تصدير الموضوع:
قال تعالى:
﴿وَأَنَّ
الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ
فَلَا تَدْعُوا مَعَ
اللَّهِ أَحَدًا﴾1.
الهدف:
بيان الآداب والسنن
والمستحبات التي ينبغي
على المسلمين التحلي بها
تجاه مساجدهم وضرورة عدم
التقصير في ذلك.
المقدمة
عن الإمام الصادق عليه
السلام: "إذا بلغتَ
باب المسجد فاعلم أنك
قصدت بابَ بيتَ ملكٍ عظيم
لا يَطأ بساطَه إلا
المطهرون، ولا يؤذن
بمجالسة مجلسه إلا
الصدِّيقون، وهب القدوم
إلى بساط خدمة الملك فإنك
على خَطرٍ عظيم إن غفلت
هيبة الملك، واعلم أنه
قادر على ما يشاء من
العدل والفضل معك وبك...
واعترف بعجزك وتقصيرك
وفقرك بين يديه، فإنك قد
توجهت للعبادة له،
والمؤانسة، واعرض أسرارك
عليه، ولتعلم أنه لا تخفي
عليه أسرارَ الخلائق
أجمعين وعلانيتهم، وكن
كأفقر عباده بين يديه،
وأخل قلبك عن كل شاغل
يحجبك عن ربك، فإنه لا
يقبل إلا الأطهر والأخلص.
وانظر من أي ديوان يخرج
اسمك، فإن ذقت من حلاوة
مناجاته، ولذيذ مخاطباته
وشربت بكأس رحمته
وكراماته من حسن إقباله
عليك وإجابته، فقد صلحت
لخدمته، فادخل فلك الأمن
والأمان، وإلا فقف وقوف
مضّطر قد انقطع عنه
الحيل، وقَصُرَ عنه
الأمل، وقضى عليه الأجل،
فإذا علم الله عز وجل من
قلبك
صدق الالتجاء إليه، نظر
إليك بعين الرحمة والرأفة
والعطف ووفقك لما يحب
ويرضى فإنه كريم يحب
الكرامة لعباده المضطرين
إليه المحترقين على بابه
لطلب مرضاته، قال الله عز
وجل:
﴿أَمَّن
يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ
إِذَا دَعَاهُ......﴾"2.
آداب المساجد
الجلوس في المسجد: عن
أمير المؤمنين عليه
السلام: "الجلسة في
المسجد خير لي من الجلسة
في الجنة، فإنّ الجنة
فيها رضى نفسي، والجامع
فيه رضىَ ربي"3.
وعن ثواب الجلوس في
المسجد يقول رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم:
"يا أبا ذر ! إن الله
تعالى يعطيك ما دمت
جالساً في المسجد بكل نفس
تنفَّست درجة في الجنة،
وتصلي عليك الملائكة،
وتكتب لك بكل نفس تنفَّست
فيه عشرَ حسنات، وتمحي
عنك عشرَ سيئات"4.
وبيّن رسول الله كمال
الجلوس في المسجد بقوله
صلى الله عليه وآله وسلم:
"كل جلوس في المسجد لغو
إلا ثلاثة: قراءة مُصلٍّ،
أو ذكر الله، أو سائل عن
علم"5.
وحذّر من إفساد هذا
الجلوس فعنه صلى الله
عليه وآله وسلم: "الجلوس
في المسجد لانتظار الصلاة
عبادة، ما لم يحدث، قيل:
يا رسول الله وما الحدث ؟
قال: الاغتياب"6.
ولا يخفى خطورة أن يرتكب
المسلم ذنباً أو معصيةً
داخل المسجد وما في ذلك
من تجرؤ على الله تعالى
واستهانةً بالمقدسات
وتشويهاً لصورة الإيمان
والارتباط بالله.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: "لا تجعلوا المساجد
طرقاً حتى تصلوا فيها
ركعتين"7.
النظافة: عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم:
"من كنّس مسجداً يوم
الخميس ليلة الجمعة فأخرج
منه التراب ما يضر في
العين غفر له"8.
وكما يجب تنظيف المسجد
يستحب للمسلم التنظف
والتطيب ولبس أجمل الثياب
والإعتناء بمظهره الخارجي
وعدم التهاون فيما من
شأنه أن لا يتناسب
والحضور بين يدي الله
تعالى.
الترتيب والتنظيم: فمن
المهم أن يكون المسجد
منظماً ومرتباً في
محتوياته وأغراضه، فإن
الفوضى وتبعثر الأشياء
هنا وهناك في بيوت الله
من شأنه أن يتعب حالة
المصلي ويشتت ذهنه ويقلّل
من انجذابه وحبه للحضور
إلى المسجد فضلاً عن
الرسالة الخاطئة
والإنطباع السيء الذي
يبقى في ذهن روّاد المسجد
عن المسلمين بشكلٍ عام،
ولذلك يستحب على كل فرد
إذا رأى ما ينافي جمالية
المسجد والصورة اللائقة
ببيوت الله أن يبادر إلى
تنظيمها وترتيبها.
إقامة البرامج: فالمسجد
ليس مكاناً للصلاة فحسب
بل ينبغي أن تقام فيه
البرامج والأنشطة العلمية
والدينية التي تناسب
الجميع على اختلاف
أعمارهم ومستوياتهم
الثقافية من الرجال
والنساء، وأن تكون هذه
البرامج مما يحاكي حاجات
الناس ويبلسم جراحاتهم
ويبين لهم ما يحتاجونهم
في
أمورهم الحياتية
والمعيشية حتى يشعر الناس
أن المسجد حاجة ضرورية في
حياتهم.
كما من الضروري إحياء
المناسبات الدينية من
ولادات الأئمة ووفياتهم
ومجالس العزاء والمناسبات
العامة التي تنفع الناس
وتزيد من ثقافتهم وعلمهم
وتربيتهم.
مداراة الناس: أي ضرورة
التعامل مع الناس في
المسجد برفقٍ ولين وعدم
التأفف أو التذمر منهم أو
إشعارهم بأي شكل من أشكال
عدم الرغبة في حضورهم
كالتعالي عليهم أو إملاء
ما ينبغي أن يفعلونه
بشكلٍ دائم مما ينفّرهم
بل قد يبغّضهم أحياناً.
ومن المهم هنا الإلفات
إلى ضرورة اختيار
العاملين في المسجد وفق
معايير دينية عالية كأن
يكونوا من أهل العلم
والإيمان والصبر والأخلاق
الفاضلة وأن يكونوا من
السمعة الحسنة والمقبولية
عند الناس وسوى ذلك مما
يساهم في تفعيل جاذبية
المسجد.
|