مقدمة
تشير التعاليم الإلهية إلى أنّ رسالة أنبياء الله وخلافائهم الوحيدة هي هداية الناس
نحو الخالق. يخاطب الله تعالى نبيه:
﴿وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾1. ويقول الرسول الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم: "رحم الله خلفائي، فقيل يا رسول الله من خلفاؤك؟ قال: "الذين يحيون
سنتي ويعلّمونها عباد الله"2.
أمّا الإمام الصادق عليه السلام صاحب مقام الإمامة وشأن الهداية فهو يعتبر أنّ هذا
الشأن هو لعلماء الدين. يقول الإمام عليه السلام: "الراوية لحديثنا يَشُدُّ به قلوب
شيعتنا أفضل من ألف عابدٍ"3. من هنا من المناسب الإطلالة على أسلوب الهداية عند
الإمام الصادق عليه السلام، هذا الأسلوب الذي يتناسب مع أساليب القرآن الكريم في
الهداية وهذا ما قام الإمام عليه السلام بتبليغه للمسلمين.
لا يخفى أنّ أساليب الإمام في الهداية والتبليغ والتي تأتي في إطار وظائف وشأن
الإمامة، قد تركت آثاراً عميقة على مجتمع ذاك الزمان. وإذا كانت الإمكانيات
العسكرية غير متوفرة لأحداث انقلاب، إلا أنّ النشاطات التبليغية،
وبرامج الهداية
عند الإمام عليه السلام قد زلزلت أركان الحكم وجعلتهم يعيشون حالة الخوف على
حكومتهم.
واجه الخليفة آنذاك (المنصور) حركة الإمام حتى إنه يقول: "وكان أمده وإن كان ممن لا
يخرج بسيف أغلظ عندي وأهم عَلَيَّ من أمر عبد الله ابن الحسن فقد كنت أعلم هذا منه
ومن آبائه على عهد بني أمية"4.
أساليب الإمام الصادق عليه السلام في الهداية
1- الاستفادة من التنظيم والانسجام والتربية والتخصّص.
شجّع الإمام عليه السلام المؤمنين على التبليغ بشكل جماعي. يقول الإمام عليه
السلام: "رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذكّرا أمرنا"5.
حاول الإمام تعميق الانسجام من خلال التنظيم الفكري لمدرسته، تربية الطلبة ودفعهم
نحو التخصص في فروع خاصة، التعريف بالخط الشيعي، إيجاد التنظيم ذي الهوية الشيعية
و... وهناك العديد من النماذج على ذلك حيث نقرأ ما جاء على لسان هشام بن الحكم:
كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن
فأذن له، فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله عليه السلام بالجلوس. ثم قال له: ما
حاجتك أيها الرجل؟ قال بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لأناظرك. فقال أبو
عبد الله عليه السلام فيمَ ذا؟ قال: في القرآن وقطعه وإسكانه وخفضه ونصبه ورفعه.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمران دونك الرجل.
فقال الرجل: إنما أريدك أنت لا حمران فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن غلبت حمران
فقد غلبتني فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر وملّ وعرض وحمران
يجيبه، فقال أبو عبد
الله عليه السلام: كيف رأيت يا شامي؟! قال: رأيته حاذقاً ما سألته عن شيء إلا
أجابني فيه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمران سل الشامي، فما تركه يكشر
فقال الشامي: أرأيت يا أبا عبد الله أناظرك في العربية فالتفت أبو عبد الله عليه
السلام فقال: يا أبان بن تغلب ناظره فناظره فما ترك الشامي يكشر، قال: أريد أن
أناظرك في الفقه فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا زرارة ناظره فما ترك الشامي
يكشر قال: أريد أن أناظرك في الكلام، فقال: يا مؤمن الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام
بينهما، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به.
