كريمة آل محمد عليه السلام: فاطمة المعصومة عليها السلام

المناسبة: ولادة المعصومة عليها السلام

التاريخ: أول ذي القعدة سنة 173 هـ


السيدة المعصومة:

ولدت في المدينة المنورة، والدها الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، وأمها السيدة نجمة خاتون، وكانت من بعد أخيها الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ثاني وآخر أبناء السيدة نجمة خاتون، توفيت السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام بعد انقضاء 17 يوماً من وصولها الى قم، في 10 ربيع الثاني سنة 201 هـ.

مكانة السيدة المعصومة عليها السلام:

للسيدة المعصومة مكانة خاصة عند أهل البيت عليهم السلام،


208


ورد عن الإمام الرضا عليه السلام: " من زار المعصومة عليها السلام بقم كمن زارني"1،وعن الإمام الصادق عليه السلام حول مقام السيدة المعصومة عليها السلام: " تقبض فيها (في قم) امرأة من ولدي اسمها فاطمة بنت موسى وتُدخِل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم"2.

وقد ذكر الإمام الصادق عليه السلام هذا الحديث في حين لم تر السيدة المعصومة عليها السلام وأباها عيناهما الدنيا، وهذه علامة في علوّ مقامها.

ومن الكرامات الخاصة للسيدة المعصومة ورود الزيارة الماثورة لها عن المعصوم عليه السلام وقد جاء في زيارتها عليه السلام: "...يا فاطمة، اشفعي لي في الجنة فإن لك عند الله شاناً من الشأن..."3.

علم السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام:

عاشت السيدة المعصومة في كنف والديها الكريمين،


209


تكتسب منهما الفضائل والمكارم، فكانت تستفيد كل يوم من والدها وأخيها المعصومين عليه السلام وأمها التقية العالمة بحيث وصلت الى مقام رفيع من العلم والفضيلة وصارت عارفة بالكثير من العلوم والمسائل الإسلامية في أيام صباها.

في أحد تلك الأيام أتى جمع من الشيعة الى المدينة لكي يعرضوا بعض أسئلتهم الدينية على الإمام الكاظم عليه السلام ويأخذوا العلم من معدنه، ولكن كان الإمام الكاظم عليه السلام وكذلك الإمام الرضا عليه السلام مسافرين، ولم يكونا حاضرين في المدينة، فاغتمَّ الجمع، لأنهم لم يجدوا حجة الله ومن يقدر على جواب مسائلهم، واضطروا للتفكير بالرجوع إلى بلدهم، وعندما رأت السيدة المعصومة عليها السلام حزن هؤلاء النفر أخذت منهم أسئلتهم التي كانت مكتوبة، واجابت عليها، وعندئذ تبدّل حزن الجماعة بفرح شديد ورجعوا الى ديارهم راجحين مفلحين.ولكنهم في الطريق التقوا بالإمام الكاظم عليه السلام وحدثوّه بما جرى عليهم، وبعد ما رأى جواب ابنته على تلك المسائل أثنى على ابنته بعبارة مختصرة قائلاً:" فداها أبوها"4.


210


بداية المحنة وشهادة الإمام الكاظم عليه السلام:

لاقى الإمام الكاظم عليه السلام من الحكَّام والخلفاء الظلم والأذى الكثيرين، وهذه الآلام والمحن كانت تؤلم القلب الطاهر للسيدة المعصومة عليها السلام،وكان المسلي الوحيد لها وللعائلة هو أخوها الإمام الرضا عليه السلام، فعندما ولدت السيدة المعصومة عليها السلام كانت قد مضت ثلاث سنوات من خلافة هارون العباسي، وقبل أن تكمل العشر سنوات من العمر.

وعندما أمر هارون الرشيد باعتقال الإمام الكاظم عليه السلام وسجنه، فحرمت السيدة المعصومة عليها السلام من والدها، لتفجع بعد ذلك باستشهاده عليه السلام فشعرت بالحزن على فقده، وكانت تحترق لفراقه وتطيل البكاء عليه.

