تصدير الموضوع:
قال تعالى:
﴿وَقُل
لِّعِبَادِي يَقُولُواْ
الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِنَّ الشَّيْطَانَ
يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ
الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا
مُّبِينًا﴾1.
الهدف:
بيان أهم وأبرز العقبات
التي تساهم في زعزعة
بنيان الأمة وزرع بذور
التنازع في داخلها.
المقدمة
لا يخفى أن زرع بذور
الإختلاف والتنازع بين
المسلمين ومحاولة تفريقهم
وتمزيقهم إلى كيانات
متقاتلة ومتصارعة عمل
عليها الإستعمار الغربي
في بلادنا وقام بتقسيمه
إلى دول تحكمها أنظمة
مختلفة منها ما هو قبلي
ومنها ما هو علماني ومنها
ما هو ديكتاتوري وسوى ذلك
من أنظمةٍ لا تمت إلى روح
الشريعة بصلة، إلا أن ذلك
لم يكن ليتم لولا أن رأى
الغرب في بلادنا قابلية
التمزق وعدم الإنصهار
بالمبادىء الإسلامية
الأصيلة والجهل بأحكام
الإسلام والإبتعاد عن
أهدافه السامية مما جعلها
مرهونة له في كل قراراتها
ومواقفها وأسيرة له في أي
تطور أو ترقي.
الإنحراف الفردي عن
الإيمان: قال تعالى:
﴿وَلاَ
تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء
قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن
قَبْلُ وَأَضَلُّواْ
كَثِيرًا﴾2
، فالوحدة
بين
المسلمين تحتاج لأمة
واعية تدرك أخطارها
وأهدافها وتعرف أصدقاءها
وأعداءها وتميز بين
صالحها وشرّها وتعي
الأهداف الإلهية وكيفية
الوصول إليها وهذا ما
يعجز عنه ضعاف النفوس
والأشخاص غير المؤمنين
بقضية الإسلام ورسالته
المباركة، فإن الإنحراف
عن هذه الجادة إلى ظلمات
التيه والضلال والهوى
والمصالح الشخصية
والمنافع الدنيوية الآنية
من الطبيعي أن يُفقد
الأمة توازنها واستقرارها
ويزيد ن احتمال زعزعتها.
قال تعالى مبيّناً
التفرقة التي حصلت بين
يوسف وأخوته من جرّاء فعل
الشيطان والإنحراف عن
الإيمان:
﴿فَلَمَّا
دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ
آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ
وَقَالَ ادْخُلُواْ
مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ
آمِنِينَ*
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ
عَلَى الْعَرْشِ
وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا
وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا
تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن
قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا
رَبِّي حَقًّا وَقَدْ
أَحْسَنَ بَي إِذْ
أَخْرَجَنِي مِنَ
السِّجْنِ وَجَاء بِكُم
مِّنَ الْبَدْوِ مِن
بَعْدِ أَن نَّزغَ
الشَّيْطَانُ بَيْنِي
وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ
رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا
يَشَاء إِنَّهُ هُوَ
الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
﴾3.
إشاعة التفرقة والخلاف:
قال تعالى:
﴿أَنْ
أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا
تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾4.
فإن آفة الدين التعصب
الأعمى وإماتة دور العقل
وعدم إطلاق الحرية
الفكرية في إطارها الديني
بل بإصدار أحكام مسبقة
تجاه الآخر والحكم عليه،
دون مراجعة آرائه حتى من
خلال كتبه، ونشاهد اليوم
ونسمع بعض الأمور التي
يلصقها أحد المذاهب
بالمذهب الآخر وهي مما
قام الإجماع على خلافه،
وإذكاء البحث في القضايا
الخلافية وإعطاءها عناوين
أكبر من حجمها كالإختلاف
في بعض الفتاوى الفقهية
أو الآراء الشرعية حول
قضية حياتية صغيرة فيقوم
البعض بتصويرها على أنها
خروج من المذهب وكفرٌ
بالله العظيم، وهو ما
يحدث عند أتباع المذهب
الواحد.
الإحتقان المذهبي: بأن
يعمد كل فريق إلى سبّ
الفريق الآخر وشتمه ولعنه
وقد يصل الحال إلى تكفيره
وإباحة دمه كما نشاهد
اليوم على شاشات التلفزة
وبعض القنوات
الفضائية
المأجورة التي تعمل لحساب
الحكام الظالمين وما يصدر
عن بعض القيادات الدينية
من فتاوى تجعل من أخيه
المسلم عدواً له قبل
العدو الحقيقي المتمثل
بالكيان الغاصب وأمريكا
والغرب المستعمر، وفبركة
بعض الأحاديث أو تأويل
بعضها وإلصاقها بالطرف
الآخر والإنجرار لحساب
بعض القوى السياسية التي
تسخّر هذا الإحتقان
لمصلحة أهدافها السياسية
بعيداً عن الدين
والرسالة، وهذا كلّه
يعتبر اليوم من أكبر
التحديات التي يواجهها
عالمنا الإسلامي والتي
يجب أن يوظّف لها كل
إمكانياته للتغلب عليها.
فساد الأنظمة السياسية
الحاكمة: التي تجد في
النعرات الطائفية والفتنة
المذهبية حاجة ملحة
لبقائها واستمرار سلطتها
فضلاً عن حاجات من يقف
خلف هذه الأنظمة إلى
إرساء قواعد خلافية ثابتة
وحواجز لا يمكن تخطيها
تسهم في تفتتيت دولة
الإسلام إلى دويلات يكفر
بعضها بعضاً ويغدق الجميع
كافة إمكانياته لإسقاط
الآخر، ولو أنفق حكام
العالم الإسلامي على
رفاهية شعوبهم عشر ما
ينفقونه على تسعير
الخلافات
والتربص ببعضهم البعض
لعاشت شعوب منطقتنا بأمن
وسعادة وسلام ولتخطت كافة
مشاكلها وظهرت على شعوب
الأرض كافةً.
الرغبة في السيطرة: قال
تعالى:
﴿وَمَا
تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن
بَعْدِ مَا جَاءهُمُ
الْعِلْمُ بَغْيًا
بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا
كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن
رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ
مُّسَمًّى لَّقُضِيَ
بَيْنَهُمْ وَإِنَّ
الَّذِينَ أُورِثُوا
الْكِتَابَ مِن
بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ
مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾5.
فالوحدة تبدأ من داخل
الإنسان الذي ما لم يغيّر
ما بنفسه فإن الله لن
يغيّر ما بواقعه، وما لم
يترفع الإنسان عن
أنانياته ورغباته ونزواته
في حب التسلط والتملك
والتحكم بمصائر الناس
واستعبادهم فإن مصير
الوحدة وتماسك المجتمع
سيبقى مهدداً، لأن مجتمع
الوحدة مجتمع تسوده القيم
والمبادىء والفضائل
وتحكمه الأخلاق السامية،
ولذلك عبّر القرآن الكرين
بقوله (بغياً بينهم) فهم
يظلمون بعضهم البعض من
أجل الحكم والسيطرة وهم
يعلمون أن ذلك مخالفٌ
لكتاب الله وسنّة رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم ، فما أحوجنا اليوم
إلى
الرجوع إلى قوله تعالى:
﴿وَاعْتَصِمُواْ
بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا
وَلاَ تَفَرَّقُواْ
وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ
اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
كُنتُمْ أَعْدَاء
فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُم
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا
حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ
فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾6.
|