تصدير الموضوع:
وقال تعالى:
﴿وَاعْلَمُواْ
أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن
شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ
خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ
وَلِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ﴾1.
الهدف:
بيان الموارد التي يجب
على الأغنياء والميسورين
مد يد العون والمساعدة
لها.
المقدمة
إن توفر المال واليسر عند
البعض مثله كمثل بقية
النعم والألطاف التي منّ
الله بها على عباده
ليمتحنهم ويختبرهم ليرى
قوة إيمانهم ويقينهم وهو
الذي له خزائن السموات
والأرض، ولو شاء لم يترك
على وجه الأرض فقيراً
واحداً، فاستقرض عباده
وهو الغني عنهم واستنصرهم
وهو الذي له جنود السموات
والأرض وتعبدهم وهو الذي
يسجد له الوجود كله
وابتلاهم وهو الذي يعلم
خيرهم وصالحهم، فالمال
الذي نملكه إنما يسّره
الله بين أيدينا وجعلنا
مستخلفين عليه ليرى
طاعاتنا له به.
ومن خلال النصوص من
الكتاب والسنة يمكن
الوقوف على أهم الفئات
التي دعى الإشلام لشمولها
في دائرة التكافل
الإجتماعي:
كفالة الصغار وكبار
السن
لقد وجه الإسلام عناية
خاصة لكبار السن واعتبرهم
مستحقين للرعاية المثلى
مقابل التضحيات التي
بذلوها في تربية الأجيال
الصالحة. والعناية بهم
أنيطت في الإسلام
بالأبناء أولاً، قال
تعالى:
﴿وَوَصَّيْنَا
الْإِنسَانَ
بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾2
، فمسؤولية الأبناء عن بر
الأباء ورعايتهم مسؤولية
إلزامية سواء كانا مؤمنين
أو فاسقين وسواء كانا على
دينه أو على غير دين،
والرعاية لكبار السن لا
تقف عند الجانب المادي بل
يدخل فيها الجانب النفسي
والعاطفي الذي هم أشد
حاجة إليه قال تعالى:
﴿إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِندَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ
تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ
وَلاَ تَنْهَرْهُمَا
وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً
كَرِيمًا
*
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ
الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُل رَّبِّ
ارْحَمْهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾3.
وكما اهتم الإسلام برعاية
الأبناء لآبائهم أولى
اهتماماً خاصاً بالطفولة
وألزم الأباء برعاية
الأبناء وتربيتهم حتى
بلوغ سن الرشد مع القدرة
على استغلالهم
بالمسؤولية.
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "ليس منا
من لم يرحم صغيرنا ويوقر
كبيرنا"4.
كفالة الأيتام
قال تعالى:
﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا وَبِذِي
الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ﴾5
وقال تعالى:
﴿وَآتَى
الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينَ﴾6
وقال تعالى:
﴿أَرَأَيْتَ
الَّذِي يُكَذِّبُ
بِالدِّينِ*
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ
الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ
عَلَى طَعَامِ
الْمِسْكِينِ﴾7.
ومن مظاهر العناية التي
أولاها الإسلام للأيتام
حفظ أموالهم والسعي في
تنميتها والابتعاد عن كل
تصرف ضار بها قال تعالى:﴿وَلاَ
تَقْرَبُواْ مَالَ
الْيَتِيمِ إِلاَّ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
حَتَّى يَبْلُغَ
أَشُدَّهُ﴾8
تعالى:
﴿إِنَّ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ
أَمْوَالَ الْيَتَامَى
ظُلْمًا
إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمْ نَارًا
وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾9
، وقال تعالى:
﴿وَآتُواْ
الْيَتَامَى
أَمْوَالَهُمْ وَلاَ
تَتَبَدَّلُواْ
الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ
وَلاَ تَأْكُلُواْ
أَمْوَالَهُمْ إِلَى
أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ
كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾10.
قال تعالى:
﴿إِنَّمَا
الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاء
وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ
عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي
الرِّقَابِ
وَالْغَارِمِينَ وَفِي
سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ
السَّبِيلِ فَرِيضَةً
مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾11.
قال تعالى:
﴿لَّيْسَ
الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ
وُجُوهَكُمْ قِبَلَ
الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ
وَالْكِتَابِ
وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى
الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ
وَالسَّآئِلِينَ وَفِي
الرِّقَابِ﴾12.