فقال: أريد أن أناظرك في الاستطاعة فقال للطيار: كلمه فيها قال: فكلمه فما ترك
يكشر، فقال أريد أن أناظرك في التوحيد فقال لهشام بن سالم: كلمه فسجل الكلام بينهما
ثم خصمه هشام، فقال أريد أن أتكلم في الإمامة فقال: لهشام بن الحكم كلمه يا أبا
الحكم فكلمه ما تركه يرتم ولا يحلي ولا يمر، قال: فبقي يضحك أبو عبد الله عليه
السلام حتى بدت نواجذه6.
تشير هذه الحادثة إلى حالة الانسجام والعمل الجماعي الذي كان يهتم به الإمام الصادق
عليه السلام:
2- ذكر الآثار والنتائج
من جملة الأساليب الأخرى التي استفاد منها الإمام الصادق عليه السلام في مسيرة
الهداية، ذكر الآثار والنتائج الإيجابية والسلبية للأعمال والنعم و... ويُشاهد هذا
الأسلوب بوضوح في سيرة وكلام الإمام الصادق عليه السلام من جملة ذلك ما جاء في
وصيته لابن جندب يقول: "يا ابن جندب لو أن شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة
ولأظلهم الغمام ولأشرقوا نهاراً ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم وما سألوا الله
شيئاً إلا أعطاهم"7.
ويوضح الإمام عليه السلام آثار "الإحسان إلى المؤمن" و"أداء الصلاة" والآثار
السلبية لترك ذلك "يا ابن جندب إن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه ومصائده،
قلت يا بن رسول الله وما هي؟ قال أما مصائده فصدٌّ عن برّ الإخوان وأما شباكه فنوم
عن قضاء الصلوات التي فرضها الله. أما أنه ما يعبد الله بمثل نقل الاقدام إلى برّ
الإخوان وزيارتهم. ويل للساهين عن الصلوات، النائمين في الخلوات، المستهزئين بالله
وآياته في الفترات
﴿أُوْلَئِكَ
لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ
إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾8
.9
ويذكر الإمام عليه السلام بأثر ترك الدنيا ويقول: "إن أحببت أن تجاور الجليل في
داره وتسكن الفردوس في جواره فلتهن مليك الدنيا واجعل الموت نصب عينك ولا تدخر
شيئاً لغدٍ واعلم أنّ لك ما قدّمت وعليك ما أخّرت"10.
3- تحريك العواطف الإنسانية
تروى بعض القصص الجميلة عن الإمام الصادق عليه السلام والتي استفاد فيها من أسلوب
تحريك العواطف: "عن الشقراني مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خرج العطاء
أيام أبي جعفر وما لي شفيع، فبقيت على الباب متحيراً، وإذا أنا بجعفر الصادق عليه
السلام فقمت إليه فقلت له: جعلني الله فداك أنا مولاك الشقراني فرحب بي وذكرت له
حاجتي فنزل ودخل وخرج وأعطاني من كمه فصبه في كمي ثم قال: يا شقراني إن الحسن من كل
أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا، وإن القبيح من كل أحد قبيح وإنه منك أقبح. وعظه
على جهة التعريض لأنه كان يشرب"11.
حاول الإمام عليه السلام في مكان آخر إظهار عمق الكراهية للتعاون مع بني العباس،
وقد منع أحد الأشخاص الشيعة من التعاون معهم، لذلك قال: "ما أُحب أني عقدت لهم عقدة
أو وكيت لهم وكاءً وإن لي ما بين لا تبيها، لا ولا مدة بقلم إن أعوان الظلمة يوم
القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد"12.
4- إيقاظ الوجدان
تشير التعاليم الإلهية إلى أنّ الإنسان قد ينسى الحقائق في الظاهر إلا أنه لا
ينساها في باطنه على الإطلاق لذلك يمكن إيصاله إلى النجاة من خلال مخاطبة فطرته
وباطنه.
يقول الله تعالى:
﴿وَلَئِن
سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾13. ويقول أيضاً:
﴿وَلَئِن
سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن
بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾14. إن هذا الأسلوب يُشاهد بشكل كامل في سيرة الإمام الصادق عليه
السلام، حيث يريد الإمام من المخاطب أن يجعل نفسه في موقع الفرض المطلوب ليرى ماذا
تحدثه فطرته وماذا تريد منه.
