الهدف:
بيان أنّه من حقيقة
الإيمان الذي ينبغي
التحلّي به التسليم
بالحكمة الإلهيّة والرضا
بقضائه.
تصدير
الموضوع:
"وإنّ في اللهف إلى جودك
والرضا بقضائك عوضاً من
منع الباخلين ومندوحة
عمّا في أيدي المستأثرين".
المدخل
إنّ الرضا بقضاء الله
تعالى على عباده والتسليم
به من أعلى درجات الإيمان
التي تجسّد العبودية
الحقّة واليقين المطلق
بالغيب وبالحكمة التي لا
يعلمها إلّا الله، وبها
وحدها يستغني الإنسان
عمّا في أيدي الناس.
محاور
الموضوع:
معنى الرضا بقضاء الله
وقدره
عن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم سائلاً
جبرائيل عن الله تعالى:"....قلت:
فما تفسير الرضا ؟ قال:
الراضي لا يسخط على سيّده
أصاب من الدنيا أم لم يصب،
ولا يرضى لنفسه باليسير
من العمل"1.
عن الإمام الصادق
عليه السلام:"إنّ أعلم
الناس بالله أرضاهم بقضاء
الله"2.
وعنه عليه السلام:
"إعلموا أنّه لن يؤمن عبد
من عبيده حتى يرضى عن
الله فيما صنع الله إليه
وصنع به على ما أحبّ
وكره"3.
وهذا ما ورد عن الإمام
الباقر عليه السلام في
تفسير قوله تعالى:
﴿فَلاَ
وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ
حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ
فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي
أَنفُسِهِمْ حَرَجًا
مِّمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُواْ
تَسْلِيمًا﴾4."التسليم
والرضا، والقنوع بقضائه"5.
ولا يخفى أنّ هذه الآية
تتحدّث عن ثلاث مراتب
للرضا:
الأولى:
تحكيم الرسول في كلّ نزاع
أو شجار أو خلاف.
الثانية: القبول
بحكمه وعدم الحرج به، أي
خلو النفس من أيّ حكم
مسبق، بل تكون الغاية
معرفة الحكم لتطبيقه فقط.
الثالثة: التسليم
والرضا المطلق بهذا الحكم.
- ومن شواهد التسليم
المطلق والرضا بقضائه ما
ورد في قصّة نبي الله
إبراهيم عليه السلام
وولده النبي اسماعيل عليه
السلام في القرآن الكريم،
حيث نرى التسليم المطلق
والرضا بالأمر الإلهيّ
عند نبي الله إبراهيم
عليه السلام عندما أمره
الله بذبح ولده، وكذلك
التسليم المطلق والرضا
عند نبي الله إسماعيل
عليه السلام بقبوله
امتثال الأمر دون تردّد
أو خوف أو تشكيك، وقد
بيّنها الله تعالى بقوله:
﴿يَا
بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي
الْمَنَامِ أَنِّي
أَذْبَحُكَ فَانظُرْ
مَاذَا تَرَى قَالَ يَا
أَبَتِ افْعَلْ مَا
تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن
شَاء اللَّهُ مِنَ
الصَّابِرِينَ﴾6.
منزلة الرضا
والرضا من أعلى درجات
القرب، فقد ورد عن الإمام
زين العابدين عليه السلام:
"أعلى درجة الزهد أدنى
درجة الورع، وأعلى درجة
الورع أدنى درجة اليقين،
وأعلى درجة اليقين أدنى
درجة الرضا"7.
وعن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "إذا
أحبّ الله عبداً ابتلاه،
فإن صبر اجتباه، وإن رضي
اصطفاه"8.
وممّا جاء في دعاء لقضاء
حوائج الدنيا والآخرة:"اللهم
منّ عليّ بالتوكّل عليك،
والتفويض إليك، والرضا
بقدرك، والتسليم لأمرك،
حتى لا أحبّ تعجيل ما
أخّرت ولا تأخير ما عجّلت
يا أرحم الراحمين "9.
القضاء الإلهيّ بين
الرضا به أو السخط به
عن الإمام الصادق عليه
السلام: "من رضى
القضاء أتى عليه القضاء
وهو مأجور، ومن سخط
القضاء أتى عليه القضاء
وأحبط الله أجره"10.
وعنه عليه السلام: "من
لم يرضَ بما قسم الله
عزّوجلّ إتهم الله في
قضائه"11.
|