن ولدها طمع في
جائزة ابن زياد فأخبره
بمكان مسلم ومحلّ إقامته260.
فاطمة بنت الحسين عليه
السلام
هي ابنة الإمام الحسين
عليه السلام وأمّها يقال
لها: أمّ اسحاق261، وكانت من
النساء المحدّثات ولها
العديد من الروايات مع
الواسطة عن فاطمة الزهراء
عليها السلام، وروت عن
الحسين بن عليّ عليه
السلام وعمّتها السيّدة
زينب وعن أخيها عليّ بن
الحسين عليه السلام، وعن
عبد الله بن العبّاس
وأسماء بنت عميس.
وفي عصر عاشوراء وعند
وداع الإمام الحسين عليه
السلام لأهله استدعى
فاطمة فدفع إليها كتاباً
ملفوفاً ووصيّة ظاهرة
وقال لها: "يا ابنتي
ضعي هذا في أكابر ولدي"262.
ومن ثمّ دفعته فاطمة إلى
الإمام السجّاد عليه
السلام263.
وبعد واقعة عاشوراء خرجت
مع ركب السبايا إلى
الكوفة ومن ثمّ إلى الشام
ومن بعدها رجعت إلى
المدينة. واقترنت بابن
عمّها الحسن المثنّى وكان
ثمرة زواجهما أربعة أولاد
هم عبد الله، إبراهيم،
الحسن وزينب. ولمّا توفّي
زوجها الحسن اعتكفت في
خيمةٍ لها قرب قبره سنة
كاملة ومن ثمّ رجعت إلى
المدينة264 وكانت وفاتها في
سنة 117 هجريّة.
مارية بنت منقذ العبديّ
وكانت من نساء البصرة
الشيعيّات، اتخذت دارها
مقرّاً ومركزاً للقاء
شيعة البصرة، ولمّا وصلت
إلى البصرة أخبار ما يجري
في الكوفة ودعوة أكابرها
الإمام عليه السلام
للقدوم إليهم، اجتمع شيعة
البصرة في دار مارية
يبحثون في أوضاع خلافة
الأمّة الإسلاميّة وما
آلت إليه أمور المجتمع
والأمّة فعزم البعض منهم
على الخروج مع نهضة
الإمام أبي
عبد الله عليه السلام،
وكتب إليه آخرون الرسائل
يطلبون منه الحضور إلى
البصرة فأرسل الإمام عليه
السلام إليهم سفيره
سليمان265 ومعه رسالة إليهم.
وكان من نتائج تلك
الاجتماعات التي حصلت في
بيت مارية أن التحق جمع
من شيعة البصرة أمثال
يزيد بن ثبيط وأدهم وسيف
بالإمام الحسين عليه
السلام في كربلاء
واستشهدوا إلى جانبه.
سفراء الحسين عليه
السلام
من بين أصحاب الإمام
الحسين عليه السلام
والمقرّبين منه تبرز بعض
الوجوه والشخصيّات
الأمينة والمخلصة
والناشطة والتي أدّت دور
الرسول والناقل لكلمات
الإمام وتوجيهاته وكذلك
دور الممثّل عنه، وبعبارة
أخرى قاموا بدور السفير
لسيّد الشهداء عليه
السلام نذكر منهم:
حنظلة بن أسعد الشباميّ
كان شيعيّاً شجاعاً قارئاً
للقرآن ذا لسانٍ وفصاحة،
ومع حضور الإمام عليه
السلام في كربلاء جاء
حنظلة إليه، ومع اصطفاف
ابن سعد وجيشه في مقابل
الإمام وأصحابه أدّى هذا
الرجل دور الرسول والسفير
من قبل الإمام أبي عبد
الله عليه السلام يحمل
رسائله إلى ابن سعد قبل
شروع الحرب والقتال، وجاء
في يوم عاشوراء إلى سيّد
الشهداء عليه السلام يطلب
منه الإذن في القتال
وتقدّم بين يديه وأخذ
ينادي:
"يا قوم إنّي أخاف
عليكم مثل يوم الأحزاب
مثل دأب قوم نوحٍ وعادٍ
وثمود والذين من بعدهم
وما الله يريد ظلماً
للعباد، ويا قوم إنّي
أخاف عليكم يوم التناد
يوم تولّون مدبرين ما لكم
من الله من عاصم، ومن
يضلل الله فما له من هاد".
"يا قوم لا تقتلوا
حسيناً فيسحتكم الله
بعذابٍ وقد خاب من افترى".
فقال الحسين عليه السلام
لحنظلة: "يا ابن أسعد،
إنّهم قد استوجبوا العذاب
حين ردّوا عليك ما دعوتهم
إليه من الحقّ ونهضوا
إليك ليستبيحوك وأصحابك،
فكيف بهم الآن وقد قتلوا
إخوانك الصالحين؟".
فقال حنظلة: "صدقت
جعلت فداك، أفلا نروح إلى
ربّنا ونلحق بإخواننا؟".
وأذن له الإمام الحسين
عليه السلام بالمبارزة
والنزول إلى الميدان ودعا
له، ثمّ تقدّم حنظلة إلى
القوم شاهراً سيفه يضرب
فيهم قدماً حتّى استشهد266 (رضوان
الله عليه)، وقد ورد اسمه
في زيارتي الناحية
والرجبيّة267.
سليمان بن رزين268
كان سليمان من خدّام
الإمام الحسين عليه
السلام، وعندما كان
الإمام مقيماً في مكّة
وجّه اثنين من أصحابه269
لحمل رسائله إلى خمسة من
رؤساء البصرة
270- الأحنف بن
قيس، مالك بن مسمع،
المنذر بن الجارود، مسعود
بن عمرو وقيس بن الهيثم-
وبعض أشرافها أمثال عمرو
بن عبيد الله بن معمر
ويزيد بن مسعود.
فتوجّه سليمان نحو البصرة
وأوصل رسائل الإمام عليه
السلام إليهم والتي
يدعوهم فيها إلى بيعته
وممّا ورد من كلام الإمام
في هذه الرسائل: "وقد
بعثت رسولي إليكم بهذا
الكتاب، وأنا أدعوكم إلى
كتاب الله وسنّة نبيّه،
فإنّ السنّة قد أميتت،
وإنّ البدعة قد أحييت،
وإنّ تسمعوا قولي وتطيعوا
أمري أهدكم سبيل الرشاد..."271.
وقام أشراف أهل البصرة
بإخفاء أمر الرسالة
باستثناء المنذر بن
الجارود صهر ابن زياد
وكان يخاف منه أشدّ
المخافة، ولذا قام بتسليم
الرسالة إلى ابن زياد
حاكم البصرة آنذاك، بعد
أن ضمّت إلى ولاية الكوفة،
وقد كان متوجّهاً إليها،
فغضب غضباً شديداً وأمر
بإحضار سفير الإمام عليه
السلام ثمّ قدّمه فقتله
وأمر بصلبه272.
وفي زيارة الناحية
المقدّسة بعد السلام على
"سليمان" لعن قاتله
"سليمان
بن عوف الحضرميّ"273 وقيل:
إنّه المباشر لقتله.
عبد الله بن يقطر274
الحميريّ
وهو أخ الإمام الحسين
عليه السلام من الرضاعة275،
وعُدَّ من أصحاب276 النبيّ
الأكرم صلى الله عليه
وآله وسلم.
وقام بدور السفير للإمام
الحسين عليه السلام في
نهضته، وحيث إن مسلم بن
عقيل أخذ البيعة من أهل
الكوفة، أرسل كتاباً إلى
الإمام عليه السلام
يرغّبه في القدوم إلى
الكوفة، وبعث الإمام
بجوابٍ إلى مسلم أثناء
وجوده في مكّة، وأرسله مع
عبد الله بن يقطر الحميريّ،
لكن الرسول اعتقل277 من قبل
الحصين بن تميم في
القادسيّة، وأرسله إلى
عبيد الله بن زياد الذي
قام باستجوابه لكنّه أنكر
ولم ينطق بكلمة، فأمر ابن
زياد بأن يؤخذ إلى أعلى
القصر ليلعن الإمام
الحسين عليه السلام
فاغتنم عبد الله هذه
الفرصة وصعد إلى أعلى
القصر، وعندما نظر إلى
الناس المجتمعين أسفل
القصر صاح فيهم قائلاً:
"أيّها الناس، أنا
رسول الحسين بن فاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم إليكم لتنصروه
وتؤازروه على ابن مرجانة
وابن سميّة الدعيّ ابن
الدعيّ".
فأمر عبيد الله بن زياد
بأن يرمى ذلك الصحابي من
أعلى القصر إلى الأرض
فتهشّمت أضلاعه وتكسّرت
وكان به رمق من الحياة،
فجاءه عبد الملك بن عمير
قاضي الكوفة ووقف فوق
رأسه وذبحه بخنجر عبيد
الله وقطع رأسه. ولمّا
وصل خبر استشهاد
عبد الله بن يقطر إلى
الإمام الحسين عليه
السلام وكان في منزل
زبالة تأسّف الإمام عليه
السلام لذلك وأخبر أصحابه
بمقتله278.
عمرو بن قرظة الأنصاريّ
وابن قرظة الأنصاريّ هو
أحد أصحاب أمير المؤمنين
عليه السلام279 والتحق عمرو
بالإمام الحسين عليه
السلام في كربلاء قبل بدء
القتال، وفي أثناء الهدنة
أرسله الإمام بكتابه إلى
ابن سعد وأحضر جوابه إليه
واستمرّ في نقل الرسائل
المتبادلة حتّى ورود شمر
بن ذي الجوشن حيث انقطعت
الرسائل بينهما.
وفي يوم عاشوراء طلب عمرو
بن قرظة من الإمام عليه
السلام الإذن في المبارزة
والنزول إلى الميدان فأذن
له في ذلك وعندما برز إلى
القتال كان يرتجز ويقول
في شعره:
دُونَ حُسَيْنٍ
مُهْجَتِي وَدَارِي280
ثمّ إنّه قاتل مدّة من
الزمن ورجع نحو الحسين
عليه السلام فوقف دونه
ليقيه من العدوّ، فجعل
يتلقّى السهام بجبهته
وصدره فلم يصل إلى الحسين
عليه السلام سوء حتّى
أثخن بالجراح، فالتفت إلى
الإمام عليه السلام وقال
له: "أوفيت يا ابن
رسول الله؟" قال:"نعم
أنت أمامي في الجنّة،
فأقرئ رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم السلام
وأعلمه أنّي في الأثر".
وفي تلك الحال خرّ عمرو
بن قرظة إلى الأرض صريعاً
واستشهد (رضوان الله عليه)281.
قيس بن مسهّر الصيداويّ
وكان قيس رجلاً شريفاً
شجاعاً موالياً لأهل
البيت عليهم السلام
ومخلصاً لهم وهو من قبيلة
بني أسد.
وذكر أنّه بعد موت معاوية
اجتمع وجهاء أهل الكوفة
وكتبوا رسائل متتالية
للإمام الحسين عليه
السلام يدعونه فيها
للقدوم إلى الكوفة، وكان
حامل إحدى هذه الرسائل
قيس بن مسهّر يرافقه عبد
الرحمن بن عبد الله
الأرحبيّ حيث توجّها نحو
الحسين عليه السلام
وقدّما له الكتاب، وفي
جوابه على رسائل أهل
الكوفة المتوالية قام
الإمام الحسين عليه
السلام بإرسال مسلم بن
عقيل إليهم يرافقه قيس
وعبد الرحمن الأرحبيّ.
ولمّا وصلوا إلى "المضيق"
من "بطن خبت" ضلّ
دليلهم الطريق، وأصيبوا
بالتعب والعطش حتّى وجدوا
الطريق، وفي تلك الأثناء
قام مسلم بن عقيل فكتب
كتاباً للإمام الحسين
عليه السلام يخبره بما
جرى، وأرسله مع قيس بن
مسهّر الذي أوصله إلى
الإمام عليه السلام، ومن
ثمّ عاد بالجواب إلى مسلم،
وسار معه حتّى دخلوا
الكوفة، ولمّا رأى مسلم
بن عقيل اجتماع أهل
الكوفة على البيعة كتب
إلى الحسين عليه السلام
بذلك، وسرّح الكتاب مع
قيس وأرسل معه عابس
الشاكريّ وشوذباً مولاهم،
وقام هؤلاء الثلاثة
بإيصال الرسالة إلى
الإمام عليه السلام في
مكّة ولازموه ثمّ جاءوا
معه نحو الكوفة.
