تصدير الموضوع:
عن الإمام علي عليه
السلام: "إن الله فرض
الجهاد وعظّمه وجعله نصره
وناصره، والله ما صلحت
دنيا ولا دين إلّا به"1.
الهدف:
الإضاءة على مكانة فريضة
الجهاد في الإسلام من
خلال النصوص والروايات
المأثورة.
المقدّمة
أعزّ الله دينه
بباب من أبواب
الجنة ليبقى هذا
الدين عزيزاً في
وجه أعدائه له
منعته وقوّته
وقدرته التي يرهب
بها أعداء الله
ويمنعهم من تحقيق
مآربهم، أو أن
يصلوا للنيل من
أيّ ساحةٍ من
ساحاته، فالجهاد
ليس مشروعاً
للقتل والعنف في
الإسلام، كما
أنّه ليس هدفاً
يُتوخّى منه
التشفّي أو
الإنتقام من
الخصوم بل هو
مشروع لبسط لواء
الدين ونشر راية
العدل وإقامة حكم
الله الذي ارتضاه
الله لعباده
والوقوف في وجه
المشاريع الأخرى
التي لا تخدم
عموم الناس،
وإنّما تخدم
أشخاصاً أو فئات
أو جماعات على
حساب الدين
والرسالة.
محاور الموضوع
قال تعالى:
﴿يَا
أَيُّهَا
النَّبِيُّ
جَاهِدِ
الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ
وَاغْلُظْ
عَلَيْهِمْ
وَمَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ
وَبِئْسَ
الْمَصِيرُ﴾2.
وقال تعالى:
﴿فَقَاتِلُواْ
أَئِمَّةَ
الْكُفْرِ﴾3.
لا يخفى ما
لفريضة الجهاد من
دورٍ بارزٍ في
إقامة صرح
الإسلام، ولذلك
جاءت آيات القرآن
الكريم بالدعوة
إليه والتأكيد
عليه والغلظة على
الكفّار
والمنافقين في
الدنيا فضلاً عن
عقاب الآخرة لهم،
وهذا الإمام عليّ
عليه السلام يكتب
إلى عامله مخنف
-: "فإنّ جهاد
من صدف عن الحقّ
رغبة عنه، وعبّ
في نعاس العمى
والضلال اختياراً
له، فريضة على
العارفين"
4.
وعنه عليه
السلام: "إنّ
الجهاد أشرف
الأعمال بعد
الإسلام، وهو
قوام الدين،
والأجر فيه عظيم
مع العزّة
والمنعة، وهو
الكرّة، فيه
الحسنات والبشرى
بالجنّة بعد
الشهادة"5.
حبّ الجهاد
والعلاقة بالجهاد
كالعلاقة بأيّ
عبادة ينبغي أن
ترتقي من مرتبة
أداء التكليف إلى
مرتبة الحبّ
والعشق، فعن عليّ
عليه السلام:
"من رائح إلى
الله كالظمآن يرد
الماء؟! الجنّة
تحت أطراف
العوالي، اليوم
تبلى الأخبار،
والله لأنا أشوق
إلى لقائهم
منهم إلى
ديارهم"6.
فإنّ الذي يقاتل
على غير هدى
فيكون أكبر شوقه
في المعركة هو
الرجوع إلى بيته،
أمّا أمير
المؤمنين عليه
السلام فيقول:
إنّه أشوق إلى
جهادهم والقتال
في سبيل الله
منهم إلى ديارهم.
كيف لا وقد أفادت
الروايات أنّ
الجهاد زكاة
البدن وزكاة
الشجاعة وسياحة
الأمّة، وأنّ
خطواته أحبّ
الخطوات إلى
الله، كما جاء في
الحديث الشريف عن
رسول الله صلى
الله عليه وآله
وسلم: "ما من
خطوة أحبّ إلى
الله من خطوتين:
خطوة يسدّ بها
مؤمن صفًّا في
سبيل الله، وخطوة
يخطوها مؤمن إلى
ذي رحم قاطع
يصلها"7.
التحريض على
الجهاد
قال تعالى:
﴿يَا
أَيُّهَا
النَّبِيُّ
حَرِّضِ
الْمُؤْمِنِينَ
عَلَى الْقِتَالِ﴾8.
