الإمام علي عليه السلام : في كلمات القائد دام ظله

المناسبة: ولادة الإمام علي عليه السلام

التاريخ: 13 رجب 23 ق.هـ


تحدّث الإمام الخامنئي دام ظله في ذكرى ولادة أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أسأل الله أن يبارك هذا اليوم الشريف والمبارك، لجميع المسلمين وطالبي العدالة في العالم، وخاصّة محبّي مولى المتّقين عليه السلام.

العجز عن معرفة الامام:

منذ قرون، والعارفون - من المسلمين وغير المسلمين - بهذه الشخصيّة المقدّسة، يتكلّمون ويكتبون حول أمير المؤمنين عليه السلام، إلاّ أنّ ما قيل ليس كافياً في بيان جميع أبعاد هذه الشخصيّة والنموذج للقدرة الإلهيّة الكاملة، والكلمة التامّة لله،


103


وبديهي أنّنا سبب المشكلة غالباً، فنحن الذين لا يمكننا تصوّر هذه الشخصيّة المعنويّة والروحيّة لضعف أذهاننا واستئناسنا بالمقاييس الماديّة والأناس العاديين، أجل إنّ بالإمكان رسم ملامح تلك الشخصيّة المعنويّة العظيمة في الذهن ببركة أقوال من هم بمستوى أمير المؤمنين عليه السلام أو أعلى منه وهو خاتم الأنبياء محمّد المصطفى عليه السلام.

خلاصة الانبياء:

فقد وردت رواية من طرق غير شيعيّة أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال بجمع من أصحابه:

" من أرادأن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب"1، أي إنّ علم آدم عليه السلام الذي ورد عنه في القرآن الكريم قوله تعالى:
﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا2،وحلم إبراهيم عليه السلام الذي قال تعالى عنه في القرآن: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ3 وهيبة موسى عليه السلام التي كانت


104


سطوة فرعون وعظمته ضعيفة أمامه، وعبادة عيسى عليه السلام الذي كان مظهراً للزهد والإخلاص والتعبّد لله، وفي بعض الروايات المنقولة من غير الشيعة أيضاً، أضيفت عبارة أخرى وهي زهد يحيى بن زكريا..كلّها جمعت في هذا الإنسان العظيم الذي نعتبر أنفسنا من شيعته.وهذا الكلام يمكنه أن يوضح لنا - إلى حد ما - صورة عن شخصيّة ذلك الرجل العظيم.

ليكن أمير المؤمنين عليه السلام أسوتنا (قدوتنا) في جميع هذه، ونسعى لنكون مثل ذلك الإمام عليه السلام، إذ كيف يمكن لأحد أن يدّعي أنّه من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام ويكون أمير المؤمنين عليه السلام إمامه بينما تكون علاقته القلبيّة مع الله أقلّ أمر يهتمّ به.

إنّ الإمام عليه السلام صرف كلّ عمره في العبادة والعمل لله، منذ أوّل لحظة أشرق نور الهداية الإلهيّة في وجود ذلك الإمام عليه السلام عن طريق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وحتى تلك اللحظة التي نال فيها لقاء الله، لم يغفل الإمام عليه السلام لحظة عن عبادة الله وعن ذكر الله، وعن الارتباط بالله، فقد كان في ارتباط دائم مع الله، في الفرح وفي الحزن، في الحرب وفي السلم، ليلاً ونهاراً،


105


في المسجد وفي الحرب، في الحكم وفي القضاء...

الادعاء الكاذب:

هناك من يدّعون بأنّ الإمام علي عليه السلام إمامهم ولكنّهم غير مستعدّين لأن يقولوا كلمة واحدة تزعج الاستكبار وأميركا..يقول هؤلاء إنّهم شيعة علي وأنّه إمامهم!! فماذا يعني الإمام!؟

هذا هو أمير المؤمنين عليه السلام وهذه هي شموليّته، وطبعاً لا يمكن توضيح شموليّته بهذه الكلمات، إنّه أرفع كثيراً من هذا الكلام، إلاّ أنّ هذه الصورة الناقصة التي نرسمها جميلة ورفيعة وشاخصة إلى درجة أنّها تحيّر الناس، يجب علينا التحرّك في هذا الاتجاه وطبعاً لا يتوقّع أحد أن يصل حتى على بعد فرسخ (ثلاثة اميال) من مستوى أمير المؤمنين عليه السلام وهذه حقيقة.فقد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام نفسه في حديث له: " ولكنّكم لا تقدرون على ذلك" فهو في القمّة، تصوّروا قمّة عالية، علينا أن نصعد إليها أوّلاً، ولا نقول أنّنا لا نصل إليها بل يجب أن نتحرّك.


106


هوامش

1- العلامة المجلسي- بحار الانوار- ج 39 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 39
2- البقرة:31.
3- هود 75.