إنّ الهدف من خلق الإنسان هو الوصول
إلى القرب الإلهي، وأمَّا هذا الهدف فلا يتحقّق من دون التزكية وتهذيب النفس. أشار
الله تعالى في الآيات الأولى من سورة الشمس إلى ضرورة وأهمية تزكية وتهذيب النفس ثم
بَيَّن بعد قسم مكرر وقاطع وتأكيد كبير1
على أن:
﴿قَدْ
أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾2.
ونحن نعلم أنّ القسم في القرآن الكريم كلما كان محكماً قاطعاً، فهو يشكل دليلاً على
أهمية المسألة وكونها مصيرية وأساسية، لذلك كان لتهذيب النفس موقع عالٍ في حياة
الإنسان فإذا أراد الإنسان الفلاح، يجب عليه أن يبادر إلى التزكية وإلا كان محروماً
من السعادة والفلاح.
من جهة أخرى التزكية غير ممكنة من دون أستاذ وبرنامج ووصايا عملية محددة. لذلك كان
وجود هذه الأمور ضرورياً.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "التفتوا، لا تفرقوا بعد خمسين عاماً في جهنم بعد
كد اليمين وعرق الجبين، فكروا في تنظيم برنامج للتهذيب وتزكية النفس وإصلاح
الأخلاق، وعينوا أستاذاً محدداً الأخلاق"3.
يعتبر آية الله القاضي رضوان الله عليه واحداً من كبار علماء الأخلاق حيث تُعَدّ
وصاياه الأخلاقية منارة لدروبنا التي نستفيد منها في الوصول إلى مراحل المعنويات
العالية.
يتحدث الإمام الخميني قدس سره حوله قائلاً: "كان القاضي جبلاً من العظمة ومقام
التوحيد"4.
يقول العلامة الطباطبائي قدس سر ه: "إن كل ما لدينا في هذا الخصوص، هو من
المرحوم القاضي. إن كل ما تعلمناه في حياته واستفدناه من محضره، وأن الطريق الذي
نسير به، كل ذلك من المرحوم القاضي"5.
يقول آية الله السيد هاشم الحداد: "منذ صدر الإسلام وحتى اليوم، لم يأتِ عارف
بجامعية المرحوم القاضي"6.
في هذا المقال تم جمع ثلاث وصايا أخلاقية وعرفانية عن آية الله القاضي، وقد عملنا
في الحاشية على الإشارة إلى شواهد عن أحوال ذاك العارف التقي بما يتناسب مع الفقرات
المختارة من الوصايا.