تصدير الموضوع:
﴿إِنَّمَا
يَعْمُرُ مَسَاجِدَ
اللّهِ مَنْ آمَنَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَأَقَامَ
الصَّلاَةَ وَآتَى
الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ
إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى
أُوْلَئِكَ أَن
يَكُونُواْ مِنَ
الْمُهْتَدِينَ﴾1.
الهدف:
الحثّ على ارتياد المساجد
وإعمارها كون ذلك من
الشعائر الدينية التي
ينبغي تعظيمها.
المقدمة
أولى الإسلام اهتماماً
بالغاً بالمسجد وأعطاه
دوراً كبيراً لا يقتصر
على الصلاة والعبادة بل
تعداه إلى كونه مركزاً
إلهياً تُقام فيه الفرائض
ويصلح فيه بين الناس،
ويتدارس المسلمون فيه
شؤونهم واهتماماتهم
وأخطارهم، كما وتنبثق منه
أنوار العلم والمعرفة
والهداية، ولا يخفى أنه
في صدر الإسلام كان
مركزاً لحشد الجيوش
وإقامة الاتفاقيات وجمع
الزكاة وتوزيعها على
الفقراء والمحتاجين، وأيّ
بيتٍ أولى من بيت الله
بإحياء السنن، وإقامة
الدين، وإصلاح أمور
المسلمين.
المساجد بيوت الله:
عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم - في
التوراة مكتوب -: "إن
بيوتي في الأرض المساجد،
فطوبى لعبد تطهَّر في
بيته ثم زارني في بيتي،
ألا إن على المزور كرامة
الزائر، ألا بشّر
المشّائين في الظلمات إلى
المساجد بالنور الساطع
يوم القيامة"2.
إتيان المساجد على
طهارة: والمراد من
الطهارة كما في الروايات
كلٌ من الطهارة المادية
والطهارة المعنوية:
أما الطهارة المادية أي
التنظف واسباغ الوضوء
للصلاة والعبادة فقد ورد
عن الإمام الصادق عليه
السلام: عليكم بإتيان
المساجد فإنها بيوت الله
في الأرض، ومن أتاها
متطهّراً طهّره الله من
ذنوبه، وكُتب من زواره،
فأكثروا فيها من الصلاة
والدعاء3.
وأما الطهارة المعنوية أي
دخول المسجد وليس لأحد
عنده مظلمة فقد ورد عن
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: أوحى الله إلي
أن يا أخا المرسلين يا
أخا المنذرين أنذر قومك
لا يدخلوا بيتاً من بيوتي
ولأحد من عبادي عند أحدهم
مظلمة، فإني ألعنه ما دام
قائماً يصلي بين يدي، حتى
يَردّ تلك المظلمة، فأكون
سَمعه الذي يسمع به،
وأكون بصرَه الذي يُبصر
به، ويكون من أوليائي
وأصفيائي، ويكون جاري مع
النبيين والصديقين
والشهداء في الجنة4.
صفات عمّار المساجد
ومن الواضح أن عمارة
المسجد من خلال قوله
تعالى إنما هو أمرٌ
توفيقي يوفق الله له من
اتصف من عباده بالصفات
الخمس التالية:
1-الإيمان
بالله والإيمان باليوم
الآخر وهما بعدان
اعتقاديان أساسيان في
حياة الإنسان.
2-كونه
من مقيمي الصلاة أي أنه
من المهتمين لأمر إحياء
الصلاة وكافة العبادات
التي أمرنا الله بها.
3-كونه
من مؤدي الزكاة وهذا
البعد من الأبعاد التي
لها دلالة اجتماعية، أي
كونه من الذين يتحسسون
الآم ومشاكل الآخرين.
4-أن
يكون ممن لا يخاف شيئاً
في هذا الوجود سوى الله
تعالى، وهذا من أهم
الأبعاد التي لها بعد
سلوكي في حياة المرء،
وأنه لا يقدّم ولا يفضّل
على طاعة الله وثوابه أي
أمر آخر.
ما ينافي عمارة المسجد
اللهو واللغو: عن
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم - وقد سأله أبو
ذر عن كيفية
عمارة
المساجد -: لا تُرفع فيها
الأصوات، ولا يُخاض فيها
بالباطل، ولا يُشترى فيها
ولا يُباع، واترك اللغو
ما دمت فيها، فإن لم تفعل
فلا تلومن يوم القيامة
إلا نفسك5.
الإنشغال بالأمور
الدنيوية: عن رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم:جَنِّبوا مساجدَكم
مجانينكم وصبيانكم ورفع
أصواتكم إلا بذكر الله
تعالى، وبَيعكم وشراءكم
وسلاحكم، وجمِّروها في كل
سبعة أيام، وضعوا المطاهر
على أبوابها6.
ثمرة الاختلاف إلى
المساجد
وقد يكون من المستحيل
تعداد الفوائد الدنيوية
والأخرورية التي يكسبها
المرء من خلال ارتياده
المساجد، فهي أكثر من أن
تحصى وتطال جوانب مختلفة
من حياة الإنسان، وقد
لخّصها أمير المؤمنين
عليه السلام بقوله: "من
اختلف إلى المسجد أصاب
إحدى الثمان: أخاً
مستفاداً في الله، أو
عِلماً مُستطرفاً، أو آية
محكمة، أو رحمة منتظرة،
أو كلمة ترده عن ردى، أو
يسمع كلمة تدله على هدى،
أو يترك ذنباً خشيةً أو
حياء"7.
|