تمهيد
المسجد أهم مكان للتبليغ
حيث كان له مكانة خاصة
منذ بداية الإسلام حتى
الآن. وتحدثت الآيات
والروايات الكثيرة حول
المسجد حيث ينبغي على
المبلغين مطالعتها وعرضها
على أذهان الناس ليبينوا
لهم أهمية المسجد
وليتعرفوا على تكليفهم
ودورهم فيما يتعلق
بالمسجد فيبادروا إلى
أداء ذاك التكليف.
وللتعرف على أهمية وقداسة
المسجد نشير إلى النقاط
الآتية:
1- الحرب للحفاظ على
المسجد
يؤكد القرآن الكريم على
عظمة المسجد وأماكن
العبادة الأخرى. يقول
الله تعالى:
﴿وَلَوْلَا
دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ
بَعْضَهُم بِبَعْضٍ
لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ
وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ
وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ
فِيهَا اسْمُ اللَّهِ
كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ
اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ
عَزِيزٌ﴾1.
2- السماح للمؤمنين
بعمارة المسجد
للمسجد موقع رفيع لذلك
اعتبر القرآن الكريم أن
عمارة المسجد حق للمؤمنين
الذين يحملون صفات خاصة:
﴿إِنَّمَا
يَعْمُرُ مَسَاجِدَ
اللّهِ مَنْ آمَنَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَأَقَامَ
الصَّلاَةَ وَآتَى
الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ
إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى
أُوْلَئِكَ أَن
يَكُونُواْ مِنَ
الْمُهْتَدِينَ﴾2.
يقول العلامة الطباطبائي
في ذيل الآية
المتقدمة:إنشاء الحق
والجواز في صورة الأخبار
دون الأخبار، وهو ظاهر.
وقد اشترط سبحانه في ثبوت
حق العمارة وجوازها أن
يتصف العامر بالإيمان
بالله واليوم الآخر قبال
ما نفى عن المشركين أن
يكون لهم ذلك ولم يقنع
بالإيمان بالله وحده لأن
المشركين يذعنون به تعالى
بل شفع ذلك بالإيمان
باليوم الآخر لأن
المشركين ما كانوا مؤمنين
به، وبذلك يختص حق
العمارة وجوازها بأهل
الدين السماوي من
المؤمنين.
3 - عمران المشركين
للمسجد
المسجد ليس مكاناً يحق
لأي شخص مهما كان يمتلك
من عقيدة أن يبادر إلى
عمارته، وفي هذا الأمر
دلالة على أهمية هذا
المكان المقدس.
جاء في القرآن الكريم:
﴿مَا
كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ
أَن يَعْمُرُواْ
مَسَاجِدَ الله
شَاهِدِينَ عَلَى
أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ
أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ وَفِي
النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾3.
4- احترام المسجد
اهتمت المعارف الإسلامية
بمسألة احترام المسجد
وأوصت بالامتناع عن بعض
الأعمال داخله أمثال
البصاق، إخراج السيف من
غمده، دخول الجنب
والحائض... ويمكن الرجوع
إلى كتاب وسائل الشيعة،
المجلد3، ص 477 - وما
بعدها للاطلاع على
الروايات التي تدور حول
الموضوع.
جاء في إحدى الروايات: عن
جعفر عن أبيه عن علي عليه
السلام قال: "من
وقَّرَ مسجداً لقي الله
يوم يلقاه ضاحكاً
مستبشراً وأعطاه كتابه
بيمينه"4.
المسجد مركز النشاطات
الدينية
كان المسجد في زمان
الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم والأئمة
المعصومين عليهم السلام
مركز كافة النشاطات
الإسلامية، بدءً من إقامة
صلاة الجماعة، تعليم
القرآن، نشر المعارف و...
فكم هو جميل أن تعود
النشاطات الدينية اليوم
إلى المسجد.
إذا تم استعمال
الموازنات التي تصرف على
بناء مراكز تعليم القرآن
على عمارة المساجد،
فسنكون بالتأكيد أقرب إلى
سيرة المعصومين عليهم
السلام وبهذا النحو يمكن
إحياء المسجد:
يقول الرسول الأكرم صلى
الله عليه وآله وسلم: "ما
جلس قوم في مجلس من مساجد
الله تعالى يتلون كتاب
الله ويتدارسونه بينهم
إلا تنزلت عليهم السكينة
وغشيتهم الرحمة وذكرهم
الله فيمن عنده"5.
