تصدير الموضوع:
قال تعالى:
﴿إِنَّ
هَذِهِ أُمَّتُكُمْ
أُمَّةً وَاحِدَةً
وَأَنَا رَبُّكُمْ
فَاعْبُدُونِ﴾1.
الهدف:
التذكير بأهم الواجبات
والمحرمات التي تقع في
دائرة علاقة المسلم تجاه
أخيه المسلم.
المقدمة
إن من المرتكزات الأساسية
لبناء أمة الإسلام أمةً
واحدة تؤدي دورها في
إرساء العبودية لله تعالى
يرتبط بعمق العلاقة بين
أفراد هذه الأمة وقوتها
ولذلك رفعت الشريعة من
القيمة الإنسانية للمسلم
معتبرةً إياها موصولةً
بالذات المقدسة وأن
المساس بها تجرّؤٌ على
الله تعالى، فكرامة
المسلم من كرامة الله
وأذيته أشدّ على الله من
هدم الكعبة، وإهانته أو
إخافته كمن أرصد حرباً مع
الله، وغِيبته من
الموبقات التي تُدخل
النار، كما أن إعانته
وقضاء حوائجه ومساعدته
وإدخال السرور إلى نفسه
من أفضل الأعمال عند الله
ثواباً وأجراً وجزاءً في
الآخرة.
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم في حجة
الوداع: " أيها الناس، إن
ربكم واحد، وإن أباكم
واحد. كلكم لآدم، وآدم من
تراب. " إن أكرمكم عند
الله أتقاكم " وليس لعربي
على عجمي فضل إلا
بالتقوى.
ألا
هل بلغت ؟ قالوا: نعم.
قال: فليبلغ الشاهد
الغائب2.
وتأكيد النبي صلى الله
عليه وآله وسلم على هذه
المفاهيم في حجة الوداع
شاهدٌ على أهمية ترسيخ
هذه المبادىء وخطورة
الحياد عنها.
تعريف المسلم في
الروايات
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: " إن
الله - تعالى - جعل
الإسلام دينه، وجعل كلمة
الإخلاص حصناً له، فمن
استقبل قبلتنا، وشهد
شهادتنا، وأحلَّ ذبيحتنا
فهو مسلم، له ما لنا
وعليه ما علينا3.
وعن أمير المؤمنين عليه
السلام ، قال: "من استقبل
قبلتنا، وأكل ذبيحتنا،
وآمن بنبينا، وشهد
شهادتنا دخل في ديننا؛
أجرينا عليه حكم القرآن،
وحدود الإسلام، ليس لأحد
على أحد فضل إلا بالتقوى.
ألا وإن للمتقين عند الله
أفضل الثواب، وأحسن
الجزاء والمآب"4.
حق المسلم على أخيه
المسلم
التعامل الأخلاقي: وهذه
نماذج من الروايات التي
حرّمت أي شكل من أشكال
التعامل غير الأخلاقي: عن
أبي عبد الله عليه
السلام: "المؤمن أخو
المؤمن، عينه ودليله، لا
يخونه ولا يظلمه ولا
يغشّه ولا يَعِده عدة
فيخلفه"5.
وفي رواية الفضل بن يسار،
قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول:
"المسلم أخو المسلم، لا
يظلمه ولا يخذله ولا
يغتابه ولا يخونه ولا
يحرمه"6.
وفي خبر الحارث بن
المغيرة، قال أبو عبد
الله عليه السلام:
"المسلم أخو المسلم، هو
عينه ومرآته، ودليله لا
يخونه ولا يخدعه ولا
يظلمه ولا يكذبه ولا
يغتابه"7.
وعن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أيضا في
حجة الوداع: "أيها الناس،
اسمعوا قولي واعقلوه،
تعلمنّ أن كل مسلم أخ
للمسلم، وأن المسلمين
إخوة فلا يحل لامرئ من
أخيه إلا ما أعطاه عن
طيب
نفس منه، فلا تظلمن
أنفسكم، اللهم هل بلغت؟"8.
التكافل الإجتماعي: وعن
الصادق عليه السلام: "
المسلم أخو المسلم. وحق
المسلم على أخيه المسلم
أن لا يشبع ويجوع أخوه،
ولا يُروَى ويعطش أخوه،
ولا يكتسي ويُعرى أخوه،
فما أعظم حق المسلم على
أخيه المسلم"9.
الإهتمام بأموره: عن أبي
عبد الله عليه السلام أن
النبي صلى الله عليه وآله
وسلم: قال: "من أصبح لا
يهتم بأمور المسلمين فليس
منهم. ومن سمع رجلا ينادي
يا للمسلمين فلم يجبه
فليس بمسلم"10.
التواصل والتعاون: عن أبي
عبد الله عليه السلام ،
قال: "يحق على المسلمين
الاجتهاد في التواصل
والتعاون على التعاطف
والمواساة لأهل الحاجة
وتعاطف بعضهم على بعض حتى
تكونوا كما أمركم الله -
عز وجل -: "رحماء بينهم"
متراحمين، مغتمين لما غاب
عنكم من أمرهم، على
ما
مضى عليه معشر الأنصار
على عهد رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم "11.
النصرة والتأييد: في
رواية عنه صلى الله عليه
وآله وسلم: "المؤمنون
إخوة تتكافئ دماؤهم، وهم
يد على من سواهم يسعى
بذمتهم أدناهم"12.
فلا يفرّق الإسلام بين دم
مسلم وآخر فدماء الجميع
متكافئة غنياً كان أم
فقيراً، أميّاً كان أم
متعلماً وجيهاً في قومه
أم عادياً، مشهوراً أم
مغموراً، إلى غير ذلك من
الإعتبارات التي قد يكون
لها حيثية في مكان أخر
غير مكان الدم والتعدي
على المسلم.
التأثر بمصابه: وفي صحيحة
أبي بصير، قال: سمعت أبا
عبد الله عليه السلام
يقول: "المؤمن أخو المؤمن
كالجسد الواحد، إن اشتكى
شيئا منه وجد ألم ذلك في
سائر جسده، وأرواحهما من
روح واحدة. وإن روح
المؤمن لأشد اتصالا بروح
الله من اتصال شعاع الشمس
بها"13.
وفي حديثٍ آخر عن رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم يصوّر هذا التفاعل
مع
المسلم بالتداعي الذي لا
ينتظر من يدعوه، بل يتحرك
نحو إعانته تحركاً
عفوياً: "مثل المؤمنين في
توادهم وتعاطفهم وتراحمهم
مثل الجسد، إذا اشتكى منه
شيء تداعى له سائر الجسد
بالسهر والحمى"14.
وفي خبر مفضل بن عمر، قال
أبو عبد الله عليه
السلام: "إنما المؤمنون
إخوة بنو أب وأم، وإذا
ضرب على رجل منهم عرق سهر
له الآخرون"15.
|