ولمّا وصلت القافلة إلى
"الحاجر" من "بطن
الرقّة" كتب الحسين
عليه السلام كتاباً إلى
مسلم وإلى شيعة الكوفة
وبعثه مع قيس فتوجّه
نحوهم، وممّا ورد في
الكتاب:
"فإذا قدم رسولي عليكم
فانكمشوا في أمركم وجدّوا،
فإنّي قادمٌ عليكم في
أيّامي هذه إن شاء الله"282.
وقبل وصول قيس بن مسهّر
إلى الكوفة كان قد لوحق
وقبض عليه الحصين بن تميم،
وبعد اعتقاله قام قيس
بتمزيق الكتاب ثمّ وجّه
به الحصين إلى عبيد الله
بن زياد. فسأله عبيد الله:
- من أنت؟
- أنا رجل من شيعة عليّ
بن أبي طالب عليه السلام.
- ولم مزّقت الكتاب؟
- لئلّا تعلم ما فيه.
-
مَن كتب هذا الكتاب؟
- أمير المؤمنين الحسين
بن عليّ عليه السلام.
- إلى من؟
- إلى قوم من أهل الكوفة
لا أعرف أسماءهم.
فغضب ابن زياد وقال له:
إن لم تخبرني بأسمائهم،
فاصعد المنبر والعن عليّاً
والحسن والحسين عليهم
السلام.
فقبل قيس أن يتكلّم إلى
الناس، ولمّا اجتمعوا في
المسجد صعد قيس المنبر
وتوجّه نحو أهل الكوفة
قائلاً لهم:
"أيّها الناس، إنّ
الحسين بن عليّ خير خلق
الله، وابن فاطمة بنت
رسول الله، وأنا رسوله
إليكم وقد فارقته "بالحاجر"
فأجيبوه".
ثمّ لعن عبيد الله بن
زياد وأباه، وصلّى على
أمير المؤمنين عليه
السلام، فأمر به ابن زياد
فأُصعد القصر ورمي به من
أعلاه فتقطّع ومات283 (رضوان
الله عليه).
ووصل خبر استشهاد قيس إلى
الإمام عليه السلام وكان
قد وصل إلى منزل "عذيب
الهجانات" فراح يردّد
قوله تعالى:
﴿إِنَّا
لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ
رَاجِعونَ﴾،
وبكى عليه بكاءً شديداً،
وقال: "﴿فَمِنْهُم
مَّن قَضَى نَحْبَهُ
وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ﴾،
أللهم اجعل لنا ولهم
الجنّة منزلاً، واجمع
بيننا وبينهم في مستقرِّ
رحمتك ورغائب مذخور ثوابك"284.
مسلم بن عقيل
أبوه عقيل بن أبي طالب
وأمّه تدعى "عليّة"285.
اقترن مسلم بابنة عمّه
رقيّة286 بنت أمير المؤمنين
عليه السلام، وكان مسلم
في معركة صفّين على ميمنة
جيش الإمام عليه السلام287،
وفي عهد الإمام الحسن
عليه السلام والإمام
الحسين عليه السلام كان
مسلم بن عقيل مثال التابع
المخلص والمطيع إلى
جانبهما، وكان شابّاً
شجاعاً مقداماً حتّى قيل
عنه: بأنّه كان مثل الأسد288.
وبعد وصول رسائل أهل
الكوفة إلى الإمام الحسين
عليه السلام، قام بإرسال
ابن عمّه مسلم بن عقيل
إليهم، وأوصاه بالتقوى
وكتمان أمره واللطف
بالناس، وقال له: "إن
رأيت الناس مجتمعين
مستوسقين فعجِّل إليَّ
بذلك".
وتوجّه مسلم برفقة قيس
نحو الكوفة وواجها بعض
المشاكل والصعوبات في
منزل "المضيق"،
وبعد أن كتب إلى الإمام
بذلك اتّجه إلى الكوفة
بعزم أكبر289.
ولمّا وصل إليها دخل منزل
المختار، وبدأ الشيعة
يتردّدون إليه، ولكن مع
قدوم عبيد الله بن زياد
والإجراءات التي وضعها في
المدينة قام مسلم
بالانتقال من مكانه إلى
منزل هانئ، واستمرّ أهل
الكوفة بالقدوم عليه وعلى
حدّ قول أبي مخنف: فقد
بايعه أكثر من ثمانية عشر
ألفاً من أهلها.
وما لبث مسلم أن كتب
كتاباً للإمام الحسين
عليه السلام يخبره ببيعة
أهل الكوفة ويستعجله في
القدوم إليها290.
واطلع ابن زياد من خلال
بعض العيون على مكان مسلم،
فقام بالقبض على هانئ
وسجنه وكرد فعلٍ على
اعتقاله وتعذيبه أوعز
مسلم إلى الناس أن ينادى:
يا منصور أمت.
فاجتمع حوله أكثر من
أربعة آلاف رجلٍ، ومن
ناحية أخرى أوعز ابن زياد
إلى أشراف أهل الكوفة
برفع لواء الأمان لفصل
الناس عن مسلم. وكان لهذه
الخدعة تأثيرها، فتفرّق
الناس عنه جماعات جماعات291.
يروي عبّاس الجدليّ قائلاً:
خرجنا مع ابن عقيل أربعة
آلاف فما بلغنا القصر
إلّا ونحن ثلاثمائة.
وما زالوا يتفرّقون
ويتصدّعون حتّى أمسى ابن
عقيل وما معه ثلاثون نفساً
في المسجد، حتّى صلّيت
المغرب، فما صلّى مع ابن
عقيل إلّا ثلاثون نفساً،
فلمّا رأى أنّه قد أمسى
وليس معه إلّا أولئك
النفر خرج متوجّهاً نحو
أبواب كندة، فما بلغ
الأبواب ومعه منهم عشرة،
ثمّ خرج من الباب وإذا
ليس معه إنسان واحد292.
ومضى مسلم على وجهه تائهاً
في أزقّة الكوفة لا يدري
أين يذهب، فمشى حتّى
انتهى إلى باب طوعة
فأجارته، ولكن ابنها وشى
به إلى ابن زياد فعرف
مكانه، وذكر أنّ ابن زياد
كان عارفاً بشجاعة293 مسلم
وبطولاته فأمر محمّد بن
الأشعث أن يعتقل مسلم،
وضمّ إليه ثلاثمائة مقاتل،
وهنا رأى سفير الإمام
عليه السلام نفسه وحيداً
وقد حاصره القوم المجرمون
فشدّ عليهم يضربهم بسيفه
ويقاتلهم وهو يرتجز:
أَقْسَمْتُ لا أُقْتَلُ
إِلّا حُرَّا
وَإِنْ رَأَيْتُ
المَوْتَ شَيْئاً نُكْرَا
كُلُّ امْرِئٍ يَوْمَاً
مُلاقٍ شَرَّا
وَيُخْلَطُ
البَارِدُ سُخْناً مُرَّا
وفي الجولة الأولى فشل
محمّد بن الأشعث ومن معه
في القبض على مسلم فطلب
المدد والعون من ابن زياد
بعد أن قال له: إنّ مسلم
يعدّ بألف رجل294، ومع
ازدياد الجيش المحاصر له
وفي معركة دنيئة استخدم
فيها الكوفيّون النّار
رموه بها وبالحجارة،
وانتهت بالقبض على مسلم،
وفي هذه الحال جرت الدموع
من عيني مسلم وقال لمحمّد
بن الأشعث: هل تستطيع أن
تبعث رجلاً من عندك على
لساني؟ أن يبلغ حسيناً
بأن يرجع وأهل بيته ولا
يغرّك أهل الكوفة فإنّهم
أصحاب أبيك الذي كان
يتمنّى فراقهم بالموت أو
القتل إنّ أهل الكوفة قد
كذّبوك وكذّبوني وليس
لمكذوب رأي295، وكذلك فعل
مسلم في مجلس ابن زياد
حيث أوصى عمر بن سعد بأن
يرسل رسولاً إلى الحسين
عليه السلام ليرجع عن
طريق الكوفة، ودافع مسلم
بن عقيل بكلّ شجاعة عن
مواقفه وعمّا أقدم عليه،
وقام بفضح ابن زياد ويزيد،
وعندها أمر عبيد الله بأن
يؤخذ مسلم إلى أعلى القصر،
ويقطع
رأسه ويرمى بجسده إلى
الأرض، فقام بكير بن
حميران الأحمريّ بتنفيذ
أوامره296.
ويقول المامقانيّ: بأنّ
مسلم بن عقيل كان له من
العمر عند شهادته ثمانية
وعشرون297 عاماً. إلّا أنّ
القبول بهذا الرأي بعيدٌ
حيث إنّ بعض أولاد مسلم
استشهدوا في كربلاء وكانت
أعمارهم قريبة إلى هذا
العمر تقريباً، فمحمّد
استشهد في السابعة
والعشرين
298من عمره وعبد
الله كان في السادسة
والعشرين299 أيضاً.
الأسرى
بعد انتهاء العاشوراء
الحسينيّة بقي عدد قليل
من أهل البيت والأصحاب
على قيد الحياة300، وهؤلاء-
باستثناء النساء
والبنات-لم يجهز عليهم،
إمّا لكبر أعمارهم أو
لمرضهم أو للجراحات
الشديدة التي أصيب بها
البعض منهم، وعلى حدِّ
قول ابن أعثم الكوفيّ:
فإنّ عمر بن سعد حمل معه
بنات الحسين عليه السلام
وأخواته والأطفال الأحياء
وكذلك عليّ بن الحسين
عليه السلام إلى الكوفة301.
ومع دخول ركب الأسارى إلى
الكوفة تشفّعت القبائل في
نسائها وأقربائها فأطلق
سراحهم فيها، وأمّا أسارى
بني هاشم فأخذوا إلى
الشام302 وكانت رحلة الأسر
في الشام مرحلة قاسية
وصعبة على أهل البيت
عليهم السلام، يقول
الإمام الباقر عليه
السلام:
"قدم بنا على يزيد بن
معاوية لعنه الله بعدما
قتل الحسين عليه السلام
ونحن اثنا عشر غلاماً ليس
منّا أحدٌ إلّا مجموعة
يداه إلى عنقه وفينا عليّ
بن الحسين"303
وفي هذا الفصل سوف نشير
فقط إلى بعض الأسماء
البارزة في الأسر وخاصّة
الإمام السجّاد عليه
السلام بغض النظر عن
الأطفال والبنات والنساء
الأسيرات أمثال زينب
الكبرى والتي ذكرناها
فيما سبق:
الحسن بن الحسن (المثنّى)الجرحى
سوار بن منهم النهميّ
الجرحى
عقبة بن سمعان
كان عقبة (أو موقعة)304 مولى
للرّباب زوجة الحسين عليه
السلام اعتقله ابن سعد ثمّ
أطلق سراحه.305 واعتبره ابن
عديم من جملة أسارى واقعة
كربلاء306/307
عليّ بن الحسين عليه
السلام (الإمام السجّاد
عليه السلام )
ولد الإمام عليّ بن
الحسين عليه السلام
المعروف بزين العابدين
وسيّد الساجدين والزكيّ
والأمين308 في سنة ثمانية
وثلاثين للهجرة309.
أمّه تدعى "شاه زنان"
ابنه يزدجرد ملك إيران310
وقد بدّل أمير المؤمنين
عليه السلام اسمها بـ"شهربانو"311
وكان الإمام السجّاد في
واقعة كربلاء شابّاً يبلغ
من العمر ثلاثة وعشرين
سنة312، ومرض في تلك الأيّام
مرضاً شديداً313.
