تُعتبر الاستفادة
من مناهج وأساليب
التربية الصحيحة
من الأصول
والمبادىء
المهمّة التي يجب
أن يهتمّ بها
جميع المشتغلين
بالمسائل
التربوية، وذلك
لأنّ:
عالم اليوم هو
عالم استعمال
المناهج
والأساليب، وقبل
الشروع بالبحث
يجب الإشارة إلى
مسألتين
مهمَّتين:
1- حاولنا في هذا
المقال استخراج
المناهج التربوية
من التعاليم
الدينية والأفكار
المتعالية.
2- تعرّضنا
للجوانب النظريّة
في الموضوع رعاية
للاختصار مع
أنّنا نولي
أهميّة كبيرة
للجوانب العملية،
وعلى هذا الأساس
اعتمدنا الإجمال
وابتعدنا قدر
المستطاع عن
التفصيل.
أمّا بعض أساليب
التربية الدينية
فهي عبارة عن:1
1- التقليديّ.
2- التلقينيّ.
3- التدريجيّ.
4- غير المباشر.
5- الاقتداء.
6- العمليّ.
1- أسلوب التربية
التقليديّ
التقليد أربعة
أنواع:
أ - التقليد
الواعي والمفيد
(كالتقليد في
الأمور
الإيجابيّة).
ب - التقليد
الواعي المضرّ
(التقليد في
الأمور
السلبيّة).
ج - التقليد غير
الواعي المفيد
(تقليد الطفل عند
تعلّم الكلام).
د - التقليد غير
الواعي المضرّ
(تقليد الطفل عند
تعلم الكلام
البذيء).
النوعان الأوّل
والثاني هما
الاقتداء
الإيجابيّ
والسلبيّ
بالآخرين حيث
سنتعرض لذلك عند
الحديث عن أسلوب
الاقتداء.
وأشار القرآن
الكريم إلى النوع
الرابع من
التقليد عندما
تحدّث حول
الكفار:
﴿وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ
اتَّبِعُوا مَا
أَنزَلَ اللّهُ
قَالُواْ بَلْ
نَتَّبِعُ مَا
أَلْفَيْنَا
عَلَيْهِ
آبَاءنَا
أَوَلَوْ كَانَ
آبَاؤُهُمْ لاَ
يَعْقِلُونَ
شَيْئاً وَلاَ
يَهْتَدُونَ﴾2.
وعلى هذا الأساس
فالتقليد الأعمى
مذموم. وبما أنّ
التقليد هو عمل
كثير الحصول
بالأخصّ في
السنين الأولى
للحياة لذلك يجب
أن نلتفت إلى
أقوالنا وسلوكنا.
مثال ذلك: أحد
أساتذة الرياضة
كان يضع رباطاً
على ركبته بسبب
ألمٍ أَلَمِّ به،
وبعد عدّة جلسات
وجد أنّ أغلب
الطلاب قد وضعوا
رباطاً على
ركبهم. وهذا يعني
أنّ سلوك
الأساتذة
والمربّين مؤثّرٌ
في مستوى تقليد
الآخرين، حتّى
وإن كان غير
إراديّ.
2- أسلوب التربية
التلقينيّ
التلقين
الإيجابيّ هو أحد
الأساليب التي
يمكن الاعتماد
عليها في
التربية.
والتلقين وسيلة
لمعالجة بعض
الأمراض
كالاضطراب واليأس
والوسواس.
يقول الإمام أمير
المؤمنين عليه
السلام: "إن
لم تكن حليماً
فتحلّم فإنه قلّ
من تشبّه بقوم
إلّا أوشك أن
يكون منهم"3.
ويقول الإمام
الخمينيّ
قدس سره:
"التلقين واحد من
الأمور المفيدة
للإنسان..
والمطلب الذي يجب
أن يؤثّر في نفس
الإنسان، فإنه
يقوم بدورٍ مهمّ
عن طريق التلقين
والتكرار"4.