جاء رجل إلى الإمام الصادق عليه السلام وطلب منه أن يعرفه الله بعد أن غلبه
المجادلون. قال الإمام عليه السلام: "يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال نعم. قال:
فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: هل تعلق قلبك هنالك
أن شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم. قال: فذلك الشيء هو
الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي وعلى الإغاثة حيث لا مغيث"15.
5- تقديم النموذج والقدوة
تحدث القرآن الكريم مرَّتين حول إبراهيم عليه السلام بعنوان كونه قدوة، وأشار إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كونه قدوة أيضاً:
﴿لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾16.
وتحدث عن امرأة فرعون أيضاً باعتبارها قدوة:
﴿وَضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ﴾17. وإلى ما هناك
وذلك ليتمكن مخاطبو الكلام الإلهي من التعرف إلى النموذج والقدوة المطلوبة وليفهموا
كيف يجب أن يكون ما يريده الله تعالى في عالم الواقع والخارج. يتحدث الإمام الصادق
عليه السلام عن مجموعة من العناوين باعتبارها قدوة من جملة ذلك القرآن الكريم، رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام علي عليه السلام، والشيعة الحقيقيون. يقول
الإمام عليه السلام على سبيل المثال: "عليكم بالقرآن، فما وجدتم آية نجا بها من
كان قبلكم فاعملوا به وما وجدتموه هلك من كان قبلكم فاجتنبوه"18،
"الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة"19.
يتحدث الإمام عليه السلام في كلام آخر حول سرّ بقاء وخلود وميثاقية القرآن الكريم
إلى يوم القيامة ويقول: "لأن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس
دون ناسٍ فهو في كل زمان جديد وعند كل قوم غضّ إلى يوم القيامة"20.
وأشار الإمام الصادق عليه السلام إلى القدوة التي يمثلها رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يقول: عن أبي هارون مولي آل جعدة قال: "كنت جليساً لأبي عبد الله عليه
السلام بالمدينة ففقدني أياماً، ثم إني جئت إليه فقال: فقال لي: لم أرك منذ أيام يا
أبا هارون،
فقلت: ولد لي غلام، فقال: بارك الله لك فيه فما سميته؟ قلت: سميته
محمداً، فأقبل بخده نحو الأرض وهو يقول: محمد محمد محمد، حتى كاد يلصق خده بالأرض،
ثم قال: بنفسي وبولدي وبأمي وبأبوي وبأهل الأرض كلهم جميعاً الفداء لرسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم، لا تسبه ولا تضربه ولا تُسِئْ إليه، واعلم أنه ليس في الأرض
دار فيها اسم محمد إلا وهي تقدس كل يوم"21.
6- التشبيه والتمثيل وجعل المعقول محسوساً
من جملة الأساليب المفيدة في الهداية، الاستفادة من التشبيه والتمثيل، لأنّ الناس
يدركون الأمور المحسوسة بسهولة بوساطة حواسّهم الظاهرة، وذلك خلافاً للمسائل
العقلية التي تحتاج إلى جهد فكري وإدراك عقلي. من هنا نرى أنّ الله تعالى قد استفاد
من المَثَل في آيات متعددة حيث يقول:
﴿وَيَضْرِبُ
اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾22،
﴿وَلَقَدْ
ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾23.
