المحاضرة الأولى:
علوّ الهمّة في كربلاء
v
الهدف
بثّ الروح العالية بين
الناس ومحاولة حثّهم
لمزيد من العطاء من خلال
بعض النماذج في كربلاء.
v
تصدير الموضوع
عن أبي عبد الله عليه
السلام: "إنّ الحسين صلّى
بأصحابه يوم أصيبوا ثمّ
قال: أشهد أنّه قد أذن في
قتلكم يا قوم فاتّقوا
الله واصبروا"1.
مقدّمة
إنّ المتمعن في مسار
أحداث كربلاء يدرك بما لا
يرقى إليه الشكّ أنّ
الحسين عليه السلام
وأصحابه وأهل بيته كانوا
يتميّزون بهمّةٍ عالية
وروح سامية وإلّا لما
أمكنهم مواجهة تلك
التحديّات القاسية
والمفجعة كالقتل والسبي
وحرق الخيام وقتل الأطفال
وسوى ذلك من المآسي التي
أقدموا عليها بكلّ إرادة
وحزم وثبات.
v
محاور الموضوع
علوّ الهمّة عند
الحسين عليه السلام
كتب الشيخ القرشيّ:...
وقد بهر أعداؤه الجبناء
بقوّة بأسه، فإنّه لم
ينهار أمام تلك النكبات
المذهلة التي أخذت تتواكب
عليه، وكان يزداد انطلاقاً
وبشراً كلّما ازداد
الموقف بلاء ومحنة، فإنّه
بعدما فقد أصحابه وأهل
بيته زحف عليه الجيش
بأسره وكان عدده - فيما
يقول الرواة - ثلاثين
ألفا، فحمل عليهم وحده
وقد ملك الخوف والرعب
قلوبهم فكانوا ينهزمون
أمامه كالمعزى إذا شدّ
عليها الذئب - على حدّ
تعبير الرواة - وبقي
صامداً كالجبل يتلقّى
الطعنات من كلّ جانب، ولم
يوهن له ركن، وإنمّا مضى
في أمره استبسالاً
واستخفافا2.
الارتباط بالله عند
الشدائد
عن عليّ بن الحسين عليهما
السلام أنّه قال: "لمّا
أصبحت الخيل تقبل على
الحسين عليه السلام رفع
يديه وقال: اللهم أنت
ثقتي في كلّ كرب ورجائي
في كلّ شدّة، وأنت لي في
كلّ أمر نزل بي ثقّة
وعدّة، كم من كرب يضعف
عنه الفؤاد، وتقلّ فيه
الحيلة، ويخذل فيه الصديق،
ويشمت به العدوّ، أنزلته
بك، وشكوته إليك رغبة
منّي إليك عمّن سواك،
ففرّجته وكشفته، فأنت وليّ
كلّ نعمة، وصاحب كلّ حسنة،
ومنتهى كلّ رغبة"3.
علوّ الهمّة عند أصحاب
الحسين عليه السلام
وفي روايةٍ أنّه قيل لرجل
شهد الطفّ مع ابن سعد:
ويحك أقتلتم ذريّة الرسول؟!
فقال: عضضت بالجندل، إنّك
لو شهدت ما شهدنا لفعلت
ما فعلنا، ثارت علينا
عصابة أيديها على مقابض
سيوفها كالأسود الضارية
تحطّم الفرسان يميناً
وشمالاً تلقي نفسها على
الموت، لا تقبل الأمان
ولا ترغب في المال ولا
يحول حائل بينها وبين
المنيّة أو الاستيلاء على
الملك، فلو كففنا عنها
رويداً لأتت على نفوس
العسكر بحذافيرها فما
كنّا فاعلين4.
ووصفهم بعضهم بقوله: لقوا
جبال الحديد، واستقبلوا
الرماح بصدورهم، والسيوف
بوجوههم وهم يعرض عليهم
الأمان
والأموال فيأبون ويقولون:
لا عذر لنا عند رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
إن قتل الحسين عليه
السلام ومنّا عينٌ تطرف،
حتّى قتلوا حوله5.
وعن أبي جعفر عليه السلام:
كتب الحسين بن عليّ عليه
السلام من مكّة إلى محمّد
بن عليّ: "بسم الله
الرحمن الرحيم من الحسين
بن عليّ إلى محمّد بن عليّ
ومن قبله من بني هاشم:
أمّا بعد، فإن من لحق بي
استشهد، ومن لم يلحق بي
لم يدرك الفتح والسلام"6.