وفي عصر عاشوراء هجم شمر
بن ذي الجوشن على خيمة
الإمام زين العابدين
عليه السلام حيث كان
يداوى فيها وسلّ سيفه
وأراد قتل الإمام عليه
السلام فحذّره البعض من
ذلك بسبب مرضه ومن ثمّ
قام الشمر بإحراق الخيام314.
وكان مشهد تحرّك ركب
الأسارى شديد الوطأة على
الإمام السجّاد عليه
السلام وفي هذا المجال
يقول:
"لمّا أصابنا بالطفّ
ما أصابنا وقتل أبي عليه
السلام وقتل من كان معه
من ولده وإخوته وسائر
أهله وحملت حرمه ونساؤه
على الأقتاب يراد بنا
الكوفة فجعلت أنظر إليهم
صرعى ولم يواروا فيعظم
ذلك في صدري ويشتدّ لما
أرى منهم قلقي فكادت نفسي
تخرج"315.
ودخل الإمام السجّاد عليه
السلام بكلّ صلابة إلى
مجلس ابن زياد وردّ على
كلّ أكاذيبه وافتراءاته
فأراد ابن زياد قتله لكنّ
زينب الكبرى ضمّته إلى
صدرها وقالت لابن زياد:
إذا أردت قتله فاقتلني
معه، فانصرف ابن زياد عن
قتله316.
وأخذ ركب الأسارى نحو
الشام وأدخل الإمام
السجّاد عليه السلام إلى
مجلس يزيد والأغلال
والسلاسل في عنقه، ووقف
الإمام عليه السلام أمام
نشوة يزيد وتعجرفه وخطب
خطبة بليغة أمام أهل
الشام ووجهائها، ردّ فيها
على الكلام القبيح الذي
تفوّه به يزيد وبيّن فيها
منزلة أهل بيت الوحي
والطهارة وفضح يزيد وما
قام به، فانقلب أهل
المجلس وقام أهل الشام
بلعن قاتل الحسين عليه
السلام وسبّه يقول ابن
أعثم الكوفيّ: إنّ يزيد
لمّا سمع الناس تلعن قاتل
أمير المؤمنين الحسين
عليه السلام ألقى باللوم
على ابن مرجانة بما جرى
في كربلاء317.
وبكلّ عزّة قاد الإمام
السجّاد عليه السلام
قافلة أهل البيت عليه
السلام إلى المدينة
وتولّى شؤون إمامة الأمّة
حتّى نهاية حياته الشريفة،
وكان في كلّ الأحوال يوضح
للناس ما جرى في كربلاء
وما تحمله الملحمة
الكربلائيّة من ثقافة
ومعارف، وبقي الإمام عليه
السلام
ثلاثاً وثلاثين سنة بعد
يوم عاشوراء الحسين، وفي
سنة 94هـ استشهد الإمام
عليه السلام مسموماً وهو
في السابعة والخمسين من
العمر على يد الوليد بن
عبد الملك، ودفن الجسد
الشريف لهذا الإمام
الهمام في مقبرة البقيع318.
موقع بن ثمامة319 الجرحى
عمر بن الحسنالأطفال
والشباب
نافع بن هلال الجمليّ
كان سيّداً شجاعاً وعظيماً
قارئاً للقرآن وكاتباً
للحديث ومن أصحاب أمير
المؤمنين عليه السلام
شارك معه في حروبه
الثلاثة أثناء خلافته.
التحق نافع بالإمام
الحسين عليه السلام قبل
استشهاد مسلم بن عقيل،
وعندما جعجع الحرّ
بالإمام الحسين عليه
السلام وضيّق عليه، خطب
الإمام عليه السلام في
أصحابه وتحدّث معهم عن
غدر الزمان والدهر الخوؤن،
وبعد أن تكلّم عدد من
الأصحاب مبرزين لوفائهم
تكلّم نافع بن هلال
فتحدّث عن غدر الأمّة
القديم وعدم وفائها منذ
عصر الرسالة وحتى مرحلة
خلافة الإمام عليّ عليه
السلام وتابع قائلاً:
"فسر بنا راشداً معافاً،
مشرّقاً إن شئت، وإن شئت
مغرّباً، فوالله ما
أشفقنا من قدر الله، ولا
كرهنا لقاء ربّنا، وإنّا
على نيّاتنا وبصائرنا
نوالي من والاك ونعادي من
عاداك".
وفي كربلاء ولمّا منع
الحسين عليه السلام من
الماء واشتدّ العطش
بأصحابه، كان نافع من
جملة من ذهب لإحضار الماء
من أصحاب الحسين عليه
السلام بقيادة أبي الفضل
العبّاس، وعندما وصل إلى
شريعة الفرات امتنع نافع
عن شرب الماء وقال لأحد
قادة العدوّ:
"لا والله لا أشرب منه
قطرة والحسين عطشان"
ثمّ ملأ القرب بالماء
وقاتل إلى جانب أبي الفضل
العبّاس وسائر الأصحاب
قتالاً شديداً حتّى أوصل
القرب إلى الخيام320 ثمّ
إنّ لنافع بن هلال الجمليّ
في يوم عاشوراء مواقف
بطوليّة وحينما برز إلى
الميدان كان يقول:
أَنَا الهِزَبْرُ
الجَمَلِي
أَنَا عَلَى دِينِ
عَلِي
فخرج إليه رجلٌ يقال له
مزاحم بن حريث وحمل عليه
فقتله. فصاح عمرو بن
الحجّاج بالناس: يا حمقى
أتدرون من تقاتلون؟!
تقاتلون فرسان المصر،
وقوماً مستميتين لا يبرزنّ
لهم منكم أحدٌ فإنّهم
قليل وقلّ ما يبقون،
والله لو لم ترموهم إلّا
بالحجارة لقتلتموهم321.
وكان نافع بن هلال قد كتب
اسمه على خشب نبله فكانت
نباله التي يرميها معلّمة
فقتل اثني عشر رجلاً من
أصحاب عمر بن سعد، وما
لبث أن جرح وكُسر عضداه
فأخذ أسيراً وأمسكه شمر
بن ذي الجوشن وساقه حتّى
أتى به عمر بن سعد
والدماء تسيل على وجهه
ولحيته، فقال له ابن سعد:
ويحك يا نافع: ما حملك
على ما صنعت بنفسك؟
فقال له نافع: إنّ ربّي
يعلم ما أردت؛ والله لقد
قتلت منكم اثني عشر رجلاً
سوى من جرحت وما ألوم
نفسي على الجهد ولو بقيت
لي عضد وساعد ما أسرتموني.
فقال شمر لابن سعد: اقتله
أصلحك الله، فقال له ابن
سعد: أنت جئت به فإن شئت
فاقتله، فانتضى شمر سيفه
فقال له نافع: أما والله
لو كنت من المسلمين لعظم
عليك أن تلقى الله
بدمائنا، فالحمد لله الذي
جعل منايانا على يدي شرار
خلقه.
ثمّ قتله شمر322 لعنه الله.
وقد ورد اسم نافع في
الزيارة الرجبيّة وزيارة
الناحية323.
وهب بن وهب
وكان رجلاً نصرانيّاً قدم
مع أمّه نحو الإمام
الحسين عليه السلام
وأسلما على يديه ومن ثمّ
تبعاه إلى كربلاء.
وفي يوم عاشوراء ركب وهب
فرسه وتناول بيده عمود
الفسطاط وتوجّه نحو
الأعداء فقتل عدداً منهم
ثمّ أخذ أسيراً وجيء به
إلى عمر بن سعد فأمر بقطع
عنقه ورمى به إلى عسكر
الحسين عليه السلام324.
الجرحى
وكان ممّن بقي من أصحاب
الحسين عليه السلام قد
أصيب بجراحات بليغة وأدّت
جراحات أكثرهم إلى
استشهادهم في مدّة قريبة،
وباستثناء الحسن المثنّى
فإنّ سائر الجرحى في
كربلاء استشهدوا بعد
واقعة عاشوراء.
الحسن بن الحسن (المثنّى)
كنيته "أبو محمّد" وأمّه
خولة بنت منظور الفزاريّة325
وقيل: إنّ عمره في ثورة
عاشوراء كان سبعة عشر
عاماً326. وروي أنّ الحسن
خطب إلى عمّه الحسين عليه
السلام إحدى ابنتيه فقال
له: "يا بني اختر
أيّهما أحبّ إليك" (سكينة
وفاطمة)، فاستحيا الحسن (رضي
الله عنه) ولم يحر جواباً.
فقال له الإمام الحسين
عليه السلام: "فإنّي
قد اخترت لك ابنتي فاطمة،
فهي أكثر شبهاً بأمّي
فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم "،
فزوّجها منه327.
وفي يوم عاشوراء برز
الحسن المثنّى نحو
الأعداء فقتل سبعة عشر
رجلاً وأصابته ثماني عشرة
جراحة وقطعت يده اليمنى
فوقع على الأرض328.
واقتيد الحسن المثنّى في
جملة الأسارى إلى الكوفة
فأخذه خاله أسماء بن
خارجة من بين الأسرى
وداواه حتّى برئ وحمله
إلى المدينة329.
وكان الحسن بن الحسن
جليلاً مهيباً رئيساً
فاضلاً ورعاً زاهداً،
وكان يلي صدقات
أمير المؤمنين عليّ بن
أبي طالب عليه السلام في
وقته بالمدينة330.
وتوفّي الحسن في سنّ
الخامسة والثلاثين331 أو
الخامسة والثمانين332.
سوار بن منعم بن أبي عمير
النهميّ
التحق بالإمام الحسين
عليه السلام في كربلاء،
وقاتل في الحملة الأولى
فجرح ووقع مغميّاً عليه
على الأرض فأسر وأتي به
إلى عمر بن سعد، فأراد
قتله فشفع فيه قومه، وبقي
عندهم جريحاً حتّى استشهد
بعد مضي ستّة أشهر من
واقعة كربلاء333. ويسلّم
الإمام صاحب العصر
والزمان عليه السلام على
هذا المجروح الأسير في
زيارته قائلاً: "السلام
على الجريح المأسور سوار
بن منعم بن أبي عمير
النهميّ"334.
سويد بن عمرو الخثعميّ
كان شيخاً شجاعاً عظيماً
شريفاً عابداً مجرّباً في
الحروب، وكان من أصحاب
الإمام الحسين عليه
السلام. وفي يوم عاشوراء
كان من أواخر الأصحاب
الذين برزوا إلى القتال335
فهجم على الأعداء وقاتل
قتال الأسد الباسل وبالغ
في الصبر على الخطب
النازل حتّى سقط بين
القتلى وقد أثخن بالجراح،
وظنّ جيش العدوّ بأنّه قد
قتل ولمّا استشهد الإمام
الحسين عليه السلام سمع
سويد خبر شهادته فتحامل
وأخرج من خفّه سكّيناً
كان قد أخفاها وحمل على
العدوّ وجعل يقاتلهم به
مدّة من الزمن حتّى حمل
عليه عروة بن بكار
التغلبيّ وزيد بن ورقاء
الجهنيّ فقتلاه336.
عمرو بن عبد الله
الجندعيّ
التحق بالإمام أبي عبد
الله عليه السلام في
كربلاء، وفي يوم عاشوراء
قاتل بسيفه في
ركاب الإمام عليه السلام
وتلقّى عمرو ضربة على
رأسه بلغت منه فوقع على
الأرض واحتمله قومه
فأخرجوه من ساحة الوغى،
وبقي مريضاً من الضربة
صريع الفراش سنة كاملة ثمّ
توفّي على رأس السنة337. وفي
زيارة الناحية يسلّم
الإمام عليه السلام على
هذا الجريح بعد السلام
على سوار بن أبي عمير
قائلاً: "السلام على
المرتثّ معه عمرو بن عبد
الله الجندعيّ"338.