إنتقال الإمام الرضا عليه السلام الى مرو:

بعد استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام انتقلت الإمامة الى ابنه علي بن موسى الرضا عليه السلام الذي كان في الخامسة والثلاثين من عمره وفي سنة 193 هـ.

مرض هارون الرشيد ومات بمرضه، ارتقى " الأمين" منصة الخلافة ولم تدم خلافته أكثر من أربع سنوات، وفي سنة


211


هـ، قتل الأمين بيد أخيه وتسنَّم المأمون منصب الخلافة فأرسل المأمون " رجاء بن أبي الضحاك" الى المدينة وذلك سنة 200هـ لكي يدعو الإمام عليه السلام من المدينة الى " مرو" التي كانت مركز حكومته، والمأمون كان يأمل أنه يستطيع أن يحصل على موافقة الإمام عليه السلام لقبول ولاية العهد، وبعد إجبار الإمام وإكراهه على الخروج من المدينة، قام الى زيارة قبر جده صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأربعة في البقيع عليهم السلام ثم ودّع أولاده وإخوانه وأخواته ومنهن أخته الكريمة السيدة المعصومة عليها السلام وغادر متجهاً الى مرو.

ومع مغادرة الإمام الرضا عليه السلام انتهت اللحظات السعيدة في حياة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام لأنها بعد استشهاد أبيها الإمام الكاظم عليه السلام وجدت الرحمة والحنان في كنف أخيها الرضا عليه السلام.

توجّه السيدة المعصومة عليها السلام من المدينة الى مرو:

وبعد سنة على سفر الإمام الرضا عليه السلام الى مرو، أرسل الإمام عليه السلام رسالة مخاطباً أخته السيدة المعصومة عليها السلام بيد أحد خدامه الى المدينة المنورة، وأمره أن لا يتوقف وسط


212


بن خزرج " ممثلاً عن أهل قم الى بنت الإمام الكاظم عليه السلام وأخبرها برغبة القميّين وفرط اشتياقهم بزيارتها، فأجابت السيد المعصومة طلبهم وأمرت بالحركة نحو قم، وأخذ ابن خزرج زمام ناقة السيدة المعصومة عليها السلام مفتخراً، وقادها الى المدينة التي كانت تنتظر قدوم أخت الإمام الرضا عليه السلام حتى وصلت القافلة الى بداية مدينة قم.

وفاة السيدة المعصومة عليها السلام:


في 23 ربيع الأول سنة 201هـ، وصلت قافلة السيدة المعصومة الى مدينة قم، واستقبلها الناس بحفاوة بالغة، وكانوا مسرورين لدخول السيدة ديارهم.وكان " موسى بن خزرج" ذا يسر وبيت وسيع، أنزل السيدة في داره وتكفل ضيافتها ومرافقيها، واستشعر موسى ابن خزرج فرط السعادة بخدمته لضيوف الرضا عليه السلام القادمين من مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم اتخذت السيدة المعصومة مصلَّى لها في منزل موسى بن خزرج لكي تبتهل الى الله وتعبده وتناجيه وتشكو إليه آلامها وتستعينه على ما ألمَّ بها، وهذا المصلَّى باقٍ الى الان ويسمى بـ " بيت النور".


213


أقلق مرض بنت الامام الكاظم مرافقيها وأهالي قم كثيراً، مع أنهم لم يبخلوا عليها بشيء من العلاج، إلا أن حالها كان يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، حتى توفيت عليه السلام في العاشر من ربيع الثاني 201 هـ.

مراسم الدفن:

تكفلت نساء الشيعة ومحبات أهل البيت عليه السلام باحترام كبير غسل الجسد المطهر للسيدة المعصومة وكفنوها.

وكان موسى بن خزرج قد خصص بستاناً كبيراً له في منطقة يقال لها:" بابلان" عند نهر قم (مكان الحرم الحالي) حيث دفن جسدها الطاهر واصبح مرقدها مزار المؤمنين العاشقين لأهل البيت عليهم السلام.


214


هوامش

1- المعلم – محمد علي – الفاطمة المعصومة عليها السلام – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 66
2- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 57 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 228
3- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 99 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 267
4- المعلم – محمد علي – الفاطمة المعصومة عليها السلام – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 76