المناسبة:
معركة بدر الكبرى.
التاريخ:
السابع عشر من شهر
رمضان المبارك في السنة
الثانية للهجرة.
الهدف
التأكيد على أنّ كثرة
العدد أو قلّته ليست
معياراً في صوابية النهج
أو استنزال النصر.
تصدير الموضوع
قال الله تعالى:
﴿وَلَقَدْ
نَصَرَكُمُ اللّهُ
بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ
أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ
اللّهَ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ﴾1.
المدخل
معركة بدر هي أولى
المعارك التي خاضها
المسلمون ضدّ المشركين
وذلك بعد طول انتظار وصبر
على أذى قريش وطغاتها حتى
جاء الأمر الإلهيّ
بالمواجهة العسكريّة،
واستطاع المسلمون أن
يسجّلوا نصراً ساحقاً
ساهم في وحدتهم وثباتهم
وقوّة كيانهم وفرض هيبتهم
في كلّ شبه الجزيرة
العربيّة.
محاور الموضوع
الغلبة ليست رهن كثرة
العدّة والعتاد
قال تعالى:
﴿كَم
مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً
كَثِيرَةً﴾2.
مقارنة بين العدّة
والعتاد بين جيش المسلمين
وجيش المشركين في معركة
بدر، حيث جيش المسلمين
كان يعد 313 رجلاً بينما
فاق جيش المشركين الألف،
وأمّا في العتاد من جياد
وسيوف ورماح وسوى ذلك فلم
يكن من محالٍ للمقارنة.
وإلى ذلك أشارت الآية ـ
وأنتم أذلّة3
ـ أي قلّة.
مقارنة بين عدّة وعتاد
المقاومة الإسلاميّة في
لبنان وجيش الدفاع
الإسرائيليّ المجهّز
لمواجهة عدّة دول عربيّة
مجتمعة، ومع ذلك استطاعت
المقاومة أن تلحق به أكثر
من هزيمة.
وعن أمير المؤمنين
عليه السلام: "إنّ هذا
الأمر لم يكن نصره ولا
خذلانه بكثرة ولا قلّة"4.
القلّة ليست مؤشراً على
صوابيّة النهج أو عدمها
لطالما نجد الناس
تجتمع حول السائد أو
المشهور أو المتعارف أو
الأقوى وهي تغفل أنّ هذه
الضوابط كلّها لا يمكن أن
تكون معياراً لصوابيّة
النهج وأحقيّته.
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "يا
عمّار...فإن سلك الناس
كلّهم وادياً وعليّ في
وادٍ فاسلك وادي علي"5.
وعنه صلى الله عليه
وآله وسلم: "لا
تستوحشوا طريق الحقّ
لقلّة سالكيه"6.
قال تعالى:
﴿وإن
تطع أكثر من في الارض
يضلوك عن سبيل الله﴾7.
وأكبر شاهد في التاريخ
على أنّ كثرة العدد
والأتباع ليست دليلاً على
صوابيّة النهج وأحقيتّه
ما جرى في كربلاء حيث
واجهت ثلّة قليلة كانت
على الحقّ جحافل الأعداء
المؤلّفة التي اجتمعت على
الباطل.
المعيار في معرفة طريق
الحقّ
يعلّمنا الإسلام أنّ
معرفة طريق الحقّ ينبغي
أن يتمّ عبر التفكير
والتأمل في معالم هذا
الخطّ وبرامجه ومشاريعه
وشعاراته ومصداقيّته
وسلوكه وليس بالنظر إلى
الأفراد والأشخاص
القائمين على هذا الخطّ.
عن أمير المؤمنين
عليه السلام يوم حرب
الجمل رداً على سؤال سائل
كان محتاراً ومشكّكاً بين
جبهة الحقّ وجبهة الباطل
وهو يرى علياً عليه
السلام وصي الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم وابن
عمّه وصهره في جانب،
وعائشة زوجة الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم في
جانب آخر، فقال له:
إنّ الحقّ
والباطل لا يعرفان بأقدار
الرجال، إعرف الحقّ تعرف
أهله، واعرف الباطل تعرف
من أهله8.
|