وعن أبي جعفر عليه السلام
قال: "كتب الحسين بن عليّ
إلى محمّد بن عليّ من
كربلا: بسم الله الرحمن
الرحيم من الحسين بن عليّ
إلى محمّد بن عليّ ومن
قبله من بني هاشم: أمّا
بعد، فكأنّ الدنيا لم تكن،
وكأنّ الآخرة لم تزل،
والسلام"7.
المحاضرة الثانية:
ضرورات الحياة الزوجيّة
v
الهدف
إلفات النظر إلى جملة من
الأمور التي تشكّل ثقافة
مهمّة لكلا الزوجين على
صعيد ضبط مسار الحياة
الزوجيّة.
v
تصدير الموضوع
قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "ما
استفاد امرؤ فائدة بعد
الإسلام أفضل من زوجة
تسرّه إذا نظر إليها
وتطيعه إذا أمرها وتحفظه
إذا غاب عنها في نفسها
وماله"8.
مقدّمة
لا شكّ أنّ قضايا الأسرة
ليست كلّها في إطار
الحقوق والواجبات بل هناك
مساحة كبيرة تركها الشرع
الحنيف للتعاطي الإيجابيّ
والأخلاقيّ للزوجين، وهذه
المساحة تعتبر صمّام
الأمان في سلامة هذه
الأسرة.
v
محاور الموضوع
الضرورة العلميّة: فمن
أهمّ المعارف التي ينبغي
على كافّة الناس تعلّمها
واتّقانها لا سيّما
الشباب المقبل على موضوع
الزواج إحترازاً من
الوقوع في المعاصي، ضرورة
أن يكون الطرفان ملمّان
بثقافة الحياة الزوجيّة
من حقوق وواجبات ومطّلعان
على التفاصيل الفقهيّة
لبناء الأسرة
والمسؤوليّات المترتّبة
على ذلك وكيفيّة إدارتها،
وهذا الأمر يقع في إطار
مسائل الإبتلاء التي
ينبغي تعلّمها ومعرفتها.
الضرورة العمليّة: والتي
عبّر عنها الإسلام بحسن
المعاشرة، وقد عدّ
الإسلام حسن المعاملة أو
قبحها بين الزوجين من
المسائل التي يثيب ويعاقب
الله تعالى عليها في
الآخرة.
قال تعالى:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ﴾9.
وقد أوصى رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم
الزوجين بقوله: "من كانت
له امرأة تؤذيه لم يقبل
الله صلاتها ولا حسنة من
عملها حتّى تعينه وترضيه،
وإن صامت الدهر وأعتقت
الرقاب وأنفقت الأموال في
سبيل الله وكانت أوّل من
ترد النّار". ثمّ قال
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: "وعلى الرجل
مثل ذلك الوزر والعذاب إن
كان مؤذياً ظالماً"10.
ويشير أمير المؤمنين إلى
السياسة التي ينبغي
اعتمادها مع الزوجة بقوله
عليه السلام: "داروهنّ
على كلّ حال وأحسنوا لهنّ
المقال لعلّهن يُحَسنّ
الفعال"11.
وعن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "ألا وإنّ
الله ورسوله بريئان ممّن
أضرّ بامرأة حتّى تختلع
منه"12.
عن الإمام الكاظم عليه
السلام: "جهاد المرأة حسن
التبعّل"13.
فاعتبر الإسلام أنّ حسن
التبعّل بمعنى تعاطي
الزوجة بمنتهى الإيجابيّة
مع الزوج بمنزلة الجهاد
الذي تثاب علية المرأة.
ضرورة الستر والصفح: قال
تعالى:
﴿هُنَّ لِبَاسٌ
لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ
لَّهُنَّ﴾14 . وأهميّة
اللباس الستر وحجب العورة
عن
نظر الآخرين، ومعنى هذا
أن يستر كلٌّ من الزوجين
عيوب الآخر ويتجاوز عن
أخطائه، وأن يكون الأصل
الحاكم في العلاقة هو
العفو والصفح والمغفرة
والصبر، وعدم الخروج عن
هذا الأصل إلّا لضرورة
استثنائيّة.
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "من صبر
على سوء خلق امرأته
واحتسبه أعطاه الله تعالى
بكلّ يوم وليلة يصبر
عليها من الثواب ما أعطى
أيّوب عليه السلام على
بلائه، وكان عليها من
الوزر في كلّ يوم وليلة
مثل رمل عالج"15.
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: "من صبرت على
سوء خلق زوجها أعطاها مثل
[ثواب] آسية بنت مزاحم"16.
ضرورة الأمان الأسريّ: عن
الإمام الصادق عليه
السلام: "أنظر أين تضع
نفسك ومن تشركه في مالك
وتطلعه على دينك وسرّك"17.