ومن هنا إذا تمّت
الاستفادة من
الأسلوب التلقيني
بشكل إيجابي
فسيترك آثاراً
مهمّة ومطلوبة،
ألم نسمع عبارات
كثيرة يخاطبون
بها التلميذ الذي
حصل على علامة
متدنّية يقولون
له: ألم أقل لك
إنك تلميذ فاشل؟!
والعكس صحيح.
3- أسلوب التربية
التدريجي
يقول الطبيب
النفسيّ:
"الجاذبيَّة في
التعليم والتربية
قبل الصناعة".
وجذب الآخرين
يحتاج في الغالب
إلى أرضيّة
مناسبة. والأسلوب
التدريجيّ في
التعليم والتربية
من اللوازم
المهمّة لتهيئة
الأرضيّة
المباشرة للتعليم
والتربية. ونحن
نعلم أنّ آيات
القرآن الكريم قد
نزلت في مدّة 23
سنة. وبشكل
تدريجيّ على
الرسول الأكرمصلى
الله عليه وآله
وسلم (سورة
الإسراء، الآية:
106)، ونزلت
الأحكام
التدريجيّة
كالصيام والزكاة
والجهاد في مدّة
15 سنة، ونزل
التحريم
التدريجيّ للربا
في الآيات 39 من
سورة الروم و161
من سورة النساء
و130 من سورة آل
عمران و275 إلى
279 من سورة
البقرة. ونزل
التحريم التدريجي
للمشروبات
الكحوليّة في
الآيات 219 من
سورة البقرة و43
من سورة النساء
و90 و91 من سورة
المائدة. وهذا
يؤكّد أهميّة
الأسلوب
التدريجيّ في
المسائل التربوية
والتعليمية.
تجدر الإشارة
إلى:
أ- أنّ الاهتمام
بالأسلوب
التدريجيّ في
التعليم والتربية
لا يعني إمكان
اللجوء إلى
المسائل
والاستدلالات
الخاطئة عند
تعليم المبتدئين.
ب- لا ينحصر
استعمال الأسلوب
التدريجيّ في
التعليم والتربية
في دائرة
الاستدلالات
والبراهين، بل
يمكن اللجوء إليه
في أنواع المطالب
والأعمال أيضاً.
ج- يجب الالتفات
في عملية التعليم
والتربية إلى
المستوى العلميّ
والقدرات الذهنية
والشروط العمرية
والعلمية
والثقافية
والاقتصادية
والاجتماعية لدى
المتعلّمين, لأنه
لا يمكن إعطاء
دواء واحد لمرضى
كثر يعانون من
أمراض مختلفة.
ومن هنا نفهم ما
كان يقوم به
الأئمّة
المعصومون عليهم
السلام عندما كان
يوجّه إليهم سؤال
واحد من جهات
مختلفة فيجيبون
إجابات متعدّدة.
4- أسلوب التربية
غير المباشر
تقسم أساليب
التربية المطلوبة
إلى قسمين:
المباشرة وغير
المباشرة.
ويستعمل كلّ واحد
منهما بناءً على
الظروف الزمانية
والمكانية
المحيطة
بالمتعلّمين. وقد
اعتمد القرآن
الكريم
الأسلوبين، فخاطب
البعض بشكل
مباشر:
﴿قُلْ
يَا أَيُّهَا
الْكَافِرُونَ﴾،
﴿يَا
أَيُّهَا
النَّاسُ﴾،
و﴿يَا
أَيُّهَا
الَّذِينَ
آمَنُواْ﴾
واستعمل في مكان
آخر الأسلوب غير
المباشر:
﴿وَإِذْ
قَالَ اللّهُ يَا
عِيسَى ابْنَ
مَرْيَمَ أَأَنتَ
قُلتَ لِلنَّاسِ
اتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ
إِلَهَيْنِ مِن
دُونِ اللّهِ﴾5.