الموقع بن ثمامة
الصيداويّ
كان الموقع (أو المرقع)339 ممّن حضر ليلاً إلى
الإمام عليه السلام في
كربلاء وجرح في المعركة
فوقع على الأرض فاستخلصه
قومه ومن ثمّ أخفوه في
الكوفة، وعندما اطلع ابن
زياد على ما جرى معه أرسل
أحدهم لقتله فتوسّط له
جماعة من بني أسد، فصرف
النظر عن قتله، ثمّ قام
بإبعاده إلى الزارة340
مقيّداً بالأغلال
والسلاسل، وما لبث الموقع
أن استشهد بعد سنة من
زمان جرحه341.
الموالي
الموالي342 طبقة اجتماعيّة
مختلفة الأحوال، وابتداءً
كان هذا الاسم يطلق على
من دخل في الإسلام ومع
مجيئهم إلى المناطق
العربيّة التحقوا بالعرب.
ومن ثمّ وبعد فتوحات صدر
الإسلام وما بعدها وأسر
أعداد كبيرة في المعارك
أصبح مفهوم المولى مختصّاً
بغير العربيّ. وقد تحرّر
هؤلاء الأسرى فيما بعد
بالتدريج وعبر العديد من
الطرق نالوا حريّتهم
وأصبح يطلق عليهم الموالي
العتاق (المحرّرون).
ونتيجة ذلك تشكّلت قبائل
العرب من العرب والموالي
(غير العرب).
وكان العرب وخلافاً
لتعاليم رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم
يحقّرون الموالي فجعلوهم
في أدنى الطبقات
الاجتماعيّة ولذا كانت
أوضاعهم الاقتصاديّة
سيّئة جدّاً وحرموا من
العديد من الامتيازات
الاجتماعيّة، وقد بدأ
تفضيل العرب على الموالي
منذ عهد الخليفة الثاني
وأثناء خلافة معاوية343.
وقد واجه أئمّتنا
المعصومون عليهم السلام
هذا التفضيل والتمييز
فتعاملوا مع الموالي
معاملة رؤوفة وبكلّ
احترام، ولذا فإنّنا نرى
من بين الوجوه والشخصيّات
المشاركة في ملحمة كربلاء
العديد من هؤلاء الموالي
الأطهار والأوفياء.
أسلم بن عمرو
كان أسلم من موالي الحسين
عليه السلام وكان أبوه
تركيّاً وجاء أسْلَم مع
الإمام عليه السلام إلى
كربلاء، وفي يوم عاشوراء
خرج إلى القتال وهو يرتجز
ويقول:
أَمِيرِي حُسَيْنٌ
وَنِعْمَ الأَمِيرْ
سُرورُ فُؤَادِ
البَشِيرِ النَّذِيرْ
فقاتل قتالاً شديداً، ومن
شدّة الجراحات الكثيرة
التي أصابته وقع على
الأرض، فلمّا صرع مشى
إليه الإمام الحسين عليه
السلام فوقف فوق رأسه
فرآه وبه رمق يومي إلى
الحسين عليه السلام
فاعتنقه الحسين ووضع خدّه
على خدّه فتبسّم وقال:
"من مثلي وابن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
واضع خدّه على خدّي"،
ثمّ فاضت نفسه (رضوان
الله عليه)344.
جون بن حويّ
كان جون345 غلاماً أسود وهو
مولى أبي ذرّ (رضي الله
عنه) ومن بعد وفاته انتقل
إلى خدمة أهل البيت عليهم
السلام، وفي عهد الإمام
الحسين عليه السلام جاء
معه إلى كربلاء. ولمّا
اشتدّ القتال في عصر
عاشوراء تقدّم جون نحو
الإمام الحسين عليه
السلام يستأذنه في القتال
فقال له الإمام عليه
السلام: "يا جون أنت
في إذنٍ منّي فإنّما
تبعتنا طلباً للعافية فلا
تبتل بطريقتنا".
فوقع جون على قدمي أبي
عبد الله عليه السلام
يقبّلهما ويقول:
"يا ابن رسول الله،
أنا في الرخاء ألحس
قصاعكم وفي الشدّة أخذلكم،
إنّ ريحي لنتن، وإنّ حسبي
للئيم، وإنّ لوني أسود،
فتنفّس عليّ في الجنّة
ليطيب ريحي ويشرف حسبي
ويبيضّ لوني، لا والله لا
أفارقكم حتّى يختلط هذا
الدم الأسود مع دمائكم".
فأذن له الإمام الحسين
عليه السلام فبرز إلى
قتال القوم وهو يرتجز
أبياتاً من الشعر ثمّ
قاتل حتّى استشهد346.
فمشى نحوه سيّد الشهداء
عليه السلام ووقف عند
مصرعه ودعا له قائلاً:
"أللهم بيّض وجهه وطيّب
ريحه واحشره مع الأبرار
وعرّف بينه وبين محمّد
وآل محمّد صلى الله عليه
وآله وسلم "347.
وروي عن الإمام زين
العابدين عليه السلام
أنّه قال: "لمّا قدم
بنو أسد لدفن أجساد
الشهداء في كربلاء وجدوا
جوناً بعد عشرة أيّام
يفوح منه رائحة المسك"348.
جابر بن الحجّاج
كان فارساً شجاعاً، وهو
مولى عامر بن نهشل التيميّ
حضر مع الإمام الحسين
عليه السلام في كربلاء
وقاتل بين يديه واستشهد
في الحملة الأولى349.
الحرث بن نبهانالصحابة
رافع بن عبد الله
وهو مولى مسلم بن كثير
الأزديّ، حضر معه من
الكوفة إلى كربلاء
والتحقا بالإمام عليه
السلام. وفي يوم عاشوراء
وبعد استشهاد مسلم الأزديّ
برز رافع بعد صلاة الظهر
نحو الأعداء وقتل من
القوم جماعة كثيرة ثمّ
استشهد (رضوان الله عليه)350.
سالم
مولى عامر بن مسلم العبديّ
حضر معه من البصرة إلى
كربلاء حيث التحقا
بالإمام
الحسين عليه السلام وفي
يوم عاشوراء برز سالم
وعمرو نحو الأعداء
واستشهدا351، وقال بعضهم
بأنّهما استشهدا في
الحملة الأولى352.
سالم بن عمرو
كان سالم مولى لبني
المدينة (وهم بطن من بني
كلب)، ومن شيعة الكوفة
خرج إلى الحسين عليه
السلام قبل المعركة فانضمّ
إلى أصحابه وبقي معه حتّى
استشهد في يوم عاشوراء،
وقيل: إنّه من شهداء
الحملة الأولى353، وقد ورد
السلام عليه في زيارة
الناحية354.
سعد
وهو غلام عمرو بن خالد،
برز يوم عاشوراء مع سيّده
عمرو واثنين آخرين نحو
الأعداء فقاتلوا قتالاً
شديداً، ومال عليهم القوم
فقطعوهم عن أصحابهم، فحمل
عليهم أبو الفضل العبّاس
فاستنقذهم، فجاؤوا وقد
جرحوا جراحات بليغة،
ولمّا دنا منهم عدوّهم شدّ
سعد وأصحابه على العدوّ
مجدّداً فقاتلوا حتّى
استشهدوا جميعاً في مكان
واحد355.
سعد بن الحرث
من موالي أمير المؤمنين
عليه السلام ومن بعده
انتقل إلى خدمة الإمام
الحسن عليه السلام ومن ثمّ
إلى الإمام الحسين عليه
السلام، ورافق الإمام منذ
انطلاقته وورد معه إلى
كربلاء، واستشهد في
الحملة الأولى في يوم
عاشوراء356.
سليمان بن رزينالسفراء
شبيب
كان بطلاً شجاعاً وهو
غلام الحرث بن سريع
الهمدانيّ، جاء شبيب357 مع
سيف
ومالك ابني سريع إلى
الإمام عليه السلام وقتل
في الحملة الأولى التي
قتل فيها جملة من أصحاب
الحسين عليه السلام وذلك
قبل الظهر في اليوم
العاشر358.
شوذب بن عبد الله
كان غلاماً لبني شاكر وهو
من رجال الشيعة ووجوهها،
وكان حافظاً للحديث،
تعلّم في مدرسة أمير
المؤمنين عليه السلام،
وكان الناس يختلفون إليه
لأخذ الحديث عنه359، وصحب
عابساً بن أبي شبيب
الشاكريّ إلى كربلاء
واستخبره عابس عمّا في
نفسه فأكّد له قائلاً:
بأنّه سيقاتل إلى جانبه
فداء لابن بنت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
حتّى يقتل، فشجّعه عابس
على ذلك، وقال له: ذلك
الظنّ بك، فتقدّم شوذب من
الإمام الحسين عليه
السلام وسلّم عليه ثمّ
مضى فقاتل حتّى قتل (رضوان
الله عليه)360.
قارب بن عبد الله الدؤليّّ
كانت أمّه جارية للإمام
الحسين عليه السلام،
تزوّجها عبد الله الدؤليّ
فولدت منه قارباً هذا،
فهو مولى للحسين عليه
السلام، خرج معه من
المدينة إلى مكّة ثمّ إلى
كربلاء واستشهد في الحملة
الأولى قبل ظهر عاشوراء
بساعة361.
منجح بن سهم
كان منجح من موالي الإمام
الحسن المجتبى عليه
السلام، خرج من المدينة
مع أولاد الإمام في صحبة
الإمام الحسين عليه
السلام إلى كربلاء.
وفي يوم عاشوراء قاتل
منجح قتال الأبطال، ثمّ
نال فيض الشهادة362، وذكر أنّ
قاتله هو حسّان بن بكر
الحنظليّ363.
نصر بن أبي نيزر
كان أبو نيزر من ولد بعض
ملوك العجم، وقال بعضهم
بأنّه من ولد النجاشيّ،
رغب في الإسلام صغيراً
فأتي به إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
فأسلم وربّاه رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم،
فلمّا توفّي النبيّ
الأكرم صلى الله عليه
وآله وسلم أصبح في خدمة
أهل البيت عليهم السلام364.
أمضى سنوات عديدة مع أمير
المؤمنين عليه السلام
وكان يعمل له في نخله.
وكان ولده نصر أيضاً في
خدمة أمير المؤمنين عليه
السلام ثمّ من بعده في
خدمة الإمام الحسن عليه
السلام ثمّ الإمام الحسين
عليه السلام، ورافق سيّد
الشهداء عليه السلام في
المجيء إلى كربلاء، وكان
فارساً في أصحاب الإمام
عليه السلام، شارك في
الحملة الأولى فعقر فرسه
ثمّ استشهد (رضوان الله
عليه)365.
واضح التركيّ
كان واضح غلاماً تركيّاً366،
قالوا في وصفه: بأنّه كان
إنساناً شجاعاً قارئاً
للقرآن وهو مولى الحرث
السلمانيّ.
برز إلى الميدان في يوم
عاشوراء وهو يرتجز أبياتاً
من الشعر فجعل يقاتلهم
راجلاً وعندما وقع على
الأرض استغاث بالإمام
الحسين عليه السلام فأسرع
سيّد الشهداء نحوه
واعتنقه وهو يجود بنفسه
فقال واضح: من مثلي وابن
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم واضع خدّه على
خدّي، ثمّ فاضت نفسه على
تلك الحال واستشهد367 (رضوان
الله عليه).
الأصحاب
إنّ أصحاب شهيد كربلاء
الإمام الحسين بن عليّ
عليه السلام، هم صانعو
البطولات الخالدة في يوم
عاشوراء وقد استشهدوا
جميعاً في معركة غير
متكافئة.
وبنظرة عامّة يمكن أن
نذكر في ضمنهم أولئك
الأصحاب والمحبّين الذين
استشهدوا في البصرة
والكوفة وبالتالي عدّهم
في ضمن شهداء النهضة
الحسينيّة368.
وقد تفاوتت الأرقام
المذكورة عن الأصحاب
الشهداء في يوم عاشوراء
وأرض كربلاء سواء كانوا
من الهاشميّين أو من غير
الهاشميّين والمشهور من
بين الأرقام كونهم 72
شهيداً369.
وإن أشير إلى أرقام أخرى
من قبيل: 70 شخصاً370، 82 شخصاً371، 87 شخصاً372، 100 شخصٍ373،
145 شخصاً374، و.... غيرها375.
