تصدير الموضوع:
قال تعالى:
﴿وَتَعَاوَنُواْ
عَلَى الْبرِّ
وَالتَّقْوَى وَلاَ
تَعَاوَنُواْ عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾1.
الهدف:
التعريف بأهمية مفهموم
التكافل الاجتماعي في
الإسلام وحث الناس على
التفاعل فيما بينهم.
المقدمة
إهتم الإسلام ببناء
المجتمع المتكامل ليكون
مجتمعاً قوياً منيعاً
قادراً على مواجهة
التحديات كافة، وحشد في
سبيل ذلك جملة من النصوص
والأحكام لإخراج المجتمع
بنياناً مرصوصاً وسدّاً
منيعاً في وجه شتى أنواع
المؤامرات، والتكافل
الاجتماعي في الإسلام ليس
مقصورا على النفع المادي
بل يتجاوزه إلى جميع
حاجات المجتمع أفرادا
وجماعات، مادية كانت تلك
الحاجة أو معنوية أو
فكرية على أوسع مدى لهذه
المفاهيم، فهي بذلك تتضمن
جميع الحقوق الأساسية
للأفراد والجماعات داخل
الأمة.
كما أن التكافل في بعده
الروحي أرقى من التعاون
والتكاتف والمؤازرة
والمساعدة التي قد ينتظر
المرء من الآخر وقوفه إلى
جانبه بالمقابل، بل هو
عون ينطلق من بعدٍ روحي
لا ينشد سوى الرحمة
الإلهية، ومن صفاء نفسي
لا يتوسم سوى القرب من
الله.
تعريف التكافل
الاجتماعي
يقصد بالتكافل الاجتماعي
أن يكون أفراد المجتمع
مشاركين في المحافظة على
المصالح العامة والخاصة
ودفع المفاسد والأضرار
المادية والمعنوية بحيث
يشعر كل فرد فيه أنه إلى
جانب الحقوق التي له أن
عليه واجبات للآخرين
وخاصة الذين ليس
باستطاعتهم أن يحققوا
حاجاتهم الخاصة وذلك
بإيصال المنافع إليهم
ودفع الأضرار عنهم.
دائرة التكافل
الإجتماعي
إن مفهوم التكافل
الاجتماعي في الإسلام ليس
يرتبط بالجانب الإنساني
يتحرك من خلال كرامة
الإنسان فهو لا يختص
بالمسلمين المنتمين إلى
الأمة المسلمة فقط، بل
يشمل كل بني الإنسان على
اختلاف مللهم واعتقاداتهم
داخل ذلك المجتمع كما قال
تعالى:
﴿لَا
يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ
الَّذِينَ لَمْ
يُقَاتِلُوكُمْ فِي
الدِّينِ وَلَمْ
يُخْرِجُوكُم مِّن
دِيَارِكُمْ أَن
تَبَرُّوهُمْ
وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾2
ذلك أن أساس
التكافل هو كرامة الإنسان
حيث قال
تعالى:
﴿وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ
الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى
كَثِيرٍ مِّمَّنْ
خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾3
فالإنسانية جمعاء تندرج
تحت لواء هذا المفهوم حيث
يبدأ الإنسان المسلم
بدائرته الذاتية ثم
دائرته الأسرية ثم محيطه
الاجتماعي ثم إلى تكافل
المجتمعات المختلفة.
الحث على التكافل
الإجتماعي
مما لاشك فيه أن المجتمع
كيان يتفاعل بعضه ببعض
فالمجتمع الذي يسوده
التكافل والتعاون ويمد
أفراده يد العون
والمساعدة للمحتاجين منه
ستسوده المحبة ويعمّه
الوئام وتشتد فيه أواصر
الأخوة الإسلامية، بينما
المجتمع الذي لا يعيش هذه
القيمة الرائعة التي منّ
الإسلام علينا بها سينشأ
فيه أفراد عاجزون يلفّهم
الفقر والجهل والمرض مما
يفتح أبواب الفساد
والرذيلة على مصراعيه،
وهذا من شأنه أن ينعكس
على المجتمع بأسره ويضرّ
بالجميع.
التكافل الإجتماعي في
الآيات
قال تعالى:﴿يَسْأَلُونَكَ
مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ
مَا أَنفَقْتُم مِّنْ
خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ
وَالأَقْرَبِينَ
وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ
السَّبِيلِ وَمَا
تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ
فَإِنَّ اللّهَ بِهِ
عَلِيمٌ﴾4.
قال تعالى:
﴿لَّيْسَ
الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ
وُجُوهَكُمْ قِبَلَ
الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ
وَالْكِتَابِ
وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى
الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ
وَالسَّآئِلِينَ وَفِي
الرِّقَابِ وَأَقَامَ
الصَّلاةَ وَآتَى
الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ
بِعَهْدِهِمْ إِذَا
عَاهَدُواْ
وَالصَّابِرِينَ فِي
الْبَأْسَاء والضَّرَّاء
وَحِينَ الْبَأْسِ
أُولَئِكَ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾5.
قال تعالى:﴿وَتَعَاوَنُواْ
عَلَى الْبرِّ
وَالتَّقْوَى وَلاَ
تَعَاوَنُواْ عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ
اللّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ﴾6.
قال تعالى:
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء
بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ
اللّهَ وَرَسُولَهُ
أُوْلَئِكَ
سَيَرْحَمُهُمُ
اللّهُ إِنَّ اللّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ
﴾
7
قال تعالى:
﴿وَآتِ
ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ
وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ وَلاَ
تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾8
قال تعالى:
﴿إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ﴾9.
ب- الأحاديث الواردة
في معنى التكافل
الاجتماعي في الإسلام:
عن النعمان بن بشير قال:
قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "مثل
المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل
الجسد إذا اشتكى منه عضو
تداعى له سائر الأعضاء
بالسهر والحمى"10.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: "المسلم أخو
المسلم، لا يظلمه، ولا
يُسلِمُهُ من كان في حاجة
أخيه كان الله في حاجته،
ومن فرَّج عن مسلم كربة،
فرَّج الله عنه بها كربة
من كُرب يوم
القيامة،
ومن ستَرَ مسلماً سَتَره
الله يوم القيامة"11.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: "من نفَّس عن مسلم
كربةً من كُرَب الدنيا
نَفَّسَ الله عنه كربةً
من كرب يوم القيامة، ومن
يسَّر على معسرٍ يسَّر
الله عليه في الدنيا
والآخرة، ومن ستَرَ على
مسلم ستَرَ الله عليه في
الدنيا والآخرة، والله في
عون العبد ما كان العبد
في عون أخيه"12.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: " وما من أهل قرية
يبيت فيهم جائع ينظر الله
اليهم يوم القيامة"13.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: "المؤمن للمؤمن
كالبُنيان يشد بعضه بعضاً
ثم شبك بين أصابعه"14.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: "المؤمن مرآة
المؤمن، والمؤمن أخو
المؤمن، يكف عليه ضيعته
ويحوطه من ورائه"15.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: "ما آمن بي من بات
شبعاناً وجاره جائع إلى
جنبه وهو يعلم به"16.
|