بناءً على الأمثلة القرآنية يمكن تشبيه "وجود الله" بـ
﴿نُّورٌ﴾24، و"بطلان العطاء
المترافق بالمنّة" بـ "البذر المزروع على الصخر"25 وكذلك
"العطاء والانفاق" بـ
"سبعمائة حبة قمح تخرج من حبة واحدة"26. وقد استعان الإمام الصادق عليه
السلام مراراً بهذا الأسلوب، نشير إلى نماذج من ذلك:
أ ـ التشبيه لإثبات الصانع للبشر
جرى حوار بين الإمام عليه السلام وابن أبي العوجاء: فقال له: "أمصنوع أنت أو غير
مصنوع؟ فقال عبد الكريم بن أبي العوجاء: بل أنا غير مصنوع فقال له الإمام عليه
السلام:
فصف لي لو كنت مصنوعاً كيف كنت تكون؟ فبقي عبد الكريم ملياً لا يحير جواباً
وولع بخشبة كانت بين يديه وهو يقول طويل عريض عميق قصير متحرك ساكن كل ذلك صفة
خلقه، فقال له العالم: فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعاً لما
تجد في نفسك مما يحدث من هذه الأمور، فقال له عبد الكريم: سألتني عن مسألة لم
يسألني عنها أحد قبلك ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها، فقال أبو عبد الله عليه
السلام: هبك علمت أنك لم تسأل فيما مضى فما علمك أنك لا تسأل فيما بعد، على أنك يا
عبد الكريم نقضت قولك لأنك تزعم أن الأشياء من الأول سواء فكيف قدمت وأخرت، ثم قال:
يا عبد الكريم أزيدك وضوحاً أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر فقال لك قائل: هل في
الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس، فقال لك صف لي الدينار وكنت غير عالم
بصفته هل كان لك أن تنفي كون الدينار عن الكيس وأنت لا تعلم؟ قال: لا، فقال: أبو
عبد الله عليه السلام فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس فلعل في العالم صنعة من
حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة، فانقطع عبد الكريم وأجاب إلى الإسلام بعض
أصحابه وبقي معه بعض"27.
ب ـ التمثيل لجواز اسمين لله تعالى
عن هشام بن الحكم قال: "قال أبو شاكر الديصاني، إنّ في القرآن آية هي قوة لنا. قلت:
وما هي؟ فقال: "وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله" فلم أدر بما أجيبه، فحججت
فخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال: هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه فقل له،
ما اسمك بالكوفة؟ فإنه يقول: فلان، فقل: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان، فقل
كذلك الله ربنا في السماء إله وفي الأرض إله، وفي البحار إله، وفي كل مكان إله.
قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال: هذه نقلت من الحجاز"28.
ج ـ التمثيل لتجديد عذاب الإنسان
عن حفص بن غياث قال: "كنت عند سيد الجعافرة جعفر بن محمد عليه السلام لما أقدمه
المنصور فأتاه ابن أبي العوجاء وكان ملحداً فقال له، ما تقول في هذه الآية: "كلما
نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها" هب هذه الجلود عصت فعذبت فما ذنب الغير؟ قال أبو
عبد الله عليه السلام: ويحك هي هي وهي غيرها، قال: أعقلني هذا القول، فقال له:
أرأيت لو أن رجلاً عمد إلى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبلها ثم ردها إلى
هيئتها الأولى ألم تكن هي هي وهي غيرها؟ فقال: بلى أمتع الله بك"29.
7- البرهان، الجدل، المناظرة
القرآن الكريم مليء بالبرهان والاستدلال، يقول الله تعالى:
﴿قُلْ
هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ﴾30،
﴿ادْعُ
إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾31،
﴿وَجَادِلْهُم
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾32.
وإذا كان الإمام الصادق عليه السلام قد استخدم المناظرة و... فإنه يشير إلى الجدال
بالحسنى ويبين أن المجادلة بالأحسن هي كالمسألة التي وردت في نهاية سورة يس حول
منكري المعاد، عندما جاءوا بالعظام البالية النخرة ليضعوها أمام رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وعندما سألوا عن القادر على إحيائها، قال:
﴿قُلْ
يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾33.
كان للإمام الصادق عليه السلام الكثير من المناظرات العلمية وكان يبتعد عن
المناظرات غير الأصولية لذلك عندما جاء إليه الطيار وهو أحد أصحابه يسأله عن
المناظرة مع المخالفين والمعاندين فأوضح له أنّ المناظرة لا بأس فيها إذا كان فيها
شخص مثلك. فالإمام عليه السلام كان تسرُّه المناظرة مع شخص يتمكن من الهبوط بسلام
عند طيرانه ويمكنه الطيران بشكل صحيح عند هبوطه34.