وسوف نشير في هذا الفصل
وبنظرة عامّة إلى أسماء
الشهداء المشهورين من غير
بني هاشم الذين استشهدوا
مع الإمام الحسين عليه
السلام. وفي الختام سوف
نذكر بعض أسماء الشهداء
غير المشهورين أيضاً:
أبو الحتوف بن الحرث
الأنصاريّ العجلانيّ الملتحقون
أبو ثمامة الصائديّ
اسمه عمرو بن عبد الله بن
كعب واشتهر باسم "أبو
ثمامة الهمدانيّ الصائديّ"،
وكان من شيعة أهل الكوفة
وشجعانهم ومن أصحاب أمير
المؤمنين عليه السلام
والإمام الحسن المجتبى
عليه السلام ثمّ صحب
الإمام الحسين عليه
السلام.
ولمّا جاء مسلم بن عقيل
إلى الكوفة قام معه وصار
يقبض الأموال من الشيعة
بأمر مسلم فيشتري بها
السلاح، وسعى ابن زياد في
اعتقاله لكنّه اختفى وخرج
إلى
الإمام الحسين عليه
السلام فلقيه في الطريق
إلى كربلاء فأتى معه وبقي
محامياً عنه في كربلاء376.
وفي ظهر عاشوراء وبعد
الحملات المتوالية
للأعداء واستشهاد الكثير
من أصحاب الإمام عليه
السلام قيل: إنّ أبا
ثمامة لمّا رأى الشمس يوم
عاشوراء قد زالت وأنّ
الحرب قائمة قال للحسين
عليه السلام: يا أبا عبد
الله نفسي لنفسك الفداء،
إنّي أرى هؤلاء قد
اقتربوا منك، ولا والله
لا تقتل حتّى أقتل دونك
إن شاء الله، وأحبّ أن
ألقى الله ربّي وقد صلّيت
هذه الصلاة التي دنا
وقتها، فرفع الحسين عليه
السلام رأسه وقال له:
"ذكرت الصلاة، جعلك الله
من المصلّين الذاكرين،
نعم هذا أوّل وقتها"
ثمّ قال: "سلوهم أن
يكفّوا عنّا حتّى نصلّي"377.
ثمّ إنّ أبا ثمامة
الصائديّ بعد أن أقام
الصلاة378، تقدّم نحو الإمام
الحسين عليه السلام وقال
له:"يا أبا عبد الله
إنّي قد صمّمت أن ألحق
بأصحابي وكرهت أن أتخلّف
وأراك وحيداً من أهلك
قتيلاً".
فأذن له الإمام عليه
السلام وقال له: "تقدّم
فإنّا لاحقون بك عن ساعة"
فتقدّم أبو ثمامة نحو
الميدان فقاتل حتّى أثخن
بالجراحات، ثمّ استشهد
على يد ابن عمّه قيس بن
عبد الله الصائديّ.
وأشير إليه في زيارتي
الناحية والرجبيّة باسم
عمر بن عبد الله الصائديّ379.
الأدهم بن أميّة
العبديّ البصريّ
كان الأدهم من شيعة
البصرة380 الذين كانوا
يختلفون إلى دار مارية.
وخرج للالتحاق بالإمام
الحسين عليه السلام مع
يزيد بن ثبيط وجمعٍ من
أهل البصرة فجاؤوا إلى
مكّة والتحقوا به. وقاتل
الأدهم في يوم عاشوراء
الأعداء ثمّ استشهد381،
وعدّه بعضهم من
شهداء الحملة الأولى382، وقد
ذكر اسم هذا الشهيد في
زيارتي الناحية والرجبيّة383.
أسلم بن عمرو التركيّالموالي
أميّة بن سعد الطائيّ
كان أميّة من أصحاب أمير
المؤمنين عليه السلام من
شيعة الكوفة، وعندما علم
بقدوم الإمام الحسين عليه
السلام التحق به في
كربلاء قبل المعركة
واستشهد في يوم عاشوراء384.
عدّه بعضهم من أوائل
الشهداء الذين استشهدوا
في الحملة الأولى385.
أنس بن الحارث الكاهليّ الصحابة
برير بن خضير الهمدانيّ
كان برير شيخاً تابعيّاً
زاهداً، قارئاً للقرآن من
شيوخ القرّاء ومن أصحاب
أمير المؤمنين عليه
السلام وكان من أشراف أهل
الكوفة من الهمدانيّين386.
وذكر عنه أنّه كان من
العبّاد والزهّاد الذين
يصومون نهارهم ويقومون
ليلهم387.
ولمّا بلغه خبر تحرّك
الإمام الحسين عليه
السلام سار من الكوفة إلى
مكّة والتحق به، ومن ثمّ
جاء معه إلى كربلاء388.
وقام برير في اليوم
التاسع من المحرّم
بالذهاب إلى ابن سعد لعرض
الموعظة والنصيحة ولمّا
دخل عليه الخيمة لم يسلّم
عليه، فقال ابن سعد مغضباً:
يا أخا همدان ما منعك من
السلام عليّ، ألست مسلماً
أعرف الله ورسوله وأشهد
بشهادة الحقّ؟
فقال له برير: "لو كنت
عرفت الله ورسوله كما
تقول لما خرجت إلى عترة
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم تريد قتلهم،
وبعد فهذا الفرات يلوح
بصفائه ويلج كأنّه بطون
الحيّات تشرب منه
كلاب السواد وخنازيرها
وهذا الحسين بن عليّ
وإخوته ونساؤه وأهل بيته
يموتون عطشاً وقد حلت
بينهم وبين ماء الفرات
وتزعم أنّك تعرف الله
ورسوله".
وبعد إقرار ابن سعد بأنّ
كلّ من قاتلهم وغصبهم
حقّهم هو في النّار لا
محالة تكلّم عن الملك
والولاية على الريّ، وقال
لبرير: أفتشير عليّ أن
أترك ولاية الريّ فتكون
لغيري فوالله ما أجد نفسي
تجيبني لذلك.
وبعد هذا الكلام رجع برير
إلى الإمام الحسين عليه
السلام وقال له: "يا
ابن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم إنّ عمر
بن سعد قد رضي لقتلك
بولاية الريّ"389.
وفي يوم عاشوراء وقبل
كلام الإمام الحسين عليه
السلام مع أهل الكوفة
تكلّم برير معهم إلّا
أنّهم سخروا منه ورموه
بالسهام390.
وبعد استشهاد الحرّ بن
يزيد الرياحيّ برز بريرٌ
إلى الميدان وهو يرتجز
أبياتاً من الشعر فقاتل
القوم وحمل عليه بحير بن
أوس فضربه بالسيف فقتله،
ويذكر ابن أعثم أنّ "بحير"
ندم على قتله بعد أن
لاموه على ذلك قائلين له:
إنّ بريراً كان من عباد
الله الصالحين391.
بشر بن عمرو بن
الأحدوث الحضرميّ
وكان بشر ممّن جاء إلى
الإمام الحسين عليه
السلام في كربلاء قبل
اليوم العاشر، ولمّا وقع
القتال في اليوم العاشر
أخبر بشر وهو على تلك
الحالة بأسر ابنه بثغر
الريّ، فقال ردّاً على
ذلك: "عند الله احتسبه
ونفسي، ما كنت أحبّ أن
يؤسر وأن أبقى بعده".
فسمع الإمام الحسين عليه
السلام مقالته، فقال له:
"رحمك الله أنت في حلٍّ
من بيعتي، فاذهب واعمل في
فكاك ابنك".
فقال له بشر: "أكلتني
السباع حيّاً إن أنا
فارقتك يا أبا عبد الله".
فقال له الإمام عليه
السلام: "فأعطِ ابنك
محمّداً - وكان معه - هذه
الأثواب البرود يستعين
بها في فكاك أخيه".
وأعطاه خمسة أثواب قيمتها
ألف دينار392.
واستشهد بشر بن عمرو في
الحملة الأولى393، وورد اسمه
في زيارتي الناحية
والرجبيّة394.
بكر بن حيّ التيميّالملتحقون
جابر بن الحجّاجالموالي
جبلة بن عليّ الشيبانيّ
كان جبلة مقداماً شجاعاً
من شجعان أهل الكوفة، قام
مع مسلم بن عقيل أوّلاً
ثمّ جاء إلى الإمام
الحسين عليه السلام ثانياً،
واستشهد معه في كربلاء395،
وذكر أنّه ممّن استشهد في
الحملة الأولى396، وورد اسمه
في زيارة الناحية أيضاً397.
جنادة بن الحرث
المذحجيّ السلمانيّ
كان من مشاهير الشيعة ومن
أصحاب أمير المؤمنين عليه
السلام وكان جنادة قد
شارك في قيام مسلم بن
عقيل أوّلاً، ولمّا رأى
خذلان أهل الكوفة خرج إلى
الإمام الحسين عليه
السلام مع جماعة من
الكوفيّين ومانعهم الحرّ
ابتداءً من الالتحاق به،
ثمّ أخذهم الإمام الحسين
عليه السلام وألحقهم بركب
الأصحاب. وفي يوم عاشوراء
تقدّم جنادة وجماعته
فأوغلوا في صفوف الأعداء
لكن العدوّ حاصرهم إلّا
أن أبا الفضل العبّاس
أسرع لنجدتهم وخلّصهم
لكنّهم أبوا أن يرجعوا
واستمرّوا في القتال حتّى
نالوا فيض الشهادة جميعاً
في ذلك المكان398.
جنادة بن كعب بن الحرث
الأنصاريّ
التحق جنادة ومعه زوجته
وابنه بالإمام الحسين
عليه السلام في مكّة
وجاءوا برفقته إلى كربلاء،
وفي يوم عاشوراء قتل ستّة
عشر رجلاً من الأعداء في
الحملة الأولى ثمّ استشهد399
(رضوان الله عليه).
وقيل: إنّه لمّا برز إلى
العدوّ ارتجز هذه الأبيات:
أَنَا جُنَادَةٌ أَنَا
ابْنُ الحَارِثِ
لسْتُ بِخَوَّارٍ
وَلا بِنَاكِثِ
عَنْ بَيْعَتِي حَتَّى
يَقُومَ وَارِثِي
مِنْ فَوْقِ شِلْوٍ
فِي الصَّعِيدِ ماكِثِ400
جندب بن حجير الكنديّ
401
كان جندب من وجوه الشيعة
ومن أصحاب أمير المؤمنين
عليه السلام، ترك الكوفة
قاصداً نحو الإمام الحسين
عليه السلام للالتحاق به
فلاقاه في الطريق والتحق
به قبل وصول الحرّ بن
يزيد وجاء معه إلى كربلاء،
وذكر أنّه من أوائل الذين
قاتلوا القوم ثمّ استشهد
402(رضوان الله عليه)، ورد
اسمه في زيارتي الناحية
والرجبيّة403.
جون بن حويّالموالي
جوين بن مالك التيميّالملتحقون
حارث بن امرئ القيس
الكنديّالملتحقون
حارث بن نبهانالصحابة
الحبّاب بن عامر التميميّ
كان الحبّاب من شيعة
الكوفة وممّن بايع مسلم
بن عقيل فيها، وبعد
استشهاد مسلم
سفير الإمام عليه السلام
التحق بركب سيّد الشهداء
وجاء مع القافلة إلى
كربلاء واستشهد في يوم
عاشوراء404. وكان الحبّاب من
الشهداء في الحملة الأولى405.
حبشيّ بن قيس النهميّ
من أحفاد سلمة بن طريف
أحد صحابة النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم،
التحق حبشيّ بالإمام
الحسين عليه السلام في
كربلاء قبل المعركة
واستشهد406 بين يدي الإمام
عليه السلام.
حبيب بن مظاهر
الصحابة
الحجّاج بن بدر التميميّ
السعديّ407
وهو من شيعة البصرة،
وعندما كتب الإمام الحسين
عليه السلام إلى أشراف
أهل البصرة يدعوهم إلى
نصرته والالتحاق به، كتب
إليه يزيد بن مسعود
بالجواب408 وأرسله مع
الحجّاج الذي كان يتأهّب
للالتحاق بالإمام عليه
السلام ليوصله إليه، ووصل
الحجّاج إلى كربلاء وسلّم
الرسالة وبقي إلى جانب
أبي عبد الله عليه السلام.