وقال تعالى:
﴿وَمَا
لَكُمْ لاَ
تُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ اللّهِ
وَالْمُسْتَضْعَفِينَ
مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاء
وَالْوِلْدَانِ
الَّذِينَ
يَقُولُونَ
رَبَّنَا
أَخْرِجْنَا مِنْ
هَذِهِ
الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ
أَهْلُهَا
وَاجْعَل لَّنَا
مِن لَّدُنكَ
وَلِيًّا
وَاجْعَل لَّنَا
مِن لَّدُنكَ
نَصِيرًا﴾9.
ولأنّ القتال
يستلزم القتل
والجراح والدمار
والكثير من
المعاناة فقد
يتسلّل الوهن
والضعف إلى نفوس
البعض، فجاءت
الآيات والروايات
لتحثّهم وتؤكّد
أنّ هذا الخيار
هو خيار الحياة،
وأنّ الحياة من
دونه هي الموت
بعينه، فهذا
الإمام عليّ عليه
السلام يقول: وهو
يحرّض على القتال
في صفين:
"لبئس لعمر الله
سعر نار الحرب
أنتم! تُكادون
ولا تكيدون،
وتُنتقص أطرافكم
فلا تمتعضون، لا
يُنام عنكم وأنتم
في غفلة ساهون...
والله إنّ امرأ
يمكّن عدوه من
نفسه يعرق لحمه
ويهشم عظمه ويفري
جلده لعظيم عجزه،
ضعيف ما ضمّت
عليه جوانح صدره،
أنت فكن ذاك إن
شئت، فأمّا أنا
فوالله دون أن
أعطي ذلك ضرب
بالمشرفية تطير
منه فراش الهام،
وتطيح السواعد
والأقدام، ويفعل
الله بعد ذلك ما
يشاء"10.
وعنه عليه السلام
- "في مقاتلة
صفين لما غلب
أصحاب معاوية على
الفرات -: قد
استطعموكم
القتال، فأقرّوا
على مذلّة
وتأخير محلّة،
أو رووا السيوف
من الدماء ترووا
من الماء، فالموت
في حياتكم
مقهورين، والحياة
في موتكم قاهرين"11.
وعنه عليه السلام
- بعد مقتل محمّد
بن أبي بكر -
يحرّض أصحابه على
القتال لأمر
الولاية وأن ما
هم عليه من
الطاعة والعبادة
لله لا يُسقط
عنهم الأمر
بالجهاد فيقول:
"فيكم العلماء
والفقهاء
والنجباء
والحكماء وحملة
الكتاب
والمتهجّدون
بالأسحار وعمّار
المساجد بتلاوة
القرآن، أفلا
تسخطون وتهتمّون
أن ينازعكم
الولاية عليكم
سفهاؤكم والأشرار
الأراذل منكم"؟12.
ترك الجهاد
وكما أشارت
النصوص إلى فضل
الجهاد أشارت إلى
رذيلة تركه كي لا
يتوهمنّ أحد أنّ
فضل وجوبه لا
يستلزم السوء في
تركه، فعن رسول
الله صلى الله
عليه وآله وسلم:
"فمن ترك
الجهاد ألبسه
الله ذلاًّ في
نفسه، وفقراً في
معيشته، ومحقاً
في دينه، إنّ
الله تبارك
وتعالى
أعزّ أمّتي
بسنابك خيلها
ومراكز رماحها"13.
وعن الإمام عليّ
عليه السلام:
"فمن تركه - يعني
الجهاد - رغبة
عنه ألبسه الله
ثوب الذلّ، وشمله
البلاء، ودُيِّث
بالصَّغار
والقماءة، وضُرب
على قلبه
بالإسهاب
(بالأسداد)،
وأُديل الحقّ منه
بتضييع الجهاد
شعب الجهاد"14.
رسول الله صلى
الله عليه وآله
وسلم: "من لقي
الله بغير أثر من
جهاد لقي الله
وفيه ثلمة
15".
أي نقص في دينه
رسول الله صلى
الله عليه وآله
وسلم: "من مات
ولم يغز، ولم
يحدّث به نفسه،
مات على شعبة من
نفاق16,
لأنّ عدم جهاده
يستبطن شيئاً من
الرضا أو
الموافقة لأعداء
الدين".
|