هنا نرى أن الله
تعالى يخاطب
النبيّ عيسى بن
مريم
عليه السلام
مباشرة ولكنّه
يخاطب أتباعه
بشكل غير مباشر،
حيث أراد القول
إنّ اعتقاد البعض
بألوهيّة عيسى هو
اعتقاد باطل.
ولعلّ أبرز مصداق
للأسلوب المباشر
ما قام به
الإمامان الحسن
والحسين
عليهما
السلام عندما
أرادا تعليم
الرجل الكبير
كيفية الوضوء
الصحيح.
تذكير
أ- أهمّ مصاديق
الأسلوب غير
المباشر عبارة عن
الشعر، القصة،
الرواية، الحديث
عن حياة الآخرين،
الفيلم،
المسرحيّة
وأمثالها.
ب- تبقى النتيجة
في الأسلوب غير
المباشر على عهدة
المخاطبين
والمتعلّمين.
ج- يتمكّن
المربّون والآباء
والأمّهات من
اعتماد الأسلوب
غير المباشر في
المسائل التربوية
بوساطة أشخاص
آخرين، وليس من
خلال أنفسهم.
5- أسلوب
الاقتداء
يتّصف الإنسان
بأنه يبحث عن
الفضيلة والكمال.
لذلك يسعى كلّما
وجد فضيلة
وكمالاً في
شخصيّة ما
(دينية، سياسية،
اجتماعية،
فنية..) إلى
اتباعها
والاقتداء بها.
وهنا من المهمّ
أن يقوم المربون
والآباء
والأمّهات بتوجيه
أبنائهم لتمييز
الفضائل من
غيرها، ليتمكّنوا
بذلك من الاقتداء
بالفضائل،
وبالتالي
الابتعاد عن
الرذائل.
وتحدّث القرآن
الكريم حول أسلوب
الاقتداء مشيراً
إلى بعض الشخصيات
التي تشكّل نماذج
مهمّة للاقتداء
أمثال: الرسول
الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم
(سورة الأحزاب،
الآية: 21)
والنبي إبراهيم
عليه السلام
(سورة الممتحنة،
الآية: 4) وامرأة
فرعون (سورة
التحريم، الآية:
11).
وتحدّث القرآن
الكريم عن
شخصيّات تمثل
نماذج سيّئة لا
ينبغي الاقتداء
بها كامرأة نوح
وامرأة لوط (سورة
التحريم، الآية:
10).
يقول الإمام صاحب
العصر والزمان
عجل الله تعالى
فرجه الشريف:
"وفي ابنة رسول
الله صلى الله
عليه وآله وسلم
لي أسوة حسنة"6.
تذكير
أ- يتمكّن جميع
المربّين
(بالمعنى العامّ)
ومن خلال ما
يتّصفون به من
أعمال وسلوكيّات
حسنة من أن
يكونوا قدوة
للمتعلّمين.
ب- إذا كانت
احتياجات
واستعدادات
المتعلّمين
متعدّدة، فعلى
الأساتذة
والمربّين تقديم
نماذج مناسبة في
أبعاد متعددة
لتكون مصاديق
للاقتداء.
ج- يجب أن يمتنع
الأساتذة
والمعلّمون عن
تقديم النماذج
التي تحمل
التعارض حيث قد
يؤدّي الأمر إلى
إنكار أصل
الاقتداء. هذا
يُلحق ضرراً
كبيراً
بالمتعلّمين.
6- أسلوب التربية
العمليّ
أشرنا في أسلوب
الاقتداء إلى أنّ
الأسلوب العمليّ
هو الأسلوب
الأهمّ في
التربية. وما
يؤسف له أننا لا
نولي هذا الأسلوب
الأهمية
المطلوبة.
جاء في القرآن
الكريم قول الله
تعالى:
﴿أَتَأْمُرُونَ
النَّاسَ
بِالْبِرِّ
وَتَنسَوْنَ
أَنفُسَكُمْ﴾