وفي يوم عاشوراء برز إلى
الأعداء وقاتل حتّى نال
فيض الشهادة409.
الحجّاج بن مسروق المذحجيّ
الجعفيّ
كان الحجّاج من شيعة
الكوفة، وصحب أمير
المؤمنين عليه السلام
ولمّا خرج الحسين عليه
السلام إلى مكّة خرج
الحجّاج أيضاً من الكوفة
متّجهاً نحو مكّة للقاء
الإمام عليه السلام فصحبه
وكان مؤذّناً له410.
ولمّا وصلوا إلى منزل بني
مقاتل رأوا خيمة عبيد
الله بن الحرّ الجعفيّ
فأرسل الإمام إليه
الحجّاج وابن عمّه يزيد
بن مغفل الجعفيّ فأتيا
الحرّ يدعوانه إلى نصرة
الإمام
الحسين عليه السلام
لكنّه أبى عليهما ذلك411.
ولمّا كان اليوم العاشر
من المحرّم تقدّم الحجّاج
بن مسروق الجعفيّ إلى
الإمام الحسين عليه
السلام واستأذنه في
القتال فأذن له، فبرز إلى
العدوّ يقاتلهم وهو يرتجز
أبياتاً من الشعر، ثمّ
عاد إلى الإمام أبي عبد
الله عليه السلام غارقاً
بدمائه فأنشده:
فَدَتْكَ نَفْسِي
هَادِياً مَهْدِيَّ
اليَوْمَ أَلْقَى
جَدَّكَ النَّبِيَّا
ثُمَّ أَبَاكَ ذَا
النَّدَى عَلِيَّا
ذَاكَ الَّذِي
نَعْرِفُهُ الوَصِيَّا
فقال له الحسين عليه
السلام: "نعم وأنا
ألقاهما على إثرك".
ثمّ رجع الحجّاج مجدّداً
إلى الميدان وقاتل حتّى
استشهد412، وورد اسمه في
زيارتي الناحية والرجبيّة413.
حجير بن جندب بن حجير
الكنديّ
جاء برفقة أبيه جندب إلى
محضر الإمام الحسين عليه
السلام وفي يوم عاشوراء
استشهد وكان من أوائل
الشهداء414.
الحرّ بن يزيد الرياحيّالملتحقون
الحرث بن نبهانالموالي
الحلّاس بن عمرو الراسبيّ
الأزديّالملتحقون
حنظلة بن أسعد الشباميّالسفراء
رافع بن عبد اللهالموالي
زاهر بن عمرو الكنديّ
كان زاهر415 بطلاً مجرّباً
وشجاعاً مشهوراً ومحبّاً
لأهل البيت معروفاً.
وكان صاحب عمرو بن الحمق
أحد أصحاب416 أمير المؤمنين
عليه السلام المعروفين
والبارزين، وعندما خرج
عمرو بن الحمق على زياد
تابعه زاهر في أفعاله
وأقواله فخرج معه، ولمّا
طلب معاوية عمرواً طلب
معه زاهراً فقتل عمرواً
وأفلت زاهر فنجا بنفسه،
وحجّ زاهر في سنة ستين
للهجرة فالتقى مع الحسين
عليه السلام.
فصحبه وحضر معه إلى
كربلاء،417 وفي يوم عاشوراء
استشهد في أثناء الحملة
الأولى418.
زهير بن سليم الأزديّالملتحقون
زهير بن القين البجليّالملتحقون
زياد بن عريب الهمدانيّ
الصائديّ
كان عريب من صحابة النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم،
واشتهر زياد بكنية أبي
عمرة وكان شجاعاً ناسكاً
معروفاً بالعبادة حضر إلى
كربلاء وبقي مع الحسين
عليه السلام، وفي اليوم
العاشر من محرّم برز إلى
الأعداء فقاتل قتالاً
شديداً419 واعترضه عامر بن
نهشل فقتله واحتزّ رأسه420.
سالم بن عمرو الموالي
سالم مولى عامر بن
مسلمالموالي
سعد بن الحرث الأنصاريّ
العجلانيّالملتحقون
سعد بن الحرث
الموالي
سعد (سعيد) مولى عمرو بن
خالدالموالي
سعيد بن عبد الله الحنفيّّ
أحد الشخصيّات البارزة
والمعروفة من شيعة الكوفة،
كان شجاعاً عابداً، حمل
سعيد الرسالة الثالثة من
كبار421 أهل الكوفة الذين
دعَوا الحسين عليه السلام
فأوصلها إليه في مكّة ومن
ثمّ أخذ جوابها ورجع إلى
الكوفة. ومن بعد هذا
الجواب قام الإمام عليه
السلام بإرسال مسلم بن
عقيل إلى الكوفة422.
ومع مجيء مسلم إلى
الكوفة كان سعيد أحد
الذين وضعوا أنفسهم في
خدمته وأعلمه بأنّه حاضرٌ
لأن يقدّم نفسه في سبيل
نصرة الحسين عليه السلام،
واختاره مسلم لإيصال
رسالته إلى الإمام عليه
السلام فبعثه إليه. ومن
ثمّ بقي سعيد مع أبي عبد
الله عليه السلام وحضر
معه إلى كربلاء، وفي ليلة
العاشر من المحرّم لمّا
جمع الحسين عليه السلام
أصحابه وأحلّهم من بيعته
وطلب منهم الرجوع إلى
أهليهم تكلّم جمع من بني
هاشم والأصحاب ومن ثمّ
تكلّم سعيد أيضاً، وممّا
قاله للإمام عليه السلام:
"لا والله يا ابن رسول
الله لا نخلّيك أبداً
حتّى يعلم الله أنّا قد
حفظنا فيك وصيّة رسوله
محمّد صلى الله عليه وآله
وسلم، ولو علمت أنّي أقتل
فيك ثمّ أحيا ثمّ أذرى
يفعل ذلك بي سبعين مرّة
ما فارقتك حتّى ألقى
حمامي دونك، وكيف لا أفعل
ذلك؟ وإنّما هي قتلة
واحدة ثمّ أنال الكرامة
التي لا انقضاء لها أبداً"423.
وفي ظهر يوم عاشوراء
تقدّم الإمام الحسين عليه
السلام لإقامة الصلاة
فصلّى بأصحابه صلاة الخوف،
فوصل إلى الإمام الحسين
عليه السلام سهم فتقدّم
سعيد بن عبد الله الحنفيّ
ووقف يقيه بنفسه وجعلها
درعاً للإمام عليه السلام
فرماه القوم بسهامهم من
كلّ جانب يمنة ويسرة،
وكان يستقبل السهام في
وجهه وصدره ويديه ومقادم
بدنه لئلّا تصيب الحسين
عليه السلام حتّى سقط إلى
الأرض424.
وعلى حدِّ قول ابن طاوس
فإنّ ثلاثة عشر سهماً
أصابت جسد سعيد سوى ضربات
السيوف والرماح425.
وعندما خرّ سعيد بن عبد
الله صريعاً كان يقول:
"أللهم العنهم لعن عاد
وثمود، أللهم أبلغ نبيّك
عنّي السلام..."
ثمّ التفت إلى الحسين
عليه السلام فقال: أوفيت
يا ابن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم فجاء
الإمام ووقف عند رأسه
وقال: "نعم أنت أمامي في
الجنّة"، ثمّ فاضت نفسه
واستشهد426 (رضوان الله عليه).
وقد ورد اسمه في زيارتي
الناحية والرجبيّة427.
سلمان بن مضارب البجليّ
كان سلمان ابن عمّ زهير
بن القين وحجّ معه سنة
ستّين للهجرة وفي أثناء
عودتهما التحقا بالإمام
428عليه السلام واستشهد
سلمان بعد صلاة الظهر من
يوم عاشوراء429.
سليمان بن رزينالسفراء
سوار بن منعمالجرحى
سويد بن عمرو الخثعميّ
الجرحى
سيف بن الحارث بن سريع الشباب
سيف بن مالك العبديّ
البصريّ
كان سيف من شيعة البصرة
وممّن يختلف من الشيعة في
دار مارية، خرج مع يزيد
بن ثبيط وجمع من
البصريّين وتوجّهوا نحو
مكّة فالتحقوا بالإمام
الحسين عليه السلام وفي
يوم عاشوراء وبعد صلاة
الظهر برز سيف إلى
الأعداء وبعد قتال شديد
استشهد430 (رضوان الله عليه).
وورد اسمه أيضاً في
زيارتي الناحية والرجبيّة431.
شبيب بن عبد الله النهشليّ
اعتبر من جملة أصحاب
432الإمام الحسين عليه
السلام. حضر معه إلى
كربلاء واستشهد433 معه (رضوان
الله عليه).
شبيبالموالي
شوذب بن عبد الله
الموالي
ضرغامة بن مالك التغلبيّالملتحقون
عائذ بن مجمع بن عبد الله
العائذيّ
جاء برفقة أبيه مجمع حيث
التحقا بالإمام الحسين
عليه السلام، وقد أراد
الحرّ القبض عليهما ولكن
الإمام عليه السلام تدخّل
ومنعه من ذلك وحماهما.
وبرز عائذ في يوم عاشوراء
مع أبيه نحو الأعداء
واستشهدا معاً في مكان
واحد434.
عابس بن أبي شبيب
الشاكريّّ
كان عابس من رجال الشيعة
رئيساً شجاعاً خطيباً
ناسكاً متهجّداً435.
وعندما قدم مسلم بن عقيل
إلى الكوفة أعلن عابس له
عهد الوفاء وخاطب مسلم
قائلاً له: "أمّا بعد
فإنّي لا أخبرك عن الناس،
ولا أعلم ما في أنفسهم
وما أغرّك منهم ولكن
والله أخبرك بما أنا
موطّن نفسي عليه، والله
لأجيبنّكم إذا دعوتم
لأقاتلنّ معكم عدوّكم
ولأضربنّ بسيفي دونكم
حتّى ألقى الله لا أريد
بذلك إلّا ما عند الله"436.
وبعد أحداث الكوفة
المؤسفة التحق عابس بسيّد
الشهداء عليه السلام وفي
يوم عاشوراء وبعد استشهاد
غلامه شوذب تقدّم نحو
الإمام عليه السلام وقال
له: "يا أبا عبد الله،
أما والله ما أمسى على
ظهر الأرض قريبٌ ولا بعيدٌ
أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ
منك، ولو قدرت على أن
أدفع عنك الضيم والقتل
بشيء أعزّ عليّ من نفسي
ودمي لفعلته. السلام عليك
يا أبا عبد الله أشهد
أنّي على هداك وهدى أبيك".
ثمّ مشى بالسيف مصلتاً
نحو القوم وكان شجاعاً
إلى الحدّ الذي لم يجرؤ
أحدٌ من القوم أن يبرز
إليه ليقاتله وجهاً لوجه
فنادى عمر بن سعد: ويلكم
أرضخوه بالحجارة، فرمي
بالحجارة من كلّ جانب
فلمّا رأى ذلك ألقى درعه
وخوذته خلفه وبرز بقميصه
نحو جيش ابن سعد ثمّ
استشهد
437(رضوان الله عليه).
وقد سلّم الإمام الحجّة (عجّل
الله فرجه) عليه في
زيارتي الناحية والرجبيّة438.
عامر بن مسلم العبديّ
البصريّ
كان عامر من الشيعة في
البصرة خرج هو وغلامه
سالم مع يزيد بن ثبيط
وجماعة من البصريّين إلى
مكّة والتحقوا بالإمام
الحسين عليه السلام،
وقاتل عامر439 في كربلاء بين
يدي الإمام عليه السلام
واستشهد في الحملة الأولى440،
سُلم عليه في زيارتي
الناحية والرجبيّة441.