وفال تعالى:
﴿فَآتِ
ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ
وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ
لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ
وَجْهَ اللَّهِ
وَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ﴾13.
رعاية اللقيط
واللقيط شرعاً: هو
المولود الذي لا يعرف له
أب ولا أم، والذي يُلقى
دون أن يعترف به أحد،
فيجب أخذه والإهتمام به،
قال تعالى:
﴿وَمَنْ
أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا
أَحْيَا النَّاسَ
جَمِيعًا﴾14.
وقد راعى الإسلام نفسية
اللقيط، فأعطاه الحقوق
الممنوحة للولد الشرعي
دون أن يكون هناك تمييز
أو تفريق بينهما، حيث لا
تزر وازرة وزر أخرى،
وبهذه المعاملة الحسنة
يكون المجتمع قد أعد
مواطناً صالحاً، يقوم
بواجباته وينهض بأعبائه،
فلا يشعر بنقص ولا تتولد
عنده العقد النفسية.
رعاية أصحاب العاهات
قد يتعرض الإنسان أثناء
قيامه بدوره في إعمار هذا
الكون لعاهة من العاهات،
يفقد على أثرها عضواً من
أعضائه، أو حاسة من
حواسه، وربما لظروف تتعلق
بالحمل والولادة، يولد
بعاهة مستديمة كفقد البصر
أو
السمع،
أو تشويه في بعض أعضائه
تقلل من عطائه.
ومن أهم فئات هذه العاهات
هم:
العميان والصمّ والبُكم
والمعتوهون والعاجزون
بسبب ضعف البنية وذوو
العيوب الكلامية
والتعتعة.
هؤلاء النمط من العاجزين
وأصحاب العاهات، يجب أن
يلقوا من المجتمع كل
رعاية وعناية واهتمام،
وينبغي أن يكونوا محل
العناية والاهتمام الكامل
في نظر الدولة والمجتمع
على السواء لتوفير العيش
الأفضل لمثل هؤلاء
المحتاجين، حتى يشعروا
بالرحمة والتعاون والعطف:
أما العناية بالعميان
والصم والبكم، فيجب أن
تتركز بفتح مدارس ومعاهد
خاصة بهم، لتعليمهم،
وتدريبهم على الحرف
اليدوية، وجعل كل الوسائل
الإيضاحية والسمعية
والبصرية واللمسية تحت
تصرفهم ليشعروا بشخصيتهم
وكيانهم.
وأما العناية بالمعتوهين
وضعاف البنية وذوي العيوب
الكلامية والصرعى وأصحاب
الأمراض المزمنة فتتركز
في
إزالة ضعفهم وعاهاتهم
وعيوبهم بالعلاج الناجح،
والغذاء الصالح، والوسائل
الطبية والصحية اللازمة
وتوفير الأجواء التربوية
المنسبة لهم.
رعاية الشواذ
والمنحرفين
والمراد من ينحرف من
الأحداث والمراهقين إلى
تناول المخدرات، أو
السرقة، أو القتل وارتكاب
الجرائم. وهذا عيب
اجتماعي خطير يجب
معالجته، ويرجع أسباب
الانحراف عند المراهقين
والشباب إلى أسباب عديدة
أهمها سوء التربية وإهمال
الوالدين مراقبة أبنائهم،
ومنها الصحبة السيئة،
ومشاهدة الأفلام الماجنة،
ومنها معاملة الآباء
القاسية لأبنائهم وشدة
ظلمهم، وإمساك النفقة
عنهم، ومنها اليتم والجهل
والفقر.. إلى غير ذلك.
وعلاج الإسلام لظاهرة
الشذوذ والانحراف يعتمد
على منع أسباب الشذوذ،
وإزالة العوامل التي تؤدى
إليه.
رعاية المنكوبين
والمكروبين
حثت الشريعة الإسلامية
على إغاثة المنكوب،
والتفريج عن المكروب،
والنصوص القرآنية في ذلك
كثيرة، والأحاديث النبوية
عديدة.
وهذه الحالة تشمل
المتضررين جراء الزلازل
والبراكين والهزات
الأرضية ومشردي الحروب
وتفشي الأوبئة وما شابه.
|