أي أن يسعى الطرفان
لإضفاء حالة من الأمن
والاستقرار المنزليّ وعدم
التوتّر لما يساهم ذلك في
تعزيز الثقة والاستعداد
للتحمّل والابتعاد عن
تعمية الأمور وإخفاء
بعضها وعدم إشراك أحدهما
للآخر في قضاياه والتسبّب
بالغيرة وما شاكل.
ففي الحديث الشريف:
"ما
أفاد عبدٌ فائدة خيراً من
زوجة صالحة إن رآها سرّته
وإذا غاب عنها حفظته في
نفسها وماله"18.
المحاضرة
الثالثة:
التقاعس والكسل
v
الهدف
التأكيد أنّ الرسالة
تتطلّب العمل الدؤوب وأنّ
الوهن والضعف والكسل
والتقاعس من الأمراض التي
تفسد المجتمع وتسلبه
قوّته.
v
تصدير الموضوع
ممّا ورد في الدعاء: "اللهم
إنّي أعوذ بك من الكسل
والجبن والبخل والغفلة
والذلّة والقسوة والعيلة
والمسكنة"19
مقدّمة
والكسل هو ترك العمل لعدم
الإرادة، وهو غير ما لو
تركه لعدم القدرة فيكون
ذلك لعجز وليس لكسل.
وممّا روي عن مولاتنا
فاطمة الزهراء عليها
السلام في خطبةٍ تعدّ
فيها ما أنعم الله على
المجتمع برسوله الأكرم
فتقول أنّه نقله: "من
الكسل إلى الحياة
الجدّيّة" وكأنّ الكسل
يستبطن اللهو والحياة
العبثيّة.
v
محاور الموضوع
من مصاديق الكسل
الكسل في العبادة: وقد
عدّها القرآن الكريم صفةً
لأهل النفاق حيث قال:
﴿إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ
يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ
خَادِعُهُمْ وَإِذَا
قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ
قَامُواْ كُسَالَى
يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ
يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ
قَلِيلاً﴾20.
الكسل في أداء التكليف:
سواء التكليف السياسيّ أو
العسكريّ أو سواهما، وهذا
ما رأيناه في بعض من
استنصرهم الحسين عليه
السلام فلم ينصروه، بل
حاولوا الهروب والتملّص
من بيعته والإنضواء تحت
لوائه.
ونلاحظ ذلك من مطاوي
حديثه عندما يقول: "ألا
ترون إلى
الحقّ لا يعمل به وإلى
الباطل لا يتناهى عنه"21.
وقد حدّثنا القرآن الكريم
أنّ الكسل والتقاعس لن
يضرّ الرسالة وإنّما يضرّ
صاحبه إذ قال تعالى:
﴿إِلاَّ
تَنصُرُوهُ فَقَدْ
نَصَرَهُ اللهُ﴾22.
الكسل في العمل: وذلك
بالتقصير في واجباته
والمهام الملقاة على
عاتقه، وتأخير حقوق الناس
والتلاعب بأوقاتهم
وتضييعه وقته وأوقات
الآخرين وسوى ذلك من
الأمور التي تشكّل
استهتاراً بحقوق الآخرين،
والتي توعّد الله تعالى
مرتكبيها بأشدّ العذاب.
من موجبات الكسل
التواكل: وأبرز مثال على
التواكل ما حدث في أتباع
مسلم بن عقيل (رضوان الله
عليه) عندما أشاع النظام
الأمويّ تهديداته بقتل كلّ
من ناصر مسلم. تقول
الرواية: إنّ المرأة كانت
تأتي إبنها وأخاها فتقول:
إنصرف الناس يكفونك23.
وعبارة "الناس يكفونك" هي
عين التواكل.
الخوف: وفي الرواية نفسها
يبرز الخوف كعامل آخر من
العوامل
حيث تكمل الرواية بالقول:
ويجيء الرجل إلى ابنه
وأخيه فيقول: غداً يأتيك
أهل الشام24.
عدم تحمّل المسؤوليّة:
قال تعالى:
﴿وَمَا
خَلَقْنَا السَّمَاء
وَالْأَرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾25.
وعن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "من أصبح
وأمسى ولم يهتمّ بأمور
المسلمين فليس بمسلم"26.
عاقبة الكسل والتقاعس
قال تعالى:
﴿إِلاَّ
تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا
وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا
غَيْرَكُمْ وَلاَ
تَضُرُّوهُ شَيْئًا
وَاللهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾27.
ومن نتائجه التقاعس عن
النهوض إلى معاظم الأمور،
وكفايات الخطوب وتحمّل
المشاقّ والمتاعب في
المجاهدة في الله ولله،
والفتور عن القيام
بالطاعات الفرضيّة
والنفليّة الذي من ثمرته
قسوة القلب وظلمة السريرة.
|