عبّاد بن المهاجر بن
أبي المهاجر الجهنيّ
كان عبّاد مقيماً في
منازل جهينة من توابع
المدينة، ولمّا عبر
الحسين عليه السلام من
ذلك المكان تبع الإمام
عليه السلام والتحق به،
وفي كربلاء برز إلى
الأعداء ثمّ استشهد442 (رضوان
الله عليه).
عبد الأعلى بن يزيد
الكلبيّ
كان فارساً شجاعاً من
الشيعة كوفيّاً، خرج مع
مسلم بن عقيل فيمن خرج
فلمّا تخاذل الناس عن
مسلم قبض عليه كثير بن
شهاب وسلّمه إلى ابن زياد.
وبعد استشهاد مسلم أمر
ابن زياد بإحضاره ثمّ أمر
بإخراجه إلى جبّانة
السبيع وقطع رأسه فاستشهد
هناك رحمه الله443.
عبد الرحمن بن عبد
الله الأرحبيّ
أحد الشخصيّات البارزة
والمعروفة، كان مقداماً
جسوراً، رافق قيس بن
مسهّر الصيداويّ في
الذهاب إلى مكّة في ضمن
الوفد الثاني بالنيابة عن
أهل الكوفة حيث حمل ثلاثة
وخمسين رسالة444 من كبار
زعماء قبائلها لإيصالها445
إلى الإمام الحسين عليه
السلام، ودخل عبد الرحمن
إلى مكّة في الثاني عشر
من شهر رمضان وتوجّه
للقاء الإمام عليه السلام،
ولمّا وجّه الإمام عليه
السلام مسلم بن عقيل إلى
الكوفة سرّح معه عبد
الرحمن وآخرين من رسل
الكوفة، وبعد الأحداث
المريرة التي وقعت فيها
رجع عبد الرحمن إلى
الإمام عليه السلام وصار
من جملة أصحابه.
وفي اليوم العاشر من
المحرّم استأذن الإمام
عليه السلام في النزول
إلى الميدان فأذن له
فتقدّم نحو الأعداء
يضربهم بسيفه ويرتجز
الشعر، وقاتل حتّى استشهد446،
وورد السلام عليه في
زيارتي الناحية والرجبيّة447.
عبد الرحمن بن عبد ربّ
الأنصاريّ الصحابة
عبد الرحمن بن عروة
الغفاريّ
هو ابن عروة448 بن حراق،
وكان جدّه حراق من أصحاب449
أمير المؤمنين عليه
السلام.
وجاء عبد الرحمن ومعه
أخوه عبد الله وكانا من
أشراف أهل الكوفة
ووجهائها إلى كربلاء
وصحبا الإمام الحسين عليه
السلام، وفي يوم عاشوراء
تقدّم عبد الرحمن مع أخيه
لمّا رأيا تسابق الأصحاب
للقتال والنزول إلى
الميدان، تقدّما إلى
الإمام الحسين عليه
السلام وقالا له:"يا
أبا عبد الله السلام عليك،
حازنا العدوّ إليك
فأحببنا أن نقتل بين يديك
نمنعك وندفع عنك".
فقال الإمام عليه السلام:
"مرحباً بكما، أُدنوا
منّي"، فدنوا منه
وجعلا يقاتلان بقربه،
وكان عبد الرحمن يرتجز
ويقول:
قَدْ عَلِمَتْ حَقّاً
بَنُو غَفَّارِ
وَخِنْدَفٍ بَعْدَ
بَنِي نِزَارِ
لأَضْرِبَنَّ مَعْشَرَ
الأَشْرِارِ
بِالمَشْرِفِيِّ
الصَّارِمِ البَتَّارِ450
وقاتل عبد الرحمن وأخوه
بحضور الإمام عليه السلام
قتالاً شديداً حتّى
استشهدا451، وورد اسم عبد
الرحمن في زيارتي الناحية
والرجبيّة452.
عبد الرحمن بن مسعود
بن الحجّاجالملتحقون
عبد الله بن بشر الخثعميّ
الملتحقون
عبد الله بن عروة الغفاريّ
جاء عبد الله برفقة أخيه
عبد الرحمن إلى كربلاء
وصحبا الحسين عليه السلام،
وفي يوم
عاشوراء وبعد الاستئذان
من الإمام عليه السلام
قاتلا معاً ومن ثمّ
استشهدا معاً453، ورد اسم
عبد الله في زيارتي
الناحية والرجبيّة454.
عبد الله بن عمير
الكلبيّ
كان رجلاً أسمر (آدم)
طويل القامة شديد
الساعدين بعيد ما بين
المنكبين.
وكان عبد الله مشهوراً
بالبطولة والشجاعة والشرف،
نزل الكوفة وسكن بها،
ولمّا رأى القوم في
النخيلة يتجهّزون
للالتحاق بالإمام أبي عبد
الله عليه السلام وعرف
بأمرهم قال: "والله لقد
كنت على جهاد أهل الشرك
حريصاً وإنّي لأرجو ألّا
يكون جهاد هؤلاء الذين
يغزون ابن بنت نبيّهم
أيسر ثواباً عند الله من
ثوابه إيّاي في جهاد
المشركين".
ودخل إلى امرأته وأخبرها
بما سمع وأعلمها بما يريد
فقالت له: أصبت أصاب الله
بك أرشد أمورك افعل
وأخرجني معك، قيل: فخرج
من الكوفة ليلاً وأخرج
معه زوجته أمّ وهب حتّى
أتيا إلى الحسين عليه
السلام، وفي يوم عاشوراء
لمّا رمى ابن سعد أوّل
السهام مبتدئاً القتال
خرج اثنان من جيش الأعداء
يطلبان مبارزة الأقران
لهما، فوثب حبيب وبرير
إلّا أنّ الإمام الحسين
عليه السلام قال لهما:
"اجلسا"، فقام عبد
الله بن عمير من مكانه
واستأذن الإمام عليه
السلام في الخروج إليهما
فلمّا رأى قامته الطويلة
قال: "إنّي أحسبه
للأقران قتّالاً"،
فأذن له وتوجّه ابن عمير
نحو الرجلين وقتلهما بعد
أن قطعت أصابع يده اليسرى.
ومن ثمّ رجع نحو الحسين
عليه السلام، وظلّ يقاتل
عبد الله في ميسرة الإمام
عليه السلام إلى أن
استشهد455 على يدي هانئ بنت
ثبيت الحضرميّ وبكير بن
حيّ التميميّ، ورد السلام
عليه في زيارتي الناحية
والرجبيّة456.
عبد الله بن يزيد
العبديّ البصريّ
جاء برفقة أبيه وأخيه
عبيد الله من البصرة إلى
مكّة والتحق بالإمام عليه
السلام وفي كربلاء استشهد
في الحملة الأولى457.
عبد الله بن يقطرالسفراء
عبيد الله بن يزيد العبديّ
البصريّ
جاء برفقة أبيه يزيد بن
ثبيط وأخيه عبد الله من
البصرة إلى مكّة والتحق
بالإمام الحسين عليه
السلام، وفي يوم عاشوراء
استشهد في الحملة الأولى458.
عقبة بن سمعانالموالي
عقبة بن الصلت الجهنيّ
كان عقبة من أهالي جهينة،
ولمّا عبر الحسين عليه
السلام من تلك المنطقة
صحب الإمام عليه السلام
وجاء معه إلى كربلاء
واستشهد في يوم عاشوراء459.
عمّار بن حسّان الطائيّ
كان عمّار من الشيعة
المخلصين في الولاء ومن
الشجعان المعروفين وكان
أبوه حسّان بن شريح من
أصحاب أمير المؤمنين عليه
السلام واستشهد معه في
معركة صفّين.
وكان عمّار قد صحب الإمام
الحسين عليه السلام من
مكّة، وقاتل في يوم
عاشوراء بين يدي الإمام
حتّى استشهد460.
وذكر أنّه من شهداء
الحملة الأولى461، ورد
السلام على هذا الشهيد
الهمام في زيارتي الناحية
والرجبيّة462.
عمّار بن أبي سلامة
الدالانيّ
الصحابة
عمارة بن صلخب الأزديّ
كان عمارة بن صلخب من
شيعة الكوفة وعند خروج
مسلم بن عقيل في الكوفة
بايعه وخرج معه وقبض عليه
محمّد بن الأشعث463، وبعد
استشهاد مسلم أمر ابن
زياد بأن يؤخذ إلى قومه
ويضرب عنقه464. فانطلقوا به
إلى الأزد وضربت عنقه.
عمرو بن جنادة الأنصاريّ
الخزرجيّ
الأطفال والشباب
عمرو بن خالد الأسديّ
الصيداويّ
كان عمرو شريفاً في
الكوفة ومن الشخصيّات
المعروفة فيها وكان
شيعيّاً مخلص الولاء لأهل
البيت عليهم السلام، قام
مع مسلم بن عقيل حتّى إذا
خانته أهل الكوفة لم يسعه
إلّا الاختفاء، ولمّا سمع
بقتل قيس بن مسهّر وأنّه
أخبر أنّ الحسين عليه
السلام قد بدأ تحرّكه،
سار إليه مع جماعة من
الشيعة ومعه غلامه وكان
دليلهم الطرماح بن عديّ
الطائيّ فالتحقوا به في
منزل عذيب الهجانات.
ولمّا رآهم الحرّ أراد
القبض عليهم إلّا أنّه
جوبه برفض الإمام عليه
السلام الشديد وتأكيده في
الدفاع عنهم، فكفّ عنهم
الحرّ. وفي يوم عاشوراء
حمل وجماعته على القوم
فحاصروهم فهبّ إليهم أبو
الفضل العبّاس فاستخلصهم،
وفي منتصف الطريق عاود
العدوّ هجومه عليهم فشدّ
عمرو وأصحابه عليهم
وقاتلوا قتالاً شديداً
حتّى استشهدوا جميعاً،465 ورد اسم عمرو في زيارتي
الناحية والرجبيّة466.
عمرو بن ضبعة الضبعيّ الملتحقون
عمرو بن قرضة الأنصاريّالسفراء
عمرو
بن عبد الله الجندعيّالجرحى
قارب بن عبد الله الدؤليّ الموالي
قاسط بن زهير التغلبيّ
أحد أصحاب أمير المؤمنين
عليه السلام، شارك مع
الإمام عليه السلام أثناء
خلافته في حروبه لا سيّما
صفّين، وعُدّ من أصحاب
الإمام الحسن عليه السلام
أيضاً، وأقام في الكوفة،
ومع ورود الإمام أبي عبد
الله عليه السلام إلى
كربلاء خرج إليه مع أخويه
مقسط وكردوس فجاؤوه ليلاً،
وفي يوم عاشوراء برز قاسط
إلى الأعداء وقاتل حتّى
استشهد467. وذكر قاسط بن
زهير في جملة شهداء
الحملة الأولى468، وورد
السلام عليه في زيارة
الناحية469.
قاسم بن حبيب الأزديّالملتحقون
قعنب بن عمرو النمريّ
كان قعنب من شيعة البصرة،
جاء مع الحجّاج السعديّ
إلى كربلاء وانضمّ إلى
الحسين عليه السلام وقاتل
في يوم عاشوراء بين يديه
حتّى استشهد470، ورد السلام
عليه في زيارة الناحية471.
قيس بن مسهّر الصيداويّالسفراء
كردوس بن زهير التغلبيّ
كان من أصحاب أمير
المؤمنين عليه السلام،
شارك مع الإمام عليه
السلام أثناء خلافته في
حروبه لا سيّما صفّين،
وعدّ كردوس من أصحاب
الإمام الحسن عليه السلام
وأقام في الكوفة، ومع
ورود الإمام الحسين عليه
السلام إلى كربلاء ترك
كردوس وأخواه مقسط وقاسط
الكوفة
ليلاً وتوجّهوا نحو
الحسين عليه السلام في
كربلاء وفي يوم عاشوراء
برزوا نحو الأعداء
وقاتلوا حتّى استشهدوا472.
ذكر كردوس في جملة شهداء
الحملة الأولى473، ورد
السلام عليه في زيارتي
الناحية والرجبيّة474.
