بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي منّ علينا
بنعمة الولاية لنبيه وآل
نبيه صلوات الله عليهم،
فجعلهم الشموس الطالعة،
والأنجم الزاهرة، وأعلام
الدّين وقواعد العلم،
صالحاً بعد صالح، وصادقاً
بعد صادق، وسبيلاً بعد
سبيل.
والحمد لله الذي منّ
علينا من بينهم بسفينة
النجاة، ومصباح الهدى،
الإمام الحسين بن علي
عليه السلام الذي أُمرنا
بإحياء ذكره وإقامة أمره
تعظيماً لحقه.
وبعد، تعدّ حركة الإمام
الحسين عليه السلام نهضة
في تاريخ الإنسانية ومحطة
من محطات الصراع بين الحق
والباطل، وهي حركة متصلة
اتصالاً وثيقاً بأعظم
الرسالات السماوية على
الاطلاق، نعني رسالة
النبي الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم، بما
تمثّله من معارف وشرائع
وأحكام ومفاهيم... ومن
هنا قال النبي صلى الله
عليه وآله وسلم : حسينٌ
منّي وأنا من حسين أحبّ
الله من أحبّ حسيناً،
وليس في وسع أيّ كاتب أو
باحث غضّ الطرف عنها أو
تجاوزها.
ولذلك انكبّ الباحثون على
سيرته عليه السلام دراسة
وتحليلاً وبحثاً وتحقيقاً
وعرضاً وتأليفاً منذ يوم
شهادته وحتّى يومنا
هذا...
وقد احتلت سيرته عليه
السلام وشهادته يوم الطف
حيّزاً هاماً وكبيراً في
التاريخ، وأخذت أشكالاً
مختلفة من الاهتمام،
تمثَّل أحدها بالمجلس
الحسيني الذي يعدّ من أهم
الشعائر التي لا يزال
إحياؤها قائماً منذ قرون
مديدة...
فإحدى وظائف الخطيب
والقارئ الحسيني هي تعريف
الناس بمفاهيم عاشوراء
وتاريخ كربلاء، والتذكير
بمحطاتها المضيئة في حياة
الإنسانية، فلا محيص إذن
عن الرجوع إلى التاريخ،
للاطلاع على ما جرى وحصل
في تلك الواقعة للقيام
بهذه المهمة...
ولذلك فقد قام معهد سيد
الشهداء عليه السلام
بإعداد هذا الكتاب كمادة
لتاريخ النهضة الحسينية،
ليدخل في سلسلة الكتب
المعتمدة في دورات تعليم
العزاء الذي يقوم به
المعهد بين الفينة
والأخرى...
ونحن لا ندّعي أنّنا
أحصينا كل ما جرى وقمنا
بتحليله وتبيينه، فإنّ
كربلاء وسيرتها أعلى
شأناً وأرفع مقاماً من أن
يشرحها قلم كاتب، أو يخط
حروفها بنان رسّام،
ولكنّها إطلالة عامة
ورشحات من ذاك المعين
الذي لا ينضب... ليغوص
بعد ذلك عاشق الحسين عليه
السلام في بحر لا نهاية
له من مفاهيم العزّة
والكرامة والتضحية
والإباء...
فقد عرضنا لسيرة الإمام
الحسين عليه السلام
بالقدر الذي تسمح به
الغاية من تأليفه. بدءً
بإرهاصات النهضة
الحسينية، وأسبابها التي
سبقتها، مروراً بأحداثها
ومجرياتها، وانتهاءً بركب
السبايا، ورجوعهم إلى
المدينة المنورة على
ساكنها وآله آلاف التحية
والسلام...
فنسأله تعالى أن يجعل هذا
الكتاب نافعاً ومفيداً
والمأمول من العلماء
الأفاضل خُدّام المنبر
الحسيني أن يتحفونا
بملاحظاتهم وانتقاداتهم
البنّاءة، عسى أن يأخذ
هذا الكتاب مكانه المناسب
بين الكتب الحسينية..
إنّه نعم المولى ونعم
النصير...
معهد سيد الشهداء للمنبر
الحسيني |