ويفهم من العديد من
الروايات أن المسجد
وبالإضافة إلى كونه محلاً
للعبادة، هو مركز لتعليم
معارف ومفاهيم القرآن ومن
هنا ينبغي الاهتمام ببناء
المساجد لتكون المكان
الأساس لتعليم هذه
الأمور.
إدارة المسجد
بناءً على أهمية المسجد
ومحوريته في نمو الثقافة
الدينية عند الناس وتأثير
ذلك على التوجهات
السياسية في المجتمع
وبالتالي على شكل
الحكومة، فمن الضروري
الاهتمام بإدارة هذا
الموقع إدارة صحيحة
ودقيقة وهذا يتطلب الدقة
في اختيار خادمي المساجد.
ينبغي على المبلغين وأئمة
الجماعات الاستفادة من
المساجد واعتبارها فرصة
للتبليغ وذلك بالتأكيد
على إدارة المسجد بشكل
صحيح مما يؤدي إلى
التأثير على المخاطبين.
وهذا يتطلب وجود القوى
الإنسانية الفعالة التي
يقع على عاتقها إدارة
المسجد.
1 - هيئة الأمناء:
يجب العمل لاختيار هيئة
أمناء للمسجد يتمتع
أفرادها بالخصائص الآتية:
أ ـ يواظبون على
ارتياد المسجد: فالذي
لا يشارك في نشاطات
المسجد وفي الصلاة التي
تقام فيه، لا يمكنه أن
يكون مديراً مناسباً له.
ب ـ التقوى: يجب
أن يكون أعضاء هيئة
الأمناء، معروفين بين
الناس بالتقوى، فالكثير
من الناس يهربون من
المسجد بسبب وجود أشخاص
غير صالحين.
ج ـ الأهلية الفكرية ـ
الثقافية: يجب أن
يكون أعضاء هيئة الأمناء
من المثقفين ليتمكنوا من
إدراك أهمية العمل
الثقافي بالنسبة للأجيال
المختلفة. وإذا لم يكن
ممكناً أن يكون كافة
الأعضاء مثقفين فلا بد أن
يكون بعضهم كذلك.
د ـ السوابق الدينية ـ
الثورية: أعضاء هيئة
الأمناء يجب أن يكون لهم
سوابق غير محصورة بالبعد
العبادي فقط بل تتعداه
إلى الجوانب الثورية
والاجتماعية.
هـ ـ من الخيرين:
من المناسب أن يكون أعضاء
هيئة الأمناء من
المعروفين بين الناس
بأعمال الخير ومن
المتقدمين على الجميع في
بذل المال والإنفاق.
2 - خادم المسجد:
خدم المسجد من جملة
الأفراد المؤثرين على
ازدهار ورونق المسجد. مما
يؤسف له أن العديد من
خدمة المساجد من الأشخاص
السيئي الأخلاق وقليلي
الصبر والعجزة و...
ويحتاج الاصلاح إلى اتباع
الأساليب التالية:
أ- توضيح قيمة الخدمة
في المسجد
إن توضيح موقع خدمة
المسجد للناس وتعريفهم
بأهمية وموقع الخادم،
يدفع
القوى
الثقافية نحو هذا الأمر
الخطير والحساس ويرغبهم
فيه ويقلل من المشاكل
التي قد تنشأ. ولو
وضَّحنا للناس أن إبراهيم
وإسماعيل كانا يتوليان
نظافة المسجد الحرام،
لتمكنّا بذلك من إحياء
مسألة خدمة المسجد.
جاء في القرآن الكريم:
﴿و
وَعَهِدْنَا إِلَى
إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ أَن
طَهِّرَا بَيْتِيَ
لِلطَّائِفِينَ
وَالْعَاكِفِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾6.
ب - الخدمة الفخرية
يمكن العمل على تقسيم
العمل بين الراغبين بحيث
يتولى هؤلاء الأشخاص خدمة
المسجد. فتقسم الأوقات
على المتبرعين وبذلك
يشارك الجميع في الخدمة
مما يشجع على هذا العمل.
ج - برنامج النظافة
أيام الخميس
من جملة التجارب التي ثبت
نجاحها، نظافة المسجد
أيام الخميس. ويؤدي هذا
الأمر إلى مشاركة
الراغبين ويحل مشكلة
الخدمة في المسجد. نُقل
عن الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم: "من كنس
المسجد يوم الخميس ليلة
الجمعة فأخرج منه من
التراب ما يذر في العين
غفر الله له"7.
محمد حسن نبوي
|