كنانة بن عتيق التغلبيّ
ذكر كنانة في جملة أصحاب475
الإمام الحسين عليه
السلام، وكان شجاعاً من
شجعان الكوفة وعابداً من
عبّادها وزاهداً وقارئاً
للقرآن جاء إلى الحسين
عليه السلام في كربلاء
واستشهد476 بين يديه. اعتبر
بعضهم بأنّه استشهد في
الحملة الأولى477، وذكر
آخرون بأنّه قتل ما بين
الحملة الأولى والظهر478 بعد
أن قاتل قتالاً شديداً
ورد اسمه في زيارتي
الناحية والرجبيّة479.
مالك بن عبد الله بن سريعالشباب
مجمع بن زياد بن عمرو
الجهنيّ
كان مجمع بن زياد في
منازل جهينة حول المدينة،
ومع عبور قافلة الحسين
عليه السلام في منطقتهم
تبعه مجمع مع جماعة من
الجهنيّين والتحق بالإمام
عليه السلام، ولمّا انفضّ
الأعراب من حوله أقام معه
في كربلاء واستشهد في يوم
عاشوراء480.
مجمع بن عبد الله العائذيّ
أبوه عبد الله من صحابة
النبيّ محمّد صلى الله
عليه وآله وسلم وكان مجمع
من أصحاب أمير المؤمنين
عليه السلام، والتحق
بالإضافة إلى ابنه عائذ
وعمرو بن خالد بالإمام
الحسين عليه السلام،
ولمّا أراد الحرّ إلقاء
القبض عليهم تدخّل الإمام
عليه السلام ومنعه من ذلك
وقام بحمايتهم واستخبر
الإمام عليه السلام من
مجمع عن أحوال أهل الكوفة
فقال له مجمع: "أمّا
أشراف الناس فقد عظمت
رشوتهم ومُلئت غرائزهم
يستمال بذلك ودّهم
وتستخلص به نصيحتهم، فهم
ألب واحدٍ عليك، وأمّا
سائر الناس بعد فإنّ
أفئدتهم تهوي إليك
وسيوفهم غداً مشهورة عليك".
وسأله الإمام عليه السلام
عن رسوله قيس بن مسهّر
فأخبره مجمع بأنّ الحصين
بن تميم قد ألقى القبض
عليه.
وبرز مجمع مع جماعته في
يوم عاشوراء نحو الأعداء
واستشهدوا جميعاً في مكان
واحد481، ذكر اسم هذا الشهيد
في زيارتي الناحية
والرجبيّة482.
مسعود بن الحجّاج
التيميّالملتحقون
مسلم بن عوسجة الأسديّ
الصحابة
مسلم (أسلم) بن كثير
الأزديّ
كان تابعيّاً كوفيّاً،
صحب أمير المؤمنين عليه
السلام وأصيبت رجله في
بعض حروبه.
وانطلق ابن كثير الأزديّ
من الكوفة قاصداً
الالتحاق بالإمام الحسين
عليه السلام فوافاه قريباً
من كربلاء والتحق به483.
وذكر المؤرّخون بأنّه من
شهداء الحملة الأولى484.
ورد اسمه في زيارة
الناحية تحت عنوان "أسلم
بن كثير" وفي الزيارة
الرجبيّة ورد ذكره باسم
"سليمان بن كثير"
والمقصود منهما هو نفس
مسلم هذا485.
مقسط بن زهير التغلبيّ
أحد أصحاب أمير المؤمنين
عليه السلام، شارك معه في
حروبه أيّام خلافته ولا
سيّما في معركة صفّين،
وعدّ أيضاً من جملة أصحاب
الإمام الحسن عليه السلام،
كان مقيماً في الكوفة،
ومع ورود الإمام الحسين
عليه السلام إلى كربلاء،
جاء مقسط مع أخويه
الآخرين كردوس وقاسط من
الكوفة ليلاً والتحقوا
بالإمام الحسين عليه
السلام في كربلاء، وفي
يوم عاشوراء برزوا نحو
الأعداء وقاتلوا حتّى
استشهدوا جميعاً486. اعتبر
مقسط من جملة شهداء
الحملة الأولى487.
منجح بن سهم (مولى
الحسن)الموالي
الموقع بن ثمامة الأسديّ
الصيداويّالجرحى
نافع بن هلال الجمليّ الأسرى
نصر بن أبي نيزر الموالي
نعمان بن عمرو الأزديّ
الراسبيّ الملتحقون
نعيم بن العجلان الخزرجيّ
من شجعان أهل الكوفة
وشعرائها، وكان من صحابة
أمير المؤمنين عليه
السلام وقاتل بين يديه في
صفّين488، ولمّا ورد الحسين
عليه السلام إلى العراق
خرج نعيم إليه وصار معه،
ولمّا كان اليوم العاشر
من المحرّم تقدّم إلى
القتال واستشهد في الحملة
الأولى489، ورد السلام عليه
في زيارتي الناحية
والرجبيّة490.
واضح التركيّالموالي
وهب بن وهب
الأسرى
هانئ بن عروة المراديّالصحابة
الهفهاف بن مهنّد الراسبيّ
البصريّ
من شيعة البصرة الشجعان
ومن فرسانها، وأحد أصحاب
أمير المؤمنين عليه
السلام، شارك معه في
حروبه، خرج من البصرة
ملتحقاً بالإمام الحسين
عليه السلام فوصل كربلاء
عصر اليوم العاشر وعندما
سأل جندَ ابن سعد عن
الخبر وأين الإمام الحسين
عليه السلام، فقالوا له
من أنت؟ فقال: أنا
الهفهاف جئت لنصرة الحسين
عليه السلام، فقالوا له:
قد قتلنا الحسين عليه
السلام وأصحابه وأنصاره
وكلّ من لحق به وانضمّ
إليه... وأما ترى هجوم
القوم على المخيّم وسلبهم
بنات رسول الله وإحراق
الخيام... فلمّا سمع
الهفهاف مقالتهم انتضى
سيفه وشدّ عليهم يضربهم
بسيفه فقتل منهم مقتلة
عظيمة وأثخن بالجراح،
فصاح عمر بن سعد أن
احملوا عليه من كلّ جانب
فحاصروه حتّى استشهد491.
يزيد بن ثبيط العبديّ
البصريّ
492
كان يزيد من شيعة البصرة
وكبير قومه، من أصحاب أبي
الأسود الدؤليّ وكان ابن
ثبيط هذا يتردّد إلى دار
مارية حيث كان مركزاً
لاجتماعات الشيعة في
البصرة يتحدّثون فيه،
وعندما اطلع بشكل دقيق
على أحداث تحرّك الإمام
الحسين عليه السلام صمّم
على الالتحاق به وأخبر
بذلك أبناءه العشرة
ودعاهم إلى الخروج معه،
فأجابه إلى دعوته ولداه
عبد الله وعبيد الله، ثمّ
إنّ يزيد بن ثبيط قام في
بيت مارية بدعوة الشيعة
إلى الخروج معه أيضاً
إلّا أنّهم تعلّلوا له
بالخوف من أصحاب ابن زياد
ولم يجيبوه على دعوته.
ثمّ خرج ومعه ابناه ومولى
له ومعه اثنان آخران هما:
سيف بن مالك والأدهم
تاركاً
البصرة وقاصداً نحو مكّة
سالكاً طريق الصحراء
القاحلة والموحشة، حتّى
وصل إلى أرض الوحي وانتهى
إلى الإمام الحسين عليه
السلام وهو بالأبطح
فاستراح يزيد بن ثبيط في
رحله، ثمّ خرج إلى منزل
الإمام الحسين عليه
السلام، وبلغ الحسين عليه
السلام مجيئه فجعل يطلبه
حتّى جاء إلى رحله فقيل
له: قد خرج إلى منزلك،
فجلس الحسين عليه السلام
في رحل يزيد بن ثبيط
ينتظره، وأقبل يزيد لمّا
لم يجد الحسين عليه
السلام في منزله وسمع
أنّه ذهب إليه راجعاً على
أثره، فلمّا رأى الحسين
عليه السلام في رحله أعرب
عن فرحه وسروره بذكر هذه
الآية:
﴿قُلْ
بِفَضْلِ اللهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَلْيَفْرَحُواْ﴾493.
ثمّ سلّم عليه وجلس إلى
جانبه وأخبره بما جرى معه
وبالذي جاء له، فدعا له
الحسين عليه السلام بخير،
ثمّ ضمّ يزيد رحله إلى
رحل الإمام عليه السلام
وتوجّه معه إلى كربلاء،
وفي يوم عاشوراء وبعد
مبارزة الأقران وجهاً
لوجه استشهد494 (رضوان الله
عليه).
يزيد بن زياد بن مهاجر
الكنديّالملتحقون
يزيد بن مغفل الجعفيّ
كان يزيد بن مغفل أحد
الشجعان من الشيعة
والشعراء المجيدين، وعُرف
بأنّه من أصحاب الإمام
عليّ عليه السلام، حارب
معه في صفّين، وبعثه في
حرب "الخريت" الذي
كان من الخوارج495.
وقد رافق الإمام الحسين
عليه السلام منذ خروجه من
مكّة وبقي معه، وفي منزل
بني مقاتل أرسله الإمام
عليه السلام مع ابن عمّه
الحجّاج بن مسروق الجعفيّ
إلى خيمة عبيد الله بن
الحرّ لابلاغه دعوة
الإمام عليه السلام
للالتحاق به فلم يقبل ابن
الحرّ بذلك496.
ومع شروع القتال في اليوم
العاشر طلب يزيد بن مغفل
الإذن من الإمام أبي عبد
الله عليه السلام للنزول
إلى الميدان وقتال
الأعداء فبرز إليهم وهو
يرتجز الشعر، فقاتل قتالاً
عظيماً حتّى استشهد497.
تذكير
ورد في بعض المتون
التاريخيّة أسماء بعض
الأفراد والشخصيّات على
أنّها من شهداء كربلاء
وأغلب تلك الأسماء غير
مشهورة ولا معروفة498.
وسوف نذكر في هذا المجال
فقط أسماء هؤلاء الأشخاص:
إبراهيم بن الحصين الأسديّ499،
أبو الهياج500، أنيس بن معقل501،
بدر بن رقيط502، جابر بن
عروة الغفاريّ503، جبلة بن
عبد الله504، جعبة بن قيس بن
مسلمة505.
حماد بن حماد الخزاعيّ،
حنظلة بن عمرو الشيبانيّ506،
الحنوف بن الحارث507، حيّان
بن الحارث السلمانيّ
الأزديّ508، خالد بن عمرو بن
خالد الأزديّ509، دارم بن
عبد الله الصائديّ510، ربيعة
بن خوط511، رميث بن عمرو512،
زائدة بن مهاجر513.
زهير بن بشر الخثعميّ514،
زهير بن سائب515، زهير بن
سلمان516، زيد بن معقل517، سعد
بن حنظلة بن التميميّ518،
سليمان بن ربيعة519، سليمان
بن سليمان الأزديّ520،
سليمان بن عون الحضرميّ،521
سويد مولى شاكر522، شبيب بن
جراد الكلابيّ523، ضياب بن
عامر524، عامر بن جليدة525،
عامر بن حسّان526، عامر بن
مالك527.
عبد الرحمن بن عبد الله
اليزنيّ528، عبد الرحمن بن
يزيد529، عبد الله بن عمرو
بن عيّاش بن قيس530، عبد
الله بن قيس531، عبيد الله
بن قيس532، عثمان بن فروة533،
عمران ابن كعب534، عمر بن
كناد535، عمرو بن مطالع
الجعفيّ536، عمير بن عبد
الله
المذحجيّ537، غيلان بن عبد
الرحمن538، قاسم بن بشر539.
قيس بن عبد الله الهمدانيّ540،
كثير بن عبد الله541، مالك
بن دودان542، مسلم بن كناد543،
منيع بن زياد544، هلال بن
الحجّاج545، همام بن سلمة
القانصيّ546، يحيى بن سليم
المازنيّ547، يحيى بن هانئ
بن عروة548، يزيد بن الحصين
الهمدانيّ المشرقيّ549،
ويزيد بن عبد الله550.
|